آفاق بيئية : محمد التفراوتي
نظم أعضاء نادي”إناكتوس” (“Enactus) بالمدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين، أسبوعا دراسيا حول الغابات تخليدا لليوم الدولي للغابات تحت شعار “الغابة ثروة حيوية، من أجل تنمية مستدامة”. وتضمن الاحتفال مجموعة من الأنشطة التحسيسية والتوعوية بمختلف المدارس الإبتدائية بسلا. وكذا غرس مجموعة من الأشجار الغابوية في قطعة أرضية بمنطقة السهول وفي إحدى المدارس ابتدائية . وذلك بغية تحسيس تلاميذ المدرسة وساكنة منطقة السهول بأهمية الغابة والدور المهم الذي تلعبه في حياة الإنسان ، وحثهم على نَهْج سبل المحافظة عليها كقيمة وثروة طبيعية..
وتضمن برنامج الانشطة تنظيم محاضرات ودروس أشرف عليها باحثون ومختصون وحضرها طلبة ومهتمون في مجال الدراسات البيئية والإحيائية، من أجل تدارس عدد من المواضيع من قبيل التغيرات المناخية وتأثيراتها على الموارد الطبيعية النباتية خاصة الغابات، ومشكل تدهور الموارد الغابوية في ظل الاستغلال غير المعقلن للثروة الغابوية مثل الرعي الجائر وقطع في حطب الوقود .
وشهد رحاب مدرج المدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين ، نفس السياق ، ورشة علمية وتحسيسية حضرها الى جانب الطلبة المهندسين عدة فعاليات وثلة من المهتمين بالمجال البيئي .
وتمحورت الورشة حول اشكاليتين أساسيتين همت محورين عالجا بالدرس والتحليل دور الغابة في التنمية المستدامة نشطه الخبير في التمية القروية السيد العربي الزكدوني ثم تفاعلات النظم الغابوية مع تغير المناخ نشطه السيد عبد اللطيف الخطابي أستاذ بالمدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين
وتطرق السيد الزكدوني الى الأهمية القصوى للغابات ومواردها في ضمان التنمية المستدامة وخصوصا في المناطق الجبيلة الهشة والتي يعتمد اقتصاد ساكنتها غالبا على استغلال الموارد الطبيعية. وأوضح ان الغابات التي تغطي مساحة مهمة من التراب الوطني تلعب دورا أساسيا في قتصاد البلاد وخصوصا العالم القروي بما توفره من حاجيات أساسية للساكنة من حطب الوقود وكلأ للماشية وعدة منتوجات أخرى فضلا عن الأدوار التي تقوم بها مثل المحافظة على التربة والتنوع البيولوجي والحد من الفياضاتات وتعزيز نوعية وكمية المياه السطحية والجوفية ، وكذلك أدوار بيئية أخرى .لكن هذه النظم الغابوية تشهد ضغوطات كثيرة مرتبطة بالاستغلال اللاعقلاني والرعي الجائر والذي تزيد من حدتها الظروف المناخية الحالية التي ستؤدي حتما إلى تدهورها إن لم تكن هناك إجراءات توازن بين استخدام الموارد الطبيعية وصونها . وأفاد السيد الخطابي أن للغابة دورا مهما للتخفيف عن آثار تغير المناخ الذي أصبح الان مسلما به على نطاق واسع من قبل المجتمع العلمي الدولي .والمشهود به في التقرير الخامس للمجموعة الدولية المعنية بتغير المناخ.
وأكد الخطابي مستندا إلى دراسات علمية أن المغرب على غرار ما يقع في باقي دول المعمور يشهد تطورا في مناخه الذي هو أصلا مناخا جافا .وهذا التغيير من شأنه أن يؤثر سلبا على التساقطات المطرية ودرجات الحرارة والظواهر القصوى ومخزون المياه والنظم البيئية التي بدورها ستنعكس سلبا على الاقتصاد وصحة الانسان والحيوان.
وأضاف الخطابي أن تغير المناخ سيجهد النظم البيئية الغابوية من خلال ارتفاع الحرارة ونقص في الامطار وتبدل نظام التساقطات.واستنادا إلى دراسة قام بها البنك الدولي مؤخرا فإن النظم البيئية الطبيعية ستعرف تحولا تدريجيا من جنوب المغرب إلى شماله وسيؤثر هذا على التنوع الحيوي على البلاد .
وفي الوقت الذي تتأثر فيه الغابات بالتغير المناخي فإنها تلعب دورا مهما في تركيز ثاني أكسيد الكاربون الذي يمثل جزءا هاما من غازات الدفيئة .وهنا يستوجب الحفاظ على هذه الثروات ، يضيف الخطابي ، لان تدميرها واستغلالها في ما يفوق طاقاتها الانتاجية سيساهم في إطلاق ثاني أكسيد الكاربون والحد من إمكانية تركيزه في الاشجار ، التي تساعد على تخفيف التغيرات المناخية وامتصاص ثاني أكسيد الكاربون من الجو وتخزينه في الخشب وفي المادة العضوية للتربة . ناهيك عن الأدوار التي تقوم بها الغابة في الحفاظ على التربة وإنتاج الخدمات البيئية الهيدرولوجية والمحافظة على التنوع البيولوجي .
يشار أن الغابة تساهم كذلك في الحد من الضواهر القصوى كالفياضانات حيث هناك دراسة تهتم بهذا المجال وتنجز في المغرب على مستوى التغيرات المناخية والمحافظة على البيئة في إطار التدبير المندمج للمياه على مستوى الاحواض المائية كتجربة “مشروع بحث التكيف مع تغير المناخ في حوض تانسيفت” (GIREPSE) .
يذكر أن مشروع بحث التكيف مع تغير المناخ في حوض تانسيفت (GIREPSE)، الذي سيستمر لمدة ثلاث سنوات (2014-2017)، تنسقه الجمعية المغربية للعلوم الجهوية (AMSR) بشراكة مع جامعة القاضي عياض والمدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين والمديرية الوطنية للأرصاد الجوية والمرصد الجهوي للبيئة والتنمية المستدامة بجهة مراكش تانسيفت والمعهد الوطني للتهيئة والتعمير ثم جامعة مونكتون بكندا. يتناول القضايا المعقدة والمتعلقة بالنظم الاجتماعية والاقتصادية والطبيعية وتفاعلاتها. وذلك بغية النهوض بسياسة الإدارة المتكاملة للمياه مع الأخذ في الاعتبار جميع القوى الداعمة للتغيير، الداخلية والخارجية، حيث سيستفيد هذا المشروع من الحوار الشامل بين المعنيين بالقطاع.