تشبيك، تشجير، وتشريعات: خريطة طريق جديدة للمنظومات الطبيعية

محمد التفراوتي1 مايو 2025آخر تحديث :
تشبيك، تشجير، وتشريعات: خريطة طريق جديدة للمنظومات الطبيعية

آفاق بيئية: محمد التفراوتي

ندوة علمية بسلا تناقش التدبير المستدام للغابات والموارد المائية بجهة الرباط – سلا – القنيطرة

في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الموارد الطبيعية بالمغرب، نظّم النادي المغربي للبيئة والتنمية، بشراكة مع المعهد الملكي للتقنيين المتخصصين في المياه والغابات بسلا، ندوة علمية يوم 29 أبريل 2025 تحت شعار: “تحديات التدبير المستدام للغابة والموارد المائية بجهة الرباط – سلا – القنيطرة: أي دور للفاعلين والأطراف المعنية؟”.

وقد جاء تنظيم هذا اللقاء العلمي تزامنا مع عدد من الأيام البيئية العالمية، أبرزها اليوم العالمي للماء، واليوم العالمي للغابة، واليوم العالمي للأرصاد الجوية، واقتراب الاحتفاء باليوم العالمي للتنوع البيولوجي. وهو ما أضفى على الندوة بعدا رمزيا يعكس الترابط العضوي بين هذه المنظومات البيئية، ويبرز الحاجة الملحة إلى نهج مقاربة مندمجة في تدبيرها.

في كلمته الافتتاحية، رحب السيد نور الدين عميرات، مدير المعهد الملكي، بانعقاد هذه الندوة المشتركة مع المجتمع المدني، مؤكدا على أهمية تكامل الأدوار بين مؤسسات التكوين والمجتمع المدني والجهات الوصية على الموارد الطبيعية، بغية تعزيز الوعي وترسيخ ثقافة الاستدامة.

وأبرز السيد محمد فتوحي، رئيس النادي المغربي للبيئة والتنمية، السياق البيئي العام الذي يشهده المغرب، خاصة جهة الرباط – سلا – القنيطرة، مشيرا إلى أن المغرب انتقل من مرحلة وفرة الموارد إلى وضعية خصاص ثم ندرة، خاصة في ما يتعلق بالماء والغطاء الغابوي، بفعل التغيرات المناخية والاستغلال غير المستدام. ودعا إلى اعتبار هذه الأزمة فرصة لتعزيز التنسيق وتفعيل الحلول المبتكرة.

الجلسة العلمية الأولى: تشخيص الواقع البيئي بين المؤهلات والإكراهات

خصصت هذه الجلسة لتحليل الوضع البيئي الراهن بالجهة من منظور علمي ومجالي. استهلها الأستاذ عبد الرحمان عافي بعرض معمق حول المؤهلات الطبيعية للجهة، مؤكدا غناها بالغابات والشبكات المائية، وكذا تنوعها البيولوجي الفريد. كما أشار إلى الضغط المتزايد على هذه الموارد بفعل التوسع العمراني، وتزايد الكثافة السكانية، والتغيرات المناخية المتسارعة.

بعده، تناول السيد الحسين جديرة، رئيس مصلحة المحافظة وتنمية الموارد الغابوية بالمديرية الجهوية للمياه والغابات، الوضع الراهن للثروة الغابوية، مستعرضا استراتيجية “غابات المغرب 2020 – 2030″، التي تقوم على أربعة محاور رئيسية: التهيئة المجالية التشاركية، إشراك الجماعات المحلية، إدماج الرقمنة، والإصلاح المؤسسي. وسلط الضوء على أهمية غابة المعمورة بوصفها من أكبر الغابات الفلينية في العالم، وكذا دور الغابات الحضرية في التخفيف من آثار التغيرات المناخية، وتحسين جودة الحياة.

الجلسة الثانية: نقاش تفاعلي واستشراف للآفاق

حملت الجلسة الثانية عنوان “وضعية قطاع الماء والغابات بالجهة: التحديات والفرص والآفاق”، وأدارها الأستاذ محمد فتوحي، بمشاركة فاعلين من المكتب الوطني للكهرباء والماء، وكالة الحوض المائي لأبي رقراق، المجتمع المدني، وأطر المعهد الملكي.

تركز النقاش حول إشكالية الماء الصالح للشرب، خصوصا في ظل التغيرات المناخية التي أثرت على مستوى حقينة السدود وتدفق المياه الجوفية. كما ناقش المتدخلون تحديات التدبير المندمج للموارد المائية، والحاجة إلى تقوية قدرات الموارد البشرية العاملة في هذا المجال، إضافة إلى أهمية التوعية البيئية، وتثمين الموارد الطبيعية عبر حلول قائمة على الطبيعة.

أبرز النقاط التي طرحت تمثلت في ضرورة تعزيز الشراكات بين الفاعلين العموميين والمحليين، ودعم البحث العلمي الميداني، وتحقيق انسجام مؤسساتي يضمن الالتقائية بين البرامج العمومية.

التربية البيئية: من التنظير إلى الممارسة

واختتمت أشغال الندوة بجولة ميدانية داخل مرافق المعهد الملكي، شملت مشتل إنتاج الشتلات، مركز الفروسية، وأماكن تربية الطيور، إضافة إلى تنظيم ورشات عملية لغرس الأشجار. وقد شكلت هذه الأنشطة فرصة لترسيخ مفاهيم التربية البيئية لدى المشاركين من خلال الربط بين الجانب النظري والممارسة الميدانية.

توصيات عملية نحو حكامة بيئية رشيدة

خرج المشاركون في ختام الندوة بمجموعة من التوصيات الهادفة إلى تعزيز الحكامة البيئية المستدامة على مستوى جهة الرباط سلا القنيطرة حيث أكدوا على أهمية تبني مقاربة مندمجة لتدبير الموارد الطبيعية تأخذ بعين الاعتبار الترابط بين الماء والغابة والتنوع البيولوجي.

كما دعوا إلى تعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين من مؤسسات عمومية ومجتمع مدني وجماعات ترابية عبر إرساء آليات دائمة وفعالة للتشبيك وتبادل الخبرات.

وشددوا على ضرورة دعم برامج التوعية والتحسيس الموجهة إلى فئات الشباب والنساء والساكنة القروية قصد ترسيخ الثقافة البيئية في السلوك اليومي.

وأوصوا بتعزيز البحث العلمي التطبيقي وربطه ببرامج التخطيط المجالي من أجل تطوير حلول مبتكرة وملائمة للسياق المحلي. كما تم التأكيد على أهمية توفير الموارد المالية والتقنية الكفيلة بدعم جهود إعادة التشجير وترميم الغطاء الغابوي مع إعطاء الأفضلية للأصناف المحلية المقاومة للتغيرات المناخية. ودعا المشاركون إلى مراجعة الإطار القانوني المنظم لقطاعي المياه والغابات بما يواكب التحولات البيئية والاجتماعية. وأجمعوا على أهمية الاستثمار في الحلول المبنية على الطبيعة لتقوية قدرة المنظومات البيئية على الصمود والتكيف مع الأزمات المناخية. كما اقترحوا تفعيل التربية البيئية الميدانية من خلال تنظيم زيارات ميدانية إلى الفضاءات الطبيعية والغابات والمناطق الرطبة لفائدة التلاميذ والطلبة. ونبهوا إلى ضرورة التكوين المستمر لفائدة الموارد البشرية العاملة في ميادين الماء والغابات والتنوع البيولوجي من أجل رفع كفاءتها وتعزيز جاهزيتها في مواجهة التحديات البيئية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!