مطور: أميركا عطلت في قمة ديربان مشروع قرار فلسطيني للحصول على مشاريع للتكيف مع تغير المناخ
رام الله : حمل نائب رئيس سلطة البيئة المهندس جميل مطور، الولايات المتحدة الاميركية مسؤولية تعطيل تمرير مشروع القرار الفلسطيني في مؤتمر ديربان بجنوب افريقيا، واعتبر ان هذا انحياز كامل للسياسة الاسرائيلية المعادية للبيئة الفلسطينية، وظلم حقيقي لدولة فلسطين ولشعبنا وللبيئة الفلسطينية التي تعاني ما تعانيه من مشاكل وانتهاكات ومن تدهور في كل مناحي الحياة اليومية.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده اليوم في مركز الاعلام البيئي برام الله، حول «مشاركة فلسطين في مؤتمر ديربان للتغير المناخي» مؤتمر الاطراف للاتفاقية الاطارية للتغير المناخي والذي عقد مؤخرا في مدينة ديربان في جنوب أفريقيا.
وبين ان الوفد الفلسطيني كان برئاسة رئيس سلطة جودة البيئية د. يوسف أبو صفية والسفير الفلسطيني من بعثة فلسطين الدائمة في نيويورك د. رياض منصور، والسفير الفلسطيني في جنوب أفريقيا علي حليمة، وعضوية نضال كاتبة من نقطة الاتصال الوطنية، وعمار حجازي مستشار أول لبعثة فلسطين.
وأوضح أن مشروع القرار الفلسطيني جاء «بالاستناد الى الاتفاقات البيئة الدولية واستنادا الى قرارات قمة جوهانسبيرغ وقمة ريو جانيرو واستنادا الى قرارات المجلس الحاكم لبرنامج الامم المتحدة للبيئة الذي يعقد في نيروبي سنويا، واستنادا الى قرارات الامم المتحدة كلها، ومن منطلق شعور دولة فلسطين بالمسؤولية العالية تجاه التدهور المناخي واستعدادا للقيام بدورها في هذا الجانب وايمانا منها بمؤازرة ومشاطرة دول العالم بالمسؤولية ، تتقدم الى مؤتمر الاطراف بطلب دعمها وتمكينها للحصول على مشاريع للتكيف مع تغير المناخ ولاتاحة الفرصة للاستفادة من آليات التمويل المختلفة الأممية التابعة للاتفاقية بما فيها صناديق التكيف للتغير المناخي».
وقال م. مطور: توجهنا الى القمة ونحن ندرك حجم الاعباء التي ستواجهنا في الاتفاقية وهي اتفاقية أممية تابعة للامم المتحدة تسمى بالاتفاقية الاطارية للتغير المناخي، وتؤخذ بها القرارات بالاجماع وليس بالاغلبية، وكان لدينا طموح عال بتحقيق ما نصبو اليه في هذا المؤتمر والذي نحضره للمرة الثالثة.
وأشار الى أن الدافع نحو التحرك هو لاثبات حضور فلسطين في هذا المؤتمر العالمي الذي تحضره 194 دولة بالاضافة الى عشرات المنظمات والوكالات الاقليمية والدولية، وهدفنا الاخر، اننا كنا نسعى لاستصدار مشروع قرار يتعلق بوضع فلسطين وحقها في الاستفادة من امكانات وآليات التمويل المتاحة ضمن هذه الاتفاقية الدولية الهامة والتي تقدر بالمليارات من الدولارات.
وتابع: كان لنا تنسيق مسبق مع المجموعة الدولية التي تسمى مجموعة 77 والصين، وكنا في حالة تنسيق دائم مع مجموعة وزراء البيئة العرب، ومع حكومة الارجنتين عبر سفيرتها في نيويورك والتي تترأس اجتماعات مجموعة 77 والصين في مؤتمر ديربان.
