آفاق بيئية : محمد التفراوتي
نظمت الاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة سوس ماسة، لقاء جهويا اعداديا لمؤتمر مؤتمر الأطراف حول التغيرات المناخية كوب 22 المزمع عقده بمراكش .
وأثنى مدير الاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة سوس ماسة الأكاديمية خلال كلمته الافتتاحية على جل المساعي و المبادرات التربوية التي تقام بالجهة، في سياق الإعداد لمؤتمر الأطراف حول التغيرات المناخية كوب 22 بمراكش، شاكرا كل الاطر التربوية والادارية التي تسهر على الرفع من مستوى دراسة أبناء الجهة ، وكذا تنفيذ عدد كبير من الانشطة الموازية وضمنها أنشطة الأندية البيئية.
وعرض الدكتور عبد اللطيف رومان أستاذ المناخ بجامعة ابن زهر خلال عرض علمي بعنوان “مدخل إلى إشكالية التغيرات المناخية ” كرونولوجيا تغير مناخ علميا وجغرافيا، وبعض مفاهيم الاحتباس الحراري وإجرءات التأقلم والتخفيف في سياق دولي ومحلي .
وتحدث الدكتور رومان عن التقلبات الطبيعية للمناخ في فترات زمنية مختلفة على مستوى 600.000 سنة حيث تجلى التغير المناخي مع تعاقب فترات دافئة و فترات باردة (كل 100.000 سنة) كما أن نفس التطور ظهر حوالي 2 إلى 3 ملايين السنين قبل العصر الحالي .
وأكد الدكتور رومان على مختلف الأسباب الطبيعية لتغير المناخ مقللا من التدخل البشري .مبرزا تطور درجة الحرارة على مستوى مقياس ألاف السنين مقارنا بين الحرارة المشابهة أو المرتفعة بالنسبة للحرارة الحالية، ذلك أن آخر العصور الجليدية التي حدثت منذ 115000 سنة ، وبحد أقصى منذ 20.000 سنة ، كان متوسط درجة حرارة سطح الأرض حوالي 5 درجات تحت المعدل الحالي .أما خلال القرن ال17 (العصر الجليدي الصغير) فقد كانت أوروبا الغربية أبرد ب 1 إلى 2 درجة مما هي عليه اليوم. وعليه فالمناخ لا يتغير على نحو مماثل في كل مكان إذ خلال الفترات الجليدية كان المناخ أكثر برودة في مناطق العروض العليا ولكن أيضا حار في المناطق المدارية.
وتناول الدكتور رومان بالتحليل مختلف البيانات المتوفرة والتي تشير إلى تطور المناخ المعاصر من قبيل ارتفاع متوسط درجة حرارة سطح الأرض بمقدار 0،3 إلى 0،6 درجة مئوية منذ أواخر القرن ال19. و ارتفاع متوسط درجة حرارة سطح الأرض بشكل ملحوظ خلال السنوات ال 40 الماضية (0،2 إلى 0،3 درجة مئوية).ثم ارتفاع متوسط درجة حرارة سطح الأرض بشكل ملحوظ خلال السنوات ال 40 الماضية (0،2 إلى 0،3 درجة مئوية). و درجة الحرارة سنة 2015 أكثر دفئا بنسبة 5٪ من كل سنوات القرن (1860- 2015).فضلا عن انخفاض التباينات الحرارية اليومية. وارتفاع درجات الحرارة منذ أواخر القرن ال19 لم يسبق له مثيل منذ 600 سنة . مستنتجا أن المناخ العالمي يشهد تغيرات و تقلبات دائمة .
وتناولت الاستاذة خديجة قايد راسو عن جمعية أساتذة علوم الحياة والارض سلسلة المفاوضات من أجل المناخ وتاريخ مؤتمرات الاطراف مند أول مؤتمر ( COP1) ببرلين 1995،الذي حدد لكل دولة أو منطقة سقف انبعاث الغازات الدفيئة ونسبة الانخفاض الملتزم بها ، مع العمليات و الالتزامات السياسية الواجب القيام بها. وقدمت الاستاذة خديجة نظرة موجزة عن الدورة السابقة بباريس وما حققته من أهداف.والتي تتجلى اهمها في إبرام اتفاق طموح وملزم للتصدي لتحدي تغيّر المناخ يسري على جميع البلدان. وتقديم المساهمات الوطنية (المساهمات المقررة المحدّدة وطنيا) التي تمثل الجهد الذي يعتقد كل بلد أنه بوسعه تحقيقه. ووضع برنامج الحلول الذي يَجرُد جميع المبادرات المكملة للاتفاق الدولي، التي اتخذتها الحكومات والسلطات المحلية والجهات الفاعلة غير الحكومية على الصعيد المحلي، والتي تسهم في تعزيز الالتزامات التي قطعتها الدول في مجالات خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، والتكيف مع آثار تغيّر المناخ، والتمويل. ويرتكز هذا البرنامج على تبادل الممارسات الجيدة، ونقل المعرفة والتقنيات الضرورية لتحقيق الانتقال إلى الاقتصادات المخفضة الكربون. في حين من المقرر ، أما ما بعد كوب 21 ، أن يحل الاتفاق محل بروتكول كيوتو الذي سينتهي العمل به سنة 2020. وتم توقيع الوثيقة في نيويورك بمقر الأمم المتحدة في 22 أبريل 2016 .وسيدخل حيز التنفيذ بعد المصادقة عليه من قبل 55 دولة على الأقل حيث تمت المصادقة ودخل حيز التنفيذ.
