دراسة علمية حول التمور في سياق
الاستدامة الزراعية وتقليل الهدر.
آفاق بيئية: محمد التفراوتي
تحسين استخلاص الفينولات الكلية من ثلاثة أصناف من نخيل التمر المغربي باستخدام تصميم الخليط والأسطح المثلثية.
تتمتع التمور المغربية بقيمة غذائية عالية نظرا لاحتوائها على المركبات الفينولية، المعروفة بخصائصها المضادة للأكسدة. انجزت دراسة حول تحسين استخلاص المركبات الفينولية من ثلاثة أصناف مغربية من التمور عبر اختبار مزيج من المذيبات باستخدام نهج رياضي وتصميمات تجريبية متقدمة.
أنجزت هذه الدراسة القيمة حول “تحسين استخلاص الفينولات الكلية من ثلاثة أصناف من نخيل التمر المغربي باستخدام تصميم الخليط والأسطح المثلثية” من قبل فريق بحث متألف من الدكاترة عبد الفتاح كوبي و دنيا أمغار ، وعبد اللطيف بوتكايوت، ، و لحسن الغدراوي، و رجاء كموح ، وحورية نخلة ، وهشام الإدريسي يمثلون كل من مختبر التكنولوجيا الحيوية وحفظ وتثمين الموارد الطبيعية، بكلية العلوم ظهر المهراز، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، بمدينة فاس، و مختبر علم البيئة الوظيفية والهندسة البيئية، بكلية العلوم والتكنولوجيا، بنفس الحامعة وكذا وحدة البيئة وتثمين الموارد الميكروبية والنباتية، بكلية العلوم، جامعة مولاي إسماعيل بمدينة مكناس ثم المعهد العالي لمهن التمريض وتقنيات الصحة (ISPITS)، بالرشيدية.
ويروم البحث إلى تحسين عملية استخلاص المركبات الفينولية الكلية (TPC) من ثلاثة أصناف من التمور المغربية (المجهول، البوستحمي، والبوفكوس) باستخدام مزيج من المذيبات المختلفة (الماء، الميثانول، الإيثانول) من خلال تصميم تجريبي متقدم (تصميم الخليط) وتحليل الرغبة المثلى (desirability analysis).

X1 = الإيثانول، X2 = الماء، X3 = الميثانول.
ويمكن أن يسهم تحسين تقنيات الاستخلاص في تعزيز القيمة المضافة للتمور المغربية وتحسين استخدامها في الصناعات الغذائية والصحية. و قد يساهم تحقيق أقصى استفادة من المنتجات الثانوية للتمور في الاستدامة الزراعية وتقليل الهدر. و يبرز البحث إمكانية تطوير مستخلصات طبيعية غنية بمضادات الأكسدة، ما يعزز الاقتصاد المحلي ويزيد من التنافسية في الأسواق العالمية.
وتتجلى أهمية الدراسة كذلك في كون التمور المغربية تبرز كمنتج زراعي مهم، ازدادت المساحات المزروعة بالنخيل والإنتاج الوطني للتمور بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة. و يحتوي التمر على مستويات عالية من المركبات النشطة بيولوجيا، مثل الفينولات و الفلافونويدات، التي تتمتع بخصائص مضادة للأكسدة والالتهابات، مما يساهم في تعزيز الصحة. و تختلف تركيبة المركبات “الفينولية” وفقًا لنوع الصنف، مرحلة النضج، والظروف البيئية والزراعية.
تتناول الدراسة استخلاص المركبات الفينولية من ثلاثة أصناف مغربية من التمور، باستخدام مزيج من المذيبات، وتحليل كفاءتها باستخدام نهج رياضي وتصاميم تجريبية. تم اعتماد تصميم Simplex Centroid لدراسة تأثير مختلف نسب المذيبات على استخلاص المركبات الفينولية، مع تقييم النشاط المضاد للأكسدة للمستخلصات.
واستخدمت الدراسة منهجية “فولين-سيوكالتي” (Folin-Ciocalteu method) لتحديد نسبة الفينولات في التمور. تم اختبار خليط من الماء والميثانول والإيثانول لاستخلاص المركبات الفينولية. و استخدم الباحثون تصميم الخليط المتعدد (Simplex-centroid design) لاختبار أفضل تركيبة من المذيبات لكل صنف من التمور

A: صنف المجهول؛ B: صنف بوفكوس؛ C: صنف بوستحمي.
