آفاق بيئية: محمد التفراوتي
في جلسة علمية حاسمة ضمن فعاليات المنتدى الإقليمي بالقاهرة، حذرت الدكتورة “تومي فلاتشوجيانني”، (Dr. Thomais VLACHOGIANNI) الخبيرة البارزة في تلوث النفايات البحرية بالمكتب المتوسطي للمعلومات حول البيئة والثقافة والتنمية المستدامة (MIO-ECSDE)، من أن الكوكب دخل حقبة جديدة وخطيرة هي “عصر البلاستيك”، مؤكدة أن الحلول السحرية غير موجودة، وأن النجاة تتطلب تبني حلول علمية شاملة، وتغييرا جذريا في أنماط الاستهلاك.
وجاءت الجلسة التي حملت عنوان “فك تشابك أزمة البلاستيك: المسؤولية، التعقيد والحلول العلمية” في إطار التعاون الإقليمي الذي نظمه مكتب معلومات البحر الأبيض المتوسط للبيئة والثقافة والتنمية المستدامة (MIO-ECSDE)، واستضافته الشبكة العربية للبيئة والتنمية (رائد)، بدعم من الاتحاد الأوروبي، وبمشاركة فاعلة من منظمات المجتمع المدني والجامعة العربية ومنظمات شبابية وبرلمان وإعلام….
من المعجزة الصناعية إلى الكابوس البيئي
أكدت “فلاتشوجيانني” أن “المعجزة الصناعية” التي يمثلها البلاستيك تحولت إلى كابوس بيئي، حيث تجاوزت آثاره الحدود الكوكبية وأصبح جزء من النظم البيئية البرية والبحرية على حد سواء، مدفوعا بالاستهلاك المفرط وغياب الإدارة الفعالة.

تحذير صادم: البدائل “الخضراء” ليست حلا!
وفي واحدة من أبرز الرسائل الصادمة، قامت الخبيرة بتفنيد عدد من المغالطات الشائعة، مؤكدة أن المواد البلاستيكية “القابلة للتحلل” أو “البيوبلاستيك” لا تمثل حلا سحريا، بل هي “خدعة كبرى” في السياق البحري.
وقالت في اقتباس حصري من عرضها: “الاعتقاد بأن ‘البدائل البيوبلاستيكية’ أو ‘التحلل الحيوي’ تمثل حلا سحريا هو مغالطة كبيرة. هذه المواد تلوث البيئة البحرية بنفس القدر لأنها لا تتحلل فعليا في الظروف الطبيعية البحرية، كما أن خلطها في عملية التدوير يضعف جودة المواد المعاد تصنيعها.”
حدود إعادة التدوير والمسار الحقيقي للحلول
وأبرزت الخبيرة أن الحلول التقنية وحدها عاجزة، مشيرة إلى أن إعادة التدوير الميكانيكي تواجه تحديات جودة وتكلفة، بينما لا تزال تقنيات إعادة التدوير الكيميائي باهظة الثمن وغير ناضجة. وبدلا من ذلك، دعت إلى التحول نحو نموذج “الاستخدام الحكيم للبلاستيك” القائم على الاقتصاد الدائري لمنع توليد النفايات من الأساس.
و مبدأ “الملوث يدفع” لتحميل الشركات المسؤولية. ثم
الربط من المصدر إلى البحر لإدارة شاملة لدورة التلوث.
دعوة للعمل: الابتكار الاجتماعي هو المفتاح
وشددت “فلاتشوجيانني” على أن المعركة الحقيقية هي معركة ثقافة وسلوك، داعية إلى تعزيز الابتكار الاجتماعي والمبادرات المجتمعية التي تكرس المسؤولية المشتركة. واختتمت حديثها بالقول: “التغيير الحقيقي يبدأ من إعادة تعريف علاقتنا بالمنتجات البلاستيكية عبر خيارات استهلاكية واعية ومسؤولة.”
الحوار التفاعلي وتعدد الآراء
ونشط الحوار التفاعلي في الجلسة كل من الدكتور عماد عدلي من مشروع دعم المياه والبيئة (WES-BCA) والشبكة العربية للبيئة والتنمية (رائد)، برفقة الدكتورة تومي. وشارك في النقاش كل من السيدة ماري تيريز مرعج سيف (لبنان): الرئيسة والمديرة التنفيذية. والسيد محمد كمال (مصر): مؤسس “جرينيش” وموصل جيل الاتحاد الأوروبي في مصر. و السيد أيوب أشبارو (المغرب): مدير مشاريع أولى، عقد المحيطات، بمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة (عن بعد). و السيدة نرجس بوعسكر (تونس): الرئيسة التنفيذية ورئيسة لجنة السياحة المستدامة والثقافة بالاتحاد التونسي للفنادق. و السيد محمد التفراوتي (المغرب): رئيس تحرير “آفاق البيئية”. ثم السيدة رند الغزوس: عضو في البرلمان الأردني.

توسيع نطاق النقاش: روابط إقليمية
أثرى المتحدثون النقاش بوجهات نظر من مجالات متعددة. كما سلط المشاركون الضوء على المبادرات الإقليمية البارزة مثل “مبادرة الحزام الأزرق” التي أطلقت من المغرب، والتي تهدف إلى تحويل التحديات المرتبطة بالمحيطات إلى فرص من خلال تعزيز الاقتصاد الأزرق المستدام، وحماية التنوع البيولوجي البحري، ودعم الأمن الغذائي في مواجهة تغير المناخ.
يشار أن هذا العرض يأتي في سياق الجلسة العلمية الثامنة للمنتدى، والتي شهدت نقاشا حيويا حول أزمة البلاستيك، ضمن الجهود الإقليمية لمكافحة التلوث البلاستيكي في البحر المتوسط، المستندة إلى أطر تشريعية مثل توجيهات الاتحاد الأوروبي واتفاقية برشلونة، تمهيدا للمعاهدة الدولية المرتقبة حول التلوث البلاستيكي.



































