آفاق بيئية: محمد التفراوتي
استثمارات حاسمة وتحديات استراتيجية بين 2025 و 2035
في ظل تصاعد تأثيرات التغير المناخي وتزايد الظواهر الجوية المتطرفة، أصدر المجلس الوطني للأكاديميات الأمريكية للعلوم والهندسة والطب تقريرا جديدا بعنوان “التنبؤ بالمحيطات: عقد علوم المحيطات 2025-2035″، يشكل خارطة طريق استراتيجية للمرحلة المقبلة من البحث العلمي في هذا المجال الحيوي.
تم إعداد التقرير بطلب من المؤسسة الوطنية للعلوم، ويسلط الضوء على الحاجة إلى إعادة توجيه الاستثمارات نحو البحث الأساسي والتطبيقي في علوم المحيطات، وتحديث البنية التحتية، وتعزيز قدرات القوى العاملة، بما يسهم في حماية النظم البيئية، ويدعم الأمن القومي، ويعزز من تنافسية الاقتصاد الأزرق الأمريكي.
رؤية علمية لعقد مضطرب
يركز التقرير على التحديات الحيوية المرتبطة بالمحيطات، باعتبارها شريانا مناخيا وبيئيا وأمنيا واقتصاديا عالميا. ويبرز كيف أن تدهور صحة النظم البيئية البحرية، وتزايد الانكشاف في القطب الشمالي، والتهديدات الساحلية، تستوجب أدوات تنبؤ دقيقة، وأبحاثا استباقية للتحولات المتسارعة.
قالت رئيسة لجنة إعداد التقرير، البروفيسورة “توبا اوزكان هالر”، إن فهم التغيرات في المحيطات وتوقعها، وتأثيراتها على البشر والأنظمة البيئية، لم يكن أكثر إلحاحا من اليوم.
محاور استراتيجية
ينقسم التقرير إلى ثلاثة محاور رئيسية:
1. المحيط والمناخ
يمتص المحيط أكثر من تسعين في المئة من الحرارة الزائدة الناتجة عن التغير المناخي، وما يقارب ثلاثين في المئة من ثاني أكسيد الكربون، مما يجعله منظما أساسيا للمناخ. ويشجع التقرير على تطوير أدوات رصد مبتكرة لفهم دورة الكربون البحرية والتغيرات الحرارية.
2. صمود النظم البيئية
تشهد النظم البحرية تغيرات حادة تهدد التنوع البيولوجي والاستقرار البيئي، مما يستدعي أبحاثا تركز على تحمض المحيطات، انخفاض الأوكسجين، وديناميات السلاسل الغذائية، بهدف تعزيز الاستدامة ومقاومة التأثيرات المناخية.
3. الأحداث المتطرفة
يزداد تواتر الأعاصير، والتسونامي، والفيضانات، وموجات الحر، ما يتطلب تطوير أنظمة إنذار مبكر، وتعزيز القدرة على التنبؤ، وخاصة لحماية الموانئ والبنية التحتية الساحلية الحيوية.
أدوات المستقبل والتعاون متعدد الأطراف
يشدد التقرير على أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في تحليل البيانات البحرية، إلى جانب تعزيز التعاون بين الوكالات الحكومية والمؤسسات البحثية والقطاع الخاص. كما يحذر من تراجع قدرات أساطيل البحث البحري، ويدعو إلى تحديثها بشكل عاجل.
توصيات شاملة
من أبرز التوصيات الحفاظ على تمويل البحوث الأساسية. و تعزيز البنية التحتية الرقمية والقدرات السيبرانية. و دعم تدريب جيل جديد من العلماء والخبراء. و إشراك المجتمعات المحلية في جهود الرصد والتخطيط.
العلم من أجل المحيط… من أجل المستقبل
يشكل هذا التقرير دعوة واضحة إلى صناع القرار والعالم الأكاديمي للارتقاء بعلوم المحيطات إلى مستوى التحديات القادمة. فمستقبل الحياة على الأرض، وتوازن المناخ، والأمن الغذائي، كلها رهينة بقدرتنا على فهم المحيطات وحمايتها.