الدول الجزرية خزان بيولوجي واقتصادي يواجه تحديات التدهور البيئي
د الخطابي الثاني على اليسار يتوسط المشاركين في مؤتمر مراكش حول تغير المناخ
آفاق بيئية : محمد التفراوتي
تحيط المحيطات بمختلف الدول الجزرية الصغيرةالنامية(SIDS). صغر حجمها يضفي عليها نوعا من الهشاشة والعزلة . وكمثل بقية البلدان الأفريقية تتعرض هذه الجزر لتأثيرات تغير المناخ. وتتفاقم هشاشتها أساسا من خلال تعرضها لمخاطر المناخ واعتماد اقتصادهاعلى الزارعة الشتوية . وتتوفر أيضا على موارد طبيعية محدودة مثل المياه العذبة مع اعتماد شديد على الواردات و الأسواق الخارجية.وخاصة على واردات النفط والغاز التي تستخدم في مجال النقل وإنتاج الكهرباء. كما أن تقوقع هذه الجزر يجعل الوصول إليها صعبا وبالتالي فهي تظل معزولة عن الأسواق العالمية..
ويبلغ تعداد سكان هذه الجزر الصغيرة مجتمعة 63,2 مليون نسمة .وتواجه تحديات عديدة بسبب صغر حجمها وبُعد مكانها. وهي أيضاً معرّضة بدرجة كبيرة لتغير المناخ والكوارث الطبيعية. و تشترك الجزر الصغيرة في أشياء كثيرة، إلا أن مستويات معيشتها متباينة بدرجة كبيرة.
الخبير المغربي البروفسور عبد اللطيف الخطابي رئيس الجمعية المغربية للعلوم الجهوية (AMSR) وأستاذ المدرسة الوطنية للمهندسين الغابويين شارك بعرض في الموضوع خلال المؤتمر الدولي الرابع حول التغير المناخي والتنمية المنعقد مؤخرا بمراكش والمنظم من قبل لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا حول موضوع “إفريقيا يمكن أن تغذي إفريقيا الآن : فلنضع معرفتنا المناخية لخدمة العمل”، وفي هذا الصدد أفاد الدكتور الخطابي أن الدول الجزرية الصغيرةالنامية تعاني من ضعف البنية التحتية والنقل، والهياكل المؤسساتية المشتركة والرؤية محدودة على مستوى الساحة الدولية وكذا الاستغلال المفرط للموارد البحرية و التلوث البري أو البحري. كما تواجه دول هذه الجزر مختلف أساليب الإستغلال المدمرة للموارد الطبيعية، والكوارث الطبيعية وتغير المناخ ..
وأسهب الخطابي بالشرح والتحليل في تناول النظم الغذائية والموارد البحرية للدول الجزرية الصغيرةالنامية بإفريقيا متسائل عن مدى استعداد إفريقيا لاستكشاف الاقتصاد الأزرق ، ليؤكد أن زيادة التلوث والتنمية غير المستدامة يساهمان في فقدان التنوع البيولوجي لوظيفة الأنظمة الإيكولوجية والتراجع في تقديم الخدمات البيئية . كما يولد تزايد عدد السكان ، وتكثيف الزراعة والتوسع الحضري السريع في المناطق الساحلية ضغطا عاليا على الوسط الطبيعي.
أكيد الدول الجزرية الصغيرة النامية تتأثر بشدة من جراء تغير المناخ ، يضيف الخطابي ، بطريقة متباينة، بسبب مستويات تعرضها والظروف الاجتماعية والاقتصادية وخصوصياتها الجغرافية كمناطق المنخفضة ، خاصة أمام ظاهرة بيئية أخرى هي ارتفاع مستوى البحر. ، حيث أشار المتحدث إلى أن هذا ارتفاع يشكل خطرا حقيقيا على أسس القطاعات والبنية التحتية الساحلية ، كما أن زيادة مستويات ثاني اكسيد الكاربون CO2 في الغلاف الجوي سوف تؤثر على العديد من النظم الإيكولوجية البحرية بسبب تحمض المحيطات.
ومع ذلك، يستدرك الخطابي ، ورغم كل الضغوطات التي تواجهها هذه الدول، فلديها ميزة كونها ذات تنوع بيولوجي غني، وتعد موطناً للكثير من الأنواع المستوطنة ، ولها موارد بحرية و معدنية هامة. مع قدرة عالية لإستغلال الطاقة المتجددة. كما أن الاستغلال الرشيد لهذه الموارد سيسمح لها بتحسين أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية، و زيادة قدرتها على مقاومة تحديات التعرض الشديد لتأثيرات تغير المناخ. علما ، وكما يقول الخطابي أن أهمية المحيطات في مجال التنمية المستدامة كانت معروفا قبلا ومند بداية مؤتمر الأمم المتحدة حول بالبيئة والتنمية UNCED في مذكرة 21، وفي جدول أعمال مخطط “جوهانسبرغ”، و تم إعادة تأكيده في الوثيقة الختامية لمؤتمر “ريو + 20. وعليه فإمكانات المحيطات لتلبية احتياجات التنمية المستدامة هائلة ،ولكن فقط إذا ثم الحفاظ عليها أو تحديثها إلى وضعية سليمة ومنتجة.
