تدبير ندرة المياه بين الابتكار والاستدامة

محمد التفراوتي11 أكتوبر 2018آخر تحديث :
تدبير ندرة المياه بين الابتكار والاستدامة

 آفاق بيئية : محمد التفراوتي

نظم معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة  بأكادير ، بدعم من البنك الإسلامي للتنمية ، في نهاية الأسبوع الماضي ندوة علمية حول  ” تدبير ندرة المياه على  مستوى الأحواض المائية : ابتكارات وتنمية مستدامة”

وتحدث السيد إبراهيم الحافيدي رئيس جهة سوس ماسة ، خلال الجلسة الافتتاحية ،عن أهمية  إثارة إشكالية تدبير الموارد المائية في هذه الندوة . مذكرا  باستراتيجية تدبير المياه بمنطقة سوس  لمواجهة اشكالية  تدبير الموارد المياه  في سنة  2008 من قبل مختلف الفاعلين بالجهة . حي تعرف  جهة سوس  ماسة نمو اقتصادي واستثمارات انعكست سلبا على وضعية المياه بالمنطقة  حيث شهدت  استغلالا مفرطا للفرشة المائية وفقدان المياه في بعض المناطق  . 

وذكر  الحافيدي بوضعية  الفرشة  المائية لسوس  وفرشة اشتوكة  المخصصة  الزراعة المغطاة،  مشيرا إلى مختلف الاستثمارت بالجهة ، التي تروم إلى خلق توازن بين تنمية المنطقة واستدامة موادها المائية،  من قبيل محطة لتحلية مياه البحر والمزمع بداية تشغيلها مع نهاية سنة 2020 وذلك  بغية تلبية احتياجات الري وتوفير مياه الشرب في المنطقة بطاقة إنتاجية نهائية تبلغ 400 ألف متر مكعب في اليوم  ، إذ سيؤمن إمدادات مياه الشرب لمنطقة أكادير الكبرى، وسيوفر مياه الري للزراعة المسقية ذات القيمة المضافة العالية في منطقة اشتوكة على مساحة تمتد لنحو 15 ألف هكتار.

 وأكد السيد على حماني مدير معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة أن المياه هي مفتاح التنمية المستدامة ، والحاجة إليها ملحة من أجل الصحة والأمن الغذائي والتقدم الاقتصادي. ذلك أن 40 في المائة من سكان العالم  تأثر بندرة المياه. وبحلول عام 2030 ، قد يواجه ما يقرب من نصف سكان العالم ندرة في المياه. حيث  تضررت بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط بشكل خاص حيث أصبحت الموارد المائية نادرة بشكل متزايد بسبب الطقس الجاف والنمو الديموغرافي والاقتصادي.

وأشار حماني إلى  الخطاب  الأخير لجلالة الملك محمد السادس  والذي يحث فيه  الحكومة على معالجة أزمة المياه في المناطق القروية المغرب عن طريق بناء سدود صغيرة وسدود تلية  لتخفيف حدة النقص في المياه. الماء في هذه المناطق .

كما طلب جلالة الملك من الحكومة التفكير في إنشاء محطات لتحلية مياه البحر ومواصلة برنامج توفير المياه في الزراعة من خلال تقديم تقنيات مبتكرة لتوفير المياه. فضلا عن اطلاق حملة توعية بالشراكة مع المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الأخرى لزيادة الوعي العام بأهمية الحفاظ على المياه والحفاظ عليها للأجيال القادمة

وأضاف حماني أنهه تم إنجاز العديد من النجاحات. و”من الممكن تسريع التقدم العالمي في معالجة مشكلة ندرة المياه. سيكون علينا جميعا العمل مع الكثير من الابتكار والطموح  .

وجمعت الندوة العديد من العلماء وممارسين من قطاع المياه للاطلاع وتبادل الخبرات والتجارب وزيادة الوعي بأحدث المعارف والابتكارات في المناطق الأكثر تضرراً من ندرة المياه. . وتميزت بحضور أكثر من 200 مشارك من حوالي 30 دولة ، بما في ذلك أوروبا وشمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء والشرق الأوسط وغرب آسيا.

وشهدت الندوة  14 جلسة ، بما في ذلك 4 جلسات عامة ، و 9 جلسات تقنية ولقاءا واحد مواز. وتم تقديم حوالي 60 رسالة شفوية و 34 ملصق تغطي بشكل أساسي جميع القضايا المتعلقة بإدارة المياه.

