الخبير البيئي لجمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والماخ
يحذر من آثار المستقبل القاتم لتغير المناخ على حياة الإنسان والمحيط البيئي.
آفاق بيئية : القنيطرة
أوضح الخبير البيئي حميد رشيل عضو جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، أنه بعد فشل فعاليات الدورة 26 لمؤتمر الأطراف (COP 26) الذي نظم بمدينة غلاسكو الأسكتلندية تحت اكراه سبل التقليل من الانبعاثات الكربونية والحد من الاحتباس الحراري من خلال تقليص استهلاك الفحم والدعم اللازم للدول النامية لمواجهة اثار التغير المناخي. هذا الفشل تمثل في عدم الاتفاق بشكل جدي وفعلي في اتخاد كل التدابير والقرارات التي ستعمل على الحد من تدهور الأوساط الايكولوجية الناتج عن تسارع وثيرة التغيرات المناخية واثارها السلبية بشكل كبير على كل المنظومات الطبيعية ، وهذا ما جعل سؤالا يطرح نفسه بشكل كبير والمتمثل في: هل نحن فعلا نسعى للحفاظ على ما تبقى من الأوساط البيئية؟
وأكد السيد حميد، أنه على الرغم من ان الخبراء والعلماء أكدوا على ان كوكب الأرض لم يعد امنا، وان الامر لا يعدو مبالغة، بل انه جزء من الحقيقة المرة. فقد يتم الاعتقاد ان ارتفاع مستوى درجة حرارة الأرض درجة مئوية واحدة يعني ان الطقس بدا يصبح ادفأ بشكل تدريجي، فان هذا الامر غير دقيق لان النظام البيئي على سطح الأرض يعتبر نظاما متكاملا والاحترار بدرجة مئوية واحدة كفيلة للتأثير على كل مفاصل هذا النظام وربما بشكل لا نتوقعه وهذا فعلا ما بدأت آثاره في الظهور بشكل جلي على مستوى عدة مجالات، والتي نرصد منها:
ان رواد الفضاء أكدوا من خلال التتبع والملاحظة عبر الأقمار الاصطناعية ان سطح الأرض طرأت عليه تغيرات كبيرة وخطيرة وواضحة من ارتفاع سطح البحر والجفاف والحرائق والبراكين والأعاصير. هذه الملاحظات والاثار المترتبة عنها ستترجم بشكل اكيد الى ارقام ذات دلالة سلبية على كوكب الأرض.
ارتفاع حرارة سطح الأرض بدرجة مئوية واحدة ستؤدي لا محالة الى ارتفاع مساحات الغابات المحترقة الى 600% في بعض أنواع الغابات. فغابة الأمازون ذات مساحة 7 مليون كيلومتر مربع، خسرت 20% من مساحتها بسبب الحرائق وإزالة الغابة بطرق غير شرعية خلال السنوات36 الأخيرة.
وحاليا نسجل تسارع تدهور واختفاء الغابات عالميا، بحيث بلغت هذه السرعة اختفاء مساحة 27 ملعب كرة القدم من الغابة في الدقيقة عالميا، وبالمغرب فان هذه السرعة بلغت اختفاء هكتار ونصف من الغابة في الساعة. والمقلق ان وثيرة إزالة الغابات تصاعدت بشكل مهول في الآونة الأخيرة مما انعكس على استمرار ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض الى ان بلغت درجتين مئويتين في منطقة الغابات، وطول فترات الجفاف خلال موسم الأمطار، فنتج عن ذلك تراجع خاصية الغابة المتمثلة في كونها رئة الأرض. والصادم هنا ان تتحول الغابة الى مصدر هام للكربون بعد ان كانت من أهم ركائز امتصاصه وتخزينه. وقد أظهرت أحدث الدراسات أن الغابات باتت مسؤولة عن طرح حوالي 300 مليون طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون سنويا في الغلاف الجوي. كل ذلك يحدث في ضل التحدير من استمرار خسارة الغابات الخضراء التي بلغت 80% من مساحتها في البرازيل على سبيل المثال، وما يزيد أمر الغابة تعقيدا هو الخلافات السياسية التي أدت الى تعطيل ضبط المقترحات والحلول الملائمة.
التغير المناخي طالت اثاره المدمرة كذلك الغطاء الجليدي الذي لعب دور الخزان الذي ضمن توازنا بيئيا مهما على امتداد ملايين السنين وهو يشمل الغطاء الجليدي للقطبين والمناطق المرتفعة وغيرها. لكن المشهد الصادم الذي رصدته خريطة وكالة ناسا هو اضمحلال الجليد في منطقة القطب الشمالي وغرينلاند الذي تسارعت وثيرة ذوبانه لتصل الى13% كل عقد، وان استمرار هذا الأمر يعتبر خسارة بيئية جسيمة لا يبدو ان بمستطاع كوكب الأرض تعويضها . ان ارتفاع سرعة ذوبان هذه الصفائح الجليدية الناتج عن تزايد احترار سطح الأرض، سينتج عنه لا محالة ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات مما سيتسبب في تغير المعالم الساحلية والشاطئية بمجموعة من المناطق بل الأخطر من ذلك سيؤدي هذا الى تشبع مياه مجموعة كبيرة من الفرشات المائية بالملوحة بفضل غزو مياه المحيط لليابسة، كما سيؤدي كذلك الى تراجع الماء الشروب ومياه السقي الزراعي بمجموعة مهمة من المناطق مع توسع المناطق غير الصالحة للزراعة، ولدينا نموذج حي بالمغرب والمتمثل في عدم قدرة بلوغ مياه نهر ملوية مصبه على البحر الأبيض المتوسط بسبب توالي فترات الجفاف الحادة والاستغلال المفرط وغير المعقلن لمياه هذا النهر من لدن ساكنة المنطقة، ولقد استغلت مياه البحر هذا الامر و بدأت تأخد لها أماكن جديدة سيما تلك التي تخلى عنها مكرها نهر ملوية، وحتما سيؤدي هذا الامر الى كارثة بيئية خطيرة بمنطقة نهر ملوية.
ان استمرار ارتفاع مستوى سطح البحر سيؤدي لا محالة الى غرق أراضي وجزر، ولدينا مثال حي في هذا الشأن والمتمثل في جزر المالديف بالمحيط الهندي التي أصبحت بشكل جلي مهددة بالزوال عند نهاية القرن.
لا ننسى كذلك أن الاحترار رفع من وثيرة التصحر من خلال الجفاف المهول الذي تعرفه مجموعة كبيرة من المناطق بسبب التراجع الكبير والمهول للتساقطات المطرية، وان هذه الكوارث مجتمعة ستؤدي لا محالة الى تزايد ظاهرة النزوح.
واستخلص الخبير البيئي حميد رشيل، أن هذا كله يتعلق بحالات ومشاهد مختلفة لحقيقة واحدة، وأن الأضرار البيئية وتأثيرات التغيرات المناخية بلغت مدى لم يعد ممكنا انتقاده، وأنه لم يعد لدينا فعلا ما يمكن تقديمه لانقاد ما تبقى من بيئة كوكب الأرض.