استعمال تكنولوجيا الاتصالات والوسائط الاجتماعية
لفائدة المرأة القروية بحوض تانسيفت للتأقلم مع تغير المناخ
آفاق بيئية : محمد التفراوتي
نظم مشروع بحث التكيف مع تغير المناخ في حوض تانسيفت (GIREPSE)، مؤخرا، ورشة عمل تشاورية بجماعة “ستي فاطمة” حول تحسين إدارة الموارد المائية لفائدة مجموعة من نساء مختارة من الدواوير الموجودة على ضفاف نهر “أوريكا” وذلك في أفق تيسير استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لفائدة المرأة القروية و بغية تعزيز العمل بشأن التكيف والعمل التعاوني ومختلف الإجراءات المتعلقة بالتخفيف من آثار تغير المناخ.
وفي إطارمشروع بحث التكيف مع تغير المناخ في حوض تانسيفت (GIREPSE) ، يدرس فريق بحث الساحل والحياة في جامعة مونكتون بكندا بالتعاون مع الفريق المحلي لمشروع(GIREPSE) أدوار المرأة والشبكات الاجتماعية في عملية التشاور العام حول إشكالية المياه والفياضات بالمنطقة .
وتتأثر النساء من المناطق القروية بشكل خاص من انخفاض إمدادات المياه في بعض الأماكن حيث أصبح الحصول على الماء الشروب محدودا بسبب عدم الربط بشبكة التوزيع العامة. وسيدرس بذلك فريق البحث بداية المهارات والقيود التي أبدتها مجموعة من النساء اللواتي يعملن ويعشن على طول نهر أوريكا، لذلك يتم دعوتهن لتقاسم تجاربهن حول الإشكالية المائية والحلول المقترحة للتعايش مع الاكراهات . كما سيقوم الفريق بتحليل المعطيات المتبادلة عبر مجموعة وسائط اجتماعية التي كونت لهذا الغرض .و قدمت لهن أجهزة لوحات إلكترونية قصد المشاركة في هذا النقاش الذي يدور حول ترشيد استعمال المياه والحد من التلوث ولالاثار الذي تترتب عن الفياضانات .
وأكد البروفسور عبد اللطيف الخطابي رئيس الجمعية المغربية للعلوم الجهوية (AMSR) ومنسق المشروع أنه سيتم التركيز ، ضمن المساعي الأخرى المبرمجة ، على دعم الشبكات التي أنشئت لحلول بنيت بشكل جماعي ولشعور قادر على التصرف بحماس من خلال تقاسم المعطيات عبر الوسائط الاجتماعية.
وتمكن نساء المجموعة من تحصيل عدة مفاهيم وتقنيات استخدام الانترنيت والوسائط الاجتماعية التواصلية المختلفة .وانطلقت فورا عملية الاستخدام بحماس وهمة عبر تقاسم مقاطع الفيديو والصور الطبيعية والمناخية كل من موقعه الجغرافي.. و التي توضح الأحداث والحلول المعتمدة .
وترنو هذه المبادرة تطوير آليات التواصل والإنذار للحد من آثار الكوارث الطبيعية التي تشهدها المنطقة ، وكذا تحفيز المرأة القروية لتشكيل شبكة للرصد والمواكبة قصد التأقلم واستباق آثار تغير المناخ ، ولتمكينها من رصد أفضل للمناخ والبيئة على نحو دقيق. ويهدف إنشاء منصة تواصلية على إحدى الوسائط الاجتماعية ، والمخصصة حصرا للنساء المشاركات ، خلق شبكة اتصالات تخبر عن المشاكل التي تعاني منها المرأة أثناء الفيضانات ومختلف الحلول المعتمدة.
وأفاد الخطابي أن الهدف من هذه المبادرة يرمي إلى خلق منصة بشبكة اجتماعية لتبادل المعلومات ومعالجة قضايا إدارة المياه، لا سيما أثناء الفيضانات والسيول الكبيرة التي تعرفها المنطقة خلال فترات هطول الأمطار الغزيرة و أثناء عواصف الصيف. وسوف تتاح لهؤلاء النسوة ، يضيف الخطابي ، فرصة لتبادل الصور ومقاطع الفيديو التي تبين الأحداث الفعلية والحلول المعتمدة.
وأوضح الخطابي خلال افتتاح الورشة أن القضايا المتناولة تعد من أولويات مشروع ( GIREPSE) و ستخصص لمناقشة قضية الموارد المائية والحلول المتبعة.
وقدم البروفيسور “ديانبرو نومن” جامعة مونكتون، وشريك في مشروع بحث التكيف مع تغير المناخ في حوض تانسيفت (GIREPSE ) أهداف المبادرة المراد تنفيذها مع النساء باستخدام تكنولوجيات الاتصال الجديدة. والتي تتجلى في معرفة المشاكل التي تواجه المرأة خلال استخدام المياه وإيجاد حلول ناجعة تتلاءم مع خصوصيات المنطقة وحالة المرأة القروية.
وتناولت الباحثة الجاي بتينة ،عن مجموعة بحث الساحل و الحياة ، المحاور الأساسية لورشة العمل والتي تنشد خلق منصة داخل الشبكة الاجتماعية “الفيسبوك” بغية تبادل المعلومات وتناول الاشكالات التي تواجه مجال إدارة المياه، خصوصا أثناء الفيضانات و خلال فترات هطول الأمطار الغزيرة المصحوبة بالعواصف.
واستعرضت الطالبة المهندسة بالمدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين سارة بن ابراهيم لمحة عامة عن المنطقة، وملخص للأحداث التي وقعت بها، بما في ذلك فيضانات عامي 1995 و 1999 .