وعن إمكانية تطوير مستوى الدول الافريقية الجزرية الصغيرة النامية أشار الخطابي أن هناك سبل جديدة للتطوير. يتطلب ذلك أساسا عدم اعتبار المحيطات كمصدر حر للموارد وحاويات للمقذوفات الملوثة، بل وسطا ذا قيمة مع أخد بعين الاعتبار الخدمات في الحسابات الاقتصادية وعمليات صنع القرار.
وأضاف الخطابي أن الاقتصاد الأزرق، كمفهوم جديد للتنمية يهدف إلى فصل التنمية الاجتماعية والاقتصادية عن تدهور البيئي ، يعتير فرصة لهذه الدول ، توفر مجموعة من إمكانيات النمو المستدام والنظيف والعادل . وبذلك بات أساسيا من أجل الاقتصاد الأزرق والفعالية والاستخدام الأمثل للموارد احترام نزاهة الشروط البيئية .
الى جانب ذلك، يعتبر الاقتصاد الأزرق اقتصادا مناسبا لسياق وتحديات البلدان النامية الساحلية والجزر، مع الاعتراف بأن المحيطات التي تغطي أكثر من ثلثي سطح العالم لها دور رئيسي في مستقبل الإنسانية.
وأوضح الخطابي أن الاقتصاد الأزرق المشتمل على مفهوم الاقتصاد على أساس استغلال موارد المحيطات، يذهب إلى أبعد من ذلك نحو تنظيم هذه الأوساط على أنها “مناطق التنمية” حيث يدمج التخطيط المجالي المحافظة والاستعمال المستدام للموارد البحرية ، والتنقيب الحيوي وإنتاج الطاقة المستدامة و السياحة والنقل البحري.
ويعد الصيد النشاط الاقتصادي الأهم و الموحد لدى جميع الدول الجزرية الصغيرة النامية. حيث يلعب دورا هاما ، رغم صغر حجمه ، في الاقتصاد المعيشي للساكنة المحلية وأمنها الغذائي. كما أنه مدر للدخل ويوفر فرص عمل للساكنة المحلية.ويعد هذا النشاط إحدى الدعائم التي تقوم عليها اقتصادات الدول الجزرية. ويمكن التقليل من الضغط على الموارد المائية بما في ذلك استنزاف الموارد السمكية البحرية، وتدمير الموائل الطبيعية للأسماك وتآكل التنوع البيولوجي من خلال تربية الأحياء المائية متحكم فيها وتكييفها مع المجال ..كما أن إنتاج الطاقة المتجددة والتنقيب عن المعادن يعدان أيضا بفرص هامة للتنمية إذا تم استغلالها بعقلانية.
ويمكن أن تكون السياحة المستدامة والمسؤولة ، وفقا للإمكانات والضغوطات بالأوساط الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية وخاصة القدرة على التحمل ، يضيف الخطابي ، خيارا للتنمية المحلية وتعزيز المحافظة على الطبيعة.
وتنطبق مزايا الاقتصاد الأزرق، يضيف الخطابي ، كذلك على البلدان الساحلية مثل المغرب الذي يتميز بشريط ساحلي يبلغ طوله حوالي 3500 كيلومتر ومجال بحري وطني حوالي66 ألف كيلومتر مربع بالمياه الإقليمية و 1.17مليون كيلومتر مربع بالمنطقة الاقتصادية الخاصة للمغرب. (ZEE) .
يشار أن مفهوم الاقتصاد الأزرق يوفر وسائل الاستخدام الرشيد للموارد خارج حدود السلطة القضائية الوطنية و التنمية المستدامة من التراث المشترك للإنسانية التي هي الموارد البحرية في أعالي البحار. و يستند على نفس مبدأ الاقتصاد الأخضر، التي دعا إليها مؤتمر “ريو + 20″، أي تطوير رفاهية الإنسان والمساواة الاجتماعية، مع الحد بشكل كبير من المخاطر والمشاكل البيئية.
يذكر أن عدد الدول الجزرية الصغيرةالنامية(SIDS)يصل نحو 39 دولة جزرية صغيرة نامية في ثلاث مناطق جغرافية: منطقة البحر الكاريبي؛ والمحيط الهادئ؛ وأفريقيا، والمحيط الهندي، والبحر الأبيض المتوسط، وبحر الصين الجنوبي.
وتعد هذه الجزر مخزونا للمعطيات الوراثية التي يمثل تنوعها البيولوجي في الوقت الحاضر سجلاً عمره ملايين السنين من التطور. ويعد هذا التنوع البيولوجي ذا قيمة بالغة للبشرية جمعاء.