النتائج الرئيسية
وخلص البحث الى نتائج تبين أن صنفت تمر المجهول يحوي أعلى نسبة للفينولات (133.97 ملغ GAE/100 غ جاف) تم تحقيقها باستخدام 1/6 ماء، 1/6 ميثانول، 2/3 إيثانول. وأظهر تحليل الرغبة المثلى أن تفاعل 20% ماء و80% إيثانول أدى إلى أفضل استخلاص. في حين نجد أن صنف البوستحمي (Bousthammi)، به أعلى نسبة للفينولات (192.83 ملغ GAE/100 غ جاف) تحققت بمزيج 2/3 ماء، 1/6 ميثانول، 1/6 إيثانول. وكشف التحليل أن التركيبة المثلى هي 75 في المائة ماء، 12.5 في المائة ميثانول، 12.5 في المائة إيثانول. أما صنف البوفكوس (Boufeggous)، فباستخدام الإيثانول النقي 100 المائة أعطى أعلى نسبة للفينولات (301.33 ملغ GAE/100 غ جاف)، حيث أظهر تحليل الرغبة المثلى أن أفضل خليط كان 50 في المائة ماء، 25 في المائة ميثانول، 25 في المائة إيثانول.
وعليه أظهرت الدراسة فعالية المذيبات اي أن المزيج الأمثل من المذيبات يساهم في تحسين كفاءة الاستخلاص، حيث كان للمزيج تأثير كبير على كمية الفينولات المستخلصة مقارنة باستخدام مذيب واحد فقط.
واعتمد التحليل الإحصائي إذ تم استخدام النماذج الرياضية لتحديد التراكيب المثلى للمذيبات، مما وفر فهماً أعمق للعوامل المؤثرة في كفاءة الاستخلاص.
أظهر النموذج الرياضي إمكانية التنبؤ بمحتوى المركبات الفينولية بدقة.
وكشفت المستخلصات الغنية بالفينولات، النشاط المضاد للأكسدة، قدرة عالية على تثبيط الجذور الحرة، مما يعزز من القيمة الغذائية والوظيفية للتمور المدروسة. و تؤكد النتائج إمكانية استخدام هذه المنهجية لتحسين استخلاص المركبات النشطة بيولوجيا من المنتجات الزراعية الأخرى، مع إمكانية توظيفها في الصناعات الغذائية والصيدلانية.
الاستنتاجات والتوصيات
أثبتت الدراسة أن نوع المذيب وتركيبه يؤثر بشكل كبير على استخلاص المركبات الفينولية، حيث أن لكل صنف من التمور خليطه المثالي لتحقيق أعلى استخلاص. كما أن الإيثانول كان الأكثر كفاءة في استخلاص الفينولات، خاصة لصنف البوفكوس. وبذلك يمكن تطبيق هذه المنهجية لتحسين استخلاص المركبات الحيوية من التمور لأغراض صناعية (الأغذية، الأدوية، مستحضرات التجميل).
ونظرا لغناه بالمركبات النشطة، يمكن استخدام تمر المجهول في إنتاج المكملات الغذائية والمستحضرات الطبية المضادة للأكسدة.يمكن الاستفادة من خصائصه في الصناعات الغذائية، مثل إنتاج مستخلصات طبيعية مضادة للأكسدة تُستخدم في حفظ الأغذية أو في صناعة المنتجات الغذائية الصحية.
وبالتالي يفتح البحث آفاقا لمزيد من الدراسات حول تأثير العوامل البيئية والزراعية على تركيبة المركبات الفينولية في التمور. و يدعم البحث إمكانية تطوير طرق استخلاص متقدمة تستهدف تحسين كفاءة استخراج المركبات الفينولية من تمر المجهول، مما يفتح آفاقا جديدة في مجالات البحث والتطوير.
وتؤكد الدراسة أن تمر المجهول يعتبر أحد أهم الأصناف الغنية بالمركبات الفينولية، وأن اختيار المذيبات المناسبة يساهم بشكل كبير في تحسين كفاءة استخلاصها وتعزيز نشاطها البيولوجي.
أهمية البحث في السياق البيئي والاقتصادي
ويمكن أن يسهم تحسين تقنيات الاستخلاص في تعزيز القيمة المضافة للتمور المغربية وتحسين استخدامها في الصناعات الغذائية والصحية. و قد يساهم تحقيق أقصى استفادة من المنتجات الثانوية للتمور في الاستدامة الزراعية وتقليل الهدر. و يبرز البحث إمكانية تطوير مستخلصات طبيعية غنية بمضادات الأكسدة، ما يعزز الاقتصاد المحلي ويزيد من التنافسية في الأسواق العالمية.
اقتراحات حول البحث
تفتج دراسة المجال لتأثير طرق التجفيف والتخزين على محتوى الفينولات. و مقارنة الاستخلاص بالمذيبات التقليدية مع تقنيات حديثة مثل الاستخلاص بالموجات فوق الصوتية أو السوائل أو استخراج السوائل فوق الحرجة (SFE) وهي تقنية متطورة تستغل الخصائص الفريدة للسوائل فوق الحرجة كعامل استخلاص. و اختبار النشاط البيولوجي للمستخلصات ضد أمراض معينة لمعرفة الفوائد الصحية المباشرة.