الجهوية المتقدمة في قلب العمل المناخي: رؤية لتعزيز الشفافية والتنمية

محمد التفراوتيمنذ 4 ساعاتآخر تحديث :
الجهوية المتقدمة في قلب العمل المناخي: رؤية لتعزيز الشفافية والتنمية

 ورشة العمل لعرض النتائج الرئيسية للتقرير المشترك لـ “البلاغ الوطني الخامس” و”تقرير الشفافية الأول لفترة السنتين” (CN5-RBT1)

آفاق بيئية: محمد التفراوتي

شهدت مدينة أكادير يومي 13 و14 نوفمبر 2025 انعقاد ورشة عمل وطنية خصصت لعرض النتائج الرئيسية للتقرير المشترك لـ البلاغ الوطني الخامس وتقرير الشفافية الأول لفترة السنتين (CN5-RBT1)،تحت إشراف وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، قطاع التنمية المستدامة، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (PNUD)، وبتمويل من صندوق البيئة العالمي (FEM).

ويندرج هذا اللقاء في إطار التزامات المغرب تجاه اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. وقد شكلت هذه الورشة محطة هامة لتقديم مستجدات جرد الانبعاثات الوطنية لغازات الدفيئة، واستعراض السياسات والإجراءات المعتمدة في مجالي التخفيف والتكيف، إضافة إلى مناقشة الدعم المالي والتقني الموجه لتعزيز القدرات الوطنية في مجال الشفافية المناخية. كما أتاحت الورشة فضاء للحوار بين مختلف الفاعلين والمؤسسات الوطنية والدولية حول سبل تطوير التقارير المستقبلية وتدعيم التزامات المغرب المناخية.

وقال محمد وساس، عن المديرية الجهوية للبيئة بأكادير، في كلمته الافتتاحية، إن المغرب يواصل نهجه الاستباقي في مواجهة تحديات التغير المناخي من خلال مقاربة شمولية تجمع بين التكيف، والتخفيف، والشفافية. وأضاف أن المملكة، التي حققت تقدما اقتصاديا وديموغرافيا ملحوظا خلال العقدين الأخيرين، جسدت التزامها عبر استراتيجيات متكاملة مثل المساهمة المحددة وطنيا (CDN)، والخطة الوطنية للتكيف، وخطة المناخ 2030، فضلا عن خطط المناخ الجهوية، ومنها خطة جهة سوس ماسة.
وأوضح أن تقديم التقرير المدمج بين البلاغ الوطني وأول تقرير دوري للشفافية يمثل محطة أساسية في تقييم الجهود الوطنية المبذولة وتعزيز الثقة الدولية في مسار المغرب المناخي، مشددا على أن إشراك الفاعلين الترابيين والمؤسسات المحلية يشكل ركيزة رئيسية لترسيخ الشفافية المناخية وتحقيق الأهداف الميدانية.

وأكد أن الملتقى يشكل فضاء للحوار وتبادل الخبرات بين مختلف المتدخلين الوطنيين والدوليين حول آليات قياس الانبعاثات، وتتبع التنفيذ، والتكيف مع التغيرات المناخية، داعيا إلى تحويل نتائج التقرير إلى أدوات عملية تسهم في تعزيز التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر.
من جهتها، استعرضت السيدة أندلس بن إدريس، منسقة المشروع ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أهداف الورشة وسياقها العام، مشيرة إلى أن المشروع يهدف إلى تعزيز الإطار الوطني للشفافية المناخية، وإرساء منظومة وطنية لقياس، الإبلاغ، والتحقق (MRV)، بما يضمن تجميع المعطيات البيئية وفق معايير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (GIEC/IPCC)، والالتزام بالتوجيهات الدولية المنصوص عليها في القرار 18/CMA.1 والقرار 5/CMA.3.
وقدم الخبير أمل المرنيسي، خلال الجلسة العلمية الأولى، عرضا مفصلا حول الجرد الوطني لانبعاثات الغازات الدفيئة، تناول فيه المفاهيم والمنهجيات المعتمدة ونتائج الجرد الوطني، موضحا أن الجرد يعتبر أداة استراتيجية للشفافية والتتبع وبناء الثقة بين الدول في تنفيذ اتفاق باريس للمناخ.
وأشار إلى أن المغرب اعتمد برمجية الجرد الرسمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ (IPCC Inventory Software – version 2.93)، التي تتيح حساب الانبعاثات حسب القطاعات (الطاقة، الصناعة، الزراعة، الغابات، النفايات…) وفق منهجيات موحدة ومتدرجة الدقة (Tier 1, 2, 3)، مؤكدا أن النظام الوطني للجرد (SNI-GES) الذي أحدث سنة 2019، يمثل نقلة نوعية في حوكمة البيانات المناخية وتعزيز الانسجام بين الفاعلين القطاعيين.


وأوضح المرنيسي أن التقرير المدمج يقدم لأول مرة ضمن إطار الشفافية المعزز (Cadre de Transparence Renforcé – CTR)، الذي أرساه اتفاق باريس، حيث يعد التزام إداري و أداة لتقييم الأداء المناخي وتحديث المساهمات المحددة وطنيا، مضيفا أن الهدف هو جعل من البيانات المناخية قاعدة لتخطيط السياسات العمومية وتقييم التقدم المحرز في خفض الانبعاثات.
وفي اليوم الثاني، تناول الخبير هشام الزين تحليل الهشاشة والتكيف مع التغير المناخي، مبرزا أهمية التقييم الترابي للمخاطر المناخية وتحديد الأولويات القطاعية للتأقلم. فيما ركز الخبيران ادريس زكريا وعبد اللطيف التوزاني على تقدم تنفيذ المساهمة المحددة وطنياً (CDN) واستعراض مؤشرات التتبع والنتائج المحققة في مختلف القطاعات، مؤكدين أن التتبع المنتظم للمعطيات وتعزيز الشفافية هو المدخل لتقييم فعالية السياسات المناخية الوطنية.
واختتمت أشغال الورشة بتوصيات تدعو إلى تعزيز قدرات الفاعلين الوطنيين والجهويين في مجال إعداد التقارير المناخية، وتحسين جودة البيانات القطاعية، وتوسيع قاعدة الشراكات مع مراكز البحث والجامعات، بما يرسخ ريادة المغرب في الوفاء بالتزاماته الدولية في مجال الشفافية المناخية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!