ندوة إعلامية مع المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر
آفاق بيئية: محمد التفراوتي
يتغيا استكمال عملية التحديد الغابوي حماية الموروث الطبيعي وضمان ديمومته لفائدة الأجيال الحالية والقادمة ، وفي مقدمتهم ذوي الحقوق. ليستمر في تأدية أدواره المختلفة التي تساهم في التنمية المستدامة بالجهة.و الحرص على تكريس حقوق الانتفاع التي أقرها المشرعو مضمونة بالقانون.
وأوصى المشرع بالتحديد الغابوي وسن ترسانته القانونية وذلك من خلال إجراءات تقنية وقانونية محددة تنفذ عبر مراحل ومساطر تستوجب تدخلات عدة أطراف . و تعتبر مسؤولية حماية هذا التراث واجبا وطنيا. لتحقيقه.يتطلب التحسيس والتوعية بأهمية عملية التحديد .
ويعد الموقع الجغرافي محدد أساسي للمعطيات البيئية للمغرب، إذ تتميز معطياته الهيكلية بقحولة المناخ وجفاف وهشاشة النظم البيئية. ومحدودية الموارد المائية.فضلا عن إشكاليات بيئية أساسية تتمثل في التأثيرات على الغطاء النباتي وانجراف التربة وتقلص الموارد المائيةوزحف الرمال وتراجع القدرات الانتاجية للأراضي.مما يشكل انعكاسات سلبية على التنمية البشرية وتحديات كبرى للتنمية المستدامة وعلى النمو الديموغرافي والتوسع العمراني.
وعليه تشكل التغيرات المناخية تحديات حالية ومستقبلية واحتمال تفاقم الإختلالات البيئية.لكن رغم كل ذلك تؤدي المجالات الغابوية رغم محدوديتها والتي تشكل نسبة 8 في المائة من مجموع التراب الوطني، دورا أساسيا للحد من تأثير هذه الاشكاليات.
إن استمرارية وظائف النظم البيئية الغابوية مسؤولية مشتركة و أساسية على المستوى الإيكولوجي ومن حيث التنوع البيولوجي والوقاية من التصحر وتحسين إطار عيش الساكنة فضلا عن البعد الاقتصادي والاجتماعي من قبيل حق الانتفاع لأزيد من 7 ملايين نسمة وخلق فرص الشغل والمداخيل المباشرة والغير المباشرة التي تصل إلى حدود 7 ملايير درهم سنويا .
من هنا يتضح أهمية تحديد المجال للمحافظة على الحقوق الفردية دون الاخلال بالمصالح الجماعية والنصوص التشريعية والمساطر وقواعد العمل المضبوطة .ذلك أن التحديد عملية قانونية لتفعيل وتدبيرهذه المسؤولية المشتركة.
ونظمت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر ورشة إعلامية لصالح مختلف المنابر الإعلامية بالمغرب حول موضوع التأمين الغابوي ومختلف الإشكالياته يوم 10 فبراير 2015 .
وأفاد عبد العظيم الحافي، المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر أن عملية التحديد وتحفيظ المجالات الغابوية تنشد تحقيق تأمين الملك الغابوي وتكريس حقوق الانتفاع المنصوص عليها قانونيا، وتأمين حقوق الخواصّ المجاورين للغابات، والتخفيف من النزاعات مع الخواص، ثم تخفيف الضغط على المحاكم. ذلك أن التحفيظ العقاري هو في صالح الساكنة لأنه يضمن بصفة موحدة وثابتة حدود الأملاك الغابوية مع حدود الأغيار.
كما أن تأمين الملك الغابوي يضمن ديمومة وظائف المجالات الغابوية، في إطار تشريع غابوي، يكرس حقوق الانتفاع .حيث وضعت نصوص تشريعية وقانونية لتأمين الملك الغابوي.
وأكد الحافي أن الملك الغابوي مصان وأن الاحتلال المؤقت للملك الغابوي يكون للمنفعة العامة وفق هدف محدد وفي فترة محددة لا تتجاوز ثلاث سنوات، ثم يتم إرجاع العقار للدولة.