وسلطت الندوة الضوء على حالة ندرة المياه الحرجة في أجزاء كثيرة من العالم والحاجة إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين جميع أصحاب المصلحة في قطاع المياه ، بما في ذلك الهيئات الحكومية والقطاع الخاص. والمستخدمين والمدبرين والسياسيين والمنظمات غير الحكومية.

وشدد المؤتمر على أهمية تبادل الخبرات والدروس والمهارات المكتسبة ، خاصة بين الشمال والجنوب ، من أجل إدارة أفضل ، وإبراز الاستراتيجيات الأوروبية والوطنية لجنوب المتوسط ​​حول المياه.

وأوصت معظم المداخلات بإمكانية إعادة استخدام المياه الواردة من  معالجة مياه الصرف البلدية ، واستخدام المياه المائلة للملوحة ، وتحلية  مياه البحر ، الاستخدام الرشيد للمياه في الزراعة ، وناقشت الحلول اللامركزية للتنمية المستدامة.

وأولت الندوة  اهتماما كبيرا إلى العلاقة بين الماء والغذاء والطاقة والإدارة المتكاملة للموارد المائية لتحقيق الاستخدام المستدام لهذه المادة القيمة.

 ويبدو أن الزراعة الملحية واستخدام موارد المياه غير التقليدية بالإضافة إلى تكنولوجيا الري الفعالة هي حلول رئيسية لتوفير المزيد من المياه العذبة وإنتاج المزيد من الغذاء (المزيد من الإنتاج عبر الري بالتنقيط  )

كما تناولت الندوة استراتيجيات العديد من الدول الأوروبية حول المياه ، وكذا دول مجلس التعاون الخليجي  ودول شمال إفريقيا  والشرق الأوسط  في سياق ندرة المياه ، مما يبرز التحديات الرئيسية لاستدامة القطاع. المياه  من تغير المناخ والتلوث والإفراط في الاستخدام ، وما إلى ذلك..

كما  اجتذب إدخال محاصيل بديلة في المناطق التي تعاني من ندرة المياه ومشاكل الملوحة انتباه المشاركين بسبب أهميتها الغذائية والغذائية وآثارها الإيجابية على تحسين دخل المزارعين الفقراء. .

وأبرزت العديد من العروض أحد التحديات الرئيسية لقطاع المياه من قبيل تغير المناخ وآثاره ا فضلا عن لوضع المأساوي الذي سيحدث في أسوأ السيناريوهات المتوقعة .. ولذلك ، يجب تنفيذ تدابير التكيف والتخفيف على وجه السرعة لتوفير الموارد المائية والحفاظ عليها وإنتاج ما يكفي من الغذاء للأجيال القادمة.

الزراعة ، التي تستهلك أكثر من 85 ٪ من موارد المياه العذبة المتاحة  تستوجب رفع تحدي الحفاظ على نفس توزيع المياه مع الحفاظ على الأمن الغذائي والاقتصاد القروي. وتحتاج البلدان التي تعاني من الإجهاد المائي إلى تخطيط استراتيجي لخدمة مواردها المائية ، ومراجعة استراتيجياتها المتعلقة بالمياه والأمن الغذائي والطاقة لتتوافق مع مقتضيات تحديد الحدود  المستدام لاستخدام للمياه والاستفادة القصوى من كل قطرة ماء.

ودعا المشاركون في الندوة إلى مبادرات التعاون الإقليمية مثل الإطار العالمي لندرة المياه في الزراعة   (WASAG)    لتبادل الخبرات بين المعنيين في قطاع  المياه وتقاسم المعرفة بشأن التكنولوجيات المبتكرة لزيادة كفاءة الاستخدام وإنتاجية المياه.

وأكد المشاركون أن تعزيز القدرات والبحث العلمي يعدان أداة مهمة لنشر المعرفة المتولدة عن إدارة المياه واستخدامها. وبالتالي ، هناك حاجة إلى بذل جهود إضافية لدمج الحلول المبتكرة في برامج التكوين.

ويذكر أن النوة  عرفت زيارة ميدانية إلى حوض سوس ماسة من قبل المشاركين  لمحطة معالجة المياه المستعملة بمنطقة لمزار وضيعة فلاحية   لمعاينة نماذج تتغيا مناهج  تكنولوجية وعلمية تنسجم فيه السياسة  مع  الممارسة .

===========================

دردشة  مع الدكتور رضوان شكر الله  منسق الندوة وأستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة  على هامش الندوة :

حج إلى مدينة أكادير 200 مشارك من حوالي 30 دولة ، بما في ذلك أوروبا وشمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء والشرق الأوسط وغرب آسيا. للمشاركة في ندوة ” تدبير ندرة المياه على  مستوى الأحواض المائية : ابتكارات وتنمية مستدامة” . 

