قراءة تحليلية لمؤتمر المحيطات في نيس: بين الإنجازات والانتقادات

محمد التفراوتي20 يونيو 2025آخر تحديث :
قراءة تحليلية لمؤتمر المحيطات في نيس: بين الإنجازات والانتقادات

آفاق بيئية: محمد التفراوتي 

انعقد مؤتمر المحيطات في نيس في وقت حساس يتزايد فيه الضغط الدولي على حماية التنوع البحري، وسط تصاعد الأزمات البيئية التي تهدد الحياة في المحيطات. وقد شهد المؤتمر مواقف متباينة بين التفاؤل الرسمي والانتقادات الحادة من النشطاء، ما يعكس الصراع المستمر بين الطموحات السياسية والواقع التنفيذي.

إنجاز تاريخي في المعاهدة الدولية

أعلن منظمو المؤتمر عن تقدم ملحوظ في صياغة معاهدة دولية تهدف إلى حماية 30 في المائة من مساحات أعالي البحار، وهو هدف طموح يعكس إدراكا عالميا متزايدا لأهمية التنوع البيولوجي البحري. الخطوة هذه تعد إنجازا دبلوماسيا نادرا يعزز الإطار القانوني لحماية المحيطات.

تأجيلات وتأخيرات في المصادقة والتنفيذ

رغم الأجواء الإيجابية، تكشفت الفجوات الكبرى في الميدان، حيث لم تصادق العديد من الدول على الاتفاقية بعد، وتأجل إيداع التصديقات الرسمية لأسباب سياسية واقتصادية. هذا النمط من التأجيلات يكرر ما شهدناه في مؤتمرات سابقة مثل COP24 وCOP26، مما يطرح علامات استفهام جدية حول القدرة الحقيقية على التنفيذ في الوقت المناسب.

3. نقد المجتمع المدني والناشطين البيئيين

كانت أصوات النشطاء، وعلى رأسهم منظمة غرينبيس، واضحة في رفضهم لما وصفوه بـ”الوعود الفارغة” وعدم كفاية التمويل المعلن لحماية المحيطات، خاصة في دول الجنوب التي تعتمد على الموارد البحرية بشكل كبير. وقد شهد المؤتمر احتجاجات ميدانية أبرزت التوتر بين الطموحات الرسمية والحاجة إلى إجراءات عملية عاجلة.

4. المفارقة بين الخطاب الرسمي وواقع الالتزامات

بينما قدمت بعض الوفود تصريحات متفائلة عن “الانتصار السياسي” الذي حققه المؤتمر، أظهرت الوثائق والتقارير الرسمية بطء في التحرك وغياب آليات تنفيذ واضحة. هذه المفارقة تبرز تحديا جوهريا في مؤتمرات المناخ العالمية، حيث تبدو الاتفاقيات أكثر مثالية على الورق مما هي عليه في الواقع.

5. تأثير المؤتمر على السياسات الوطنية والمحلية

بالرغم من هذه التحديات، يمثل المؤتمر خطوة مهمة في رفع سقف التوقعات السياسية وتوجيه الأنظار نحو قضايا المحيطات والتنوع البحري. تبقى المهمة الكبرى هي ربط هذه الاتفاقيات بالخطط الوطنية، وضمان مشاركة المجتمعات المحلية والسكان الأصليين في صنع القرار والتنفيذ.

يشار أن مؤتمر المحيطات في نيس جسد معركة مستمرة بين الطموح السياسي والواقع العملي. النجاح الحقيقي لن يقاس بالتصريحات أو الاتفاقيات، بل بمدى قدرة الدول والمنظمات على ترجمة الكلمات إلى إجراءات ملموسة تحمي المحيطات والبيئة بشكل فعال وعادل.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!