محور ورشة تحسيسة لوكالة الحوض المائي سوس ماسة
آفاق بيئية : محمد التفراوتي
نظمت وكالة الحوض المائي لسوس ماسة درعة بتنسيق مع الوكالة البلجيكية للتنمية وبرنامج الدعم المؤسساتي والعملي لوكالات الأحواض المائية الثلاث اللكوس (3 ABHs ) ، مؤخرا ، يوما تحسيسيا تحت شعار “تأثيرات التغيرات المناخية على الموارد المائية “
ودعا عبد الحميد أسليخ ، كاتب عام وكالة الحوض المائي لسوس ماسة ، في الجلسة الافتتاحية ، إلى الحفاظ على موارد المياه لكونها حجر الزاوية في استراتيجيات التكيف مع تغير مناخ. خصوصا وأن 90 في المائة من أراضي المغرب مناطق القاحلة وشبه القاحلة، ذلك أن منطقة سوس تسجل عجزا مائيا بارزا نتيجة الطرق الغير الملائمة للإنتاج وتكرار سنوات من الجفاف.
ويمكن تصنيف سوس ماسة حسب دراسات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC من ضمن المناطق المعرضة للظواهر المتطرفة من قبيل الفيضانات والجفاف يضيف السيد عبد الحميد أسليخ . ومن هنا وجب الاهتمام بمعالجة مسألة التكيف مع تغير المناخ والوعي بمجالات إعداد التراب والتخطيط المجالي..
وفي هذا السياق يأتي هذا الملتقى الذي ينشد تقاسم المعارف ورفع مستوى الوعي لمختلف الشركاء وتعزيز التعاون بين جميع الجهات الفاعلة وذلك بغية صياغة رؤية مشتركة لمسارات العمل التي من المحتمل أن تجيب على تحديات التكيف مع الظواهر المتطرفة لتغير المناخ فيما يتعلق بالموارد المائية.
وتتطلع وكالة الحوض المائي لسوس ماسة إلى تشجيع الشركاء لدمج عنصر تغير المناخ وتدابير التكيف في تخطيط وإدارة الموارد المائية ثم توعيتهم بشأن تغير المناخ وآثاره على الموارد المائية ، وبمفاهيم التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه. وتقاسم الآليات والميكانزمات الدولية والوطنية (المؤساستية والمالية …) المتعلقة بتغير المناخ، و كذا مناقشة قضايا الحفاظ على المياه .و البحث عن سبل دمج عنصر التكيف مع تغير المناخ في عملية التخطيط.
الإطار المفاهيمي للتكيف مع تغير المناخ على مستوى الموارد المائية
وتناولت مداخلات المحور الأول من الملتقى والمتعلق بالإطار العام والمفاهيمي للتكيف مع تغير المناخ على مستوى الموارد المائية في منطقة سوس ماسة ، موضوع ” المخطط الوطني لمكافحة تغير المناخ في منطقة سوس ماسة” من قبل السيدة خديجة سامي، المديرة الجهوية للبيئة والتنمية المستدامة ، مشيرة إلى الاستراتيجية الوطنية للتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره (GES) ، ومختلف الإجراءات المتخدة لملاءمة الإطار المؤسساتي والتشريعي مع الأهداف المسطرة في المساهمات الوطنية المحددة في مشروع المرسوم المتعلق بالنظام الوطني لجرد الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ومشروع قرار مشترك تحدد بموجبه الحدود القصوى القطاعية للانبعاثات. وذلك وفق إلتزامات المغرب الدولية لمكافحة الاحترار المناخي وتبعا للأهداف والرهانات البيئية التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة.
واستعرض الخبير يوسف الجوهري بعض المفاهيم والمعطيات الأساسية حول التكيف مع التغيرات المناخية مستعرضا السياق العلمي الأساسي بشأن تغير المناخ و العوامل البشرية التي تؤدي إلى تغير المناخ و سيناريوهاته وعواقبه وسبل التخفيف من آثاره. و تحسين فعالية التنمية محذرا من تجاهل المخاطر المناخية التي يمكن أن نكون جد مكلفة. ثم قدم استراتيجيات مكافحة تغير المناخ، سواء من حيث التخفيف أو التكيف، فضلا عن المناهج والأدوات التي تستوجب التنفيذ والمتابعة .
وأفاد جوهري أن درجة حرارة كوكب الارض تتزايد باستمرار مما يؤدي إلى تغيرات بيئية عالمية تحمل مخاطر جلية للبشرية ذلك أن “منطقتنا تتأثر بشكل خاص بالأحداث المتطرفة (الجفاف والفيضانات) مما يستوجب مواجهتها على أساس استراتيجية ملائمة”.
