رهانات العلم والتعاون في زمن الندرة والتغيرات العالمية

محمد التفراوتي23 مايو 2025آخر تحديث :
رهانات العلم والتعاون في زمن الندرة والتغيرات العالمية

آفاق بيئية: محمد التفراوتي

في ظل التحديات المناخية والبيئية المتزايدة التي تواجهها المنظومات البيئية الهشة، نظمت مدينة ورزازات، يومي 22 و23 ماي 2025، النسخة الثانية من المؤتمر الدولي حول الواحات ونخيل التمر، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وتحت شعار: “الصمود والتكيف في الأنظمة البيئية الواحية في مواجهة التغيرات العالمية”.

جاء تنظيم هذا الحدث العلمي في سياق وطني ودولي يتسم بتصاعد التهديدات التي تطال الفضاءات الواحية، وعلى رأسها شح المياه، التصحر، التغيرات الاجتماعية، وتدهور التنوع البيولوجي، ما يضع مستقبل هذه النظم البيئية في قلب رهانات التنمية المستدامة والعدالة المناخية.
وخلال المؤتمر استقينا تصريح من الخبير الدولي، الأستاذ الدكتور عبد الوهاب البخاري زائد، أمين عام جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، المشارك في فعاليات المؤتمر الدولي للواحات ونخيل التمر الذي انعقد في مدينة ورزازات خلال الفترة 22 – 23 ماي 2025.

ووصف أ.د. عبد الوهاب البخاري زائد الواحات بأنها نموذج حي للتعايش بين الإنسان والطبيعة في ظروف مناخية صعبة، وأكد أن الواحات تواجه تحديات كبيرة مثل التغيرات المناخية، ندرة المياه، هجرة الشباب، وتراجع المعارف التقليدية.

وأشار إلى ضرورة اتباع مقاربة شاملة ومتعددة التخصصات لإدارة الموارد في الواحات، تدمج بين العدالة المائية والزراعة الذكية مناخيا، مع إشراك المجتمعات المحلية وحماية التراث البيئي والثقافي.

كما استعرض جهود الأمانة العامة لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر في دعم المبادرات الواحية، ولاسيما “المبادرة الدولية للمحافظة على واحات النخيل في ظل التغير المناخي”، ونجاحها في تأسيس الهيئة الدولية للتنمية المستدامة للواحات، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال.

وعلى هامش المؤتمر، استقينا من الأستاذ الدكتور عبد الوهاب البخاري زائد هذا الحوار القصير الذي سلط الضوء على أهمية تفعيل دور الهيئة الدولية ودمج النخلة في سلاسل القيمة الاقتصادية، وإحياء المعارف التقليدية لضمان استدامة الواحات.

حوار قصير مع الخبير الدولي عبد الوهاب زائد:

سؤال: كيف تقيمون واقع الواحات اليوم في ظل التغيرات المناخية والتحديات التنموية؟

عبد الوهاب البخاري زائد: الواحات تواجه ضغوطاً متزايدة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ونقص المياه، وهجرة الشباب إلى المدن، مما يهدد استدامتها. لكنني أؤمن أن الإرث المعرفي والتجارب التقليدية، إلى جانب التقنيات الحديثة، يمكن أن توفر حلولاً ذكية للحفاظ على هذا النسيج البيئي والاجتماعي الفريد.

سؤال: ما هو الدور الذي تلعبه جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر في دعم الواحات؟

عبد الوهاب البخاري زائد: الجائزة تعمل كمحفز رئيسي لتشجيع الابتكار الزراعي وتعزيز التعاون الدولي حول زراعة النخيل وحماية الواحات. المبادرات التي أطلقناها مثل “المبادرة الدولية للمحافظة على واحات النخيل في ظل التغير المناخي” تؤكد أهمية التنسيق بين الحكومات، الباحثين، والمجتمعات المحلية لمواجهة التحديات.

سؤال: ما أهمية إطلاق الهيئة الدولية للتنمية المستدامة للواحات؟

عبد الوهاب البخاري زائد: عملت الجائزة على تنظيم واستضافة الاجتماع الوزاري رفيع المستوى بالتعاون مع وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية الريفية والمياه والغابات، بالمملكة المغربية، وذلك في قصر الإمارات بأبوظبي يوم 26 فبراير 2024 حيث تم فيه التوافق على إطلاق الهيئة الدولية للتنمية المستدامة للواحات وصدرت عن الاجتماع وثيقة خاصة بالهوية الاعتبارية للهيئة.
يرجى العلم بأن الهيئة تمثل خطوة محورية لإعطاء الواحات مكانتها على المستوى الدولي، وتعزيز العمل الجماعي بين جميع الأطراف المعنية. من خلال هذه الهيئة، نأمل في تطوير نماذج زراعية ذكية، دعم المجتمعات المحلية، وإدماج النخلة في الاقتصاد بشكل مستدام.

سؤال: ما رسالتكم لأهل الواحات وللعالم بشأن مستقبل هذه البيئة؟

عبد الوهاب البخاري زائد: الواحات ليست مجرد أرض زراعية، بل هي تراث إنساني وبيئي ثمين يجب حمايته. نحتاج إلى تضافر الجهود المحلية والدولية، واستثمار المعرفة والابتكار لضمان بقاء هذه الواحات نابضة بالحياة، ومصدر رزق للأجيال القادمة.

سؤال: ما أهمية إنشاء الاتحاد الدولي لمكافحة سوسة النخيل الحمراء، وما أهدافه الرئيسية؟

عبد الوهاب البخاري زائد: يأتي إنشاء الاتحاد الدولي لمكافحة سوسة النخيل الحمراء استجابة جماعية لخطر هذه الآفة العابرة للحدود، التي تهدد بشكل مباشر استدامة الواحات وقطاع زراعة النخيل في العالم، بسبب أضرارها البيئية والاقتصادية الجسيمة.
فقد أعلن معالي الشيخ نهيان مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، رئيس مجلس أمناء جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي عن إطلاق الاتحاد الدولي لمكافحة سوسة النخيل الحمراء، في الكلمة التي ألقاها خلال حفل تكريم الفائزين بالجائزة 16 ابريل 2025 بالعاصمة أبوظبي، ويعتبر هذا الاتحاد الذي تم إنشاؤه في إطار شراكة بين الـمكتب الشؤون الدولية بديوان الرئاسة بالإمارات العربية المتحدة، ومؤسسة “جيتس” الدولية، بالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) والأمانة العامة للجائزة، وعدد من المؤسسات الوطنية والمنظمات الإقليمية والدولية. يأتي إطلاق هذا الإتحاد عقب الإعلان عن شراكة جديدة بين دولة الإمارات العربية المتحدة ومؤسسة غيتس خلال مؤتمر الأطراف COP28 بدبي.
ويهدف الاتحاد إلى تنسيق الجهود الدولية، وتوحيد الاستراتيجيات العلمية والتقنية لمواجهة هذه الحشرة، من خلال تعزيز البحث والابتكار، وتبادل الخبرات، ودعم برامج الرصد المبكر والمكافحة الفعالة، بمشاركة حكومات، مراكز أبحاث، منظمات دولية، ومجتمعات محلية. هذا الإطار التعاوني سيمكن من حماية النخيل كمورد غذائي وثقافي واقتصادي استراتيجي، ويضمن استدامة الواحات في مواجهة التغيرات المناخية والتحديات البيئية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!