
آفاق بيئية: د. حمدي هاشم
استعارت أفلام الخيال العلمي سلاح من مخزون الهندسة الجيولوجية، موكل بشيطنة قوى الطبيعة (عن بعد)، ويملك القدرة على زلزلة أي منطقة جغرافية (بتغيير تدميري)، لا ترصده حسابات وتقديرات العقول بالمكان المستهدف! يظنه العامة من فعل الطبيعة، وينسبه المتخصصون لغضب البيئة من تزايد الملوثات البشرية، بينما ترجعه قلة من هؤلاء إلى تقنيات وتطبيقات مشفرة! ولأسباب سياسية مغلقة، لا تعلن الدول العظمى (حاضنة هذا السلاح) عن مسئوليتها في تبني حوادث الإرهاب الجيولوجي، بل يلقون بالاتهام على الطبيعة لسلوكها المتوحش! وتشير مصادر مستقلة في البحوث العالمية، إلى قدرة تلك الأسلحة (جزء من ترسانة النظام العالمي الجديد) على التسبب في حدوث جفاف وفيضانات وأعاصير وزلازل وانفجارات بركانية، وإضاءة السماء بقوة هائلة! وتدمير الأنظمة الإلكترونية للطائرات والصواريخ والأقمار الفضائية، ناهيك عن محو كافة الإشارات العسكرية والمدنية بكوكب الأرض!
يسيطر نظام الأزمنة الجيولوجية (منذ ثلاثة قرون) على ذهنية العلوم والمعارف، مثل المناخ القديم والجغرافية المناخية والجغرافية الحضارية، في مجال بحوث التطور الطبيعي والبشري للأرض، بالتأقلم السائد مع الطبيعة من أجل البقاء، والسائد اليوم استنزاف الموارد والحروب غير المبررة، والأسر السياسي أحادي البعد للبيئة! حيث يلتقط علماء الأبحاث العسكرية من فلاسفة العلوم التطبيقية (والخيال العلمي) مسائل متداخلة لإحكام القبضة على الأرض! ويعمل هؤلاء بالقواعد السرية للاختراعات على استخلاص المادة الفكرية الفعالة، والقذف بأسلحة مرعبة في ميادين الحرب لتجربتها! وسبق أن تناول (برتراند راسل) الفيلسوف وعالم الرياضيات مسألة التلاعب بالطقس في كتاب التوقعات العلمية (1931) بإمكانية تجاوز قوانين الطبيعة بنسبة عالية. وقد أكد (تشارلز داروين ـ الحفيد)، عالم الفيزياء بمشروع (مانهاتن) لصناعة القنبلة الذرية، السيطرة المباشرة على المناخ (1952) في كتاب المليون سنة القادمة!
وتعود محاولات تعديل الطقس لأواخر الأربعينيات على الأقل، ومنها بذر سحابة على جنوب إنجلترا (القوات الجوية الملكية البريطانية)، وتقليل البرق للحد من حرائق الغابات وتعطيل أعاصير المحيط الأطلسي، وتعزيز المطر وتشتيت الضباب، واستدعاء العواصف الرعدية (الولايات المتحدة)، وخدمة تعديل الطقس المهنية باستخدام الطاقة الموجهة لتركيز شحنة الكهربائية في الهواء، وإمكانية تكييف أنماط الطقس لمسافات طويلة (روسيا)، وقد استعانت الحكومة الماليزية بتكنولوجيا روسية لتوليد إعصار يعمل على محو الضباب الزائد (1997)، وكذلك لجأت دول من مجلس التعاون الخليجي لاستخدام تقنية الاستمطار وتغيير البيئة! وتأتي الصين الأولى عالمياً (2024) من حيث حجم الإنفاق على البرامج الوطنية لإدارة الطقس، المدعومة بالذكاء الاصطناعي، في الزراعة، وعدالة التوزيع المائي بين المناطق، ومجابهة التغير المناخي، وذلك لتعامل الصين مع المناخ كمورد قابل للتحكم لدعم الاستقرار البيئي!
هذه بعض من استخدامات التعديل البيئي السلمية، والتخفيف من خسائر الظواهر الجوية. وتعارض تقارير عسكرية أمريكية (1996) معاهدة حظر استخدام تقنيات التعديل البيئي لأغراض عسكرية، أو لأية أغراض عدائية أخرى (الأمم المتحدة 1977)، وزيادة في العدائية، التوصية بتعميم تلك التقنيات (على خلفية حرب فيتنام) عبر كامل الصراع لتحقيق الأهداف العسكرية المحلية والدولية! وهكذا مبادرة الدكتور بريزنسكي (مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر) بشأن الاستخدام السري للهجمات الجوية، مثل التأثر طويل المدى بالجفاف أو العاصفة لإجبار أمة على الامتثال السياسي! ولقد شهد العالم منذ بداية الألفية الثالثة حوادث مثيرة للجدل (الطبيعة بريئة منها)، ويرجعها البعض لتقنيات الموجات الكهرومغناطيسية، التي تمتلكها الولايات المتحدة وبلدان أخرى، وتعد منصة ألاسكا السلاح الجيوستراتيجي الأخطر! فهل من تشكيل لشبكة علمية جديدة ومستقلة (غير حكومية)، للبحث والدراسة في ماهية الهجمات الجوية (الوجودية) وتأثيرها على مستقبل الأرض والبشرية، ولكن هل تسمح الحكومة العالمية بذلك؟!