جسر رقمي للوصول للدعم الاجتماعي

محمد التفراوتي21 يونيو 2021آخر تحديث :
جسر رقمي للوصول للدعم الاجتماعي

آفاق بيئية : لورا ألفرس

جوهانسبرغ – على الرغم من الآثار المدمرة لأزمة كوفيد-19، إلا أن لها جانبًا إيجابيًا: إذ سلطت الضوء على ثغرات سياسية مهمة- بما في ذلك افتقار ملياري عامل غير رسمي في العالم إلى الحماية الاجتماعية. وسيتطلب التصدي لهذا الفشل أكثر من البرامج الاجتماعية، بل سيستلزم أيضا سد الحكومات للفجوة الرقمية.

خلال الوباء، اعتُمِدت البرامج الاجتماعية التي تدعم “الوسط المفقود”- العمال غير الرسميين المستبعدين من الضمان الاجتماعي المرتبط بالتوظيف الذين غالبًا ما يكونون غير مؤهلين للاستفادة من البرامج الاجتماعية التي تستهدف الفقراء- على التقنيات الرقمية إلى حد كبير. وتمت عمليات التسجيل على الهواتف الذكية. وتحققت الحكومات من المستفيدين باستخدام أنظمة تحديد الهوية الرقمية. وأرسلت المدفوعات إلى المحافظ الإلكترونية.

وأدى هذا الاستخدام المرحب به للتكنولوجيا الرقمية إلى تبسيط الإجراءات، ومكّن العمال من تجنب التواصل مع الموظفين وجهًا لوجه عند التقدم للحصول على المزايا أو الذهاب لجنيها. ولكن هذا النهج ينطوي أيضًا على خطر واضح وهو إقصاء الأشخاص المتخلفين عن ركب التقدم الرقمي.

إن تجربة جامعي النفايات غير الرسميين هنا في جوهانسبرغ مفيدة. فعندما أعلنت حكومة جنوب إفريقيا عن المنحة النقدية للإغاثة الاجتماعية من المحنة المخصصة للبالغين المستبعدين من الاستفادة من أشكال الدعم الحكومي الأخرى أثناء الوباء، تعين تقديم الطلبات عن طريق موقع إلكتروني، أو بريد إلكتروني، أو تطبيق واتساب، أو رمز بيانات تكميلية غير منظم.

وكانت هذه الطريقة تبشر بالفعالية، ولكنها أبقت التطبيق بعيدًا عن متناول العديد من جامعي النفايات. ويقول ستيفن ليو، العضو النشط في منظمة جامعي النفايات في أفريقيا أن “90٪ من الأشخاص الذين يعمل معهم لايملكون هاتفا محمولا. أما بالنسبة لمن يتوفرون عليه، فعادةً ما يمتلكون جهازا قديمًا لا يعمل بصورة صحيحة، أو ينقصهم المال لشراء البيانات، أو يعيشون في مكان لا يمَكنهم الاستفادة فيه مجانا من خدمة الاتصال اللاسلكي العالي الدقة”.

ولحسن الحظ، تدخلت منظمة جامعي النفايات في أفريقيا لمساعدة أعضائها على التقديم. وهذا لا يعني فقط ملء الطلبات وتقديمها، ولكن أيضًا القيام بخطوات إدارية إضافية في حالة رفض الطلب الأولي. ويضيف ليو قائلا، “كانت الأمور ستكون أسهل لو أرسلت [وكالة الضمان الاجتماعي في جنوب إفريقيا] مسؤولين إلى أماكن عملنا لمساعدة الناس على التسجيل للحصول على المنحة”

وهناك قصص مماثلة حول العالم. ففي مدينة مكسيكو سيتي، كانت المنحة النقدية المخصصة للعمال الذين لا يتقاضون رواتب، متاحة في البداية فقط من خلال تطبيق عبر الإنترنت. إذ قال أحد العمال: “ذهبت ثلاث مرات إلى مقهى الإنترنت لمسح المستندات ضوئيًا، وإرسال رسائل البريد الإلكتروني”. وأضاف قائلا:”كيف يمكن لأولئك الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، والذين لا يستطيعون دفع ثمن مقهى الإنترنت أن يفعلوا ذلك؟” وبعد احتجاجات المنظمات العمالية، أضافت الحكومة خيار التقدم يدويا.

