في أعماق ميناء الحسيمة… بحر يختنق بالبلاستيك الخفي

محمد التفراوتيمنذ 3 ساعاتآخر تحديث :
في أعماق ميناء الحسيمة… بحر يختنق بالبلاستيك الخفي

آفاق بيئية: محمد التفراوتي 

بين زرقة البحر المتوسط وجمال جبال الريف، تخفي مياه ميناء الحسيمة قصة لا ترى بالعين المجردة، لكنها تهم كل بيت وكل مائدة طعام.
قصة جزيئات صغيرة جدا تددعى الميكروبلستيك، (Microplastic) بقايا البلاستيك الذي نستهلكه يوميا دون أن ننتبه لعواقبه.

بحث علمي مغربي يقرع ناقوس الخطر

في دراسة حديثة نشرت على موقع ScienceDirect، قام باحثون مغاربة بقياس تلوث الميكروبلستيك (Microplastic) في ميناء الحسيمة شمال المغرب.
الدراسة، الأولى من نوعها في المنطقة، كشفت وجود كميات ملموسة من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في مياه الميناء ورسوبياته، بعضها أصغر من بذرة السمسم، لكنها قادرة على عبور أجسام الكائنات الحية والوصول إلى السلسلة الغذائية.
الباحثون استخدموا عينات من الماء والتربة البحرية لتحليل أنواع البلاستيك المنتشرة، وتحديد أشكالها وألوانها، فوجدوا أن هذه الجسيمات تتنوع بين ألياف دقيقة وقطع بلاستيكية مصدرها النفايات المنزلية والصناعية، وأن الميناء يعمل كـ”مصيدة” للبلاستيك القادم من اليابسة.

من الميناء إلى المائدة

الميكروبلستيك لا يبقى في البحر. الأسماك تبتلعه، والطيور تتغذى عليه، وفي النهاية قد يصل إلى أجسادنا عبر الغذاء والماء.
يقول أحد الصيادين المحليين: “نظن أن البحر ينظف نفسه، لكنه اليوم مريض بما نرميه فيه.”

هذا التلوث لا يهدد فقط البيئة البحرية، بل يمس مباشرة صحة الإنسان والاقتصاد الساحلي، خاصة في مدينة تعتمد على الصيد والسياحة البيئية.

قضية محلية.. بأبعاد كوكبية

نتائج هذا البحث تتناغم مع ما كشفته دراسات في دول متوسطية أخرى، مثل فرنسا وتركيا، حيث تبين أن الموانئ الصغيرة تخزن كميات هائلة من الميكروبلستيك.
هذا يؤكد أن الظاهرة عالمية، وأن الحلول يجب أن تبدأ محليا، من السلوك الفردي إلى السياسات البيئية الكبرى.

وعي بيئي يبدأ من التفاصيل الصغيرة

كل قنينة بلاستيك ترمى على الشاطئ، وكل كيس يترك في مجرى ماء، قد يتحول إلى آلاف الجزيئات الدقيقة التي تعود إلينا من طريق غير متوقع.

لكن الأمل موجود. من خلال حملات التوعية، وتطوير أنظمة جمع وفرز النفايات، وتشجيع السلوك المسؤول، يمكن للمدن الساحلية المغربية أن تكون نموذجا في حماية البحر من البلاستيك الخفي.
شكل ميناء الحسيمة موقع للدراسة العلمية،  و مرآة لواقع بيئي يخصنا جميعا.

فكل خطوة صغيرة،  تنظيف، توعية، أو قانون بيئي،  هي رسالة إلى البحر تقول: “لن نسمح أن يختنق زرقة وطننا ببقايا إهمالنا.”

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!