ومن جهتها ركزت السيدة فاطمة أبوريك رئيسة مصلحة التدبير وتنمية الموارد المائية بوكالة الحوض المائي سوس ماسة على حالة ملموسة لإدماج عنصر التكيف مع تغير المناخ في التخطيط ، من خلال مداخلتها حول ” دمج عنصر تغير المناخ في التخطيط للموارد المائية في حوض سوس ماسة “، مبرزة حالة الموارد المائية في حوض حوض سوس ماسة المتسمة بالهشاش بفعل تغير المناخ و تزايد فترات الجفاف مما يؤثر سلبا على الاستغلال المفرط للمياه الجوفية. ذلك أن المخطط المديري للتهيئة المندمجة للموارد المائية (PDAIRE) ، كأداة للتخطيط يأخد بعين الاعتبار تغير المناخ من خلال تدبير الطلب على المياه وتثمينه و إدارة وتطوير العرض، ثم المحافظة ووحماية الموارد المائية في الوسط الطبيعي والمناطق الهشة، و تقليص الهشاشة والمخاطر المتصلة بالمياه والتكيف مع تغير المناخ، و السعي نحو الإصلاحات التنظيمية والمؤسساتية وتحديث نظم المعلومات ووتعزيز الوسائل والمهارات.
التكيف مع تغير المناخ: الأدوات المنهجية
وشهد المحور الثاني من الملتقى مداخلات عملية عرضت من خلاله الأدوات المنهجية المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ وتم الرجوع إلى تجارب بعض الجهات الفاعلة في المجتمع المدني التي قادت مشاريع في مجالي التعليم والتكيف مع تغير المناخ.
و قدم الخبير يوسف الجوهري مختلف الأدوات التي تساهم في عملية التكيف مستشهدا بتجارب أخرى ووفق خطوات عملية تدرس جوانب الهشاشة و تقييم الأثر على المناخ و اختيار حلول التكيف ثم تنفيذ تدابير التأقلم و رصد وتقييم تدابيرالتكيف.
وعرض الجوهري مجموعة من العناصر الرئيسية لعملية التكيف مع البيانات اللازمة. وعرض أوجه العلاقة الوثيقة بين التكيف مع تغير المناخ وقضايا التنمية مشيرا إلى أن فعالية التكيف مع تغير المناخ تستوجب إدماجه في سياسات وعمليات التنمية الحالية . كما يمكن أن تؤدي اعتبارات التكيف أيضا إلى تحسين نوعية السياسات ومشاريع التنمية وجعلها أكثر استدامة على المدى الطويل. هذا مع تعزيز القدرات الفردية والمؤساستية على المستويات الوطنية والقطاعية ثم دمج التكيف مع نظم الرصد الوطنية.
شهادات ميدانية
وتخلل الملتقى عرض تجارب عملية في مجال التأقلم مع تغير المناخ من قبل السيدين عمر أقدوح عن جمعية إقرأ و السيد محمد اطوهار رئيس جمعية علوم الارض والحياة .
وكشف رئيس جمعية إقرأ في شهادته أمام الحاضرين ، عن تجربة الجمعية في تنفيذ مشروع يندرج في سياق التكيف مع تغير مناخ. وبدعم من التعاون الدولي الالماني ( GIZ ), واستطاعت الجمعية إحياء منظومة زراعية على مستوى دوار “تماعيت ” التابع لجماعة الدراركة والمتواجد وسط غابات الاركان حيث يسجل أعلى نسبة فقر لدرجة اضطرار فتيات المنطقة إلى الاشتغال في المدن كخادمة بيوت . وبذلك أتاح المشروع إلى توفير أنشطة مدرة للدخل عن طريق اختيار زراعات ذات مردودية من قبيل النباتات العطرية والطبية، وذلك بدعم من شركاء الجمعية.
وتناول السيد محمد التهار المنسق الجهوي لجمعية مدرسي علوم الحياة والارض بجهة سوس ماسة تجربة الجمعية في مجال التربية البيئية خاصة مشروع ” في مدرسة المناخ”. وعرض فيلم وثائقي أنجز حول المشروع وجه فيه تلاميذ سوس ماسة رسالة إلى قمة الاطراف للأمم المتحدة حول التغير المناخي COP23.
يذكر أن الملتقى تميز بنقاشات مستفيضة وتبادل الرؤى والمعارف بين المشاركين. كما تم عرض فيلم وثائقي ، مكن المشاركين من التعرف على مختلف القضايا المتعلقة بالموارد المائية في المنطقة، فضلا عن الإجابات المقدمة لمواجهة التحدي المتمثل في التكيف مع تغير المناخ.
التوصيات
وأوصى المشاركون بإعادة النظر في مفهوم التكيف وتحديد معالمه. و اتخاذ نهج استباقي وحيوي في المجال، ثم الاستفادة من ممارسات الأجداد. و تعزيز دور المجتمع المدني في رفع مستوى الوعي فضلا عن إنشاء مركز للكفاءات في مجال تغير المناخ.
وطالب المشاركون بضمان التقارب بين الإجراءات العامة المتعلقة بتغير المناخ و تشجيع وتعميم التجارب المحلية الناجحة ، ثم تعزيز دور التعليم في التأثير على تغيير السلوك.وتوعية مستخدمي المياه من مزارعين وصناعيين وأصحاب الفنادق بضرورة تغيير سلوكهم إزاء استخدام الموارد المائية.