بات موضوع  تدبير المياه يؤرق مختلف الدول بالقارات الخمس . أين وضع المغرب في سياق رهانات الاشكالية بالمجتمع الدولي ؟

 يعتبر المغرب  من بين  45 دولة تواجه ندرة المياه ، وفقا لخريطة ندرة المياه التابعة لمعهد الموارد العالمية ، والتي تكشف عن الوضع الحرج للبلاد. و أشارت إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة إلى أنه بحلول سنة 2025 ، سيكون حوالي 35٪ من السكان المغاربة أقل من عتبة النقص المطلق البالغة 500 متر مكعب للفرد في السنة. ونتيجة لذلك ، فإن التدبير والتخطيط الشامل والمتكامل للموارد المائية بات ضروريا .وتبلغ موارد المياه المتجددة في المغرب  ،حاليا ، حوالي 22 مليار متر مكعب سنويا نتيجة لمبادرة الملك الحسن الثاني لبناء السدود. والآن تم بناء حوالي 140 سداً كبيراً تنتشر في عدة مناطق بالمغرب. ويمثل القطاع الزراعي في المغرب 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي و 40  في المائة من إجمالي مناصب الشغل. ذلك أن الاقتصاد المغربي عرضة لنقص المياه. وما يقرب من 15 في المائة من أراضي البلاد مسقية ، في حين أن غيرها من الأراضي زراعة مطرية.

هل القانون الماء بالمغرب يتماشى مع اكراهات القطاع وإشكالاته المتداخلة ؟

في سنة 1995 ، أصدر المغرب قانون المياه ، والذي يركز على التدبير المندمج لموارد المياه من خلال تحسين كفاءة استخدام المياه ، وأفضل الممارسات في تخصيص الموارد وحماية جودة  المياه. وتم تحديث هذا القانون في سنة 2016 لتشجيع استخدام المياه غير التقليدية .

كما أن القانون المغربي للماء  يمدد المخطط الوطني للماء الوطنية لمدة 30 عامًا وذلك  لضمان إدارة أفضل لموارد المياه. ، وتقوم الحكومة حاليًا بتطوير خطة مياه وطنية في أفق سنة  2050  من أجل حل مشاكل نقص المياه في العديد من المناطق المغرب

ويؤكد هذا القانون على وجوب تدبير مندمج ولا مركزي وتشاركي للموارد المائية ، ويعترف بأهمية تطوير آليات التخطيط للتعامل مع ندرة المياه. وقد تم إنشاء مؤسسات على جميع مستويات الحكومة والمساطر المعمول بها لإشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في إدارة المياه.

ويقدم المغرب مثالاً جيداً في مراقبة وتقييم الجفاف من خلال إنشاء مرصد وطني للجفاف (NDO) في سنة 2001.

 هل من مساعي لإيجاد بدائل في مجال تدبير النقص المتزايد للمياه وطنيا  وإفريقيا  في سياق التعاون جنوب جنوب ؟

  و يشارك المغرب في الخبرة المتراكمة على مر السنين في استخدام وإدارة المياه مع العديد من البلدان الأفريقية. وأطلق المغرب مبادرة  ” المياه من أجل أفريقيا” (WfA)  في المؤتمر الثاني والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (CCNUCC, COP 22)   المنعقد في مراكش. لتكون بمثابة إطار لجهود القارة لحل المشاكل المتعلقة بالمياه. ومنذ ذلك الحين ، أصبحت المياه موضوعًا رئيسيًا في جدول أعمال المناخ العالمي.

 وبرمجت الحكومة لتحلية 500 مليون متر مكعب من مياه البحر المحلية على مدى السنوات الخمس المقبلة للحد من خطر ندرة المياه في المستقبل. ويحصل حاليا  ما يقرب من 97 في المائة من ساكنة العالم القروي بالمغرب على مياه الشرب. ويتطلع المخطط الوطني للتطهير    لمعالجة 60٪ من مياه الصرف الصحي بالمناطق الحضرية ، وإعادة استخدام أكثر من 300 مليون متر مكعب من هذه المياه غير التقليدية في الزراعة والمساحات الخضراء  والصناعات. ويدعم المخطط الاخضر المغربي التكنولوجيات الجديدة لتحسين الإنتاجية الزراعية وسبل العيش في المناطق القروية . و من خلال العمل مع صغار المزارعين وشركات القطاع الخاص ، تقلل هذه التكنولوجيا من تكاليف الانشطة بينما تستهلك كميات أقل من المياه.

 للاطلاع على المقال بجريدة بيان اليوم اضغط هنا 

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!