تحديات الابتكار والرقمنة رهانات الاستدامة والتنافسية في ظل الإجهاد المائي

محمد التفراوتي22 فبراير 2025آخر تحديث :
تحديات الابتكار والرقمنة رهانات الاستدامة والتنافسية في ظل الإجهاد المائي

الإدارة المتكاملة للآفات: نهج مستدام لزراعة التوت الأزرق في منطقة سوس

آفاق بيئية: محمد التفراوتي

شهدت مدينة أكادير مؤتمرا زراعيا تحت عنوان “قطاع الفواكه والخضروات: تحديات الابتكار والرقمنة، رهانات الاستدامة والتنافسية في ظل الإجهاد المائي”. نظم الملتقى من قبل GMC MAROC بشراكة مع الفيدرالية البيمهنية المغربية لإنتاج وتصدير الفواكه والخضروات، وذلك خلال الفترة من 19 إلى 21 فبراير 2025 في أكادير.

وتدارس المشاركون عدة محاور أساسية تشمل الابتكار، الرقمنة، اللوجستيك، التكنولوجيا الحيوية، وإشكالية تدبير الإجهاد المائي، بما يتماشى مع أهداف المبادرة الوطنية الجيل الأخضر.

واستعرض الدكتور رشيد بوهرود، عن المركز الجهوي للبحث الزراعي بأكادير، بحثا مشتركا مع فريق من الباحثين، هم رشيد العيني، صلاح الدين الشافيقي، ورضوان قساوي، تحدث من خلاله عن التدبير المندمج للآفات والمقاربة المستدامة لزراعة التوت الأزرق في منطقة سوس كنموذج، مشيرا إلى أن إنتاج التوتيات في المغرب يمتد على مساحة إجمالية تقدر بحوالي 13355 هكتارا، منها 5300 هكتار من التوت الأزرق، في حين يبلغ الإنتاج 230 ألف طن، يحتل منها التوت الأزرق 36 ألف طن، بينما تصل الصادرات إلى 124 ألف طن، 90 في المائة منها من التوت الأزرق.

وتحقق زراعة التوتيات رقم معاملات يصل إلى 4.5 مليار درهم 463 مليون دولار أمريكي وتوفر 10 ملايين يوم عمل. وتنتشر زراعة هذه الفاكهة الموسمية في ثلاث مناطق رئيسية، تشمل أنظمة زراعة الفواكه الحمراء في منطقة سوس ماسة، حيث تعد الزراعة المتكاملة النظام الأكثر شيوعا لزراعة الفواكه الحمراء، إضافة إلى زراعة التوت الأزرق في جنوب غرب المغرب.

ويعد التوت الأزرق من نوع Vaccinium spp Highbush Southern الأكثر انتشارا، إذ يتطلب تبريدا منخفضا ويتحمل الحرارة، حيث يبلغ متوسط الإنتاجية ما بين 12 إلى 20 طنا في الهكتار، فيما يصل متوسط الربح الصافي إلى ما بين 20000 و25000 دولار أمريكي في الهكتار، وفقا للدكتور بوهرود. وتشهد زراعة التوت الأزرق كثافة نباتية داخل البيوت البلاستيكية بمعدل 4000 إلى 5500 نبتة في الهكتار، مع ذروة إنتاج خلال شهري يناير وفبراير. وتعتمد الزراعة على نظام الزراعة بدون تربة باستخدام الأوعية، كما يتم تلقيح النباتات بواسطة نحل العسل.

وأشار الدكتور بوهرود إلى أن زراعة التوتيات تواجه تحديات على مستوى مراقبة الآفات، حيث إن الفخاخ المستخدمة للمراقبة غير متخصصة، مما يؤدي إلى جذب أنواع أخرى من ذبابة الفاكهة مثل Zaprionus indianus، Drosophila melanogaster، و Drosophila suzukii الأكثر ضررا. ومع ذلك، هناك أبحاث جارية حول مكافحة هذه الآفات باستخدام مواد طبيعية مثل الكاولين، الكبريت، الطعوم الجاذبة والقاتلة. كما يتم العمل على مواجهة حشرة المرداسة الزهرية Dasineura oxycoccana التي تضر بالبراعم الزهرية وتسبب إجهاضها، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة في الإنتاج.

