مشروع الاتصال الجغرافي والربط العربي

محمد التفراوتي11 فبراير 2014آخر تحديث :
مشروع الاتصال الجغرافي والربط العربي

آفاق بيئية : د. حمدي هاشم

بمناسبة إعلان مشروع تنمية قناة السويس كمحور لوجستي وصناعي عالمي لجذب الاستثمارات بالمنطقة ومضاعفة دخل القناة والتكامل بين أقاليم الدولة، ومردوده على الدخل القومي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بمصر. فماذا عن المشروع المكافئ لقناة السويس للاتصال الجغرافي والربط العربي؟

إنه مشروع الجسر البري للربط بين “مصر والسعودية” عبر مضيق تيران بمدخل خليج العقبة لإيجاد طريق بري يربط بين الدول العربية غرب خليج السويس والدول العربية شرق خليج السويس(1988). وكان الملك عبد الله بن عبد العزيز سيضع حجر الأساس للجسر عند زيارته لإمارة “تبوك” ولكن الرئيس حسني مبارك رفض ذلك بدعوى التأثير البيئي على النشاط السياحي بشرم الشيخ (2007).وكانت هناك مخاوف لإسرائيل من تنفيذ الجسر بسبب مروره فوق “جزيرتي تيران وصنافير”بدعوي تعرض حرية الملاحة من وإلي “ميناء إيلات” للخطر.

قام المكتب الاستشاري الأمريكي “بكتل” بدراسة الجدوى التكنولوجية والاقتصادية (2006)، والتي قدرت استرداد تكلفة المشروع خلال عشر سنوات مقارنة بالمشروعات العالمية المماثلة التي تنتظر خمسين سنة للوفاء بتكلفتها، وذلك بالاعتماد على رسوم نقل البترول السعودي في مواسير تمتد عبر الجسر. وقد أعادت الحكومة المصرية دراسة المشروع (2013)، ولكنها عادت وأجلته لأسباب فنية تتعلق بطول عمق الممر الملاحي، والذي يزيد بمقدار ضعف المسافة متجاوزاً بذلك تكنولوجيا البناء الحالية (1250 متر)، علاوة على أسباب بيئية تتعلق بحجم الدمار البيولوجي في الشعاب المرجانية.

pond

يقوم المشروع على درء المخاطر وتجاوز معدلات الوفاة نتيجة استخدام العبارات وطريق الحج البري عبر الأردن، بالتيسير على المسافرين عن طريق البر والبحر من الحجاج والمعتمرين من مصر ودول المغرب العربي وكذلك العمالة في السعودية ودول الخليج الأخرى. ويمهد لإقامة السوق العربية المشتركة بما في ذلك تخفيض تكلفة نقل البضائع والأفراد. وقد قدمت خمس هيئات ومكاتب استشارية دولية دراسات وبحوث عن الجسر، مصرية وأمريكية ويابانية وكورية ودنماركية، والتي ثبت فيها الجدوى القومية والاقتصادية والتكنولوجية والبيئية للجسر.

ومن ناحية الإنشاء وتمويل هذا الجسر فقد تقدمت سبع مجموعات عالمية بعروض فنية ومالية، كويتية ومصرية وإمارتية وأوربية وسعودية وكورية وكندية (2006). وتوصي الأهمية الإيكولوجية للمنطقة بإجراء دراسة معمقة لتقويم الأثر البيئي للمشروع وخسائر الأصول البيئية المتوقعة، وحماية جزيرة تيران والسلاحف والطيور البحرية وموائل الشعاب المرجانية والحشائش البحرية ومصايد الأسماك. وتلافي تكرار مشاكل الرحلات القصيرة مثلما حدث في البحرين منذ بناء الجسر الذي يربط بينها وبين السعودية، ومشكلات التلوث والتدهور البيئي بالمنطقة المحيطة.

من المخطط أن يمتد الجسر بطول (23) كم في أقصر مسار له من “رأس نصراني” شمال “شرم الشيخ” ومنها إلى “جزيرة تيران” ثم شاطئ السعودية الغربي عند “رأس حميد”. والأخيرة عبارة عن لسان جغرافي ممتد داخل البحر في بداية خليج العقبة بإمارة تبوك السعودية، وهي من ناحية التركيب الأرضي منطقة طبيعية خلابة، غنية بالحياة البرية والمائية وتنتشر حولها كثير من الشعاب المرجانية وتلوذ بمياهها أنواع من الأسماك النادرة والسلاحف. وتقع على طريق تبوك ـ المدينة المنورة الذي يسلكه حجاج البر من تركيا وسوريا والأردن ولبنان.

وتبعد “جزيرة تيران” بنحو (6) كيلومترات من ساحل سيناء الشرقي، وهي تمثل مع “جزيرة صنافير” أهمية إستراتيجية بخليج العقبة واللتان احتلتا معاً في أثناء حرب(1967)، وضمتهما “اتفاقية كامب ديفيد “للمنطقة “ج” المدنية. وتم إعلانهما مع “رأس محمد” كمحمية تراث عالمي(1983). وتعد جزيرة تيران ملاذاً طبيعياً هاماً للعديد من الطيور المهاجرة والمقيمة على حد سواء، كما أنها واحدة من أهم أماكن وضع البيض للسلاحف البحرية بمصر. أضف إلى ذلك أهمية شعابها المرجانية وقيام نشاط شرم الشيخ عليها في هواية الغوص.

