نحو إسقاط الحياد الكربوني!

محمد التفراوتي1 مارس 2025آخر تحديث :
نحو إسقاط الحياد الكربوني!

آفاق بيئية: د. حمدي هاشم

drhhashem@gmail.com

داوم أثناء ولايته الرئاسية الأولى على التشكيك في مصداقية تغير المناخ بسبب السلوك البشري، وتبعها ترامب بأنها خدعة كبري وخذلاناً علمياً، حيث لا علاقة لعنصر الكربون بالاحترار العالمي (الاحتباس الحراري)، وقد بدأ في إلغاء القيود التنظيمية والتوسع في استخراج الوقود الأحفوري، في سبيل انفراد الولايات المتحدة بعرش الطاقة والمستقبل! وهو من اعتبر اتفاقية باريس لتغير المناخ (COP21) مدمرة للاقتصاد الأمريكي فانسحب منها (2017)! وبعدما عاد لبنودها خليفته الديمقراطي (بايدن) يريد الانسحاب ثانية (2025)، بل الارتداد عن اتفاقية الأمم المتحدة ذاتها (1992)، وتفكيك الإجراءات الفيدرالية المرتبطة بها، لتعزيز استقلال الطاقة والنمو الاقتصادي، علاوة على الاستفادة من التمويل لمساعدة البلدان الأخرى على توسيع نطاق الطاقة النظيفة والتكيف مع تغير المناخ (40 مليار دولار 2021 ـ 2024)، في أبحاث الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المخيفة (لإعلاء الآلات على البشر)، لتجاوز عتبة الصين (العدو الاستراتيجي). فلا عزاء للحياد الكربوني في ظل وزير للطاقة (أحفوري عتيد).

يسكن عدم اليقين والتوتر الشديدين هذه المرحلة، وسوف تتأثر سياسات المناخ المحلية والتعاون الدولي متعدد الأطراف، في حين تتصاعد وتيرة التمرد والنضال بين نشطاء البيئة والمناخ (ضد اليمين الشعبوي)، المنذرون بمخاطر التقلبات المناخية القادمة (فيديو مؤتمر كاربون بريف ـ نوفمبر 2024). أما اتفاق باريس ليس ملزماً قانوناً ويستند إلى الثقة والقيادة، ولكن تداعيات موقف أكبر اقتصاد في العالم من الوقود الأحفوري ستطول مسئولية البلدان الأخرى، وربما تترك الولايات المتحدة زمام قيادة تغير المناخ إلى الصين (سقف العالم الكربوني). ولا حيلة في مناهضة سياسات الطاقة النظيفة التي أقرها الكونجرس من قبل، حيث تتدفق فوائد القوانين الفيدرالية بكثافة إلى الولايات الحمراء، ويستفيد حلفاء ترامب في صناعة البترول والغاز من الإعفاءات الضريبية التي يوفرها القانون لاحتجاز الكربون والوقود الحيوي المتطور والهيدروجين (مركز سياسة الطاقة الدولية ـ جامعة كولومبيا).

وسبق تشكيك ترامب حكماً نهائياً لكثيرين من المجتمع العلمي الأمريكي (من أبرزهم الدكتور فريدرك سيتز) ـ منذ نحو ربع قرن مضى ـ ضد فرضيات نظرية الاحتباس الحراري (متلازمة الوقود الأحفوري)، التي عليها تأسست الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ((ipcc، وانتشرت أوهام خفض نسبة الكربون (البشري) بالغلاف الجوي، والترهيب بهوس سياسي من تغير مناخ الأرض. وقد لاقى البعض منهم الإقصاء، بينما ناهض آخرين ذلك التخويف غير المبرر، وأثبت المئات من خبراء المناخ (من مختلف أنحاء العالم) خطأ تلك النظرية، وأدلوا بشهادتهم في تقرير الأقلية بمجلس الشيوخ الأمريكي (لجنة البيئة والأشغال العامة)، مع عريضة (جمعت ألاف التوقيعات) لعدم ملائمة تنبؤات النماذج المناخية لهذه الهيئة الدولية. وقام “لاري بيل” بكشف الأدلة عليها في كتاب مناخ الفساد: السياسة والسلطة وراء خدعة الاحتباس الحراري العالمي (2011). ومن كلمة الولايات المتحدة في قمة المناخ (ريو دي جانيرو 1992): يجب الأخذ بهذه النظرية من منظور الاقتصاد والبيئة حتى وإن كانت خاطئة!

شعار “أمريكا أولاً” فوق كل الأغيار! فقد تم الانسحاب خلال مؤتمر المناخ (دبي COP28)، من تحالف مناخي (تقوده هولندا) نحو إلغاء تدريجي لإعانات دعم الوقود الأحفوري، ربما خوفاً من حرب أحفورية أخرى ضد الكونجرس (مثلما حدث في عهد أوباما) من قادة صناعة النفط الأمريكي بشأن إلغاء الحوافز الضريبية! فكيف مع مطالبة بالاستغناء التدريجي (أو التخلي) عن الوقود الأحفوري؟ والذي يقدر بقائه بنحو خمسة عقود قادمة (أو يزيد) عدا الفحم الذي سيبقى طويلاً. وهل سيتم ذلك سلمياً وتستسلم الدول الكبرى المصدرة للنفط، ومعها كبار المستهلكين، للغواية السياسية المناخية؟ والتضحية بمستقبل الاقتصاد مقابل تعافي المناخ بعصا هوليوودية! وعملياً قد يؤدي موقف ترامب من الاحتباس الحراري إلى إسقاط الحياد الكربوني! وننتظر، هل سيكون مؤتمر المناخ 2025 (COP30 بيليم، البرازيل) النسخة الأخيرة في دراما التصادم الأحفوري والتمويل الكاذب وتعويضات الهيمنة المناخية على البلدان المتضررة؟!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

التعليقات تعليق واحد
اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
  • د. مصطفي محمد البغدادي
    د. مصطفي محمد البغدادي منذ أسبوع واحد

    الشعار الأمريكي :أمريكا فوق كل الاغيار.. فوق كل اعتبار فوق كل منطق ينذر بمستقبل غير مبشر للبشرية خاصة في ظل إدارة منهجها الكسب غير المشروع والاستيلاء علي مقدرات الدول خاصة الضعيفة ومحاربة أي اتجاهات أو دراسات تتحدث عن التغيرات المناخية

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!