السباق الأزرق لحماية المحيطات: دروس من المحيط الهادئ… وتساؤلات إفريقية

محمد التفراوتيمنذ 4 ساعاتآخر تحديث :
السباق الأزرق لحماية المحيطات: دروس من المحيط الهادئ… وتساؤلات إفريقية

بولينيزيا الفرنسية تعلن عن منطقة بحرية محمية واسعة النطاق

خطوة كبيرة نحو حماية التنوع البيولوجي وتعزيز الصمود المناخي في المحيط الهادئ

آفاق بيئية: محمد التفراوتي 

في إعلان تاريخي خلال مؤتمر “معا من أجل المحيط” (IMPAC5) في “فانكوفر”، كشفت “بولينيزيا” الفرنسية عن خطتها لإنشاء منطقة بحرية محمية واسعة النطاق في مياهها الإقليمية، تعد واحدة من أكبر المناطق البحرية المحمية على مستوى العالم. يشكل هذا القرار خطوة متقدمة في مسار الحفاظ على المحيطات، ويعكس التزاما متزايدا من الدول الجزرية بحماية التنوع البيولوجي البحري وتعزيز قدرة النظم البيئية الساحلية على التكيف مع تغير المناخ.

المنطقة المحمية، التي ستحمل اسم “Taputapuātea”، ستغطي أكثر من 500,000 كيلومتر مربع من المحيط، وتتميز بتنوعها البيولوجي الغني، حيث تعد موطنا لعدد كبير من الأنواع البحرية المهددة، بما في ذلك الحيتان، وأسماك القرش، والسلاحف البحرية. ويمتد تأثير هذه المبادرة ليشمل المجتمعات المحلية التي تعتمد على البحر كمصدر أساسي للغذاء والدخل والثقافة، من خلال اعتماد نموذج متعدد الاستخدامات يوازن بين الحماية والتنمية المستدامة.

إرث “بيو بيرتاريللي” للمحيط: دعم عالمي لحماية النظم البيئية البحرية

منذ عام 2011، تعاونت مؤسسة بيو الخيرية مع “دونا بيرتاريللي” لتأسيس شراكة رسمية تعرف باسم “إرث بيو بيرتاريللي للمحيطات”، بهدف دعم إنشاء الجيل الأول من المناطق البحرية المحمية ذات الأهمية البيئية الكبيرة والفعالة على مستوى العالم. وتتمثل رؤية هذه المبادرة في بناء شبكات متصلة من المناطق المحمية، تضمن الحفاظ على ممرات الهجرة والتكاثر للكائنات البحرية، وتدعم في الوقت ذاته المجتمعات الساحلية التي ترتبط حياتها بالبحر.

من خلال التعاون الوثيق مع المجتمعات المحلية، والقادة المحليين، والشركاء الخيريين، والجماعات الأصلية، والمسؤولين الحكوميين، والعلماء، أسهمت هذه الشراكة في تحقيق التزامات وتعيينات لحماية أكثر من 13 مليون كيلومتر مربع من المحيطات حتى اليوم.

من أبرز الإنجازات، منطقة “رابا نوي راوي” متعددة الاستخدامات بمساحة 720 ألف كيلومتر مربع، ومنطقة تريستان دا كونها البحرية المحمية بمساحة 690 ألف كيلومتر مربع، و منطقة أسينسيون البحرية المحمية بمساحة 440 ألف كيلومتر مربع، وتنفيذ أكبر عملية تحويل ديون من أجل الحفاظ على المحيطات في تاريخ جزر “غالاباغوس “.

حين تصمت الأمواج… محيطات إفريقيا خارج دائرة الحماية

رغم عظمة هذه المبادرات من قلب المحيط الهادئ، يظل السؤال المشروع والملح: أين إفريقيا من كل هذا الزخم الكوكبي؟

تطل القارة السمراء على محيطات شاسعة: من الأطلسي غربا إلى الهندي شرقا، وصولا إلى المتجمد الجنوبي جنوبا. وتزخر بيئتها البحرية بتنوع بيولوجي هائل، وموارد طبيعية حيوية، ومجتمعات ساحلية تعتمد على البحر كليا. ومع ذلك، لا تزال إفريقيا شبه غائبة عن خريطة المحميات البحرية الكبرى، سواء من حيث العدد أو المساحة أو التأثير.

إن غياب مبادرات عملاقة في هذا المجال لا يعكس فقط محدودية التمويل أو ضعف القدرات، بل يبرز قبل كل شيء غياب تصور استراتيجي بيئي متكامل للمحيط ضمن السياسات العامة للدول الإفريقية.

دعوة لإطلاق تحالف أفريقي أزرق

لقد آن الأوان لتأسيس “تحالف أزرق إفريقي”، يجمع بين الدول الساحلية والمنظمات الإقليمية، بدعم من الشركاء الدوليين، لإنشاء شبكة محميات بحرية إفريقية متصلة، تحمي النظم البيئية، وتضمن استدامة الثروات البحرية، وتسهم في التصدي لتغير المناخ ورفع قدرة المجتمعات الساحلية على الصمود.

كما أن الإعلام البيئي، والمجتمع المدني، والعلماء، والباحثين مدعوون للقيام بدورهم في دق ناقوس الخطر البحري، ووضع قضايا المحيطات في قلب أجندة التنمية الإفريقية.

لأن من لا يملك محيطه، لا يملك مستقبله.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!