أمريكا تتسابق على ثروات أعماق البحار: قرار ترامب يثير قلقا بيئيا عالميا

محمد التفراوتي1 مايو 2025آخر تحديث :
أمريكا تتسابق على ثروات أعماق البحار: قرار ترامب يثير قلقا بيئيا عالميا

آفاق بيئية: محمد التفراوتي

أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارا تنفيذيا جديدا يدفع الولايات المتحدة إلى مقدمة السباق العالمي للسيطرة على الموارد المعدنية في أعماق البحار. القرار، الذي حمل عنوان “إطلاق العنان للمعادن والموارد البحرية الأمريكية”،
يهدف إلى تعزيز الأمن القومي والاستقلال الاقتصادي عبر تسريع عمليات التنقيب عن المعادن الاستراتيجية مثل الكوبالت، النيكل، النحاس، والتيتانيوم في قاع المحيطات.

ينص القرار على اعتماد إجراءات سريعة لتسهيل منح التراخيص للبحث والاستخراج في الجرف القاري الأمريكي، والمياه الدولية، وحتى ضمن المناطق الاقتصادية الخالصة للدول المتحالفة مع واشنطن. كما يدعو القرار إلى تطوير تقنيات المعالجة والتكرير المحلية للمعادن البحرية، وتأسيس شراكات استراتيجية مع دول تسعى لتنمية مواردها في البحار.

سباق على حساب البيئة؟

تروج الإدارة الأمريكية لهذا التوجه كخيار استراتيجي ضروري لمواجهة الهيمنة الصينية على سوق المعادن الحيوية، والتي تعد أساسية لصناعات الدفاع والطاقة المتجددة. لكنها تغفل في المقابل عن التبعات البيئية التي قد تكون كارثية.

تشير دراسات علمية إلى أن التعدين في أعماق البحار يهدد بتدمير نظم بيئية نادرة، بعضها لم يكتشف بالكامل بعد. الرواسب الغنية بالمعادن تقع غالبا في مناطق مأهولة بكائنات دقيقة وهشة، مثل عقد المنغنيز والعناصر الأرضية النادرة. استخراجها قد يؤدي إلى اضطراب بيئي طويل الأمد.

من الجيواستراتيجية إلى الأخلاقيات البيئية

تحمل الخطوة الأمريكية أبعادا تتجاوز الاقتصاد. فهي تمثل رسالة سياسية بفتح الباب أمام استغلال مناطق غير خاضعة لأي سيادة واضحة، مما يعيد طرح سؤال طالما أثار الجدل: من يملك قاع البحار؟ وهل يصبح السباق على موارده فوضويا في غياب اتفاقات دولية ملزمة؟

اللافت أن القرار لم يأت على ذكر اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS)، التي لم تصادق عليها واشنطن، رغم أنها الإطار القانوني الرئيسي لتنظيم استغلال الموارد في المناطق البحرية الدولية.

بينما تدعي الولايات المتحدة حماية مصالحها الاستراتيجية، فإنها تخاطر بفتح جبهة جديدة من الاستنزاف البيئي قد تفرغ المحيطات من ثرواتها قبل أن نعي قيمتها البيئية والعلمية. ينبغي أن ينظر إلى أعماق البحار كميراث مشترك للبشرية، لا كمخزن مؤقت لسد فجوات الأسواق.

ما نحتاجه اليوم ليس سباقا نحو القاع، بل رؤية جماعية منضبطة تخضع استغلال الموارد البحرية لأعلى المعايير البيئية والأخلاقية. وبدلا من تسريع الحفر، ربما آن الأوان لتعميق الحوار.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!