الإعلان الإسلامي بشأن حماية البيئة والتنمية المستدامة 

محمد التفراوتي11 أكتوبر 2015آخر تحديث :
 الإعلان الإسلامي بشأن حماية البيئة والتنمية المستدامة 

IM000715.JPGآفاق بيئية : الرباط

اعتمد المؤتمر الإسلامي السادس لوزراء البيئة في ختام أعماله مشروع “الإعلان الإسلامي بشأن حماية البيئة والتنمية المستدامة”، حيث أكد الإعلان  ضرورة تجديد الدول الأعضاء التزامَها السياسيَّ بدعم الأجندة العالمية للتنمية المستدامة، طبقاً للمبادئ والمرجعيات المتوافق عليها دولياً، وتسخير كل الجهود الوطنية والدولية لتحقيق التنمية المستدامة، وإحداث هياكل وطنية للتنمية المستدامة أو تعزيز الموجودة منها في كل دولة، لتتولى تنفيذ خطط التنمية المستدامة وبرامجها، وإسنادها بأجهزة داخلية للمتابعة، مع إشراك منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في تنفيذ خطط التنمية المستدامة اعتباراً لدورها الحيويّ في هذا المجال.

وأشاد الإعلان  بدور وكالات الأمم المتحدة في مجال البيئة والتنمية المستدامة، وحث المجتمع الدولي على اتخاذ خطوات ملموسة بهدف إلغاء الديون، وتيسير الوصول إلى الأسواق، ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات. وطالب الإعلان  باعتماد منظور شامل ومتكامل للتنمية المستدامة، وتعزيز الإطار المؤسّسي الدولي القائم في هذا المجال، كما دعا وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، إلى إعادة  النظر في الصكوك الدولية ذات الصلة من أجل تمكين الدول جميعها من مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية والحقوقية التي تواجه  التنمية المستدامة.

ودعا الإعلان كذلك إلى تضافر جهود المجتمع الدولي للعمل على إنهاء الحروب الداخلية والاحتلال والاستعمار والصراعات التي حدثت في بعض الدول الأعضاء، وما يتبع ذلك من تدمير للبنيات التحتية للتنمية، والرفع من عدد اللاجئين، وتحطيم للمآثر التاريخية وللتراث الثقافي الحضاري، وذلك على أسس عادلة من أجل تعزيز مسار التنمية  المستدامة، والعمل وفقـًا للمبدأ 23  لإعلان ريو الذي ينص على الحفاظ على البيئة الطبيعية والثقافية للمجتمعات في ظل الحروب والنزاعات.

وأكد الإعلان ضرورة اتخاذ التدابير الضرورية للتخفيف من خطر الكوارث الطبيعية، من خلال الاستعداد لمواجهتها، والإنذار المبكر، وإدماج استراتيجيات الحد من خطر الكوارث في سياسات التنمية المستدامة على المستويين الوطني والدولي، وتشجيع الاستثمار في مجال الحد من خطر الكوارث، والتوصل إلى اتفاق دولي ملزِم للحد من آثار تغير المناخ.

ودعا الإعلان  الدول المتقدمة لتحمل مسؤولياتها البيئية واتخاذها لإجراءات حاسمة، بما يتوافق مع اتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، وبرتوكول كيوتو الملحق بها، وما تبع ذلك من اجتماعات دولية حول المناخ، وإيلاء المزيد من الاهتمام لمشكلة تدهور التنوع الأحيائي والموائل الطبيعية حول العالم.

وطلب الإعلان من  الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، خاصة المرفق العالمي للحد من الكوارث والإنعاش، وبنوك التنمية والمانحين والصناديق الدولية، دعمَ خطة العمل التنفيذية لتطبيق الاستراتيجية الإسلامية للحد من خطر الكوارث وتدبيرها. ورحب الإعلان  بنداء  طنجة حول تغير المناخ، الذي أطلقه العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يوم 20 من سبتمبر 2015، من أجل عمل دولي  جماعي تضامني وقويّ لفائدة المناخ، وندعو إلى تبنّيه تمهيداً لمؤتمر الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية الذي سيعقد في باريس خلال شهر ديسمبر المقبل.

وأكد الإعلان  ضرورة تعزيز الوعي بأهمية القضاء على الفقر، وتفعيل الإرادة السياسية لتحقيق هذا الهدف، من أجل تنفيذ جدول أعمال التنمية المستدامة، وبناء القدرات وتأهيل الموارد البشرية من خلال التعليم والتدريب والتأهيل والتكوين وتنمية المهارات وتطويرها، إلى جانب اختيار أنسب التطبيقات والمشاريع اللازمة، من الناحيتين الاقتصادية والتقنية، للقضاء كلياً على الفقر بكل مظاهره، إلى جانب تشجيع التعاون بين جميع الجهات المعنية لتنفيذ برامج شمولية لهذا الغرض.

وشدد الإعلان على  أن الاقتصاد الأخضر يخلق فرصًا كثيرة من “الوظائف الخضراء” في قطاعات اقتصادية عديدة، مثل توليد الطاقة المتجددة، والنجاعة الطاقية، وإعادة تأهيل النظام البيئي وحمايته، والسياحة البيئية، وإدارة النفايات، وغيرها من المجالات التي يمكن أن تساهم في حل معضلة البطالة في أوساط الشباب، ودعا إلى بلورة سياسات لدعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة ومساعدتها على التكيف مع آليات التخفيف من حدة الفقر خاصة في المناطق الريفية، من خلال الحفاظ على الموارد الطبيعية واستثمارها على النحو الأمثل في الأنشطة المدرة للدخل في القطاعات الزراعية وغير الزراعية، مع تقليل الهجرة من الريف وتحسين سبل العيش في المجتمعات المحلية.

