مرفق البيئة العالمية في دورته الـ69: تمويل متزايد وعدالة مؤجلة

محمد التفراوتي7 يونيو 2025آخر تحديث :
مرفق البيئة العالمية في دورته الـ69: تمويل متزايد وعدالة مؤجلة

آفاق بيئية: واشنطن – محمد التفراوتي

عقد مجلس مرفق البيئة العالمية (GEF) اجتماعه التاسع والستين في العاصمة الأمريكية واشنطن، خلال الفترة من 2 إلى 6 يونيو 2025، وسط سياق عالمي يتسم بتصاعد التحديات البيئية والمناخية، وتزايد الحاجة إلى تمويل منصف لدول الجنوب.
رغم ما أُعلن عن تعبئة تمويلات جديدة وبرامج طموحة، فإن التفاوتات الهيكلية والجدل حول العدالة المناخية طغيا على خلفية النقاشات، في وقت تتطلب فيه الأزمات المناخية تحركت عاجلا وحاسما.

تمويلات جديدة وبرامج توسعية

أقر المجلس برنامج العمل السادس لمرفق البيئة ضمن دورته التمويلية الثامنة (GEF-8)، بقيمة 190.9 مليون دولار، تستهدف تمويل 23 مشروعا عالميا، مع حشد تمويل مشترك متوقع قدره 2.6 مليار دولار. وبذلك ترتفع نسبة الالتزامات المالية ضمن هذه الدورة إلى 75 في المائة من إجمالي المخصصات.

ووافق المجلس على ميزانية السنة المالية 2026 للمرفق، والتي بلغت 45.3 مليون دولار، إلى جانب مناقشة آليات لتعزيز الشفافية والرقابة المالية داخل الجهاز المؤسسي.

تعزيز شراكات الوكالات وتوسيع الهيكلة

ناقش الاجتماع كذلك مقترحا لإضافة ثلاث وكالات جديدة إلى شراكة المرفق، ضمن مسارين لتقييم الأهلية وهما مسار قياسي يمتد إلى 16 شهرا. و مسار سريع يتراوح بين 8 إلى 12 شهرا، أُحدث لتسريع إشراك المنظمات المؤهلة.

وتم التوافق على تقديم تحليل فجوات بشأن آلية المسار السريع، سيُعرض في الدورة 71 للمجلس نهاية 2025، لتقييم كفاءة الشراكة وتوسيعها.

مبادرات نوعية في البيئة والصحة

أبرز ما تم عرضه في الاجتماع تمثل في برامج مبتكرة منها مبادرة “GEMINI” العالمية للقضاء على الزئبق في قطاع المعادن غير الحديدية، بمشاركة القطاع الصناعي، وهي خطوة مهمة نحو تحقيق صناعة معدنية نظيفة ومستدامة، من خلال توفير بدائل طاقة آمنة وفعالة تقلل من الاعتماد على العمليات الملوثة بالزئبق بالاقتران مع مبادرات أخرى، يمكن تحقيق تقدم ملموس في حماية البيئة وصحة الإنسان في قطاع التعدين. وكذا برنامج إقليمي إفريقي للتخلص من منتجات تفتيح البشرة التي تحتوي على الزئبق، بدعم من مرفق البيئة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. ثم برنامج إقليمي إفريقي للتخلص من منتجات تفتيح البشرة التي تحتوي على الزئبق، بدعم من مرفق البيئة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. كما تمت المصادقة على مشاريع إقليمية تهم الحلول القائمة على الطبيعة والتكيف المناخي في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.

جدل العدالة المناخية وتوزيع التمويل

رغم المؤشرات الإيجابية في حجم التمويل، طرحت تساؤلات من طرف ممثلي بعض الدول النامية والمجتمع المدني حول عدالة توزيع التمويلات وشفافية اختيار المشاريع. وسجلت ملاحظات حول استفادة بعض الدول غير المصنفة كنامية من تمويل المرفق، ما اعتبر استمرارا لمنطق غير منصف في تخصيص الدعم.
ودعت منظمات المجتمع المدني إلى تمكين مزيد من الدول المستفيدة من أن تصبح جهات مانحة أيضا، بما يعزز التكافؤ داخل المنظومة.

صوت الجنوب: أسئلة مفتوحة في وجه التمويل البيئي

في كواليس الاجتماع، عبر العديد من الفاعلين من الجنوب العالمي عن استياء من بطء الإجراءات وتعقيد المساطر، مطالبين بمراجعة فلسفة التمويل ذاته، ليكون أداة دعم حقيقية للتنمية البيئية المستدامة، وليس أداة لإعادة إنتاج التبعية أو فرض شروط ضمنية. وفي هذا السياق، دعا عدد من المشاركين إلى مساءلة الدول المسؤولة تاريخيا عن التلوث، بدل الاكتفاء بآليات عامة لا تراعي المسؤوليات التفاضلية.
تصريحات وتوجهات

وقال كارلوس مانويل رودريغيز، الرئيس التنفيذي لصندوق مرفق البيئة العالمية، في كلمته، إن التمويل المشترك تجاوز التوقعات في دورة مرفق البيئة العالمية (GEF-8)، لكنه أقر بأن السياق الجيوسياسي الحالي يؤثر على التدفقات المالية، داعيا إلى تنسيق السياسات على المستوى الدولي.

 و عبر أعضاء في المجلس عن مخاوفهم من هيمنة عدد محدود من الوكالات على تنفيذ المشاريع، ما قد يحد من فعالية الانتشار الجغرافي والاستجابة لخصوصيات الدول والمجتمعات.

نحو دورة جديدة أم إعادة إنتاج القديم؟

يشار إلى أنه من المتوقع عرض نتائج تحليل فجوات الشراكة والتمويل خلال الاجتماع الـ71 المزمع عقده نهاية عام 2025، وهو موعد ينتظره الفاعلون الدوليون والإقليميون بعناية. تعد هذه النتائج مؤشرا حاسما يمكن أن يفتح الباب أمام إطلاق إصلاحات بنيوية جوهرية تستهدف تعزيز فعالية منظومة المرفق، وتحقيق تنسيق أفضل بين الأطراف المعنية، وضمان تدفق التمويل اللازم لمواجهة التحديات المناخية المتفاقمة. ومع ذلك، يبقى الرهان الأكبر معلقا على سؤال محوري يحدد مسار المستقبل: هل ستنتصر مقاربة العدالة المناخية التي تركز على حماية الفئات الأكثر ضعفا وتكافؤ الفرص في تحمل أعباء التحول، أم أن المصالح الاقتصادية الضيقة والتوازنات الجيوسياسية المعقدة ستؤدي إلى تأجيل القرارات الحاسمة، مما يهدد بتحويل الوعود إلى مجرد خطاب بلا تنفيذ؟
إن الإجابة على هذا السؤال لا تمس فقط جدوى السياسات المناخية، بل تعكس أيضا مدى التزام المجتمع الدولي بالاستجابة لتحديات التغير المناخي بشكل عادل ومستدام، وهو ما سيحدد في نهاية المطاف قدرة البشرية على تجاوز أزمة المناخ وتحقيق مستقبل أكثر أمانا لجميع الشعوب.

ويذكر أن التمويل البيئي، رغم أهميته، لا يكفي وحده. ما لم يربط برؤية عادلة، وبتوزيع منصف للسلطة والموارد، سيظل الجنوب يدفع الثمن الأكبر، وتبقى العدالة المناخية وعدا مؤجلا.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!