محمد التفراوتي – آفاق بيئية
في قلب الجنوب الغربي للمغرب، حيث تمتد غابات أركان وتقاوم حرارة الصيف وجفاف المناخ، يكشف باحثون عن سر علمي جديد: شجرة أركان لا تقتصر فقط على إنتاج زيت فاخر، بل تعد أيضا خط الدفاع الأول لحماية التنوع البيولوجي في المنطقة.
أركان: أكثر من مجرد شجرة
لطالما اعتبر المغاربة شجرة أركان كنزا تراثيا واقتصاديا. لكن الجديد الذي كشفته دراسة علمية حديثة، هو أن هذه الشجرة تؤوي حولها حياة غنية: نباتات نادرة، حشرات دقيقة، وميكروبات نافعة في التربة، كلها تسهم في توازن النظام البيئي.
وقد أظهرت أبحاث ميدانية استمرت من 2021 إلى 2023، أن زراعة أركان بطريقة مستدامة، أي باحترام الدورة البيئية وعدم استنزاف الموارد، تحفز عودة التنوع البيولوجي إلى الأراضي المتدهورة.
من المختبر إلى التربة: نتائج مثيرة
اعتمد الباحثون على تقنيات متقدمة، مثل التحاليل الجزيئية والاستشعار عن بعد باستخدام الأقمار الصناعية. وأظهرت النتائج أن التربة المحيطة بالأشجار الشابة نشطة بيولوجيا، وتحتضن ميكروبات تساهم في تقوية الشجرة ضد الجفاف.
كما تم رصد تغيرات موسمية في عدد الحشرات المفيدة، خاصة في المناطق التي تعتمد زراعة مسؤولة. وهو ما يعد مؤشرا على عودة الحياة إلى الأرض.
التحديات قائمة… والحل بيد الإنسان
لكن رغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا تزال غابة أركان مهددة: التغير المناخي، الزحف الزراعي، والرعي الجائر عوامل تسرع تدهور البيئة.
لذلك، يوصي الخبراء بدعم مشاريع الزراعة المستدامة مثل مشروع DARED، الذي يسعى إلى تخفيف الضغط عن الغابة الأصلية عبر تشجيع غرس أركان في أراض خاصة بطريقة تراعي البيئة.
الطبيعة تتحدث… فهل نستمع؟
تكشف هذه الدراسة أن شجر أركان ليست فقط رمزا مغربيا، بل مفتاح لبناء مستقبل بيئي آمن. وإذا أُحسن استغلالها، يمكن للمغرب أن يقود نموذجا ناجحا للتوازن بين الزراعة والبيئة في منطقة تواجه تحديات مناخية متصاعدة.
للإطلاع على خلاصة البحث العلمي انقر هنا