القاهرة : أ.د احمد زكى ابو كنيز/ مركز البحوث الزراعية
وسط الزخم الاعلامى الكبير الذى يرافق الانتخابات الرئاسية المصرية ونتيجة للتركيز على الصراعات الايديلوجية بين الاحزاب والفصائل و التيارات السياسيه المختلفه و المتنافسه كان التركيز غالبا مايتم على قضايا محددة و خاصة فى برامج و رؤى المرشحين الاسلاميين مثل قضايا فوائد البنوك و المرأة و الاقباط و تطبيق الشريعة الاسلامية . ولكن لم يكن هناك ألتفات حقيقى او بحث و مناقشة جديه لقضايا البيئة فى برامج المرشحين الرئاسيين المصريين. بالرغم من المشاكل البيئية الكبرى التى تعانيها مصر , ومخاطر التغير المناخى المدمرة والمتوقعة على مصر مثل غرق جزء كبير من الدلتا و التأثر المتوقع لايراد النيل من المياه و ما قد ينتاب المحاصيل فى مصر جراء التغير المناخى.
ولاننا على اعتاب جولة الاعادة فلم يتبق معنا الا مرشحين اثنين فقط يخوضان جولة الاعادة و هما الدكتور محمد مرسى مرشح حزب الحرية و العدالة الزراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين و الفريق احمد شفيق المرشح المدعوم من اعضاء الحزب الوطنى المنحل و رجال الاعمال المرتبطين به واركان النظام السابق سواء خارج السجن او داخله.
و باطلالة سريعة على البرنامج الرئاسى للدكتور محمد مرسى نجد ان البيئة تحتل مكانة جيده فى البرنامج و تشغل اهتمام كبير فمن الواضح ان الدكتور مرسى و الفريق الذى يعمل معه يدركون تماما اهمية البيئة و مفرداتها و مشكلاتها الحالية و المستقبلية فى مصر.
فنجده عند حديثه عن الدولة العصرية يرى البرنامج ان من اهم سمات الدولة العصرية ان تكون هناك حزمة متكاملة من القوانين و التشريعات الخاصة بحماية البيئة و الحفاظ على الموارد الطبيعية بل و الحقوق البيئية للمصريين وهذه الحزمة من القوانين تكون مدمجة بشكل عرضى فى كافة القطاعات مثل قطاع الزراعة و الصناعة و الانتاج و العمران و كافة مشاريع البنية التحتية و هو امر مطلوب و مستحسن فلابد من مراعاة البعد البيئى و البعد المواردى (الموارد الطبيعية) فى كافة الانشطة حتى لا يكون تنفيذ اى انشطة خصما من البيئة و الموارد الطبيعية. كما ان البرنامج يهتم بضرورة اعادة التوازن بين النمط الاستهلاكى للانسان و قدرة البيئة الطبيعة على استعادة حيويتها و هو امر فى غاية الاهمية نشكر عليه واضعوا البرنامج و الذين لم ينسوا ان ملفهم هذا ( الدولة العصرية) يشتمل على حزمة برامجية اصلاحية تبدأ من تقييم الاثر البيئى لاى نشاط يتم مرورا بادماج التربية البيئية فى مناهج التعليم انتهاءا بالتوعية البيئية المستمرة و المستدامة لكافة الشعب المصرى.
ويفرد البرنامج الرئاسى للدكتور محمد مرسى بابا منفصلا للمنظومة البيئية فنجد رؤيته للبيئة بشقيها الطبيعى و العمرانى دورا هاما فى تنمية الامم و يرى د مرسى فى برنامجه ان ان هناك اسس ثلاثة للتنمية المستدامة تعمل معا و هى التنمية البيئية و التنمية الاقتصادية و التنمية الاجتماعية. وهنا يوضح انه يؤمن تماما باهمية تطبيق التنمية المستدامة كأحد العناصر الهامة فى جهوده لاعادة بناء الاقتصاد المصرى, و هذا يظهر بجلاء ان البرنامج لديه رؤية و ارادة للاستخدام الواعى و المتعقل و الرشيد للموارد الطبيعية سواء المتجدد منها او غير المتجدد بما يعنى انهم سوف يعملون على الحفاظ على حق الاجيال القادمة فى هذه الموارد الطبيعية. و بالاضافة الى ما سبق فالبرنامج يرى ان البيئة عامل محرك وهام للتنمية و جزء تكاملى للاقتصاد الذى يسعى لبناءه و هنا نعلق بالقول انه طالما لديه هذه الرؤية فانه حينما ينفذ مشروعات و انشطة تخدم الاقتصادالقومى فانها ستكون بمنأى عن اى آثار جانيبية على البيئة و هذا هو النمط الذى كنا نسعى للوصول اليه خلال العقود الماضية و سيكون له مردود طيب على ما نطلق عليه البيئة المستدامة.
