القرش بين الصورة النمطية وضرورات الحماية: ورشة متوسطية ترسم خارطة الطريق

محمد التفراوتيمنذ 3 ساعاتآخر تحديث :
القرش بين الصورة النمطية وضرورات الحماية: ورشة متوسطية ترسم خارطة الطريق

آفاق بيئية: محمد التفراوتي 

منذ عقود، ساهمت السينما العالمية في ترسيخ صورة مشوهة عن القرش، بوصفه كائنا مفترسا متعطشا للدماء. غير أن هذه الصورة لا تعكس حقيقة هذا الكائن البحري المهيب الذي يؤدي أدوارا أساسية في توازن النظم الإيكولوجية البحرية. في الواقع، حالات هجوم القرش على البشر تظل نادرة ومعزولة، وغالبا ما تكون نتيجة اضطراب في بيئته أو استجابة مباشرة لاعتداء الإنسان نفسه، سواء بالصيد الجائر أو تدمير المواطن البحرية.
فلو تخيلنا صغير قرش يشهد مقتل أمه على يد صيادين متعطشين، أو أسطول ينتهك مجاله الحيوي بوحشية، فما الذي يمكن أن يكون رد فعله حين يكبر؟ تلك ردود أفعال معزولة لا تبرر وصم جنس كامل بالوحشية، بقدر ما تكشف ظلم الإنسان وتدعو إلى إعادة التفكير في علاقتنا بالكائنات البحرية.
في هذا السياق، اختتمت اليوم فعاليات الورشة شبه الإقليمية حول حفظ وإدارة أسماك القرش والغضروفيات في البحر الأبيض المتوسط، التي انعقدت على مدى ثلاثة أيام تحت شعار: “التوفيق بين الحفظ وسبل العيش”، بتنظيم من الصندوق العالمي للطبيعة بشمال إفريقيا (WWF) وبشراكة مع مبادرة البحر المتوسط للصندوق العالمي للطبيعة، مركز الأنشطة الإقليمية للمناطق المتمتعة بحماية خاصة (SPA/RAC)، منظمة “Plan Bleu”، الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط (GFCM) إلى جانب عدد من المؤسسات الوطنية والدولية.
خصص اليوم الأخير لعرض حلول تقنية واستعراض تجارب رائدة، حيث قدمت الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط إطارا إقليميا لحماية الأسماك الغضروفية، من خلال خطة عمل إقليمية للأنواع المهددة، وقاعدة بيانات حول المصيد العرضي، إلى جانب منصة خاصة بالانتقائية وإزالة الكربون. كما عرضت نتائج تجارب مشروع لإعادة تأهيل مخزون القروش والريات في خليج قابس، من خلال إجراءات التخفيف من المصيد العرضي في شباك الصيد التقليدي.
وتوزعت النقاشات بين جلسة مفتوحة لتبادل الرؤى والأسئلة، وأخرى بحثت في تكامل المبادرات الوطنية والإقليمية وتحديد أولويات التعاون. أما الجلسة الختامية فقد أفضت إلى صياغة توصيات عملية والتزامات مشتركة لتعزيز حماية القروش والشفنين وضمان استدامة الموارد البحرية في المتوسط، بما يحقق التوازن بين الحفاظ على الطبيعة وصون سبل عيش المجتمعات الساحلية.
بهذا، يصبح لقاء المتوسط خطوة جديدة نحو إعادة الاعتبار لهذا الكائن الذي لا يمثل خطرا كما صورته الأفلام، بل ثروة طبيعية تستحق الحماية، لصالح الإنسان والبحر معا.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!