د. محمد عبد الرءوف عبد الحميد *
إن دولة الإمارات العربية المتحدة جادة جداً بشأن الطاقة المتجددة وظهر ذلك جلياً من فاعليات القمة العالمية لطاقة المستقبل يناير 2013 وهذا الحرص لا يعزز فقط أمن الطاقة فى البلد الخليجى بل هو أيضاً محاولة لتعزيز الجهود الدولية لمكافحة التغير المناخي، والانتقال نحو الطاقة الخضراء اى طاقة المستقبل.
أصبحت القمة العالمية لطاقة المستقبل حدث بارز على جدول الأعمال الدولية للطاقة المتجددة خاصة وأنها تنمو بسرعة وتجذب المزيد من المشاركين والمهتمين عام بعد عام. وقد جلبت الطبعة السادسة من القمة العالمية للطاقة في أبوظبي قادة العالم معا في السياسة، والتكنولوجيا، والاستثمار، والأوساط الأكاديمية، ووسائل الإعلام والمجتمع المدني لمناقشة مستقبل الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة والتكنولوجيات النظيفة، وتغير المناخ وحلول الاستدامة.
وللقمة العالمية للطاقة عام 2013 أهمية خاصة في العالم العربي لأن الطاقة المتجددة يمكن أن تساعد على تنويع مصادر الطاقة وتحقيق أمن الطاقة، وبالتالي تحويل “الإقتصاد البنى (التقليدى) إلى إقتصاد أخضر الذي هو الأداة الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة.
وجاء هذا الحدث في وقت يجري فيه إعادة تعريف مسار التنمية على الأقل خلال مدة العشرين عاما المقبلة في ضوء نتائج قمة الأرض ” ريو +20″ والوثيقة الصادره عنها والمسماه “المستقبل الى نريد”، وتنص هذه الوثيقة بوضوح على أن الطاقة المتجددة تشكل عنصرا هاما في التحول إلى الاقتصاد الأخضر، وخلق المزيد من الوظائف الخضراء.
الحلول
حاليا، هناك العديد من التغييرات محليا وإقليميا وعالميا فيما يتعلق بجدول أعمال التنمية، فقد ثبت أن القضايا البيئية والعدالة الاجتماعية، وما إلى ذلك نماذج التنمية الحالية غير مستدامة وبالتأكيد ستكون الطاقة المتجددة جزءاً رئيسياً من الحل لكثير من هذه التحديات والمشاكل.
وفي العالم العربي، يمكن تطوير جميع أنواع الطاقة المتجددة. الا أن الطاقة الشمسية، على وجه الخصوص، واعدة جدا وجميع تطبيقات الطاقة الشمسية، وخاصة التطبيقين: الطاقة الشمسية المركزة (CSP) والأغشية الرقيقة للخلايا الكهروضوئية، قابلتا للتنفيذ في العالم العربي.
تتطلب الطاقة الشمسية المركزة التنفيذ على نطاق واسع في الصحراء، والأغشية الرقيقة الخلايا الكهروضوئية يمكن أن تلعب دوراً هاماً في توليد الطاقة الكهربائية في المباني وكذلك في المجتمعات الريفية النائية، التي لا ترتبط إلى الشبكة، وبالتالي تساعد في تحقيق الاكتفاء الذاتى. كما يمكن للتطبيقات الجديدة التى تعتمد على المحطات الهجينية التي تعمل على الطاقة الشمسية في الصباح والرياح في المساء ان تلعب دوراً هاماً أيضاً.
ان منطقة الخليج العربي، على وجه الخصوص، لديها كل مقومات النجاح في مجال الطاقة المتجددة: العمالة الرخيصة، ويمكن تأمين التمويل كما يجري تطوير التكنولوجيا من خلال شركات مثل شركة مصدر المنظمة لقمة طاقة المستقبل 2013 والأهم من ذلك، هناك إرادة سياسية. بالإضافة إلى ذلك، إن تكاليف تكنولوجيا الطاقة المتجددة في انخفاض مستمر، والطلب فى تزايد مستمر والتكنولوجيا تتطور بسرعة كبيرة.
كانت القمة العالمية للطاقة 2013 حدث فريد حيث شهدت إطلاق عدد من الفاعليات الجديدة جنبا إلى جنب مع تلك العادية. كما كان هناك معرض دولي، ومشروع القرية المالية، وبرنامج الشباب لطاقة المستقبل بالاضافة الى الاجتماعات المشتركة والفاعليات الاجتماعية.
وفى قمة هذا العام، كانت السنة الأولى من القمة الدولية للمياه، التى تقام بالتزامن مع القمة العالمية للطاقة. فمؤتمر القمة الدولي للمياه هو الحدث الوحيد الذي يركز على وجه التحديد على العلاقة بين المياه والطاقة والتحديات التي يشكلها ذلك خاصة فى البيئات القاحلة.
المبادرات
كما شهدت القمة العالمية للطاقة 2013 فاعلية منطقة السكن المستدام، والذي يتضمن المبادرة الرئيسية التي أقرتها استدامة المباني الخضراء في أبوظبي. وكذلك لأول مرة، كان هناك معرض الوظائف الخضراء وخاصة في قطاع الطاقة المتجددة حيث سيكون هناك فرص عمل هائلة في هذا المجال في المستقبل، التي ينبغي أن تكون دافعا للدول العربية لتشجيع الاستثمار فى الطاقات المتجددة.
تظهر الابحاث أن لكل ميجاوات واحد من الطاقة الشمسية، سيتم إنشاء 15 وظيفة عبر سلسلة القيمة. الوظائف الخضراء هى وظائف في الاقتصاد الحقيقي الذى يوفر فرص لتوليد الدخل، مع الحد من الأثر البيئي السلبي، في نهاية المطاف إلى مستويات مستدامة.
هناك العديد من التحديات مازالت تواجه قطاع الطاقة المتجددة خاصة وأن بعض أنواع الطاقة المتجددة تحتاج إلى مزيد من الوقت لتصبح متاحة على نطاق تجاري، كما هناك حاجة ماسة لتصحيح تشوهات السوق التى تعمل لصالح الوقود الأحفوري.
مما لا شك فيه، هناك حاجة ملحة لعدد من الظروف المواتية من أجل جعل الطاقة المتجددة تنافسية ومربحة. فيمكن تصميم أسعار مدعمة (تعريفة الاستخدام) وفيرها من الحوافز والآليات المالية التي تدعم الطاقة المتجددة للتغلب على العقبات ودفع قطاع الطاقة المتجددة للامام. ومن الضرورى القيام بحملات توعية مستمرة لاستهداف كافة المستهلكين سواء شركات والأسر ،في المناطق الحضرية والريفية لتشجيعهم لإستخدام الطاقة المتجددة.
* المنسق العالمى للمجتمع المدنى لمجموعة البحث العلمى التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة