آفاق بيئية : بيروت
تواجه المنطقة العربية، التي تضم 13 مليون طفل/ة وشاب/ة غير ملتحقين بالمدرسة بسبب النزاع، تحديًا إضافيًا سببه جائحة كورونا وتأثيرها على أكثر من 100 مليون متعلم في المنطقة. ولجأت البلدان العربية، كغيرها من البلدان، إلى التعلم عن بُعد وإلى الموارد التعليمية البديلة لضمان استمرار التعليم في ظل تعليق الصفوف العادية. ونظرًا إلى أنّ 51.3 في المائة من سكان المنطقة لا يستخدمون الإنترنت أو الإنترنت على الهاتف المحمول، يشكّل التلفاز إحدى الوسائل الأكثر استخدامًا في المنطقة لتوفير التعليم بعكس الراديو الذين لا يُستَخدم إلا في حفنة من الدول العربية كما ورد في التقرير الصادر عن مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية المعنون “حلول بديلة في ظل إغلاق المدارس في المنطقة العربية لضمان عدم توقّف التعلم أبدًا” .
وفي هذا السياق، نظم مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية، بالتعاون مع قسم السياسات ونظم التعلم مدى الحياة في اليونسكو باريس واتحاد الإذاعات الأوروبية واتحاد إذاعات الدول العربية، ندوة عبر الإنترنت بشأن برامج التعليم عن بُعد باستخدام التلفاز والراديو لتبادل المعرفة بين البلدان العربية في ظل إغلاق المدارس خلال جائحة كورونا وفي أعقابها.
افتتحت الندوة بكلمة ترحيبية للأخصائي الإقليمي لبرامج التربية الأساسية في مكتب اليونسكو في بيروت الدكتور حجازي ادريس طرح فيها عدّة اشكاليات متعلقة بالتعليم عن بعد من خلال التلفاز والراديو: ” كيف يمكن تطوير البرامج التعليمية السمعية والبصرية وتنفيذها؟ ما هي القدرات اللازمة؟ ما هو دور المعلمين والأخصائيين الإعلاميين والسلطات المعنية بالتعليم في دعم التعليم القائم على التلفاز والراديو؟ ما هي التحديات التي ينبغي تجاوزها؟ ما هي نتائج التعلم المتوقعة وكيف يمكن قياسها ورصدها؟”
ثمّ كانت كلمة للآنسة سارا بن محفوظ، أخصائية مساعِدة للبرامج في قسم السياسات ونظم التعلم مدى الحياة في مقرّ اليونسكو في باريس، قدّمت فيها لمحة عامة عن استخدام التلفزيون/الإذاعة في إطار استمرارية التعليم عن بًعد خلال جائحة كورونا مع التركيز على الدول العربية. وقالت: “في بداية الأزمة، أجرت اليونسكو دراسة عن الدول التي تستخدم التلفزيون/الإذاعة كوسيلة للدراسة عن بعد، وأظهرت الدراسة أن ٩٢ دولة لديها برامج تعليمية تلفزيونية أو إذاعية و ٪١٠ في المائة منها في الدول العربية. كما تبين نتائج الدراسة أن ١١ دولة عربية من أصل ١٣ تستخدم التلفزيون و ٣ دول فقط تستخدم الإذاعة”. وعرضت بن محفوظ الدروس المستفادة من التعليم عبر التلفاز/الإذاعة وأهمها: التعاون بين جميع الشركاء، أهمية الإبتكار لجذب الطلاب، مثلاً عبر استضافة مشاهير ومؤثرين يجذبون الطلاب للانضمام أو مشاهدة هذه البرامج ، العمل على تحسين الموارد المتواجدة وتطوير البرامج التعليمية عن بعد حتى بعد انتهاء الأزمة.
وعرض الخبير الاستشاري في مكتب اليونسكو في بيروت السيد هاني حامد واقع التعليم عن بًعد في المنطقة العربية خلال جائحة كورونا وقال: ” يعدّ استخدام البثّ الإذاعي والتلفزيوني كحلّ للتعلّم عن بعد، طريقة قوية لسدّ الفجوة الرقميّة في قطاع التعليم والوصول إلى المتعلّمين الأكثر تهميشاً في الدول العربية”. وأضاف: ” وفق دراسة أجرتها اليونسكو حول أثر التعليم عن بعد في العالم العربي، أتى البثّ التلفزيوني والإذاعي (الراديو) في المرتبة الثانية، كوسيلة لضمان وصول المواد التعليميّة خلال جائحة كورونا.” كما تحدّث حامد عن التحديات والدروس المستفادة ودّم توصيات لتحسين جودة التعليم عبر التلفاز والراديو ومنها: ضمان جودة البرامج التعليمية، تحفيز المتعلّمين وخاضة الصغار منهم، تخصيص برامج تعلّمية لمهارات الحياة ولدعم الأطفال والأسرعاطفياً واجتماعياً، اعتماد مختلف أنماط البث المباشر والمسجّل، تطوير شراكات مع قطاع الاتصالات.
وتحدّثت السيدة نيكولا فرانك رئيسة العلاقات المؤسسية والدولية في اتحاد الإذاعات الأوروبية عن اتحاد الإذاعات الأوروبية والتحالف العالمي للتعليم، مشيرةً الى أهمية بناء الشراكات الهادفة بين القطاعين الخاص والعام لضمان جودة التعليم عن بُعد.
تلا ذلك عروضاً لتجارب عربية في مجال التعليم عن بعد عبر الإذاعة والتلفاز. فتحّدث الأمين العام في وزارة التربية والتعليم الموريتانية السيد محمد المصطفى إدوم عبدي اجيد عن التجربة الموريتانية، ونائب مدير عام القناة التعليمية في وزارة التربية والتعليم في اليمن السيد محمد المختار عن التجربة اليمنية، والصحفي الأول في التلفزة التونسية السيد حمادي غيداوي عن التجربة التونسية، وكل من مديرة الإرشاد والتوجيه في وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان السيدة هيلدا خوري والمنسقة العامة لوحدة التربية المختصة في الوزارة السيدة سهاد دندش، عن التجربة اللبنانية. كما عرض السيد روبيرت فورتويجن مدير قناة Zapp & Zappelin في هولند التجارب أوروبية في التعليم عن بُعد.
اختُتمت الندوة بملاحظات كل من الدكتور حجازي ابراهيم من مكتب اليونسكو في بيروت و السيد غوانغ-شول تشانغ، مدير قسم السياسات ونظم التعلم مدى الحياة في مقرّ اليونسكو في باريس، أشادا فيها بالجهود التي بذلتها الدول العربية لضمان استمرار التعليم وجودته، وشدّدا فيها على دور الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مشيرين الى قصة النجاح التي مثّلها في هذا الصدد التحالف العالمي للتعليم الذي أطلقته اليونسكو مع بداية أزمة كورونا.
سمحت الندوة بتبادل المعرفة والممارسات الجيدة في مجال تطوير المواد التعليمية السمعية والبصرية، وبالتطرّق إلى التحديات والفرص في استخدام التلفاز والراديو للتعليم عن بُعد، وذلك لتعزيز التعاون بين مطوّري المحتوى التربوي والخبراء في مجال الموارد السمعية والبصرية. وستشكل تسجيلات الندوة حجر الأساس لإنتاج مقررات وموارد تعليمية لجميع البلدان المهتمة.