الصحة العالمية، الإصلاح أو الثورة؟

محمد التفراوتي9 يونيو 2021آخر تحديث :
TOPSHOT - Workers set up beds at an exhibition centre that was converted into a hospital in Wuhan in China's central Hubei province on February 4, 2020. - The Wuhan government said it plans to convert three existing venues, including a gymnasium and an exhibition centre, into hospitals to take in patients with mild symptoms of the new coronavirus that has so far claimed more than 400 lives. (Photo by STR / AFP) / China OUT (Photo by STR/AFP via Getty Images)
TOPSHOT - Workers set up beds at an exhibition centre that was converted into a hospital in Wuhan in China's central Hubei province on February 4, 2020. - The Wuhan government said it plans to convert three existing venues, including a gymnasium and an exhibition centre, into hospitals to take in patients with mild symptoms of the new coronavirus that has so far claimed more than 400 lives. (Photo by STR / AFP) / China OUT (Photo by STR/AFP via Getty Images)

  آفاق بيئية : بريشوس ماتسوزو* ،باولو باس* ،لي كامور هاينس

 كيبتاون\ريو دي جانيرو/ بروكسل- لقد استجابت الهيئة الإدارية لمنظمة الصحة العالمية والتي تتكون من وزراء الصحة لمطالبة العشرات من قادة العالم من اجل ابرام معاهدة جديدة للتأهب والاستجابة للجائحة حيث سوف تعقد جلسة خاصة في نوفمبر مخصصة لمثل تلك المعاهدة مما يعد خطوة إيجابية ولكن الاستجابة العالمية لكوفيد-19 والتأهب الكافي للجوائح المستقبلية تتطلب أكثر من ذلك بكثير.

TOPSHOT – Workers set up beds at an exhibition centre that was converted into a hospital in Wuhan in China’s central Hubei province on February 4, 2020. – The Wuhan government said it plans to convert three existing venues, including a gymnasium and an exhibition centre, into hospitals to take in patients with mild symptoms of the new coronavirus that has so far claimed more than 400 lives. (Photo by STR / AFP) / China OUT (Photo by STR/AFP via Getty Images)

لقد أظهرت أزمة كوفيد-19 إن البنية التحتية للصحة العالمية غير قادرة ببساطة على إدارة-ناهيك عن الوقاية من – الجائحة ولكن الجائحة أظهرت أيضا انه يتوجب علينا عدم التركيز فقط على تفشي الأمراض المعدية حيث يتوجب علينا كذلك التصدي لجائحة عدم المساواة والتي سلطت الازمة الضوء عليها.

في كل عام، أكثر من 16 مليون شخص يعيشون في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل يموتون لأسباب كان يمكن تجنبها فالغالبية الساحقة فقيرة نسبيا ولديها قدرة محدودة على الوصول للتعليم ومهمشة أو تعيش في بلدان محدودة الدخل أي بعبارة أخرى وكما اشارت مفوضية منظمة الصحة العالمية للمحددات الاجتماعية للصحة قبل أكثر من 12 سنة ” الظلم الاجتماعي يقتل الناس على نطاق واسع”.

ان اللقاح الوحيد ضد هذه الجائحة هو بنية تحتية صحية عالمية مبنية على أساس مبادئ المساواة وحقوق الانسان. ان تأثير مثل تلك المقاربة لا يقتصر فقط على التقليل من الوفيات التي يمكن الوقاية منها بشكل دراماتيكي، بل ان تلك المقاربة سوف تكمل بشكل حيوي المعاهدة المقترحة من اجل تعزيز التأهب والاستجابة للجوائح عالميا ولهذا السبب نحن ندعو الى تبني معاهدة اطارية للصحة العالمية وهي معاهدة أخرى مقترحة قائمة على أساس حق الصحة.

ان حق الصحة يتجاوز الاستجابة للحالات الطارئة مثل تفشي فيروس كورونا بحيث يشمل مسؤولية التحقق من قدرة الجميع على الوصول الى المحددات الكامنة للصحة مثل الطعام المغذي والرعاية الوقائية وطالما يتم تجاهل تلك العوامل فإن الشعوب الفقيرة والمهمشة سوف تستمر في المعاناة بشكل غير متناسب من امراض مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والتي تزيد من خطر المضاعفات والوفاة من امراض أخرى مثل كوفيد -19.

ان حق الصحة يتطلب أيضا المساءلة بما في ذلك المراقبة المستقلة وتصحيح الانتهاكات وإيجاد حلول مرتبطة بالسياسات لمنع تكرارها وهذا سوف يقلل من الفساد ويقود الى أنظمة صحية اقوى تحمي العاملين الصحيين وعامة الناس وتستخدم التمويل بشكل فعال بالإضافة الى توزيع الخدمات والموارد بشكل عادل.

