يجب ان لا ينسى العالم التغير المناخي

محمد التفراوتي15 مايو 2020آخر تحديث :
يجب ان لا ينسى العالم التغير المناخي

آفاق بيئية : ديرك ميسنر* / نيك نوتال*

لو تعلمنا شيء واحد من جائحة فيروس كورونا المستجد سيكون ذلك الشي هو ان الاقتصادات والمجتمعات المترابطة في عصر العولمة لديها قابلية كبيرة لإن تكون عرضة للصدمات المفاجئة.

لقد شكل تفشي فيروس كورونا المستجد والنطاق المروع لتأثيره حدثا غير متوقع وذو عواقب وخيمة واليوم فإن الشي الضروري هو تسريع الحزم والسياسات التي تساعد في مكافحة هذه الازمة الصحية وحماية الضعفاء وتمهيد الطريق لاستئناف الانشطة الاقتصادية وذلك عندما تتجاوز هذه الجائحة ذروتها . ان هذه اللحظة ستكون لحظة مناسبة كذلك للحكومات والعلماء والعامة للتوقف قليلا وتعلم الدروس المستفادة مما حصل وتقديم خطط لجعل المجتمعات اكثر صلابة ومرونة واكثر قدرة على التعامل مع اوبئة مستقبلية ممكنة.

A demonstrator holds a sign during the XXI Warsaw’s Manifa on March 8, 2020 in Warsaw, Poland. Manifa is an annual demonstration organized by the 8th of March Women Deal, an informal and independent group which demands legal and safe abortion and fights for women’s rights. (Photo by Aleksander Kalka/NurPhoto via Getty Images)

لكننا نخاطر بتجاهل تحدي اكبر بكثير للحضارة وهو على وجه التحديد التغير المناخي حيث من المؤكد ان التغير المناخي ليس حدثا ذو عواقب وخيمة غير متوقع وذلك نظرا لاجراس الانذار العلمية المبكرة والتي ما تزال تقرع – وبصوت يزداد ارتفاعا- منذ سنوات.

وكما هو الحال في اي حالة طارئة فإن الوقت هو جوهر الموضوع فبدون تدخل سريع الان فإن التغير المناخي قد يضر بحياة مليارات من البشر وسبل عيشهم ويضع مجتمعات لا تحصى ولا تعد في خطر كبير ويهدد وجود المدن الساحلية والدول التي هي عبارة عن جزر صغيرة بالاضافة الى الحاق ضرر كبير سيؤثر على الاجيال القادمة . ان الاحتباس الحراري والتغير البيئي بشكل عام هي عوامل تزيد كذلك من عودة ظهور امراض قديمة والانتشار الجغرافي لامراض حالية مثل الملاريا. ان من الممكن ان تظهر تهديدات صحية جديدة كذلك- مثل تفشي فيروس نيباه في ماليزيا في أواخر التسعينات .

لحسن الحظ ، نحن نعلم بالفعل ما الذي نحتاج اليه للتعامل مع التغير المناخي وانشاء عالم افضل واكثر استدامة. لو تصرفنا حسب المعرفة التي لدينا فإن مجتمعاتنا ستصبح منتجة اقتصاديا كما هي عليه اليوم ولكن مع انواع جديدة من الوظائف الصديقة للبيئة والهواء الانظف والمحيطات الافضل حالا والمجتمعات الاقل تلوثا وربما عدالة اجتماعية اكبر.

ان التعامل مع التغير المناخي ( وغيره من التهديدات العالمية والمحلية ) يتطلب نهجا يرفض ضيق الافق التقسيمي مثل ” انا ومصالحي وبلدي اولا ” ويستبدله بنهج قائم على التعاون “نحن” والمصالح المشتركة والقضية المشتركة المتمثلة في البقاء. يجادل العلماء وبشكل اكثر تحديدا ان علينا الحد من الاحتباس الحراري بحيث لا يزيد عن 1،5 درجة مئوية وذلك من اجل تجنب تكرار حدوث انواء مناخية قاسية ومضرة وحماية انظمتنا الطبيعية مثل الرف القاري والغابات الاستوائية مثل الامازون.

ان العالم بفضل اتفاقية باريس للمناخ سنة 2015 لديه خارطة طريق لتحقيق مستقبل منخفض الكربون علما ان كل بلد تقريبا لديه خطة وطنية بموجبها تحتاج الدول الغنية لتوفير الدعم للدول الافقر وان تعزز الحكومات جهودها المتعلقة بالمناخ مع مرور الوقت . ان الهدف الطموح هو تحقيق “صافي صفر ” من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون بحلول سنة 2050 بحيث ينظر العالم لنفسه بفخر ويقول عندئذ ” لقد نجحنا “.

لقد أكد فيروس كورونا المستجد على حقيقة مفادها اننا معا في مواجهة مثل هذه التحديات حيث لا يوجد بلد محصّن من التهديدات العالمية الكبيرة ونفس التضامن بين البلدان والشعوب مطلوب من اجل التعامل مع خطر اكبر وهو التغير المناخي .

ان هناك اسباب تدعونا لنكون متفاءلين فسعة الطاقة النظيفة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية تتضاعف كل 5،5 سنوات ان لم يكن اسرع كما يتم حاليا كهربة النقل .

في الوقت نفسه ، هناك الالاف المدن تحت مظلة التحالفات مثل اي سي ل ي اي – الحكومات المحلية للاستدامة و سي 40 للمدن التي تبنت اهداف طموحة لتخفيض الانبعاثات. لقد وضعت اكثر من 800 شركة عالمية اهداف مماثلة بما يتوافق مع اجماع علوم المناخ كما تم اطلاق تعهدات تتعلق باستثمارات تزيد قيمتا عن 30 تريليون دولار امريكي من اجل دعم اقتصاد منخفض الكربون .

لكننا ما نزال متأخرين فيما يتعلق بمجموعة من القطاعات فعلى سبيل المثال فإن التحالف العالمي للمباني والبناء يقدّر ان طريقة بناء وتشغيل منازلنا واماكن عملنا تشكل حوالي 40% من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون في العالم .

بينما يستطيع العلماء عادة وبشكل سريع تطوير لقاح ضد مرض ما ، الا اننا لن نستطيع علاج مشكلة التغير المناخي لو تعاملنا معها فقط بشكل جزئي . ان السنوات القليلة القادمة ستكون حاسمة وذلك بداية من مؤتمر التغير المناخي 26 والذي من المفترض ان يعقد في المملكة المتحدة في نوفمبر أي بعد خمس سنوات من قمة باريس الشهيرة . ان من الاهمية بمكان وبدعم من مجموعة كبيرة من الهيئات المحلية والشركات والمنظمات غير الحكومية ان تزيد الغالبية الساحقة من الحكومات من طموحها المناخي في هذا التجمع الذي سيعقد هذا العام .

وفي الوقت نفسه وكمواطنين يجب ان نحث حكوماتنا ان تعمل الشي الصحيح وذلك من خلال معالجة الاحتباس الحراري بسرعة وحجم مناسبين وعندما ينتهي الاسوأ من جائحة فيروس كورونا المستجد، يتوجب علينا ان نعمل معا في اماكن عملنا ومجتمعاتنا ومنازلنا من اجل مستقبل اكثر صحة واكثر امنا من الناحية المناخية وبهذه الطريقة سنجعل عام 2020 عاما للذكرى لاسباب جيدة ايضا.

بروجيكت سنديكيت 

*ديرك ميسنر رئيس وكالة البيئة الألمانية.

*نيك نوتال هو المتحدث السابق باسم اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ ومدير شبكة يوم الأرض.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!