آفاق بيئية: محمد التفراوتي
في حديث مع المجلة الاسبانية Omnes، أكد الدكتور سيف الإسلام بنعبد النور، رئيس منتدى “إبراهيم”، أن الزيارة الأخيرة للبابا ليون الرابع عشر إلى تركيا ولبنان تحمل “رسالة طبيعية في مواجهة الخطابات التي تربط بين الإسلام والمسيحية والصراع”، مشددا على أن “الحوار بين الأديان أصبح اليوم ضرورة قصوى لا تحتمل التأجيل”.
وأوضح خلال محاضرته في مؤسسة الثقافة والتسامح الديني بمدريد، أن العالم يعيش أزمات متشابكة: حروب، نزوح جماعي، وأزمات مناخية متفاقمة، معتبرا أن “التعاون الدولي والحوار الثقافي لم يعودا خيارا، بل هما شرط أساسي لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين”.
وأضاف أن الحوار الديني يحتاج إلى واقعية وصبر، وإلى “تربية على الإصغاء”، لأن التعايش لا يبنى على الشعارات بل على ممارسة يومية تعترف بالآخر وتمنحه مكانته.
سقوط وهم التقدم الحتمي
و توقف الدكتور بنعبد النور عند فكرة “انهيار أسطورة التقدم الحتمي”، التي سادت في القرنين التاسع عشر والعشرين، حيث كان يعتقد أن العلم والتكنولوجيا والاقتصاد يقودون البشرية دائما نحو مستقبل أفضل. لكنه يرى أن الأزمات الراهنة، الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية، أثبتت أن التقدم ليس مسارا آليا، بل مسؤولية إنسانية تتطلب يقظة دائمة وحوارا مستمرا.
من التسامح السلبي إلى التسامح الفعال
و شدد الدكتور بنعبد النور على ضرورة الانتقال من “تسامح سلبي” يقوم على مجرد تحمل الاختلاف، إلى “تسامح فعال” يقوم على الاعتراف بالآخر واحترام كرامته ومشاركته في بناء مجتمع عادل ومتوازن. فالتسامح الحقيقي ليس صمتا أو حيادا، بل موقف أخلاقي يرفض الظلم ويقاومه.
دلالات زيارة البابا
ووصف زيارة البابا ليون الرابع عشر إلى بلدان ذات أغلبية مسلمة، بأنها “إشارة رمزية قوية تثبت أن الثقة بين الأديان ممكنة”، وأنها تعطي صورة طبيعية في مواجهة خطابات الكراهية. البابا تحدث عن الكرامة والضيافة والتضامن، وهي قيم يرى الدكتور عبد النور أنها تجعل من الأديان جسورا لبناء إنسانية مشتركة، لا جدرانا للفصل والعداء.
الحوار اليوم
رغم وجود مبادرات مشجعة في بلدان مثل المغرب وقطر والسعودية والإمارات، ورغم لقاءات دولية كاجتماع “أستانا” في كازاخستان، إلا أن المخاطر قائمة: من تسييس الدين إلى تصاعد الخطابات المتطرفة. لذلك، يؤكد أن الحوار الحقيقي يجب أن ينتقل من التنظير إلى الممارسة اليومية، وأن يبنى على الصبر والواقعية وفن الإصغاء.