كما ان د مرسى و فريقه يدركون ان مصر تخسر ما يقارب 5% من دخلها القوى بسبب تلوث البيئة و آثاره السلبية على الانتاج الزراعى و السياحة وصحة الانسان و الامراض التى تصيبه و كلفة علاجها و خروج عمالة من سوق العمل نتيجة الاصابة بالامراض الناجمة عن التلوث البيئى.
هذا و قد وضع البرنامج استراتيجيته البيئية التى تشتمل على
الحفاظ على الموارد الطبيعية و الحفاظ على البيئة الطبيعية و تنمية البيئة العمرانية و اخيرا منع التلوث و تحت كل و احد من البنود الاربعة السابقة وضع نقاطا رائعة و تضح الفهم الجيد للموضوع و اظهر امكانية التنفيذ بسهولة و يسر و اقل التكاليف و مشاركة كافة القطاعات و الافراد فى هذا بما يضمن ان يقوم كل بدوره خير قيام و اخيرا تحويل بعض مصادر التلوث الى مواد هامة ذات قيمة اقتصادية كبيرة تفيد المجتمع المصرى.
و لم يغفل البرنامج سيد الواحة المصرية و الزراع التنموى لها و صاحب المساهمة الكبيرة فى الحضارة و الثروة المصرية و اقصد هنا نهر النيل اعظم مفردات البيئة و الموارد الطبيعية المصرية فالبرنامج ينظر اليه باجلال و يتعامل معه بافضل الطرق و احدث الوسائل و اتخاذ اقصى درجات الرعاية و الحماية سواء التشريعية او القيمية للحفاظ عليه وحمايته من التلوث و الاهدار و العمل على الاستخدام الواعى الرشيد لمكوناته من مياه و احياء مائية و ما يجلبه من طمى.
بالاضافة الى مناداته بضرورة التعاون مع دول الحوض لديمومة توارد مياهه و زيادتها و التعاون مع دول حوض النيل الاخرى فى تنمية موارد النيل و استفادة كافة دول الحوض منها.
كما ان البرنامج يرى ضرورة تطوير البنية التشريعة الخاصة بالبيئة و الموارد الطبيعية بما يتماشى مع تطورات العصر و ان تكون هذه القوانين و التشريعات مفعلة و معتبرة و محترمة و منفذة على الكبير قبل الصغير و على المؤسسات قبل الافراد.
تلك قرائتى لما جاء عن البيئة فى البرنامج الرئاسى لمرشح حزب الحرية و العدالة الدكتور محمد مرسى و لى هنا كلمة وهى ان هذا التناول هو تناول ممتاز و عصرى و سهل التطبيق وسيكون مفيدا للبيئة المصرية التى عانت كثيرا من الانتهاكات فى العصر البائد كما ان البرنامج ممكن القياس حتى نستطيع المحاسبة على تطبيق كل ماجاء فيه من عدمه.
اما المرشح الرئاسى الاخر فان برنامجه يخلوا من رؤية و اضحة للبيئة و ما جاء فيه عنها لا يعدوا عبارات فضفاضة لا تعد بشىء و لا توضح شىء كما لو كان لم يذكر عن البيئة شيئا فى برنامجه. واحقاقا للحق فقد وجدت ضمن برنامجه و فى اطار تطوير مؤسسة الرئاسة ذكر انه سوف يعين مفوضا للنيل وظيفته تناول قضية النيل من ناحية العلاقة مع دول الحوض و حماية نهر النيل من الاهدار و التلوث لكن كيفية اتمام ذلك غير واضح.
ذلك هو مجمل ما اصابته البيئىة من مكاسب فى برامج المرشحان للرئاسة وهنا ادعو الناشطين البيئين اختيار من سيكون فى جانب البيئة و حمايتها و تنميتها. و فقنا الله الى اختيار الاصلح لمصر.