واقترح الإعلان وضع تدابير واقعية لمواجهة ارتفاع وتيرة النمو السكاني في الدول الأعضاء، التي مافتئت تتزايد رغم المنحى المنخفض المسجل عالميًا، وذلك من خلال التركيز على زيادة الوعي، وتعليم المرأة والفتيات الصغيرات، والتوعية بأهمية تنظيم الأسرة ورعاية الأطفال والتحكم في النمو الديمغرافي. كما حذر الإعلان من الأوضاع الصحية المُتردِّية في المناطق الفقيرة والمُهمَّشة، ومن خدمات الصرف الصحي المتدهورة، والتلوث المتزايد، ومن غياب ممارسات إدارة النفايات، وتزايد الهجرة من الريف التي تؤدي إلى ترييف المدن، وتنامي ظاهرة التحضر السريع، وما ينتج عنه من عشوائيات تخـل بالتوازن البيئي.

وأكد الإعلان أن للمياه دوراً بالغ الأهمية في عمليات التنمية المستدامة، وتأمين الغذاء، والقضاء على الفقر، وتحقيق الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، والحفاظ على صحة الإنسان وتحسين مستوى العيش؛ ونبه الإعلان إلى الضغط المتزايد على مصادر المياه العذبة واحتمال تسببه في اندلاع أزمات في المستقبل بين الدول، بما يستلزم تجديد الالتزام بتحسين وضعية المياه واتخاذ المزيد من الإجراءات في إطار استراتيجية تدبير الموارد المائية في البلدان الإسلامية، ورؤية المياه لعام 2025. وأوصى الإعلان بتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني من الجفاف والتصحر، وحشد الدعم للحفاظ على الأراضي الصالحة للزراعة.

كما أكد الإعلان أن الأمن الغذائي يمثل قضية محورية في معظم الدول الأعضاء، وخصوصاً تلك التي عرفت حالات مجاعة في الماضي، ما يفرض إحداث تغيير عميق في منظومة الغذاء وأنظمة الزراعة، وذلك من أجل توفير الغذاء اللازم للعدد المتزايد من الذين يعانون من الجوع في الدول الأعضاء وغيرها.

 وأشار الإعلان إلى أن قطاع الغذاء والزراعة يشكل جانباً مهماً في تحقيق التنمية والقضاء على الجوع والفقر، وأن قطاع الزراعة والغابات والصيد البحري يمكنه أن يساهم، إضافة إلى توفير الغذاء، في زيادة الدخل الفردي ودعم التنمية القروية القائمة على العنصر البشري وحماية البيئة، ودعا إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لتوفير الأغذية الصحية غير المكلفة والمحتوية على الألياف الضرورية لحياة نشيطة وصحة سليمة.

وشدد الإعلان على ضرورة اعتماد الاقتصاد الأخضر آليةً رئيسةً من آليات التنمية المستدامة، وتأمين الانتقال السلس إليه، لاسيما في سياق القضاء على الفقر والتأهيل المؤسسي لاقتصادات الدول الأعضاء. وأشاد  بالتعاون بين الدول الأعضاء والمجتمع الدولي من خلال الأجندة المتعلقة بنظافة البيئة والاقتصاد الأخضر في عدد من عمليات التخطيط الوطنية،

 وأوصى الإعلان بأخذ آثار مختلف الأزمات الاقتصادية العالمية على البلدان النامية بعين الاعتبار، من أجل اعتماد أنماط تنموية أكثر إنتاجية واستدامة من خلال الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية، مع الحرص على أن يكون التوازن البيئي محور التنمية الاقتصادية وأساس التطور الاجتماعي.  واقترح الإعلان اتخاذ إجراءات عملية ومبادرات ملموسة من لدن المجتمع الدولي للتخفيف من ديون البلدان النامية وفتح الأسواق وتعزيز حرية حركة الأشخاص والبضائع ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات.

وأكد الإعلان  أهمية إعداد استراتيجيات وسياسات تضمن استدامة الطاقة بوصفها عنصراً حيوياً في تحقيق التنمية البشرية والاقتصادية وتحسين ظروف العيش، والرفع من مستوى الخدمات الأساس، وتحقيق التنمية البشرية من خلال التعليم والتدريب في جميع المجالات، وذلك بالموازاة مع تشجيع الأبحاث العلمية في مجالات النجاعة الطاقية، وترشيد الطاقة، وتقانات الطاقة المتجددة، إلى جانب تبادل الخبرات في المجالات التقانية والصناعية، وتعزيز استخدام التقانات الحديثة في نظم تشغيل الطاقة.

وأوصى الإعلان  بتشجيع التواصل والتفاعل بين خبراء الدول الأعضاء في مجال البيئة والتنمية ونظرائهم من دول العالم، والمهنيين في القطاع الصناعي، ورجال المال والأعمال، والعاملين في مجال تطوير التقانات البيئية والمستخدمين لها، وصانعي القرار السياسي، وخبراء التعليم والتكوين والتدريب، والسعي لتوطين تقانات الطاقة في الدول الأعضاء، وتطوير النسيج الصناعي في مختلف مجالات استخدام الطاقة وتطوير مشاريع توليد الطاقة المتجددة، وتوسيع نطاق التعاون بين جميع الفاعلين لتنفيذ هذه المشاريع وتوفير التمويل اللازم لها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!