نحو إنقاذ الذاكرة البيئية للمحيطات

محمد التفراوتي11 يونيو 2025آخر تحديث :
نحو إنقاذ الذاكرة البيئية للمحيطات

تحالف Plastic Odyssey واليونسكو

آفاق بيئية: محمد التفراوتي

بين الحلم والضرورة، تتقاطع اليوم إرادة الإنسانية في الحفاظ على ما تبقى من رئاتها الزرقاء. المواقع البحرية المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، والتي تعد بمثابة ذاكرة حية للتنوع البيولوجي، تجد نفسها مهددة أكثر من أي وقت مضى جراء تنامي التلوث البلاستيكي، حتى في أكثر الأماكن عزلة.

في هذا السياق، يشكل الاتفاق الذي تم توقيعه بين منظمة “Plastic Odyssey” واليونسكو خلال مؤتمر الأمم المتحدة حول المحيطات (UNOC3) في مدينة نيس، منعطفا نوعيا في مفهوم الحماية البيئية. فليست المسألة مجرد تنظيف سطحي أو جمع للنفايات، بل إعادة بناء علاقة أكثر احتراما واستدامة مع هذه النظم البيئية المعقدة.

لم تكن تجربة جزيرة “هندرسون” (Henderson) في جنوب المحيط الهادئ، التي استخلص منها ما يقارب 9.3 أطنان من المخلفات،  إلا الشرارة الأولى. أما وجهة الأنظار القادمة، فستكون نحو “ألدابرا” في “سيشل”، أحد أبرز مواقع التراث الطبيعي الذي يواجه ضغطا بلاستيكيا صامتا لكنه قاتل.

هنا، لا تقتصر المهام على الإزالة، بل تشمل أيضا رسم خرائط دقيقة لتركيزات النفايات. و تطوير بروتوكولات علمية للرصد. و إشراك المجتمعات المحلية في بناء حلول اقتصادية مستدامة عبر إعادة التدوير والتحويل. ثم إنتاج معرفة بيئية قابلة للتعميم على مواقع مماثلة هذه الشراكة الثلاثية – بين منظمة “Plastic Odyssey”، اليونسكو، والدبلوماسية الفرنسية – تعبر عن نقلة نوعية من الخطاب البيئي إلى الفعل الهيكلي، وتؤكد أن حماية التراث البحري ليست رفاهية، بل ضرورة إنسانية، بيئية، وسياسية.

فحين يصبح التراث الطبيعي جزء من معركة الحاضر، فإننا لا نحمي الماضي فقط، بل نعيد ترسيم ملامح مستقبل لا يكون فيه البحر مكبًا، بل مصدرًا للأمل.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!