منظمات دولية تقدم توصيات موحدة هامة لمكافحة العدوى المقاومة للأدوية ووضع حد للعدد المتزايد من الوفيات كل عام
تقرير جديد يدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتجنب أزمة مقاومة مضادات الميكروبات
آفاق بيئية : نيويورك
أصدرت الأمم المتحدة ووكالات الدولية وخبراء اليوم تقريراً رائداً يطالب باتخاذ إجراءات فورية ومنسقة وطموحة لتفادي حدوث أزمة كارثية محتملة في مقاومة الميكروبات للأدوية.
ويحذر فريق التنسيق المشترك بين الوكالات المعني بمقاومة مضادات الميكروبات التابع للأمم المتحدة، الذي أصدر التقرير، من أنه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فمن الممكن أن تتسبب الأمراض المقاومة للأدوية في وفاة 10 ملايين شخص كل عام بحلول عام 2050 وإلحاق أضرار كارثية بالاقتصاد مشابهة للأزمة المالية العالمية 2008-2009. وبحلول عام 2030، قد تؤدي مقاومة مضادات الميكروبات إلى معاناة ما يصل إلى 24 مليون شخص من الفقر المدقع.
وفي الوقت الحالي، يموت ما لا يقل عن 700,000 شخص كل عام بسبب الأمراض المقاومة للأدوية، من بينهم 230,000 شخص يموتون من مرض السل المقاوم للأدوية المتعددة. كما يزداد عدد الأمراض الشائعة غير قابلة للعلاج، بما في ذلك التهابات الجهاز التنفسي، والالتهابات المنقولة جنسياً، والتهابات المسالك البولية؛ وقد أصبحت العمليات الطبية المنقذة للحياة أكثر خطورة، وباتت أنظمتنا الغذائية محفوفة بالمخاطر بشكل متزايد.
ويشعر العالم بالفعل بالعواقب الاقتصادية والصحية نتيجة كون بعض الأدوية الرئيسية أصبحت غير فعالة. وبدون استثمار البلدان من جميع فئات الدخل، ستواجه الأجيال المقبلة الآثار الكارثية لمقاومة مضادات الميكروبات التي لا يمكن السيطرة عليها.
وبإدراك أن الصحة البشرية والحيوانية والغذائية والبيئية مترابطة بشكل وثيق، يدعو التقرير إلى اتباع نهج منسق متعدد القطاعات بعنوان “صحة واحدة”.
ويوصي التقرير البلدان بـ:
- منح الأولوية لخطط العمل الوطنية لتوسيع نطاق جهود التمويل وبناء القدرات؛
- وضع أنظمة أقوى ودعم برامج التوعية لكي يستخدم المتخصصون في صحة الإنسان والحيوان والنبات مضادات الميكروبات بطريقة مسؤولة وحكيمة؛
- الاستثمار في البحث والتطوير الطموحين لابتكار تقنيات جديدة لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات؛
- التخلص التدريجي، وبشكل مستعجل، من استخدام مضادات الميكروبات ذات الأهمية الحاسمة كمواد معززة للنمو في الزراعة.
وبهذه المناسبة، قالت السيدة أمينة محمد، نائب الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس المشارك لفريق التنسيق المشترك بين الوكالات المعني بمقاومة مضادات الميكروبات التابع للأمم المتحدة: “تعد مقاومة مضادات الميكروبات من أكبر المخاطر التي نواجهها كمجتمع عالمي. يعكس هذا التقرير عمق ونطاق الاستجابة اللازمة للحد من هذه المشكلة وحماية قرن من التقدم في مجال الصحة. ويؤكد التقرير على أنه لا يوجد وقت للانتظار، وأحث جميع أصحاب المصلحة على العمل وفقاً لتوصياته والعمل بشكل عاجل لحماية شعوبنا وكوكبنا وتأمين مستقبل مستدام للجميع”.
وتتطلب التوصيات مشاركة فورية بين القطاعات، ابتداءً من الحكومات والقطاع الخاص وصولاً إلى المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية.
