مغاربة العالم: نموذج نسائي يتألق بين التعليم والالتزام المجتمعي

محمد التفراوتي20 أغسطس 2025آخر تحديث :
مغاربة العالم: نموذج نسائي يتألق بين التعليم والالتزام المجتمعي

وداد عبد المحسن: شغف في خدمة التعليم والمسؤولية الاجتماعية

آفاق بيئية: محمد التفراوتي

لم يعد التعليم العالي مجرد فضاء تقليدي لتلقين المعارف وتداول المفاهيم الأكاديمية في قاعات الدرس، بل تحول في ظل التحولات الراهنة الى مختبر حي تصاغ فيه الكفاءات، وتبنى فيه القيم، وتشكل داخله رؤية الاجيال القادمة تجاه العالم. اننا نعيش زمن تتقاطع فيه ازمات متراكبة. أزمات اقتصادية تهز النماذج التنموية التقليدية، وثورات تكنولوجية تعيد صياغة أنماط العمل والعلاقات، وتحديات بيئية متفاقمة تفرض على البشرية اعادة التفكير في مسارها، فضلا عن رهانات ثقافية ومجتمعية مرتبطة بالهوية والاندماج والتنوع.

أمام هذا المشهد المعقد، يبرز سؤال جوهري: ما دور الجامعة اليوم؟ هل تكتفي بكونها مؤسسة تمنح شهادات، أم تصبح قوة فاعلة تواكب التحولات وتساهم في إعادة تشكيل المجتمع؟

هنا يبرز النموذج الذي تجسده الدكتورة وداد عبد المحسن، كأحد الوجوه المغربية في العالم التي حولت مسارها الاكاديمي الى رسالة ومسؤولية. فهي ليست فقط أستاذة جامعية حاصلة على الدكتوراه في الادب الفرنسي والمقارن من جامعة السوربون الجديدة (باريس 3)، بل هي ايضا فاعلة في ربط الجسر بين التعليم والحياة العملية، بين البحث العلمي والالتزام الاجتماعي، وبين الانفتاح الاكاديمي والتفاعل مع القضايا الكونية. مسارها المهني الممتد لأكثر من خمسة عشر عاما يعكس وعي مبكر بأن التعليم ليس عملية منعزلة عن المجتمع، بل هو رافعة للتغيير، واداة لتشكيل وعي نقدي ومسؤول لدى الطلبة.

لقد انخرطت وداد في مشاريع متعددة التخصصات، صاغت من خلالها نموذج تربوي يزاوج بين البعد المعرفي والبعد العملي، ويستند الى قناعة راسخة بأن الجامعة مطالبة اليوم بتكوين طلبة قادرين على فهم العالم، لا فقط الانخراط في سوق العمل. لهذا نراها تؤسس برامج تدمج الرقمنة وريادة الاعمال والادماج المهني، وتربطها بمشاريع التنمية المستدامة والمسؤولية الاجتماعية، بما يتيح للطلبة ممارسة فعلية للتعلم بدل الاكتفاء بالنظريات.

كما يبرز في تجربتها ادماج قضايا التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية في صميم المناهج، وهو توجه متقدم يضع الطالب في قلب القضايا المصيرية للعالم، ويجعل التعليم وسيلة لاعادة بناء العلاقة بين الانسان والبيئة، وبين الفرد والمجتمع.

ومن خلال تركيزها على الذكاء الجماعي واعتبار الطلبة شركاء في انتاج الحلول، تكشف وداد عن تحول نوعي في التصور التربوي: من “التعليم من أجل الامتحان” الى “التعليم من اجل التمكين”. وهذا التمكين لا يقف عند حدود الادماج المهني، بل يتعداه الى بناء مواطن مسؤول قادر على اتخاذ قرارات أخلاقية في عالم مضطرب.

ان تجربة وداد عبد المحسن تقدم نموذج مغربي رائد، يثبت أن الكفاءات الوطنية بالخارج ليست فقط سفراء للعلم، بل أيضا فاعلون في صياغة نموذج تعليمي انساني، مستدام، وشمولي. وهنا يتجاوز الحديث مجرد نجاح فردي الى دعوة أوسع للتفكير. كيف نستفيد من هذه النماذج، ونبني جسور حقيقية بين خبرات الخارج واحتياجات الداخل، بين القيم الكونية والخصوصيات المحلية، وبين العلم والالتزام المجتمعي؟

وبهذا الاطار، يصبح الحوار مع الدكتورة وداد عبد المحسن أكثر من مجرد أسئلة وأجوبة؛ إنه نافذة على رؤية متجددة ترى أن التعليم الحقيقي لا ينفصل عن الابتكار، وان الذكاء الجماعي هو المحرك الاساسي لأي تغيير، وأن التربية على الانفتاح والوعي البيئي والمواطنة الكونية

إن تتبع مسار الدكتورة وداد عبد المحسن، كما بسطته في هذا الحوار، يفتح أمامنا أفقًا للتفكير في معنى التعليم ودوره العميق في زمن تتعدد فيه الأزمات والتحديات. فالكلمات التي صاغتها ليست مجرد إجابات آنية، بل تعبير عن فلسفة تربوية متكاملة ترى أن الجامعة يجب أن تكون مؤسسة فاعلة في قلب المجتمع، لا مجرد برج عاجي يوزع المعارف دون تفاعل مع الواقع.

