دكار: محمد التفراوتي
ملامح الهشاشة ترتسم آثارها على البيئة المحلية ، تخترق أغوار قلوب ساكنة مدينة ترتكن في أقصى غرب القارة الإفريقية بشبه جزيرة الرأس الأخضر.
على بعد 26 كيلوميتر، جنوب شرق العاصمة داكار تبدو مدينة روفسك السمراء بملامح حادة ، ترتسم آثارها في هشاشة بنيتها التحتية و أخاديد البؤس الذي حفر في أحياءها .
معمار متراص بنيانه، يعود إلى الحقبة الاستعمارية الفرنسية، منازل تتكدس فوق بعضها في الأحياء الهامشية المتناثرة في أطراف المدينة على طول الشريط الساحلي..
تعيش المدينة على موارد الصيد البحري البسيط وبعض الموارد الزراعية المحلية والخدمات السياحية ، فضلا عن بعض الأنشطة الصناعية كمصانع النسيج و الاسمنت، و الأدوية، والأحذية البلاستيكية
مدينة يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر ذات تصميم أوروبي جميل لكن بناياتها متهالكة. لعبت دورا هاما في العلاقة بين افريقيا وأوروبا خلال القرن 18. كما أنها كانت تعد مركزا استراتيجيا لسيطرة المستعمر الفرنسي على غرب أفريقيا .
بني بها مرفأ ،آنذاك ، حول المنطقة إلى سوق دولي مزدهر كانت تصدر منه أطنان هائلة من الفول السوداني إلى أوروبا.
يطرح تموقع المدينة الجيولوجي في نصف حوض مغلق بالجنوب على المحيط ، مشاكل هائلة تبدو جلية في المشهد الطبيعي والبيئي لهذه المدينة الحزينة ، من قبيل ارتفاع مستويات مياه البحر، ارتفاع درجات الحرارة، عدم توازن سقوط الأمطار، شح المياه والجفاف وتآكل كبير للسواحل وتملح الأراضي .
يبدو نائب رئيس بلدية روفسك” متوترا وهو يدلي بشروحات عن تفاصيل التآكل الممتد على طول السور إسمنتي ، الذي أقيم لصد أمواج البحر العاتية عن مقبرة ومنازل كانت في وقت بعيد وسط المدينة لتصبح الآن وجها لوجه أمام البحر.
أكد نائب رئيس البلدية أن مرفأ المدينة الشهير لم يعد يرى منه إلا أعمدة عالية وبقايا أثرية تحولت إلى شاهد على مرسى للبواخر التجارية بعدما غمرت مياه البحر. مدينة ، ذات 200 ألف نسمة معرضة للزوال بفعل زحف البحر تحمل ندوب آثار تغير المناخ. انمحت بعض أحيائها والبقية تنتظر دورها بفعل الزحف التدريجي للبحر.
لن ينسى سكان مدينة روفسك ابتلاع البحر لبعض مناطقهم التي كانت آهلة بالسكان لتعدو في خبر كان. حيث تتناقل أجيال المنطقة خبر عناد ذلك اليم الذي لم يمل في طرق أبوابهم باستمرار كي تخلو الساكنة سبيل امتداده الجشع نحو أسواقهم ومنازلهم التي تنبض بالحياة.
أحياء بأكملها، يقول حارس مقبرة للمسلمين، “تولين بوند” Thaiwlen bonde “وتولين بويين” Thaiwlen pouyéne و”تاولين ديغ” Thaiwlen digue ، غمرتها الأمواج تدريجيا .. والآن هي على مشارف مقابر مسلمي المنطقة يصدها سور منخور ومتآكل .
هذه الظاهرة مستمرة منذ عام 1960 . في كل سنة يعنفهم البحر بلا هوادة، يفيد شيخ من أهالي المنطقة ، إذ أن مسجدين و منازل غمرتهم المياه تماما ، في نفس السنة ، كما اختفى الكثير من القبور.
باتت التعرية الساحلية وزحف البحر شبح مخيف يرعب قاطني المدينة ، هاجس يقض مضجعهم بفعل تلاطم الأمواج القوية ، متوجسين من المد والجزر . خوفا من تكرار ذاك اليوم المفجع لفاتح يوليوز 2007 يحكي ، صياد بالمنطقة ،حيث جرفت المياه جزء من مقبرة حي “تولين” مرة أخرى وبعض المنازل في الشارع المحاذي.
و حذرت الدكتورة” ايزابيل نيانغ ديوف” الباحثة بكلية العلوم بداكار ومن مواليد مدينة روفسك من تفاقم الوضع وتتوقع الأسوأ مع ارتفاع منسوب مياه البحار بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري مما يستلزم التدخل العاجل لمكافحة إشكال تغير المناخ مع ضرورة توعية الساكنة بالمعطيات الأساسية حول الظاهرة وسبل التأقلم معها ، لاحتواء هذه الموضع المتأزم .
https://www.ircwash.org/node/20295 :للإطلاع على المقال باللغة الفرنسية يرجى زيارة الرابط التالي