إعادة النظر في سياسات توفير استهلاك الطاقة

محمد التفراوتي1 سبتمبر 2016آخر تحديث :
إعادة النظر في سياسات توفير استهلاك الطاقة

Bjørn Lomborg

آفاق بيئية / كراكوف : يورن لومبورغ

  تحسين كفاءة استخدام الطاقة سياسة مألوفة تنفذها الحكومات في جميع أنحاء العالم . على الورق، وبدون تفكير عميق: يتم تسويق تحسين كفاءة الطاقة والحد من التكاليف، وخلق الوظائف، وحماية الكوكب. هذا يعني الفوز، الفوز، الفوز – وكثيرا ما تساعد وسائل الإعلام على إغلاق الصفقة، مع التركيز بشكل كامل على كل الإيجابيات المفترضة. ولكن هناك جانب آخر – الجانب السلبي – لهذه الصفقة.

بعد أن أنفقت المملكة المتحدة 240 مليون جنيه استرلينيي (ما يعادل 316 مليون دولار)، أقدت على إنهاء التمويل الحكومي لبرنامجها الطاقي في العام الماضي، بعد صدور تقرير لاذع من مكتب التدقيق الوطني أظهر أن البرنامج لا يجلب الناس للاشتراك، ولا يوفر الطاقة الفعالة من حيث التكلفة. هذه السياسة “لم تقنع الأسر أن هناك توفيرا للطاقة حتى تدفع الثمن،” وفقا لمدققي الحسابات، و”فشلت هذه السياسة في تقديم أي فائدة حقيقية.”

وبدت السياسة الطاقية في كاليفورنيا التي رٌوج لها كثيرا أقل إثارة للإعجاب عندما  ألقى اقتصادي البيئة أريك ليفنسون نظرة فاحصة – وهو اقتصادي كبير سابق للقضايا البيئية في مجلس المستشارين الاقتصاديين في عهد الرئيس باراك أوباما. وعندما تم إطلاق معايير الكفاءة المتوقعة أفادت لجنة الطاقة في كاليفورنيا أن المنازل التي بنيت طبقا لهذه المقاييس سوف توفر 80٪ من الطاقة – وهو إنجاز هائل.

ولكن لم يحدث ذلك قط. وأوصى ليفنسون أنه ليس هناك أي دليل بأن المنازل التي شيدت منذ أن فرضت كاليفورنيا مقاييس الطاقة على مبانيها تستخدم كميات من الكهرباء اليوم أقل من المنازل التي بنيت قبل أن تخرج هذه المعايير إلى حيز التنفيذ.

أحد الأسباب لذلك هو تأثير “الانتعاش”. فتحسين كفاءة الطاقة فعلا يؤدي إلى استهلاك المزيد من الطاقة. اليوم  لدينا السيارات والطائرات والمباني والأجهزة، وأصبح كل شيء أكثر كفاءة، ونحن نواصل البحث عن طرق جديدة ومبتكرة لاستهلاك الطاقة. أنظر إلى التكنولوجيا من حولك في الوقت الراهن. في العالم المتقدم، نحن محاطون بجميع أنواع التكنولوجيا – لاب توب، الخلاطات لصنع العصير، روبوتات التنظيف – ولم تتوفر هذه الأجهزة لوالدينا ولم يخطر ببالهم قط أنهم سيحتاجون إليها.

ويشير المدافعون عن هذه السياسات إلى أن هناك “فجوة كفاءة الطاقة”، إذ أهملت الحكومات والشركات الاستثمارات الضائعة التي يمكن أن تقلل بشكل كبير من استهلاك الطاقة بتكلفة منخفضة. في الواقع، هناك القليل من الأدلة من أن الناس يتصرفون بشكل غير عقلاني، أو أن هناك أي فجوة كبيرة.

ويمكن أن تكون التحسينات الحقيقية في كفاءة استخدام الطاقة مكلفة للغاية. وفي تقييم لمركز الإجماع بكوبنهاغن، وهو مركز أبحاث أتولى إدارته، فحص الباحثون تكلفة هدف الأمم المتحدة إلى “مضاعفة المعدل العالمي لتحسين كفاءة الطاقة” بحلول عام 2030. وهذا أحد الأهداف الجديدة 169 التي من شأنها توجيه  أموال التنمية التي سوف تنفق على مدى السنوات ال 15 المقبلة.