كيف تستعد النساء للفيضانات ؟
وفي لقاءات سابقة، ذكرت النساء اللائي شملهن استطلاع رأي ، قام به المشروع، باستخدام بعض الطرق للحد من تأثير الفيضانات على منازلهم وطريقتهن في الحياة، من قبيل تخزين الحطب الذي يشكل موردا أساسيا لبقاء سكان بالمنطقة، نظرا للرطوبة ودرجات الحرارة منخفضة جدا و في فصل الشتاء.إذ يموت العديد من الأطفال بسبب البرد.ثم تخزين المنتجات الغذائية (القمح والبطاطا والسكر والطحين ..) لدعم احتياجات الأسرة. ذلك أنه خلال فترات ارتفاع هطول الأمطار، تجد معظم الدواوير نفسها محاصرة ، حيث لا يوجد للساكنة أي وسيلة من وسائل النقل للوصول إلى السوق أو نقط تسويق المواد الغذائية .
وخلال الفترات الممطرة تغطي النساء أسطح منازلهن بالبلاستيك أو الرمل، ويحولن التيارات المائية لمنع غمر المياه منازلهن. في حين من لم يتمكن من تنفيذ هذه التدابير يضعن الأثاث واحتياطتهن من الطعام في المرتفعات للحد من الأضرار.لكن بعض الأسر، الذين ليس لديهم وسيلة للهروب من الفيضانات، تضطر للتخلي عن منازلها والبحث عن ملجأ لدى الأصدقاء أو أفراد الأسرة الذين استقروا في الجبال أو في مناطق أقل خطورة..
كيف تتصرف المرأة بعد الفيضانات؟
يتم تحديد ، بعد كل فيضان، أضرار كبيرة في الدواوير سواء على المستوى البشري والمادي، ذلك أن المنطقة تعرف طيلة السنة هذه الظواهر الغزيرة التي تزيد على قساوة الظروف المعيشية لسكان المنطقة. فمعظم النساء تجابه لوحدها هذه المشاكل. الطرق معطوبة ، مياه الآبار والأودية ملوثة كما أن المنازل واسطبلات المواشي مدمرة أو مغمورة بالمياه. فضلا عن حصار معظم الدواوير بالمياه، ودمار الشبكات العامة لمياه الشرب وكذا الكهرباء.
ولمعالجة هذا الوضع يلجأ النساء إلى استخدام وسائل معظمها قديمة وغير فعالة. إذ أنهن يحاولن إخلاء الطرق للتمكن من التنقل وجلب الماء والحطب ، لكون فترة موسم الشتاء قاسية وباردة ، ثم تنظيف المنازل وإعادة بناء اسطبلات المواشي وإصلاح الأضرار الناجمة عن الفيضانات.
و إصلاح أسطح المنازل. و تنظيف الحقول و إصلاح قنوات الري. ذلك أن لا مناص لهؤلاء النساء من تحمل المسؤولية من أجل بقاء أسرهم، فالرجال غالبا ما تكون غائبة عن دوار، معظمهم يذهبوا للعمل في المراكز الحضرية.
وعليه تمكن المشاركون في الورشة خصوصا المرأة من مناقشة مشكلة مياه الشرب والحلول التي يمكن اعتمادها للتخفيف من تلوث المياه. كما كانت لديها الفرصة للتعبير عن بعض المتمنيات عبر التأكيد على رغبتها في عدم الاضطرار الى اللجوء الى جمع المياه و الحطب ويكون لها طاقة بديلة. وكذا التوفر على حمام عمومي لتجنب استخدام الخشب . و تقلص فيضانات الأنهار والأودية.ومنع البناء في مجرى النهر.ثم تحسين أحوال الطرق .
وفي نفس السياق عمل البروفسور الخطابي على صياغة إجراءات تعاقدية، وتم توزيع عقود أجهزة لوحات “الأندروييد” لفائدة النساء العاملات ، حيث تعهدت كل مشاركة في المشروع البحثي بتقاسم المعطيات عبر الفيسبوك وحضور ورشات العمل فضلا عن مجموعة من الالتزامات الأخرى..
وتجدر الإشارة أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أضحت وسيلة أساسية لمعالجة المشاكل التي تواجهها المنطقة فيما يتعلق بتغير المناخ. ويمكن استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للتخفيف من تأثير قطاعات أخرى على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ومساعدة المرأة القروية على التكيف مع تغير المناخ ويمكن أن تساعد على وضع أساس للتنمية.
ويذكر أن هذه المجموعة النسائية المستفيدة من البرنامج تتوفر على أجهزة كمبيوتر لوحي واتصال بالإنترنت لمدة سنتين. كما سيتم تنظيم ورش عمل أخرى لمواصلة تطوير قضايا المساواة بين الجنسين على مستوى تأثيرات تغير المناخ. بمشاركة مختلف المؤسسات الأكاديمية، ومديرية الأرصاد الجوية.
ويشار أن مشروع بحث التكيف مع تغير المناخ في حوض تانسيفت (GIREPSE)، الذي سيستمر لمدة ثلاث سنوات (2014-2017)، تنسقه الجمعية المغربية للعلوم الجهوية (AMSR) بشراكة مع جامعة القاضي عياض والمدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين والمديرية الوطنية للأرصاد الجوية والمرصد الجهوي للبيئة والتنمية المستدامة بجهة مراكش تانسيفت والمعهد الوطني للتهيئة والتعمير ثم جامعة مونكتون بكندا. يتناول القضايا المعقدة والمتعلقة بالنظم الاجتماعية والاقتصادية والطبيعية وتفاعلاتها. وذلك بغية النهوض بسياسة الإدارة المتكاملة للمياه مع الأخذ في الاعتبار جميع القوى الداعمة للتغيير، الداخلية والخارجية، حيث سيستفيد هذا المشروع من الحوار الشامل بين المعنيين بالقطاع.