ويتضح من خلال تجربتها أن الجامعة اليوم مطالبة بمهام ثلاث متداخلة. مهمة معرفية، من خلال إنتاج العلم وتطوير الكفاءات. ثم مهمة اجتماعية عبر مرافقة التحولات المجتمعية، والإنصات لانتظارات الشباب. و مهمة كونية تتجلى في المساهمة في مواجهة التحديات العالمية مثل التغير المناخي، العدالة الاجتماعية، والرقمنة المتسارعة.

وبهذا المعنى، تصبح التجربة التي تقدمها وداد عبد المحسن نموذجا مصغرا للرهان الكبير الذي يواجه الجامعات عبر العالم. أي كيف تتحول من فضاءات تلقين إلى فضاءات إبداع، ومن مؤسسات مغلقة إلى قوى مجتمعية منفتحة، ومن منابر أكاديمية إلى جسور للحوار الكوني؟

كما أن تركيزها على الذكاء الجماعي واعتبار الطلبة شركاء في إنتاج الحلول، لا مجرد متلقين سلبيين، يكشف عن انتقال نوعي في التصور التربوي. من “التعليم من أجل الامتحان” إلى “التعليم من أجل التمكين”. وهذا التمكين لا يقف عند حدود الاندماج المهني، بل يتعداه إلى بناء مواطن مسؤول قادر على اتخاذ قرارات أخلاقية في عالم مضطرب.

إن ما يثير الانتباه أيضا في تجربتها هو إدماجها لقضايا التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية في المناهج، في وقت تتأخر فيه الكثير من المؤسسات التعليمية عن هذه الخطوة. فهي بذلك تضع الطالب في قلب القضايا المصيرية للعالم، وتجعل التعليم وسيلة لإعادة بناء العلاقة بين الإنسان والبيئة، وبين الفرد والمجتمع.

وعليه، يمكن القول إن رؤية وداد عبد المحسن تلتقي مع التحولات الكبرى التي يشهدها النقاش العالمي حول التعليم. من تعليم يركز على المعرفة التقنية إلى تعليم يعزز القيم الإنسانية. و من تعليم محلي إلى تعليم كوني عابر للحدود. وكذا من تعليم فردي إلى تعليم جماعي قائم على التعاون والذكاء المشترك.
إن هذا النموذج، الذي يجمع بين الكفاءة الأكاديمية والالتزام المجتمعي، يعكس صورة مشرقة عن مغاربة العالم، ويؤكد أن الهجرة الأكاديمية ليست نزيفا للأدمغة، بل قد تكون مصدر إشعاع وتأثير إيجابي يساهم في صياغة مستقبل أفضل للبشرية.
وهكذا، فإن تجربة وداد عبد المحسن لا تقدم فقط مسارا شخصيا ناجحا، بل تطرح أيضا سؤالا مفتوحا على جامعاتنا الوطنية. كيف نستفيد من هذه النماذج، ونبني جسورا حقيقية بين خبرات الخارج واحتياجات الداخل، بين القيم الكونية والخصوصيات المحلية، وبين العلم والالتزام المجتمعي؟
إنها دعوة للتفكير العميق في مستقبل التعليم، ليس كوسيلة لتخريج موظفين، بل كرهان حضاري لصناعة مواطنين أحرار، واعين، ومسؤولين، قادرين على إعادة رسم ملامح عالم أكثر عدلا وإنسانية.
الجامعة اليوم مطالبة بمهام ثلاث متداخلة مهمة معرفية عبر إنتاج العلم وتطوير الكفاءات. تم مهمة اجتماعية تتمثل في مرافقة التحولات المجتمعية، والإنصات لانتظارات الشباب. ثم مهمة كونية تتجلى  في المساهمة لمواجهة التحديات العالمية مثل التغير المناخي، العدالة الاجتماعية، والرقمنة المتسارعة.

وبهذا المعنى، تصبح التجربة التي تقدمها وداد عبد المحسن نموذجا مصغرا للرهان الكبير الذي يواجه الجامعات عبر العالم. كيف تتحول من فضاءات تلقين إلى فضاءات إبداع، ومن مؤسسات مغلقة إلى قوى مجتمعية منفتحة، ومن منابر أكاديمية إلى جسور للحوار الكوني؟

كما أن تركيزها على الذكاء الجماعي واعتبار الطلبة شركاء في إنتاج الحلول، لا مجرد متلقين سلبيين، يكشف عن انتقال نوعي في التصور التربوي: من “التعليم من أجل الامتحان” إلى “التعليم من أجل التمكين”. وهذا التمكين لا يقف عند حدود الاندماج المهني، بل يتعداه إلى بناء مواطن مسؤول قادر على اتخاذ قرارات أخلاقية في عالم مضطرب.

