أكثر من 9 مليارات دولار لتعزيز العمل من أجل المحيطات في مؤتمر “محيطنا” العاشر بكوريا

محمد التفراوتي5 مايو 2025آخر تحديث :
أكثر من 9 مليارات دولار لتعزيز العمل من أجل المحيطات في مؤتمر “محيطنا” العاشر بكوريا

آفاق بيئية: محمد التفراوتي

انعقد مؤتمر “محيطنا” العاشر (Our Ocean Conference – OOC) بمدينة بوسان في جمهورية كوريا من 28 إلى 30 أبريل 2025، جامعا أكثر من 60 دولة ومنظمة، حيث تم الإعلان عن 277 التزاما جديدا بقيمة تفوق 9.1 مليار دولار، بهدف دعم حماية المحيطات وتعزيز الاقتصاد الأزرق المستدام.

وركز المؤتمر على ستة محاور رئيسية، أبرزها العلاقة بين المحيط والمناخ، والمناطق البحرية المحمية، والشحن الأخضر، حيث حظي محور الاقتصاد الأزرق بالدعم الأكبر بقيمة 4.5 مليار دولار، لتطوير ريادة الأعمال البحرية وتربية الأحياء المائية. كما برزت الرقمنة كأولوية من خلال مبادرة “المحيطات الرقمية” التي أطلقتها كوريا، وبلغت التزاماتها نحو 10في المائة من الإجمالي، مع التركيز على الذكاء الاصطناعي والحمض النووي البيئي لرصد التنوع البيولوجي البحري.

كما شهد المؤتمر التزامات مهمة في مجالات البحث العلمي، بناء القدرات، مكافحة الصيد غير القانوني، وإدارة النفايات، خاصة التلوث البلاستيكي الذي خصص له أكثر من 20 في المائة من التزامات هذا المحور.

وتزامنا مع الذكرى العاشرة للمؤتمر، أصدر معهد الموارد العالمية تقريرا أكد فيه أن المؤتمر ساهم منذ انطلاقه عام 2014 في حشد نحو 160 مليار دولار، منها 133 مليارا نفذت أو قيد التنفيذ حتى يناير 2025. وتم تسجيل أكثر من 2600 التزام شملت مجالات متعددة، أبرزها طاقة الرياح البحرية، الكربون الأزرق، والشحن الأخضر، فيما تجاوزت الالتزامات المناخية 86.8 مليار دولار.

رغم هذه الإنجازات، حذر التقرير من بطء التقدم مقارنة بحجم التحديات، خاصة في ضوء الحاجة إلى المصادقة على معاهدة أعالي البحار وتحقيق هدف “30×30” بحلول عام 2030. وأوصى التقرير بسد الفجوات الجغرافية، وتوسيع الشراكات، وتحسين منصة المؤتمر الرقمية، وتعزيز التنسيق مع المنتديات الدولية الأخرى.

أكد المشاركون أن الإرادة السياسية والدعم المالي والمشاركة الفعالة تمثل عوامل حاسمة لضمان استدامة المحيطات، حيث يمكن أن تسهم الحلول البحرية في خفض ما يصل إلى 35 في المائة من الانبعاثات اللازمة لتحقيق هدف الحياد المناخي بحلول 2050.

التمويل المناخي والروابط مع المحيطات

رغم التقدم المحرز، شدد التقرير على أن التمويل لا يزال دون المستوى المطلوب لمواجهة التحديات المرتبطة بالمحيطات. فبينما يحتاج الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة (الحياة تحت الماء) إلى نحو 175 مليار دولار سنويًا، يبقى الدعم المالي أقل بكثير، ما دفع معهد الموارد العالمية إلى الدعوة لدمج حلول المناخ القائمة على المحيطات ضمن أجندة التمويل المناخي العالمي، خاصة أن هذه الحلول يمكن أن تسهم بخفض ما يصل إلى 35 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة المطلوبة لتحقيق هدف الحد من الاحترار بـ1.5 درجة مئوية بحلول 2050.

وشهد المؤتمر إطلاق أكثر من 30 التزاما لدعم البحث العلمي المرتبط بالمناخ والمحيطات، إلى جانب مبادرات لتأهيل الكوادر المهنية وتعزيز التعليم المهني البحري، بما يواكب التحولات في سوق العمل الأزرق.

رسائل قيادية وطموحات مستقبلية

في كلمته الافتتاحية، أكد وزير المحيطات والثروة السمكية في كوريا الجنوبية، هيونغ كانغ، أن المؤتمر يمثل نقطة تحول حاسمة في مسار التعاون الدولي من أجل محيطات أكثر استدامة. من جانبه، شدد د. توم بيكريل، المدير العالمي لبرنامج المحيطات في معهد الموارد العالمية، على أن مؤتمر “محيطنا” لا يزال منصة مركزية لتعبئة التمويل واتخاذ إجراءات حقيقية، لكنه دعا إلى “طموح عالمي أكبر لمواجهة التحديات المتسارعة”.

أما المبعوثة الخاصة لرئيس الوزراء اليوناني لشؤون المحيطات، د. ديونيسيا-تيودورا أفجيرينوبولو، فقد أكدت على أن المحيطات يمكن أن تتكامل مع جهود التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن “من السياحة البيئية إلى الطاقة المتجددة، تمثل المحيطات الصحية أساسا لازدهار اقتصادي واجتماعي طويل الأمد.”

توصيات لتعزيز فعالية المؤتمر

خلص التقرير إلى جملة من التوصيات لتعزيز أثر مؤتمر “محيطنا” في المستقبل، أبرزها سد الفجوات الجغرافية والسياسية، لاسيما في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وجنوب آسيا. و توسيع الشراكات مع القطاعين العام والخاص والمجتمعات المحلية. ثم تطوير المنصة الإلكترونية للمؤتمر (OOC) لتعزيز الشفافية وتحسين تتبع الالتزامات.

وكذا تنسيق أكبر مع المنتديات الدولية الأخرى مثل مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات. و تعزيز تبادل المعرفة وبناء القدرات لتنفيذ الالتزامات بفعالية.

يشار أن مؤتمر “محيطنا” أثبت، على مدى عقد من الزمان، قدرته على تحويل الالتزامات إلى أفعال، ولكن استمرار فعاليته يتطلب إرادة سياسية متجددة، وآليات تمويل مبتكرة، وشراكات شاملة. ففي ظل التحديات المتزايدة التي تواجه المحيطات، تظل هذه المبادرة إحدى أهم الأدوات الجماعية لإنقاذ “محيطنا المشترك” وضمان استدامته للأجيال القادمة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!