وأشار الحافي أن هناك ميزانية تخصص لتتبع وتنفيذ الأحكام المخالفات إذ أن 30 ألف محضر تذهب سنويا للمحاكم، يتم البث في 50 المائة منها .
ودعا المندوب السامي إلى عدم الخلط بين حق الانتفاع وحق التملك، ذلك أن حق الانتفاع من الغابات يعد من بين الحقوق التي يكفلها المشرع لذوي الحقوق الذين يعيشون داخل أو حول مجال غابوي محدد. حيث تنتفع ساكنة المنطقة الغابوية لشجر أركان بالحرث وجني الثمار واستغلال النباتات العطرية، باستثناء تحويل المجال الغابوي إلى مجالات معمارية ..
وأكد الحافي أن المندوبية حريصة على صون المجال الغابوي وتكريس منظومة الحفاظ على الغابات، و تنميتها والحفاظ على كثافتها وديمومتها أما تحديات تغير المناخ .
واستعرض عبد القادر بنعبو، رئيس قسم الملك الغابوي، في مداخلة حول التحديد الغابوي، الاطار القانوني والتشريعي ومسطرة تأمين الثروة الوطنية الغابوية ثم استراتيجية وانجازات المندوبية و سبل معالجة بعض الاشكاليات المطروحة ليبرز بالشرح والتحليل الدوريات والظهائر المنظمة للقطاع . وكذا الأهداف المتوخاة من تحديد وتحفيظ المجالات الغابويةوالمتمثلة أساسا في تأمين الملك الغابوي وتكريس حقوق الانتفاع المنصوص عليها قانونيا. ثمتأمين حقوق الخواص المجاورينللغابات والتخفيف من النزاعات مع الخواص وتخفيف الضغط على المحاكم .ناهيك عن المساهمة في الإستراتيجية الوطنية لتوضيح النظام العقاري للاراضي وإنعاش الاستثمار.
ولتعزيز مقاربة تشاركية مع الساكنة المحلية أكد بنعبو على اعتماد أسس توافقية لحل النزاعات مع الخواص عبر تصفية الوضعية العقارية للملك الغابوي عن طريق التراضي عبر الحوار والتدبير التشاركي للملفات ثم دعم أسلوب التوعية والتحسيس بأهمية عملية تحديد وتحفيظ الملك الغابوي واستراتيجية تأمين الثروة الوطنية الغابوية.
ونتيجة لتضافر جهود المتدخلين، يضيف بنعبو ، ارفعت وتيرة المصادقة على التحديد حيث بلغ معدل المصادقة بين 1995 و 2004 نحو 24 ألف و800 هكتار سنويا في حين وصل إلى 300 ألف هكتار سنويا بين 2005و2014 .
وأوضح بنعبو أن المصادقة على التحديد تبين حدود الغابة بصفة نهائية غير قابلة للمراجعة . ويتطلب استكمال جميع مراحل التحديد مدة زمنية لا تقل عن 4 سنوات، وقد تفوق 20 سنة في بعض الحالات، لطول المسطرة القانونية.
كما أن التحديد النهائي عملية تقنية وقانونية تجري بعد إشهار واسع بإشراك السكان، على مستوى تغيير الحدود و إيداع ملف التحديد . وتجري عملية الإيداع على مرحلتين لمدة ستة أشهر.
وأكد بنعبو أن منهجية المندوبية في معالجة المنازعات تمر عبر تسوية وضعية بعض الدواوير المحدثة داخل الملك الغابوي ونهج التسوية عن طريق التراضي للتعرضات المقدمة ضد مسطرة التحديد وتسليم الشواهد الادارية للاغيار في إطار الدورية حول خطة العدالة.
يذكر أن الملتقى الاعلامي شهد نقاشات مستفيضة ودقيقة تناولت مختلف حالات ونماذج إشكالات القطاع الغابوي أجاب عنها المندوب بإسهاب وانفتاح مؤكدا على أن الملك الغابوي مصون قانونيا لا يباع ولا يشترى لكونه ليست وكالة عقارية بل هو تراث وطني لكل المغاربة يجب المحافظة عليه.