وتبلغ الاستثمارات الحالية في كمية إمدادات الطاقة إلى أكثر من 1.6 تريليون دولار سنويا، مع إنفاق 130 بليون دولار في كفاءة الطاقة وتخصيص 250 بليون دولار لمصادر الطاقة المتجددة. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع المجموع إلى 2 تريليون دولار  في عام 2035، مع تزايد الإنفاق على استخدام كفاءة الطاقة إلى 550 بليون دولار. ومع ذلك، وجد الباحثون أن تحقيق هدف مضاعفة معدل التحسن في كفاءة استخدام الطاقة سيكلف 3.2 تريليون دوارا.

وبطبيعة الحال، القيام بذلك من شأنه أن يحقق فوائد: 3 تريليون دولار تم توفيرها عن طريق تجنب الحاجة إلى الاستثمار في البنية التحتية الأخرى، و تبلغ الفوائد للصناعة والمستهلكين نحو  500 بليون دولار، و تبلغ قيمة انخفاضات في انبعاثات CO2غاز الكاربون ما بين 25 بليون دولار و250 بليون دولار سنويا بحلول عام 2030. في المجموع، ستبلغ الفوائد 2-4-3 أضعاف

التكلفة.   وهذا يبدو رائعا إلى حد ما – في انتظار مقارنة هذه النتيجة مع مقاربة أخرى للطاقة.

دعونا نعترف، أولا وقبل كل شيء، أننا ما زلنا بعيدين عن إنهاء اعتمادنا على الوقود الأحفوري. لذلك، إذا كنا جادين في معالجة تغير المناخ، نحن بحاجة إلى تطوير التكنولوجيا الخضراء لدرجة أنها أرخص من النفط والغاز والفحم.

كما هو الحال مع الإدعاءات حول “فجوة” كفاءة الطاقة يقال إن الطاقة الخضراء هي بالفعل أرخص، وأن كل ما ينقصنا هو الإرادة السياسية. ولكن هذا ببساطة ليس صحيحا، إذ تبلغ تكاليف الطاقة الخضراء 168 بليون دولار من الدعم كل عام، وبحلول عام 2040، سوف ندفع أكثر – 206  بليون دولار سنويا. ورغم هذه الإعانات الضخمة، فقط 2.4٪ من طاقتنا ستأتي من مصادر خضراء في عام 2040، وفقا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.

ولجعل الطاقة المتجددة قادرة على المنافسة وعلى الابتكار ينبغي خفض الأسعار. نحن بحاجة إلى زيادة كبيرة في تمويل البحث والتطوير لجعل  الطاقة الرياحية والشمسية، وطاقة الكتلة الحيوية أرخص وأكثر فعالية.

وتشير أبحاثنا إلى أنه إذا كنا على استعداد لتكريس فقط 0.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى R & D الطاقة الخضراء، فإن ذلك يمكن مضاعفة فرص تحقيق انفراجة. والهدف الذكي للأمم المتحدة، سوف يضاعف “البحوث والتنمية  (RD & D) و تكنولوجيات الطاقة.” ومن شأن ذلك أن يرفع فوائد قيمتها 11 أضعاف المبلغ الذي تم إنفاقه.

 ومن شأن هذا النهج أن يكون أكثر فعالية من الدعم غير الفعال، أو التركيز على تحسين الكفاءة الإضافية. ومن شأن الخطة التي تقودها التكنولوجيا الاعتماد ليس فقط على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ولكن أيضا على مجموعة متنوعة وواسعة من تقنيات الطاقة البديلة الأخرى.

وهذا لا يعني أننا نتجاهل الفرص لجعل الطاقة أكثر كفاءة، أو أننا  سوف نستثمر فقط في البحث والتطوير على حساب تحسينات الشبكة اليوم. ولكن ينبغي أن نشكك كثيرا بشأن السياسات التي تدعي أن لديها سوى الآثار الإيجابية على الناس والكوكب.

======================

يورن لومبورغ أستاذ زائر في كلية كوبنهاغن لإدارة الأعمال . ومدير مركز إجماع كوبنهاجن، والذي يسعى إلى دراسة المشاكل والحلول البيئية باستخدام أفضل الأساليب التحليلية المتاحة. وهو مؤلف كتاب حماة البيئة المتشككون” وكتاب” اهدئوا  ” .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!