وكذلك، في دلهي، لقي العمال غير الرسميين صعوبات كبيرة في تعاملهم مع التطبيقات الرقمية لبرنامج (أتمانيربهار نيدهي) الذي يدخل في إطار مبادرة برادهان مانتري للبائعين المتجولين- وهو برنامج قروض حكومي مصمم لدعم الباعة المتجولين. ولم يكن التطبيق متاحًا إلا عبر الإنترنت، وليس هذا فقط، بل لم يكن مكتوبًا باللغة الهندية العامية، وتعطل الموقع مرارا وتكرارا.

وفضلا عن ذلك، كان يُطلب من المتقدمين في البداية الحصول على بطاقة أدهار (شكل من أشكال التعريف الرقمي المرتبط بالبيانات البيومترية والديموغرافية) المرتبطة برقم هاتف محمول، مما أدى إلى مجموعة من المشكلات الأخرى. وتقول شاليني سينها، منسقة دلهي للمرأة في العمل غير الرسمي: العولمة والتنظيم: “ليس لدى كل العمال بطاقة (أدهار)، وفي حال كانوا عمالاً مهاجرين، فقد تكون بطاقاتهم في القرى التي هاجروا منها، لذا فقد لا يكون لديهم نفس رقم الهاتف المحمول، ويتعين عليهم القيام بعملية ربط رقم جديد بالبطاقة”.

وهذه ليست حوادث معزولة أو حكايات منتقاة بعناية. فقد خلص تقرير صدر عام 2019 عن المقرِر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان آنذاك، فيليب ألستون، أن رقمنة الرعاية الاجتماعية غالبًا ما تؤدي إلى “تخفيضات كبيرة في ميزانية الرفاهية الإجمالية، وتضييق نطاق الفئات المستفيدة، [و] إلغاء بعض الخدمات “. والواقع أن ألستون حذر من أن أنظمة الرفاهية الرقمية غالبًا ما “تعاقب الطبقات الفقيرة”. فعلى سبيل المثال، تستخدم عملية مطابقة البيانات غير المقيدة لفضح “أدنى المخالفات” في سجلات المستفيدين من الرعاية الاجتماعية ومعاقبة مرتكبيها، مما يؤدي أحيانًا إلى رفض الخدمات الجوهرية.

ولا يمكن استخدام الحلول التكنولوجية لخفض الميزانيات وتحويل المسؤولية من الدولة إلى المنظمات الشعبية التي تخدم الفقراء. ويجب على الحكومات التي تطبق التقنيات الرقمية على برامج الرعاية الاجتماعية أن تضمن أيضًا المساواة في الأنظمة والمؤسسات التي يتم تضمين هذه البرامج فيها.

أولا، بينما تستثمر الحكومات في التحول الرقمي (بما في ذلك عن طريق توجيه مبالغ كبيرة من الأموال إلى القطاع الخاص)، يجب عليها أيضًا دعم عمل منظمات القاعدة الشعبية التي تقدم خدمات الميل الأخير الأساسية لربط الناس باستحقاقاتهم. وفي الوقت الحالي، تكاد لا توجد أي منظمة شعبية في جنوب الكرة الأرضية قادرة على جمع الموارد المالية اللازمة لمواصلة عملها.

وفضلا عن ذلك، يجب على الحكومات إنشاء آليات للتشاور الهادف مع هذه المنظمات، من أجل تصميم البرامج التي تلبي احتياجات الفئات المستهدفة، ورصد التقدم وتقييمه، وإجراء التغييرات اللازمة. وسيحتاج العاملون البيروقراطيون في الصفوف الأمامية، مثل الأخصائيين الاجتماعيين وموظفي التسجيل، إلى المزيد من الدعم، بما في ذلك توسيع صفوفهم في بعض الحالات.

وبالطبع، يجب أن تكون مهمة سد الفجوة الرقمية أولوية عالية أيضًا. وهذا يعني توسيع نطاق الوصول إلى التقنيات الرقمية، بما في ذلك الهواتف المحمولة وإنترنت النطاق العريض، وضمان حصول الناس على المعرفة اللازمة لاستخدامها. وللمنظمات القاعدية دور أساسي لتضطلع به هنا أيضًا. ولكن في غضون ذلك، يجب سد الفجوة الرقمية لتمكين الفئات الأضعف من الوصول إلى الدعم الحكومي الحاسم.

ترجمة: نعيمة أبروش

* تشغل لورا ألفرس منصب مديرة برنامج الحماية الاجتماعية في منظمة المرأة في العمل غير الرسمي: العولمة والتنظيم“.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2021.

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!