وقد ضم فريق الخبراء، الذي تم تشكيله بناءً على طلب من قادة العالم بعد أول اجتماع رفيع المستوى للأمم المتحدة حول مقاومة مضادات الميكروبات في عام 2016، شركاء من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والأفراد ذوي الخبرة في مجال صحة الإنسان والحيوان والنبات، فضلاً عن قطاعات الغذاء والأعلاف والتجارة والتنمية والبيئة، لوضع مخطط لمحاربة مقاومة مضادات الميكروبات.
ويعكس التقرير التزاماً متجدداً بالتعاون على مستوى عالمي بين منظمة الزراعة والأغذية للأمم المتحدة (الفاو)، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، ومنظمة الصحة العالمية.
وفي هذا السياق، قال جوزيه غرازيانو دا سيلفا، المدير العام للفاو: “تدرك توصيات التقرير أن مضادات الميكروبات ضرورية لحماية إنتاج الأغذية وسلامتها وتجارتها، إلى جانب أهميتها لصحة الإنسان والحيوان، ومن الواضح أنها تشجع استخدامها المسؤول عبر القطاعات”. وأضاف: “يمكن أن تتبنى البلدان نظم الأغذية المستدامة والممارسات الزراعية التي تقلل من خطر مقاومة مضادات الميكروبات من خلال العمل سوياُ على تعزيز بدائل قابلة للاستخدام عن مضادات الميكروبات، على النحو المنصوص عليه في توصيات التقرير”.
بدورها، قالت د. مونيك إيلوت، المديرة العامة للمنظمة العالمية لصحة الحيوان: “يجب معالجة مقاومة مضادات الميكروبات بشكل عاجل من خلال نهج “الصحة الواحدة”، الذي يتضمن التزامات جريئة طويلة الأجل من الحكومات وغيرها من أصحاب المصلحة، بدعم من المنظمات الدولية”. وأضافت: “يوضح هذا التقرير مستوى الالتزام والتنسيق اللذان تقتضيهما مواجهة هذا التحدي العالمي للصحة العامة وصحة الحيوان والرفاه والأمن الغذائي. يجب علينا جميعاً تأدية الدور المنوط بنا في حماية فعالية هذه الأدوية الأساسية في المستقبل وضمان الوصول إليها”.
وقال د. تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية والرئيس المشارك لفريق التنسيق المشترك: “لقد وصلنا إلى مرحلة حرجة في صراعنا لحماية بعض أهم الأدوية الأساسية لدينا. يقدم هذا التقرير توصيات عملية بإمكانها إنقاذ آلاف الأرواح كل عام”.
ويؤكد التقرير على ضرورة وجود جهود منسقة ومكثفة للتغلب على مقاومة مضادات الميكروبات، والتي تعد عائقاً رئيسياً أمام تحقيق العديد من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، بما في ذلك التغطية الصحية الشاملة والغذاء الآمن والمأمون ونظم الزراعة المستدامة ونظافة المياه والصرف الصحي.
يشار أنه دعا لإعــلان السياســي لاجتمــاع الجمعية العامة الرفيع المستوى المعني بمقاومة مضادات الميكروبات (القرار A/RES/71/3) الصادر في سبتمبر 2016 إلى إنشاء فريق التنسيق المشترك بين الوكالات المعني بمقاومة مضادات الميكروبات التابع للأمم المتحدة، بالتشاور مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، ومنظمة الصحة العالمية. تتمثل مهمة فريق التنسيق في تقديم إرشادات عملية للنُهج اللازمة لضمان اتخاذ إجراءات عالمية فعالة ومستدامة للتصدي لمقاومة مضادات الميكروبات، وتقديم تقرير إلى الأمين العام للأمم المتحدة في عام 2019. وتستضيف منظمة الصحة العالمية أمانة فريق التنسيق، بمساعدة من الفاو والمنظمة العالمية لصحة الحيوان.