الأمن الغذائي العربي على حافة الانهيار… خبير مغربي من الإسكوا يحذر عبر فرنس 24: “الأزمات المتداخلة تقود المنطقة إلى الجوع”

محمد التفراوتيمنذ 6 ساعاتآخر تحديث :

آفاق بيئية: محمد التفراوتي

في حلقة جديدة من برنامج “ضيف الاقتصاد” على قناة فرانس 24 العربية، برز صوت أممي يحذر من التحولات العميقة التي تعصف بالأوضاع الغذائية في المنطقة العربية. فقد كشف الخبير المغربي الدكتور حمو العمراني، مسؤول الشؤون الاقتصادية في وحدة سياسات الغذاء والبيئة بـاللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، خلال حوار مباشر من بيروت، أن العالم العربي لم يعد يعاني فقط من أزمة أمن غذائي، بل يواجه انهيارا شاملا في النظم الغذائية بكل مكوناتها الإنتاجية والاقتصادية والبيئية.

وجاء هذا الحوار بعد إصدار تقرير أممي مشترك شاركت فيه منظمات كبرى مثل الفاو، إيفاد، اليونيسف، برنامج الأغذية العالمي، منظمة الصحة العالمية، والإسكوا، أعلن أن مستويات الجوع في المنطقة بلغت أعلى معدل لها منذ أكثر من عقدين، وسط تزايد النزاعات وتفاقم التغير المناخي وارتفاع كلف الاستيراد.
الدكتور العمراني أكد في بداية الحوار أن الدول الأكثر تأثرا بالجوع هي الدول الغارقة في النزاعات، مثل اليمن والسودان وغزة، بفلسطين، حيث يشكل انعدام الاستقرار العامل الأكثر حدة في تعطيل الزراعة والنقل والتوزيع ورفع كلفة الغذاء إلى مستويات قياسية.
وحول اليمن تحديدا، أوضح الخبير الأممي أن البلاد كانت تعاني أصلا من اختلالات بنيوية في الإنتاج والتسويق والتخزين، قبل أن تزيد الحرب الطين بلة. دمار واسع للبنية التحتية، صعوبات في استيراد الغذاء ومدخلات الإنتاج، وندرة المياه، وتدني إنتاجية الأراضي.

وقال الدكتور العمراني إن “اليمن يعيش واحدة من أسوأ أزمات الجوع في التاريخ الحديث”، مشددا على أن الوضع هناك يعتمد بشكل كبير على المساعدات الإنسانية.
لكن التحول الحقيقي في الحوار جاء عند مناقشة جذور الأزمة. إذ اعتبر العمراني أن الوقت قد حان للانتقال من التركيز على تأمين الغذاء إلى تبني رؤية شاملة حول النظم الغذائية. وقال: “لا يكفي أن نتحدث عن الأمن الغذائي، فالأزمة أصبحت أزمة نظم غذائية تنهار من الإنتاج إلى الاستهلاك، مرورا بالاستيراد، والهدر الغذائي، وتغير المناخ، وضعف الحماية الاجتماعية.”

وأشار الدكتور حمو العمراني إلى أن السياسات الغذائية في الدول العربية ما تزال تعاني من فجوات بنيوية عميقة، تتجلى في ضعف الإنتاجية الزراعية مقارنة بالمعدل العالمي، وارتفاع حجم الفاقد الغذائي خلال مراحل الإنتاج والتخزين والنقل، إضافة إلى الاعتماد المفرط على الواردات، فضلا عن سياسات دعم تركز على الاستهلاك أكثر من تركيزها على الإنتاج، وهشاشة شبكات الحماية الاجتماعية أمام صدمات الأسعار، إلى جانب ضعف إدماج التكنولوجيا والمكننة الزراعية في العمليات الإنتاجية. وأكد أن تجاوز هذه الاختلالات يتطلب إعادة بناء منظومات غذائية أكثر مرونة، تقوم على تطوير الإنتاج المحلي ورفع الإنتاجية، وتحسين البنى التحتية للتخزين والنقل والتسويق، مع إعادة توجيه الدعم ليصل إلى المنتجين والفئات الهشة، وتعزيز كفاءة إدارة سلاسل الإمداد، وبناء قدرة حقيقية على مواجهة الصدمات المناخية والاقتصادية.

وأضاف الدكتور العمراني أن تجاوز هذه الاختلالات لن يتحقق من دون إشراك فعال للقطاع الخاص، باعتباره شريكا مركزيا في الاستثمار الزراعي، وتطوير سلاسل القيمة، وتعزيز الابتكار والتكنولوجيا. وأوضح أن دوره يتجاوز التمويل ليشمل تحسين الجودة، واعتماد ممارسات إنتاج مستدامة، وبناء شراكات مع صغار المنتجين، وتوفير بنى تحتية حديثة للتخزين والتصنيع والتسويق. وشدد على أن خلق بيئة تمكينية للقطاع الخاص،
عبر قوانين واضحة وحوافز محفزة وإستراتيجيات استثمارية طويلة المدى، من شأنه أن يساهم في تقليص الفجوة الغذائية وتعزيز مرونة النظم الغذائية وقدرتها على الصمود.
وختم العمراني بتأكيد أن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن أكثر من سبعين مليون عربي يعانون من الجوع الحاد، بينما يواجه نحو مائة وثمانين مليون شخص انعداما في الأمن الغذائي، وهي أرقام وصفها بأنها “مقلقة وتستدعي تحركا عربيا جماعيا يعيد الاعتبار للنظم الغذائية بوصفها منظومة حياة، لا مجرد معادلة حسابية للعرض والطلب.”

لمتابعة الحوار كاملا إضغط هنا

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!