ان النقطة الأخيرة حيوية فالشعوب المهمشة مثل المهاجرين من المرجح ان تعتمد على أنظمة الرعاية الصحية العامة ولكن المنشآت الصحية المتاحة لتلك المجتمعات تكون بالغالب غير خاضعة للمساءلة أو قليلة الموارد علما انه في نظام قائم على أساس حق الصحة فإنه سوف يتم توزيع الموارد على أساس الحاجة بدلا من الثروة أو الصلات الاجتماعية مما يؤدي الى نتائج صحية أكثر عدالة.

ان المساواة والمساءلة تعتبران من الأمور الأساسية بالنسبة لثقة الناس والتي بدورها تعتبر حيوية من اجل التقليل من التردد بالنسبة لأخذ اللقاح والتحقق من الالتزام على نطاق واسع بإجراءات الصحة العامة مثل لبس الكمامات والتباعد الاجتماعي أثناء تفشي الأمراض. ان المشاركة في اتخاذ القرارات والاحساس بإن الأنظمة الصحية هي ملك للشعب سوف يعزز كذلك من الثقة.

ان المعاهدة الاطارية للصحة العالمية تدعم انشاء مثل تلك الأنظمة الصحية وذلك من خلال ترسيخ مقاييس واضحة وذات معنى مثل ادماج الشعوب المهمشة بشكل كامل ضمن تلك الأنظمة كما انها سوف تزود البلدان بأدوات وارشادات مفيدة بما في ذلك خطط طريق شاملة وبرامج عمل وطنية وتقييم للتأثير كما انها ستتضمن التزامات ملموسة للبلدان من اجل احراز تقدم في بناء الأنظمة الصحية على أساس الحق في الصحة.

ان مثل تلك الالتزامات سوف تشمل كذلك مشاركة القطاع الخاص فعلى سبيل المثال يمكن للمعاهدة الاطارية للصحة العالمية ان تلزم الحكومات بتضمين بنود في العقود مع المؤسسات الخاصة من اجل التحقق من قدرة الجميع على الوصول للتقنيات الطبية (مثل اللقاحات) التي تقوم بتطويرها وهذا يمكن تحقيقه من خلال تحديد أسعار معقولة ونقل التقنية والمعرفة والانفتاح فيما يتعلق بالبيانات بالإضافة الى الترخيص. ان وجود إطار للتمويل على المستوى الوطني والمستوى العالمي مع تطويعه من اجل التأقلم مع السياق الوطني من خلال أساليب العمليات التشاركية من شأنه المساعدة في التحقق من وجود موارد كافية.

ان مثل تلك المعاهدة سوف يتم تحصينها من خلال نظام مساءلة شامل بما في ذلك المراقبة المستقلة واعداد التقارير بالإضافة الى استراتيجيات للتغلب على عيوب التطبيق وحوافز إبداعية مثل تفضيل مواطني البلدان عالية الأداء لشغل مناصب قيادية في مجال الصحة العامة وستكون هناك حاجة لعقوبات واقعية بما في ذلك تحويل المساعدة الصحية الدولية من الحكومات الى المنظمات غير الحكومية التي تتعامل مع المجالات المتعلقة بعدم الالتزام.

ان من المؤكد ان وجود معاهدة تركّز بشكل خاص على التأهب والاستجابة للجائحة يمكن ان تحسّن من أمن الصحة العالمية وحتى المساواة في أمور مثل القدرة على الوصول للقاحات وعليه فإن من الأخبار الطيبة ان المجتمع الدولي يتحرك بهذا الاتجاه.

لكن ازمة كوفيد-19 كشفت عن أمر أكبر من مجرد افتقارنا للتأهب للجائحة حيث انها كشفت أيضا عن مدى التفاوت المنهجي فيما يتعلق بالصحة وكيف ان مثل هذا التفاوت يفاقم من ازمة الصحة العامة مما يضع الجميع في خطر. إن المعاهدة الاطارية للصحة العامة من خلال تعزيز التعاون والمساءلة والمساواة سوف تحسّن من امن الصحة العالمية لأسباب ليس اقلها المساعدة في منع تفاقم تهديدات الصحة العامة الجديدة ولهذا السبب يتوجب على قادة العالم ان يقوموا وبشكل عاجل بإطلاق عملية من اجل ابرام المعاهدة الاطارية للصحة العالمية.

كما أكد تيدروس أدهانوم غيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في مارس الماضي فإن معاهدة تتعلق بالجوائح سوف تعزز البنية التحتية الصحية الدولية ولكن المعاهدة الاطارية للصحة العالمية ستكون بمثابة نقطة تحول بشأنها.

بريشوس ماتسوزو، المدير العام السابق لوزارة الصحة بجنوب إفريقيا والرئيس السابق للمجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية وهو عضو في الفريق المستقل الذي تم اختتام اعماله مؤخرًا حول التأهب للجوائح والاستجابة لها.

باولو بوس، مدير مركز الصحة العالمية في فونداسيو اسوالدو كروز (فيوكروز) وهو رئيس تحالف أمريكا اللاتينية للصحة “اليزنزا لاتينوامريكانا دي سالود جلوبا).

لي كامور هاينز هو أستاذ في جامعة سيمونز ورئيس المعاهدة الاطارية لتحالف الصحة العالمية.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكت ،2021

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!