إن ما يثير الانتباه أيضا في تجربتها هو إدماجها لقضايا التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية في المناهج، في وقت تتأخر فيه الكثير من المؤسسات التعليمية عن هذه الخطوة. فهي بذلك تضع الطالب في قلب القضايا المصيرية للعالم، وتجعل التعليم وسيلة لإعادة بناء العلاقة بين الإنسان والبيئة، وبين الفرد والمجتمع.

وعليه، يمكن القول إن رؤية وداد عبد المحسن تلتقي مع التحولات الكبرى التي يشهدها النقاش العالمي حول التعليم.من تعليم يركز على المعرفة التقنية إلى تعليم يعزز القيم الإنسانية. و من تعليم محلي إلى تعليم كوني عابر للحدود. و من تعليم فردي إلى تعليم جماعي قائم على التعاون والذكاء المشترك.

إن هذا النموذج، الذي يجمع بين الكفاءة الأكاديمية والالتزام المجتمعي، يعكس صورة مشرقة عن مغاربة العالم، ويؤكد أن الهجرة الأكاديمية ليست نزيفا للأدمغة، بل قد تكون مصدر إشعاع وتأثير إيجابي يساهم في صياغة مستقبل أفضل للبشرية.

وهكذا، فإن تجربة وداد عبد المحسن لا تقدم فقط مسارا شخصيا ناجحا، بل تطرح أيضا سؤالا مفتوحا على جامعاتنا الوطنية. كيف نستفيد من هذه النماذج، ونبني جسورا حقيقية بين خبرات الخارج واحتياجات الداخل، بين القيم الكونية والخصوصيات المحلية، وبين العلم والالتزام المجتمعي؟

إنها دعوة للتفكير العميق في مستقبل التعليم، ليس كوسيلة لتخريج موظفين، بل كرهان حضاري لصناعة مواطنين أحرار، واعين، ومسؤولين، قادرين على إعادة رسم ملامح عالم أكثر عدلا وإنسانية.

الحوار مع الدكتورة وداد عبد المحسن: تعليم، ابتكار، والتزام مجتمعي

السؤال: كثيرا ما تتحدثين عن تأثير التحولات المجتمعية على التعليم. ماذا تقصدين بذلك؟

الجواب: التعليم لا يمكن ان يبقى جامدا في زمن تتسارع فيه التغيرات الاقتصادية، التكنولوجية، البيئية، والثقافية. هذه التحولات تعيد صياغة طريقة حياتنا وعملنا، وبالتالي تؤثر مباشرة على اهداف التعليم وطرقه. التعليم الجيد بالنسبة لي لا يقتصر على نقل المعارف فقط، بل يجب ان يهيئ الطلبة لفهم عالم دائم التغير، ويمنحهم القدرة على التكيف والتفاعل مع هذه التحولات.

السؤال: ما هي منهجيتك التربوية في هذا السياق المتغير؟

الجواب: اضع الانسان في قلب العملية التعليمية. كل طالب يحمل قصة وطموحاته، واحيانا عقبات يجب تجاوزها. اسعى الى خلق بيئة يشعر فيها الطالب بالاستماع والدعم، وافضل اساليب المشاركة والعمل الجماعي، لاني اؤمن بالذكاء الجماعي. عندما تتقاطع الافكار وتتضافر المهارات، تولد حلول مبتكرة وفعالة.

السؤال: تصفين منهجك بأنه “حديث”. ما الذي يميزه؟

الجواب: المناهج الحديثة يجب ان تكون منفتحة ومرتبطة بالواقع. لا اكتفي بتدريس المفاهيم النظرية، بل اربطها بمواقف عملية، غالبا مرتبطة بعالم العمل والقضايا المعاصرة مثل التنمية المستدامة، المسؤولية المجتمعية، والادماج. المشاريع العملية التي اطلقها للطلبة تمكنهم من التعلم بالممارسة، من خلال العمل الجماعي وتنمية التفكير النقدي.

السؤال: كيف ترين مستقبل التعليم العالي؟

الجواب: اؤمن بتعليم اكثر انفتاحا على العالم، يدمج التحديات الكوكبية في برامجه، ويمنح الطلبة ادوات ليصبحوا ليس فقط محترفين اكفاء، بل مواطنين مسؤولين. مستقبل التعليم هو مستقبل جماعي، حيث نتعلم من بعضنا البعض بروح الفضول والاحترام والطموح.

السؤال: كلمة اخيرة تختتمين بها الحوار.

الجواب: «التكوين هو ايضا اعداد الافراد لفهم العالم وتغييره، من خلال تعزيز الالتزام المجتمعي، التنمية المستدامة، والانفتاح الدولي». هذه العبارة تلخص فلسفتي التربوية: التعلم من اجل العمل، والعمل

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!