آفاق بيئية: محمد التفراوتي
تقرير أممي جديد يحذر: تجاوز حد ١.٥ درجة مئوية أصبح شبه مؤكد، والوقت ينفد لتجنب الأسوأ
نيروبي، 4 نوفمبر 2025 – كشف التقرير السنوي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة “فجوة الانبعاثات” عن أن التعهدات المناخية الجديدة للدول قد حققت تقدما هامشيا فقط، غير كاف لإبعاد العالم عن مسار الاحترار الكارثي. فبدلا من تغيير المسار، لا تزال هذه التعهدات تدفع بالعالم نحو تصعيد خطير في المخاطر والأضرار المناخية.
وأبرز ما كشفه التقرير أن التقدم بطيء وخطير، حيث انخفضت توقعات ارتفاع درجة الحرارة العالمية هذا القرن من 2.6-2.8 °C إلى 2.3-2.5 °C بناء على التعهدات الجديدة. ومع ذلك، يعزى جزء كبير من هذا “التحسن” إلى تحديات منهجية وليس لطموح حقيقي، كما أن الانسحاب المرتقب للولايات المتحدة من الاتفاقية يلغي جزء آخر منه. و تحدث التقرير عن تقاعس الدول، إذ لم يقدم سوى 60 دولة فقط (أقل من ثلث الدول الموقعة على اتفاق باريس) تعهداتها المناخية الجديدة (المساهمات المحددة وطنيا) في الموعد النهائي المحدد (30 سبتمبر 2025)، مما يعكس افتقارا كبيرا للطموح والجدية. مشيرا الى أن تجاوز الـ 1.5 درجة بات حتميا. ذلك أن التقرير يؤكد علميا أن تجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية، ولو بشكل مؤقت، أصبح أمرا لا مفر منه، متوقعا أن يحدث هذا في ثلاثينيات القرن الحالي على أبعد تقدير.
وأفاد “أنطونيو غوتيريش”، الأمين العام للأمم المتحدة أن “هذا ليس سببا للاستسلام، بل دافعا للمضي قدما وتسريع وتيرة العمل.” وشدد على أن “هدف 1.5 درجة مائوية يبقى هدفنا المنشود وهو لا يزال في متناول اليد، ولكن فقط إذا عززنا طموحاتنا بشكل ملموس.”
فجوة هائلة بين الأقوال والأفعال
و أشارت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلى أن “الدول قد بذلت ثلاث محاولات للوفاء بوعود باريس، وفي كل مرة كانت تفشل في تحقيق هدفها.” وأضافت: “ما زلنا بحاجة إلى تخفيضات غير مسبوقة في الانبعاثات في ظل ضيق الوقت.”
ويكشف التقرير عن فجوة مزدوجة. فجوة في الطموح (التعهدات الجديدة غير كافية)، و فجوة في التنفيذ (حتى التعهدات الحالية لعام 2030 لا تسير على الطريق الصحيح لتحقيقها). ففي الوقت الذي يجب أن تنخفض فيه الانبعاثات بنسبة 25 في المائة – 40 في المائة بحلول 2030، هي لا تزال في ارتفاع، مسجلة نموا بنسبة 2.3 في المائة في عام 2024.
مستقبل صالح للعيش لا يزال ممكنا… بالكاد
على الرغم من هذه الصورة القاتمة، يؤكد التقرير أن الحلول المثبتة موجودة، من النمو السريع للطاقة المتجددة الرخيصة إلى معالجة انبعاثات الميثان. ويتطلب إنقاذ الوضع تحركا سريعا وجريئا يحقق أيضا نموا اقتصاديا أسرع، وصحة بشرية أفضل، وفرص عمل أكثر.
ويخلص التقرير إلى أن الطريق الوحيد لتفادي أسوأ العواقب هو خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 26 في المائة بحلول 2030 و 46 في المائة بحلول 2035، مقارنة بمستويات 2019. وكل جزء من الدرجة يتم تجنبه يقلل من المعاناة الإنسانية ويحد من مخاطر نقطة اللاعودة في النظام المناخي.
مجموعة العشرين في قلب المعركة
و يسلط التقرير الضوء على الدور المحوري لمجموعة العشرين، التي تمثل دولها 77 في المائة من الانبعاثات العالمية. ومع ذلك، فإن غالبية هذه الدول لم تقدم تعهدات جديدة طموحة، بل إن انبعاثاتها الجماعية استمرت في الارتفاع في عام 2024، مما يدق ناقوس الخطر حول ضرورة قيادة أكبر الدول المسببة للانبعاثات للمعركة ضد تغير المناخ.






































