آفاق بيئية : كانيا دالميدا (اي بي اس )
ربما يدرك القليلون أن نحو مليار شخصا في أكثر من 100 دولة يعانون من آثار التصحر الشديد أو خطر زحفه، وأن الأراضي الجافة تأوي ثلث أهالي العالم وثلث محاصيله الزراعية ونصف ثرواته الحيوانية، وأصبحت كلها مهددة بأخطار ضخمة نتيجة للأنشطة البشرية.
ولتقييم خطورة تفشي ظاهرة زحف الصحاري وفقدان مساحات شاسعة من الأراضي بسبب التصحر، قد يكفي التذكير بأن الأراضي الجافة هي موطن لواحد من بين كل ثلاثة أشخاص علىالأرض، وموقع لأكبر المخاطر الحيوية التي تواجهها البشرية، كالإنتاج الغذائي والمجاعات ومصادر الطاقة والتنوع البيولوجي.
كما أنها تشكل ملاذا طبيعيا تاريخيا لعدد من أندر أنواع الطيور والحيوانات والحياة النباتية على هذا الكوكب، ناهيك عن حقيقة أن “واحدا من كل ثلاثة محاصيل تزرع في الأراضي الجافة” التي تدعم أيضا نصف الثروة الحيوانية في العالم، وفقا لتقارير “عقد الأمم المتحدة للصحارى ومكافحة التصحر”.
وعلى ضوء هذه الخطورة، أطلقت الجمعية العامة للمنظمة الأممية “عقد الأمم المتحدة للصحارى ومكافحة التصحر”، اعتبارا من يناير هذا العام وحتى ديسمبر 2020، وذلك للتوعية بمخاطر هذه الظاهرة ووضع خطط العمل اللازمة لحماية الأراضي الجافة.
هذا ولقد تم عقد إجتماع تقييمي لأول سنة للعقد في أوروبا في منتصف الشهر الجاري في مدينة لندن التي تضم عشرات من المنظمات غير الحكومية ومراكز البحوث والمنظمات المتخصصة في مكافحة تدهور الأراضي وتعزيز الاستدامة للصحارى.
وركز الباحثون والناشطون وخبراء السياسات بهذه المناسبة على تبادل المعارف والاستراتيجيات بشأن هذه الأزمة والعمل في إطار “عقد من الزمان يكفي لإحداث تغييرات”. وشارك في تنظيم الإجتماع كل من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة-مركز رصد الحفاظ على الطبيعة، والمعهد الدولي للبيئة والتنمية.
وكان اجتماع لندن واحدا من سلسلة إجتماعات لتقييم أول عام للعقد، عقدت في البرازيل وكينيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
وأجمع الخبراء على أن “عقد الأمم المتحدة للصحارى ومكافحة التصحر” يتيح للمجتمع الدولي فرصة هامة للعمل الفوري على معالجة الأزمة، خاصة بعد خيبات الأمل المترتبة عن قمة المناخ الأخيرة في كانكون، المكسيك، وفشل عدد لا يحصى من المعاهدات الدولية في وقف تدهور الأراضي.
هذا ويتحمل الفقراء في الصين وأفريقيا جنوب الصحراء وآسيا الوسطى حاليا أقسى التداعيات. وأشارت هيئة الاذاعة البريطانية في العام الماضي إلى أن زحف التصحر في تلك المناطق قد يجبر ما يصل الى 50 مليون شخصا علي النزوح عن أراضيهم بحلول عام 2020.
كما شدد الخبراء علي ضرورة التأهب لمواجهة سلسلة من الأزمات الوشيكة، كالهجرات الجماعية، وموجات النازحين، والمشردين، واللاجئين الفارين من تغير المناخ والجفاف والمجاعة، والتي لا يمكن تجاهلها.
هذا وقد صرح يوهانس كامب، من الجمعية الملكية لحماية الطيور، لوكالة انتر بريس سيرفس “نعمل في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى في مجال الأراضي الجافة، ولاشك أن التنوع البيولوجي هناك على إرتباط شديد باستخدام الأراضي. سلوك الإنسان في تلك المناطق يأتي بتأثيرات كبيرة على حياة الحيوانات والطيور وخاصة ماشية الرعي، وكذلك الأمر بالنسبة للرعي الجائر والزراعة “.
وقال انه على الرغم من أن نظامنا البيئي بأكمله يعتمد على التوازن الدقيق بين الأراضي الرطبة والأراضي الجافة، فقد كانت الزراعة الصناعية دائما، ولا تزال حتى الآن، أكبر مرتكب لجريمة التصحر في العالم.
ومن جانبه تحدث لوك غناكاديا، الأمين التنفيذي لاتفاقية مكافحة التصحر، عن خطورة الآثار السياسية والإنسانية لظاهرة لتصحر.
وشرح لوكالة انتر بريس سيرفس أن “التغيير المناخي هو أحد الأسباب الجذرية الكامنة وراء الصراع السياسي، من العراق إلى أفغانستان”.
وأكد “أن الأزمات في تلك المناطق ليست بمحض الصدفة، فتسببها الظروف المعيشية المضنية، ونقص فرص الحصول على الأراضي المنتجة والمياه من أجل العيش. بالتأكيد فإن أي معركة على الضروريات تؤدي حتما إلى صراعات”.
وكما هو الحال بالنسبة لمعظم الكوارث الأخرى المتصلة بالمناخ، تدفع الأقليات العرقية والمجتمعات البدوية وغيرها من الفئات المهمشة الفقيرة في مختلق أرجاء العالم، أعلى ثمن لهذه المشكلة التي هم أقل من ساهم في خلقها.
وبالإضافة إلى ما سبق، أفادت تقارير مؤتمر جامعة الأمم المتحدة عن التصحر أن “أفريقيا قد تكون قادرة على إطعام مجرد 25 في المئة فقط من سكانها بحلول عام 2025، إذا استمر تدهور التربة في القارة بوتيرته الحالية.
كذلك أن نحو 75 في المئة من القارة الأفريقية قد تضطر إلى الإعتماد على نوع ما من المساعدات الغذائية بحلول ذلك الوقت. “لقد سبب البشر في الخمسين عاما الماضية أضرارا تتجاوز كافة الأضرار التي لحقت بالأرض على مدى تاريخ البشرية مجتمعة، ما قد يحتم زيادة إنتاج الغذاء بنسبة 70 في المئة بحلول عام2050. “اي بي اس “