تقرير “أفد” الجديد
العوامل البيئية مسؤولة عن 23 في المئة من الوفيات
آفاق بيئية : بيروت
يُطلق المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) اليوم تقريره السنوي الثالث عشر في سلسلة “وضع البيئة العربية”، وذلك في مؤتمر دولي افتراضي تستضيفه الجامعة الأميركية في بيروت. ويشارك في المؤتمر خبراء وباحثون من بلدان عدة، يرتبطون إلكترونياً عن طريق مركز للتحكم. ويتحدث في جلسة الافتتاح الأمين العام للمنتدى نجيب صعب ورئيس مجلس الأمناء الدكتور عدنان بدران ورئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري، ويلقي المدير العام للصندوق العالمي لحماية الطبيعة ماركو لامبيرتيني الكلمة الرئيسية عن العلاقة بين وباء كورونا وحماية الطبيعة. كما تقدم منظمة الصحة العالمية عرضاً لآخر مستجدات الوباء.
هنا ابرز ما جاء في فصول التقرير السبعة عن الصحة والبيئة من نتائج وتوصيات:
الصحة والبيئة تتكاملان، وفقاً لمعادلة تقوم على استحالة وجود مجتمع إنساني يتمتع بصحة سليمة إذا كانت البيئة الطبيعية ملوثة، في مقابل استحالة الوصول إلى بيئة سليمة في مجتمع تتدهور فيه صحة الإنسان. إن معدل الوفيات المنسوبة إلى العوامل البيئية آخذٌ في الارتفاع، وهو يقدّر حالياً بنحو 23 في المئة من مجموع الوفيات في المنطقة العربية. يسلِّط تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) عن الصحة والبيئة في البلدان العربية الضوء على المخاطر الصحية البيئية الرئيسية التي تواجهها المنطقة، مع التشديد على التوصيات والدروس التي يمكن تعلّمها من الأزمات البيئية والصحية، السابقة والحالية، بما في ذلك جائحة كورونا (كوفيد-19).
تواجه المنطقة العربية مجموعة من العوامل الخطرة المؤثرة على الصحة، بينها ممارسات التنمية غير المستدامة، وحالات الطوارئ الإنسانية الناجمة عن النازحين واللاجئين، والتوسّع الحضري السريع، وتضاؤل الموارد الطبيعية، وتدهور الأراضي. وقد أدّت عوامل الخطر هذه إلى العديد من العواقب الملحوظة، كتلوث الهواء وإدارة مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة على نحو غير ملائم، وأخيراً وباء كورونا المستجد. الافتقار إلى خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية الآمنة أحد المخاطر البيئية الرئيسية التي تواجه السكان العرب. ويُعدّ تلوث الهواء من أكثر المشكلات البيئية شيوعاً في البلدان العربية، وتتزايد الوفيات الناتجة من سوء نوعية الهواء بشكل ملحوظ. كما ان العصرنة والنمو السكّاني يولّدان أيضاً المزيد من النفايات، التي تُعالج بعد ذلك بطريقة سيئة، الأمر الذي يزيد المخاطر الصحية تفاقماً. ويؤثِّر التصريف المباشر لمياه الصرف الصحي غير المعالجة في المناطق الساحلية، والتنقيب عن النفط واستخراجه في البحر، والمواد البلاستيكية الدقيقة، على صحة السكان العرب. ويشكِّل تغيُّر المناخ خطراً صحياً عالمياً، تشمل آثاره المباشرة، التي تظهر من ارتفاع درجات الحرارة والظواهر الجوية المتطرفة وارتفاع مستوى سطح البحر، أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي وضربات الشمس.
إلى ذلك، كشفت جائحة كورونا المستمرة منذ نهاية 2019 ضعف أنظمة الرعاية الصحية في المنطقة العربية، والقدرة المحدودة في معظم البلدان على التعامل مع الأزمات الصحية الطارئة. كما أظهرت الجائحة أنه لا يمكن الحفاظ على صحة الناس فقط باستهداف المجموعات التي يمكنها تحمّل تكاليف خدمات الرعاية الصحية. فالهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة هو وجوب توفير “الصحة للجميع”، لا للقادرين فحسب.