تقوم مدينة شرم الشيخ على مساحة نحو(400) كم2، وسيبلغ عدد سكانها حوالي(130) ألف نسمة (2017)، وهي تنافس بنشاطها السياحي مثيلتها في أوروبا وأمريكا وأسيا، نتيجة موقعها الجغرافي بين الظهير الصحراوي الجبلي في سيناء والامتداد البحري الطبيعي لها في جزيرتي تيران وصنافير، حيث تقع بمنطقة رأس البحر الأحمر عندما يتفرع إلى خليجي السويس والعقبة. وتوجد بها وحولها أهم المحميات الطبيعية في رأس محمد ونبق وأبو جالوم، ومن أهم مناطقها رأس نصراني ورأس أم سيد بالإضافة لرأس محمد. هذا وهناك جسور برية مماثلة في شمال أوروبا شيدت على الموانع البحرية والمضايق المائية، بين الدنمارك والسويد وبين شرق وغرب الدنمارك. وتم تنفيذ هذه المشروعات بتقنية عالية وباستخدام الأكواد البيئية لمنهجيات الإدارة وفقاً لأفضل الممارسات في السياسات والقياسات الخاصة بحماية البيئة من التلوث. مما يوفر كافة الحلول الفنية والاقتصادية والبيئية لإنشاء الجسر البري بين مصر والسعودية والاستفادة من التناغم التنموي مع محور قناة السويس!

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

التعليقات 7 تعليقات
اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
  • عزيزة
    عزيزة منذ 11 سنة

    هذة موضوعات خاية في الاهمية ودراسات تستحق التقدير

  • عمرو عوض
    عمرو عوض منذ 11 سنة

    مشروع رائع جدا واعتقد انه سيكون اول جسر بري يربط بين قارتي اسيا وافرقيا.
    شاكرين ليك يا د. حمدي علي المعلومات الرائعه.

  • أحمد رجب
    أحمد رجب منذ 11 سنة

    اذا كانت الدراسات عن هذ المشروع تستوفي كافة المعايير التخطيطية فإنه يمثل اللبنة الأولى للتكامل الاقتصادي العربي ويعزز من دور مصر في حركة الملاحة العالمية ويعد بمثاة الرابط بين أسيا وأفريقيا

  • Mokhles M.H. El Tabaa
    Mokhles M.H. El Tabaa منذ 11 سنة

    الفكرة عظيمة جدا ولكن الواقع الثقافىوالعلمىوالفكرى والسياسى…الخ يحتم عليناان لاننفذ هذا المشروع بالصورةالحاليةوعليناان نحفظ هذه المنطقة من التدهورلصالح الاجيال القادمة ربما يكونوا افضل منا وعليه فان اقتراح المهندس جمال حلمى يبدو لى الافضل.

  • fox
    fox منذ 11 سنة

    هل الشيطان المسمي اسرائيل يترك لهذا المشرو ان يكتمل

  • سيد قرشم
    سيد قرشم منذ 11 سنة

    دراسة جيدة جدا لمشروع هام جدا لما فيه صالح الأمة العربيةبالكامل من الخليج للمحيط الأمر الذي يستلزم إستخدام كل التقنيات الحديثة لمجابهة كل مايقف أمام تنفيذه

  • Gamal Helmy
    Gamal Helmy منذ 11 سنة

    أستاذنا د. حمدي هاشم … تحياتي لهذا المقال الذي يدل علي ما عهدناه منكم من أهتمام بالغ بالبيئة .. وأتصور أن إنشاء كوبري في هذه المنطقة الطبيعية الخلابة سوف يؤثر بالتأكيد علي المنظومة البيئية للمنطقة ويفضل بدلا منه إنشاء نفق أسفل خليج العقبة مثل نفق الشهيد أحمد حمدي من جهة السويس وأستكماله بطريق بري بعيداً عن المناطق السياحية حتي يرتبط بالطريق الأوسط في شبه جزيرة سيناء ويمكن أن يشتمل النفق علي خط للسكك الحديدية بالإضافة للطريق البري والذي سيكون بديلا عن خط سكك الحديد الدولي الذي تعطل منذ الأحتلال الإسرائيلي لفلسطين وبذلك نتلافي الأثر البيئي المسيء المتوقع وكذا المشكلات الأمنية المتوقعة من الدول المطلة علي الخليج .. ومن المعلوم أن تكلفة النفق المادية ستفوق بكثير تكلفة الكوبري ولكن آثارها البيئية ستكون أقل كثيراً .. وهذا المشروع يجب أن يطرح للمساهمة الدولية من الدول والمنظمات الدولية فهو لا يقل بأية حال عن نقل معبد أبو سمبل ، كما أن خط السكك الحديدية سيكون رابط جديد للتجارة والأفراد بين آسيا وأوربا وأفريقيا عبر هذا الموقع المتميز مما يشجع جهات كثيرة للأستثمار في المشروع ويجعل بتنفيذه .

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!