وتناولت الاستاذة خديجة انتظارات مؤتمر الأطراف حول التغيرات المناخية كوب 22 المزمع عقده بمراكش كفرصة لتقوية مكانة بلادنا كبلد ملتزم على الصعيد الدولي في مكافحة التغيرات المناخية ومجال لاختبار الالتزامات واعتماد اليات تنفيد اتفاق باريس: “مؤتمر الفعل (الأجرأة) ” .
كمل سيشكل المؤتمر حدثا للمبادرات، والبرامج العملية في مجال التصدي للتغيرات المناخية، لفائدة السكان الاكثر عرضة لتأثيراتها. وستصاغ النصوص القانونية وقواعد المصادقة على الالتزامات مع البحث عن سبل التخفيف من أثر التغيرات المناخية وتقاسم التجارب الرائدة ومحاولة تعميمها.
توصيات
وأوصى المشاركون في بوجوب إعطاء البيئة المكانة التي تستحقها ضمن برامج التربية والتكوين بالمؤسسات التعليمية وبضرورة تحفيز المدرسين مؤطري الاندية البيئية وتعزيز المراكز الموضوعاتية حول التربية البيئية، وتشجيع كل المبادرات المتعلقة بالأنشطة البيئية داخل المؤسسات التعليمية وخارجها من خلال تخصيص حصص للتربية البيئية بجميع المستويات وتثمين ودعم دور الاندية البيئية من خلال بناء شراكات مع المجتمع المدني، مع ضرورة تبسيط المساطر الادارية لتسهيل الخرجات الميدانية للمتعلمين في اطار تنشيط الحياة المدرسية والتربية البيئية.
وشدد المشاركون، كذلك ، بضرورة اعطاء أهمية للبعد التربوي بدل التركيز على الجوانب المعرفية استعدادا للامتحانات فقط، مطالبين بالتنزيل الفعلي للمادة 17 من القانون 97 – 12 من الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، ودعوا الى بناء مشاريع للتربية البيئية على المدى المتوسط مع تحيين أداء جمعيات أمهات وآباء التلاميذ في المجال البيئي وحماية البيئة المحيطة بالمؤسسات التعليمية وإعادة الحياة للحياة المدرسية.
وفي نفس السياق أكد المشاركون على ضرورة اعادة هيكلة الاندية البيئية مع تبسيط المساطر المساعدة على تأهيل وتطوير عملها وبرامجها، منها تخصيص نصف يوم في المؤسسات التعليمية داخل الحصص الرسمية لأنشطة هذه الاندية وإعادة النظر في المذكرة الوزارية التي تحد من الانشطة الموازية، ودعوا مؤسسة محمد السادس للبيئة الى دعم الاندية البيئية وتحفيز ممثلي الاندية البيئية والمؤسسات التعليمية الحاصلة على اللواء الأخضر وانشاء بنك للتجارب البيئية داخل الاكاديمية الجهوية، وضرورة تبادل التجارب بين الاندية التربوية ذات الخبرة والنوادي بالمؤسسات الجديدة.
وأجمع المشاركون في اللقاء المنظم بمقر أكاديمية سوس ماسة على ضرورة تقوية قدرات مؤطري الاندية البيئية وتعزيز جاذبيتهم وتعبئة الشراكات حول المشاريع البيئية في محيط المؤسسات التعليمية.
و صادق المشاركون على برنامج مكثف للأنشطة البيئية بجهة سوس ماسة التي تندرج في اطار برنامج عمل وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بشراكة مع مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة والمرتبط أساسا بمؤتمر الدول الأطراف كوب 22، الذي من المنتظر أن ينعقد بمدينة مراكش ما بين 7 و18 نونبر المقبل.
ويشار أن الاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة سوس ماسة نظمت، في التاريخ المشار إليه أعلاه، لقاء علميا حول التغيرات المناخية بتعاون مع الائتلاف المغربي للتغيرات المناخية والتنمية المستدامة وشبكة جمعيات محمية أركان وجمعية أساتذة علوم الحياة والارض تحت شعار ” التربية البيئية مدخل بيداغوجي لفهم التحولات المناخية.”
يشار أن الملتقى شهد حضور اعدد من ممثلي القطاعات الحكومية وعدد من هيئات وجمعيات المجتمع المدني والاطر التربوية والادارية وممثلين عن الأندية البيئية ووسائل الاعلام.