وأضاف: هذه اللقاءات المكثفة التي سبقت القمة كانت تستهدف تجنيد الدعم الدولي لصالح مشروع القرار الفلسطيني الذي كنا ننوي طرحه على جلسات المؤتمر ، التي شابها عدة اشكاليات ادارية وفنية ولوجستية تم التغلب عليها بفعل اصرار الوفد الفلسطيني على معالجتها بسبب ان فلسطين هي عضو مراقب وليست كاملة العضوية في هذه الاتفاقية وليست دولة طرف، حيث تسمى الدول الاعضاء في هذه الاتفاقية بالدول الاطراف.
وقال: في بادىء الامر سلطنا الاضواء على الوضع البيئي في فلسطين وحق فلسطين وأهمية تمكين دولة فلسطين ماديا وفنيا لمواجهة أعباء التغير المناخي والتداعيات الناتجة عن هذا التغير والانحباس الحراري الذي يصيب الكرة الارضية، والذي ندفع فاتورته كفلسطينيين مرتين، مرة بسبب سيطرة الاسرائيليين على الموارد المائية الفلسطينية وعدم التحكم فيها، ومرة أخرى لحرماننا من الاموال ومن المشاريع التي تقدمها الاتفاقية الاطارية للتغير المناخي التابعة للامم المتحدة والمعروفة بـ «UNFCCC” .
وأشار الى انه في الجلسات الاولى للمؤتمر تمكنا من تجنيد اغلب دول العالم لصالح مشروع القرار الفلسطيني، من اجل تمريره، وكنا حذرين جدا اثناء العمل التشاوري من امكانية استغلال الولايات المتحدة الاميركية والاسرائيليين للبعد السياسي، فحرصنا سلفا على تجنيب مشروع القرار اي بعد سياسي لضمان تمريره بسلاسة في جلسات المؤتمر الرسمية.
وتابع، حتى الدقيقة 90 كان لدينا شبه اجماع عالمي على دعم مشروع القرار، ولكن أثناء اللقاء مع السفير الاميركي أبلغنا هذا الاخير انهم سيرفضون وسيعارضون طرح مشروع القرار الفلسطيني للتصويت، وبعد الشرح والبحث أبلغنا الجانب الاميركي انه مقتنع بروايتنا وحجتنا، لكنه قال ان التعليمات التي وصلته من الكونغرس الاميركي تدعوه للرفض المطلق مهما كانت الاسباب”.
وقال مطور: هذا الموقف الاميركي المؤلم يدل على مدى الانحياز الاميركي للسياسة الاسرائيلية وتبنيها الجاهز للمواقف الاسرائيلية، ويعتبر أيضا ضربة في وجه الاجماع الدولي حيث كان لدينا 192 دولة مستعدة لدعم مشروع القرار الفلسطيني في جلسة التصويت الرئيسية.
وأكد المطور انه عندما اصر الوفد الاميركي على موقفه الرافض، اتخذنا قرارا بان لا نمرر ولا نطرح مشروع القرار للتصويت تجنبا لعملية اسقاطه من جانب الولايات المتحدة الاميركية ، واتفقنا على استكمال المفاوضات الاقليمية والدولية مع الاطراف ذات العلاقة حتى نتمكن في الوقت المناسب من طرح مشروع قرار جديد ينصفنا ويعطينا بعضا من حقوقنا من هذه الاتفاقية . وتم تفويت الفرصة على الاميركيين والاسرائيليين لاسقاط القرار كما كانوا يخططون.
وقال: من جانب اخر تمكنا كوفد فلسطيني من كسر بعض الحلقات في هذا المؤتمر حيث كان هناك ترتيب لقائمة المتحدثين ورؤساء الوفود في الاتفاقية والمؤتمر تقضي بان يكون آخر متحدث هو رئيس الوفد الفلسطيني ورقمه 194، ورفضنا ذلك وطرحنا على نائب بان كي مون بأن وفدنا برئاسة وزير ولا يعقل ان يتحدث وزير بعد سفراء ومسؤولين عاديين.