تشكّل المواد الخطرة والسامة تحدياً صحياً كبيراً في المنطقة العربية، نتيجة الإدارة غير الملائمة وتدابير السلامة المتساهلة، إلى جانب الافتقار إلى القوانين الصارمة. وفي إطار الحوادث الطارئة، لا يزال ينبغي معرفة الأثر النهائي للعواقب الصحية لانفجار صيف 2020 في مرفأ بيروت، بفعل تخزين نيترات الأمونيوم على نحو غير آمن. ومن المتوقع أن يكون للإنفجار تأثير طويل الأمد، خصوصاً من حيث زيادة أمراض الجهاز التنفسي وأنواع معينة من السرطان. كما أن الاستخدام غير المنضبط للذخائر في الحروب والصراعات المتتالية في المنطقة العربية انعكس على صحة الملايين، إلى جانب تعطيل الخدمات الصحية وانتشار الأمراض في المخيمات التي تؤوي ملايين النازحين واللاجئين.
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 676 ألف مواطن عربي سوف يفقدون حياتهم قبل الأوان سنة 2020 نتيجة التعرض للمخاطر البيئية التقليدية. وسيرتفع هذا الرقم مع ظهور مزيد من عوامل الخطر البيئية وتأثيراتها، بما فيها الجوع وسوء التغذية. لذا تستدعي التحديات التي تواجهها المنطقة العربية تحولاً كبيراً في طريقة إدارة أولويات الصحة البيئية.
خلاصة وتوصيات
وخلص التقرير إلى أنه لم يعد في الإمكان إنكار تأثير المخاطر البيئية على صحة الإنسان. وعند النظر إلى المنطقة العربية على وجه التحديد، نجد ان الافتقار إلى المياه المأمونة، وزيادة توليد النفايات وسوء طرق التخلص منها، وتغيُّر المناخ، وتلوث البيئة البحرية، كلّها عوامل ذات تأثير سلبي ملحوظ على صحة السكان. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت جائحة كورونا أن تحقيق هدف “الصحة للجميع” ضرورة، ليس فقط للوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والصرف الصحي، ولكن أيضاً للتعجيل في الخطوات نحو مراعاة أكبر للمخاطر البيئية على صحة الإنسان، والتي يمكن تجنّبها إلى حدٍ كبير. في إطار التعاون الإقليمي، يتعيّن على وزارات الصحة والبيئة في المنطقة العربية تأكيد أهمية الترابط بين الصحة البشرية العامة والبيئة الطبيعية.
في ما يخص توفير خدمات المياه الصالحة للشرب، على الدول العربية تطوير وتنفيذ برامج المياه والصرف الصحي التي تشمل المراقبة الشاملة لكمية إمدادات المياه ونوعيتها. وفي ما يتعلق بتلوث الهواء، يجب تحديث معايير جودة الهواء لتتوافق مع المعايير الدولية المرتبطة بالصحة. ومن الضروري وجود شبكة من محطات المراقبة العاملة في جميع الدول العربية لمراقبة جودة الهواء. ومع أخذ تأثيرات تغيُّر المناخ الخاصة بالمنطقة في الاعتبار، يجب تطوير استراتيجيات فعالة ومصممة خصيصاً للحدّ من مسببات تغيُّر المناخ والتكيُّف معه، تكون لها آثار مباشرة وواضحة على صحة السكان العرب. ويجب تطوير التشريعات الخاصة بإدارة النفايات، بدءاً من تخفيف كميتها، في موازاة إطار شامل للرصد وتقويم تأثير النفايات على صحة الإنسان. كذلك يجب توجيه مزيد من الاهتمام إلى حالة البيئة البحرية في المنطقة ومخاطرها المحتملة على صحة الإنسان. فالرصد المنتظم لمستويات المعادن الثقيلة في أنواع الأسماك، على سبيل المثال، ضروري لمنع المخاطر الصحية ولضمان شروط السلامة الغذائية.
لطالما كان الترابط بين البيئة الطبيعية وصحة الإنسان مصدر قلق جدي، لكن خطر تفشّي الأوبئة يضعه اليوم في مركز الصدارة. الآن، أكثر من أي وقت مضى، بات واضحاً أن البيئة الطبيعية الصحية هي شرط أساسي لصحة البشر.
يمكن تنزيل النص الكامل للتقرير من: www.afedonline.org