المنتدى الدولي الخامس للطاقة
آفاق بيئية : محمد التفراوتي
أصدر الأمناء التنفيذيين للجان الإقليمية للأمم المتحدة على إعلان موحّد لإعادة التأكيد على أدوار الأطراف المعنية في تعزيز سياسات الطاقة المستدامة والتسريع في عمليّة الانتقال نحو طاقة مستدامة وعادلة. وكانت اللجان الخمسة قد اجتمعت في “المنتدى الدولي الخامس حول الطاقة في خدمة التنمية المستدامة” الذي يعقد أعماله في مدينة حمامات، تونس.
ووقع البيان كل من شمشاد أختار الأمينة التنفيذية اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ وكريستيان فرييس باخ الأمين التنفيذي اللجنة الاقتصادية لأوروبا و أليسيا برسينا والأمينة التنفيذية اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وريما خلف الأمينة التنفيذية اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا وكارلوس لوبيز الأمين التنفيذي اللجنة الاقتصادية لأفريقيا وفي ما يلي نص البيان :
تساعد الأمم المتحدة الدول الأعضاء فيما تبذله من جهود لتأمين خدمات الطاقة الحديثة من مصادر موثوقة ومستدامة، وبطرق حديثة، وبتكاليف ميسّرة تماشياً مع مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة “الطاقة المستدامة للجميع”.
ومن اهتمامات الأمم المتحدة العمل على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتخفيف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع الطاقة. ونجاح هذه المساعي ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة في العالم. غير أن عراقيل كثيرة تحول دون تحقيق هذه الأهداف الطموحة التي نتطلّع إليها جميعاً. ففي خضم الأوضاع الاقتصادية الراهنة التي يشهدها العالم، وبفعل سعي أسواق الطاقة إلى الربح، باتت المصالح الاقتصادية العابرة في طليعة الأولويات. ولأغراض جيوسياسية، أصبح أمن الطاقة يتصدّر اعتبارات السياسات العامة. ومع أنّ العالم يرفع راية تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة، لا تزال خدمات الطاقة في الكثير من البلدان دون مستوى الطموح، وإمكانات الحصول عليها ضعيفة، وهي على تراجع. كما أن تكاليف خدمات الطاقة، وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري من قطاع الطاقة آخذة في التزايد. وإزاء ذلك، يؤكد الأمناء التنفيذيون للجان الإقليمية للأمم المتحدة وجود إمكانات لتحقيق استدامة الطاقة، وأنّ هذا الهدف لا يتعارض بالضرورة مع غايات أخرى قصيرة الأمد، إذا عقدت دول العالم العزم على تحقيقه.
- تحسين كفاءة الطاقة في معظم البلدان أصبح ضرورة ملحة. تحسين كفاءة الطاقة هو أحد أكثر الخيارات فعالية بكلفة ميسّرة، من أجل تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في معظم بلدان العالم. فهو يسهم في تحقيق أمن الطاقة، وحفظ البيئة، وتعزيز جودة الحياة، وتحقيق الرفاه الاقتصادي. ومع أن العالم يزخر بإمكانيات لتحسين كفاءة الطاقة، فغالباً ما تبوء المساعي المبذولة لتحقيق ذلك بالفشل، بفعل القصور في أطر السياسات الوطنية. فالسياسات الرامية إلى خفض أسعار الطاقة بصورة اصطناعية تشجّع على الإسراف في الاستهلاك؛ والدعم الحكومي لإنتاج الطاقة واستهلاكها يؤدي إلى خلل في أسواقها. وإدارة الطاقة في المنازل، وفي القطاع الزراعي على السواء، تفتقر إلى الكفاءة. أما الوافدون الجدد إلى سوق الطاقة، فتحول عراقيل دون دخولهم إليها، في ظلّ قواعد ومعايير قاصرة، وإحصاءات ومعلومات تشوبها الثغرات فلا تسهم في إدارة استخدام الطاقة وتتبّع التقدم المحرز في هذا الصدد. كذلك، غالباً ما يكون الوعي العام والتثقيف بشأن الفوائد الاقتصادية والاجتماعية الطويلة الأمد لتحسين كفاءة الطاقة والإنتاجية الصناعية دونَ المطلوب.
- إعادة النظر في سياسات الطاقة المتجددة وتعديلها صار لازماً. تنافس موارد الطاقة المتجددة، بفضل كلفتها، تدريجياً موارد الطاقة التقليدية. وهي تسهم في خفض صافي كثافة انبعاثات الكربون في قطاع الطاقة، وتحسين أمن الطاقة، وتعزيز التنمية الاقتصادية. ويكتسب إدراج الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة في العالم أهمية متزايدة، وصار تصميم نظم الطاقة المستقبلية يهدف إلى تحقيق الاستفادة القصوى منها سواء أكانت موصولة على الشبكة الكهربائية أم منفصلة عنها. غير أن استخدام مصادر الطاقة المتجددة يستدعي تذليل العقبات التي تحول دون تنافسها بشكل عادل مع أنواع الطاقة التقليدية، من دون اللجوء إلى الإعانات الطويلة الأمد. ويتطلّب ذلك إنشاء منظومة للطاقة ووضع أطر لسياسات الطاقة في ظلّها؛ وإنشاء آليات مالية محدّدة الأهداف ومبتكرة لتنفيذها. وينبغي وضع سياسات تراعي الظروف الاقتصادية والتحديات التنموية التي تواجهها البلدان التي لديها إمكانات من مصادر الطاقة المتجددة.
الحصول على خدمات الطاقة الحديثة بشكل عادل يستدعي تعبئة الموارد اللازمة. لضمان وصول خدمات الطاقة الجيّدة إلى المناطق النائية، وتأمين الموارد الاقتصادية اللازمة لذلك، لا بد من الاستثمار
- في جميع حلقات سلسلة القيمة في قطاع الطاقة، بدءاً بإنتاج الطاقة الأولية وصولاً إلى استخدامها النهائي. ولضمان تلك الاستثمارات، ينبغي أن تضع الحكومات رؤية طويلة الأمد لتوفير خدمات الطاقة المستدامة، وسياسات مستدامة، وأنظمة تسهّل على منتجي الطاقة ومستهلكيها الاستجابة مع سوق للطاقة دائمة التجدّد. وينبغي أن تشمل مكوّنات هذه الرؤية حصول الفئات الضعيفة على خدمات الطاقة الحديثة، كجزء من الاستراتيجيات الوطنية للقضاء على الفقر وسياسات التنمية الاجتماعية.
وعليه، نحثّ الدول الأعضاء في اللجان الإقليمية للأمم المتحدة على الإسراع في الانتقال إلى منظومة جديدة ومستدامة وعادلة للطاقة، تكتسب الملامح المفصّلة في الصفحات التالية. ويسرّ اللجان الإقليمية أن تساعد دولها الأعضاء على وضع خطط عمل لتأمين الطاقة المستدامة وتصميمها بحيث تلبّي احتياجات كل من هذه الدول في سياق التنمية لما بعد عام 2015، وتسهم في تحقيق أهداف مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة “الطاقة المستدامة للجميع”، وفي بلوغ أهداف التنمية المستدامة المعنية بالطاقة.