وأشار الى أنه هنا حدث اختراق باننا تمكنا من نقل كلمة الوزير أبو صفية الى قائمة الدول الكاملة وجاء الترتيب الفلسطيني في مستوى الوزراء واسرائيل جاءت بعد فلسطين مما أثار حفيظة الاسرائيليين واعتبروا ذلك محاولة لتحقيق بعض المكاسب السياسية والاعلامية من وراء هذا الترتيب، حيث كان ترتيب فلسطين 114 فيما كان ترتيب اسرائيل 148 في قائمة المتحدثين.
وقال: عقدنا العزم أن نستكمل المشاورات اللازمة مع الدول الصديقة واطراف عديدة حتى القمة القادمة لهذا المؤتمر لكي نتمكن من بلوغ احد الهدفين اما ان تدعم اميركا مشروع القرار الفلسطيني، واما أن ندفع باتجاه تقديم طلب العضوية لهذه الاتفاقية الدولية.
واضاف: بحسب ما تم تأكيده لنا بوسعنا كفلسطينيين أن نتقدم بطلب رسمي الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بكتاب من الرئيس محمود عباس، أو بكتاب من خلال د. رياض منصور كممثل للرئيس للتقدم بطلب العضوية لهذه الاتفاقية ونحصل على الموافقة خلال 90 يوماً.
وقال مطور: كانت لدينا التعليمات من الرئيس قبل التحرك الى ديربان وأثناء المؤتمر “بعدم التحرك بطلب العضوية حتى لو كانت مضمونة “ تجنبا لحدوث اشكالية سياسية مع الولايات المتحدة وايضا بسبب شعورنا العالي بالمسؤولية لكي لا نحدث ازمة لدولة جنوب افريقيا الصديقة.
واضاف ان المعركة الان ما زالت مفتوحة، وأمامنا اما ان تقدم اميركا تنازلاً باتجاه تمرير مشروع القرار الفلسطيني ودعمه دون عضوية، واما انه من حقنا في اي وقت نراه مناسبا أن نقدم طلباً مباشراً الى هذه الاتفاقية من خلال بان كي مون لنأخذ الموافقة على العضوية.
واشار الى ان قطر تمكنت من الحصول على موافقة استضافة المؤتمر في العام القادم وسوف ترأس الجزائر مجموعة 77 والصين ومن المتوقع ضمان نتائج أفضل في السنة القادمة .
وفيما يتعلق بمخرجات المؤتمر كانت هناك مفاوضات عسيرة وقاسية جدا بين الدول الاطراف خاصة بين الدول الصناعية الكبرى وبين الدول النامية حيث كانت تسعى الاولى الى الزام الثانية بالقيام باجراءات التكيف مع تدهور المناخ والاجراءات التخفيفية دون أي دعم مالي، فيما رفضت الدول النامية هذا التوجه وطالبت الدول الكبرى بالالتزام من جديد تجاه القضية لا سيما انها ليست سببا في حدوث التغير المناخي.
واشار مدير مركز الإعلام البيئي علاء حنتش الى خطورة الموقف الأميركي كونه يحرم الفلسطينيين من حقهم في الانتفاع من المخصصات الأممية للمساهمة مع كافة الدول في الجهد المبذول للحد من تأثيرات التغير المناخي، داعيا الولايات المتحدة ان تتصرف بمسؤولية ، وان تضع مستقبل استدامة الحياة على كوكب الارض كأولوية والتحرر من عقلية الانحياز الاعمى لاسرائيل ، كون العمل البيئي يحمل رسالة حياة لشعوب الارض ويمد جسور المحبة بين الشعوب ومدخلا حقيقيا للسلام على وجه الارض .كما دعا الى ضرورة تنسيق الجهد العربي خلال الفترة المقبلة لتتشارك فلسطين في القمة المقبلة في قطر كعضو كامل بدلا من عضو مراقب .