وتشمل طرق المكافحة الوسائل الميكانيكية من خلال إزالة البراعم المصابة، واستخدام المبيدات الحيوية. كما يعد التربس الآفة الرئيسية في زراعة التوت الأزرق، حيث تنتشر منه أنواع مثل Scirtothrips spp التي تهاجم الأوراق والفروع والثمار، و Frankliniella spp التي تستهدف الثمار مباشرة. ويصعب التمييز بين الأنواع المختلفة وتأثيرها على الإنتاج، إذ يعتمد المزارعون غالبا على استراتيجية موحدة للمراقبة والمكافحة.

وكشف الدكتور بوهرود عن استراتيجيات مراقبة آفة التربس في مزارع التوت الأزرق، موضحا أن الطريقة الأكثر استخداما هي هز الأزهار والبراعم بدلا من الفخاخ اللاصقة. كما أشار إلى أن المزارعين يهملون المراقبة بعد التقليم، مما يؤدي إلى استمرار انتشار الإصابة. وأوضح أن إجراء التقليم Lobularia maritima في نفس وقت تقليم التوت الأزرق يقلل من مصادر العدوى.

وأضاف الدكتور بوهرود أن طرق المكافحة الحيوية تشمل استخدام الأعداء الطبيعيين الفعالين، مثل Amblyseius cucumeris   و Orius laevigatus، حيث تتطلب المكافحة البيولوجية ما بين ثلاث إلى أربع إطلاقات وفقا لكثافة الآفة، منها ما هو وقائي ومنها ما هو علاجي. كما تتغذى بعض الأعداء الحيويين على حبوب اللقاح كمصدر غذائي بديل.

وأشار الدكتور بوهرود إلى الأبحاث الجارية لتحسين مكافحة التربس، وتقييم التوازن بين الآفة والمفترسات الطبيعية لضبط الحد الاقتصادي للضرر. كما تطرق إلى دراسة توافق المبيدات مع الأعداء الحيويين، من خلال دراسة تأثير Metharhizium spp على آفة التربس، بالإضافة إلى تأثير تدرجات اللون الأزرق الفاتح مقابل الداكن على جذب الآفة.

واختتم الدكتور بوهرود حديثه بالتأكيد على التحديات الرئيسية التي يعرفها المجال، موصيا بضرورة تقدير الحد الاقتصادي الحقيقي للإصابة والخسائر، وتحسين استراتيجيات مكافحة التربس بطريقة فعالة من حيث التكلفة.

يشير إلى أن قطاع الفواكه والخضروات يشهد ديناميكية وتطورا نموذجيا، ويعد دعامة أساسية للاقتصاد الزراعي. كما تشكل الملتقيات العلمية فضاء مناسبا لتقديم مستجدات القطاع ومختلف الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات الراهنة، وتعزيز الإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها القطاع في جهة سوس ماسة، الرائدة في إنتاج وتصدير الفواكه والخضروات. كما توفر هذه الملتقيات فرصة لتبادل الخبرات بين مختلف المشاركين والمنتجين، فضلا عن ربط المهنيين في القطاع بالتطورات التكنولوجية والابتكارات الزراعية والخبرات اللوجستية والتجارية، بهدف خلق محركات جديدة للنمو والتنمية.

وتعد جهة سوس ماسة ركيزة أساسية في القطاع الفلاحي بالمغرب، إذ تواجه تحديات كبرى، مثل الإجهاد المائي والتغيرات المناخية. ورغم هذه التحديات، استطاع مزارعو سوس ماسة التكيف من خلال تبني ممارسات ري حديثة وحلول تكنولوجية مبتكرة. كما يعد البحث العلمي في المجال الزراعي ركيزة أساسية لنهضة القطاع وتطوره، من خلال مقاربة علمية توجه الجهود والموارد بشكل فعال.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!