آفاق بيئية ؛ د. أحمد زكى ابو كنيز*
حينما نقول التنوع الحيوى فاننا نقصد كافنة انواع الاحياء على هذه البسيطه، بجميع أشكالها، من البكتيريا المجهرية و ماهو ادق منها و صولا إلى الافيال والتماسيح والاشجار الضخمة مروراً بالنباتات العشبية والحشرات وكافة انواع الحيوانات و ايضاً سيد الكون الانسان بالطبع وكل ما سبق معا وفى مناطق جغرافية محددة تشكل ما نطلق عليه النظم البيئية بأكملها مثل الغابات أو الشعاب المرجانية و المستنقعات و الاراضى الرطبة و المناطق الصحرواوية ….. الخ .
اذن التنوع الحيوى الذى نتحدث عنه هوناتج ملايين الاعوام من التفاعل و التطور حتى اذا ما وصل الى التوازن التام و الحياة الرتيبة الهانئة, فاذا بالانسان يدشن الثورة الصناعية التى اتت بزخم الانشطة البشرية المتنوعة و المتعددة و المتسارعه و لم تراع فيها الابعاد البيئية و كانت لها اثار جانبية سيئة وعديدة تضرر منها التنوع البيولجى كثيرا والمعلوم للكافة ان التنوع الحيوي يؤدى خدمات جليلة لحياتنا التي نعتمد عليها في أمور عديدة كالغذاء والماء والصحة الاقتصاد …. الخ , والتنـوع الحيوي يقع فى قلب العديـد مـن الأنشـطة الأقتصاديـة، و خاصة تلـك المتعلقـة بزراعـة المحاصيـل والثـروة الحيوانيـة، والغابات ومصايـد الأسـماك. وعلـى الصعيـد العالمـي، يعتمـد قرابة نصـف سـكان الارض اعتمـادا مباشـرا علـى المـوارد الطبيعيـة لكسـب عيشـهم، كما يعتمـد الأشـخاص الأ كثـر ضعفـاً و حوجة بشـكل مباشـر علـى التنـوع الحيوى للحصول على احتياجاتهـم المعيشـية اليوميـة. ويكمننى ان اضيف ان ما يربو عن نصف الناتج المحلى لكافة دول العالم يعتمد بصورة مباشرة على ما تقدمه الطبيعة بنظمها البيئية المختلفة والمعتمده على التنوع الحيوى. ويشار الى ان قرابة مليار ونصف نسمة على المستوى الدولى يعتمدون على الغابات فى كسب لقمة العيش و فى ذت الوقت يدمرون النظم البيئية بها .
و لكن لماذا يهتم العالم بالتنوع الحيوي و يخصص له البرامج والانظمة و الاموال لحمايته , الواقع الملوس يقول ان هناك ما يقرب من مليون نوع مهدد بالانقراض و التلاشى و العديد منها ربما تختفى في غضون عقود قليلة لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة ما لم يتم التصدى للانشطة البشرية المهددة للنظم البيئية …. لكن ماذا يمكن ان يحدث فى هذا الصدد؟
فى سبيل زيادة انتاج الغذاء وزيادة مساحة الاراضى الزراعى على حساب الغابات و الصحارى و الاراضى الرطبة , ستتحول النظم البيئية التي لا يمكن الاستغناء عنها مثل غابات الامازون من بالوعات ضخمة لامتصاص الكربون او بتعبير ادق مصارف الكربون إلى مصادر الكربون بسبب إزالتها او حرقها. وبالاضافة الى كما اختفاء ما يقارب 90% من الاراضى الرطبة بنباتاتاتها واعشابها و اهما السافانا و المنجاروف والتى تمثل مصارف كبونية ايضاً وتتحول الى اراضى زراعية تساهم فى زيادة الانبعاثات المختلفة .
اذن فالمحرك الرئيسي لفقدان التنوع الحيوى هو بحث البشر عن زيادة الغذاء في المقام الاول و عندما يتم تحويل الأراضى من طبيعتها الاصلية الى اراض زراعية فذلك هو تغيير وفقد للنظم البيئية يستتبعه ان تفقد الكثير من الأنواع النباتية و الحيوانية و الكائنات الدقيقة موطنها الاصلى الذى يلائم حياتها و تكاثرها وبالتالى تواجه خطر الانقراض. وهنا يجرى الحديث حول فقد الموائل التى اتخذتها الامم المتحدة شعار الاحتفال باليوم العالمى للتنوع الحيوى هذا العام . اذن فعلينا التعقل و التحسب عند التوسع فى انتاج الغذاء على حساب تغيير النظم البيئية القائمة , لما يترتب على ذلك من اضرار جسيمة, و اتصور انه من المناسب ان نعمل على الحصول على الغذاء و زيادته لمواجهة زيادة الطلب عليه عن طريق الاستخدام المتعقل للنظم البيئية ودون الاضرار بها بل و المحافظة عليها.
كما ان تغير المناخ يلعب دورًا متزايد الأهمية في تدهور التنوع الحيوي. إذ أدى إلى تغيير النظم البيئية البحرية والبرية والمياه العذبة في جميع أنحاء العالم. كما تسبب في فقدان الأنواع المحلية وزيادة الأمراض وأدى فناء جمعي للأنواع النباتة والحيوانية مما أدى إلى حدوث أول انقراضات متعددة مدفوعة بالتغيرات المناخية.
كما ان التغيرات المناخية اوما يعرف الاحترار العالمى ادت الى تغيرات على مستوى اليابسة عالمياً ، حيث أجبرت درجات الحرارة المرتفعة الكائنات الحية على الانتقال إلى ارتفاعات أو خطوط عرض أعلى، وقد انتقل العديد منها نحو قطبي الأرض، وهو ما سيخلف عواقب بعيدة المدى على النظم البيئية القائمه. اذن يزداد خطر اختفاء التنوع الحيوى مع كل درجة من الاحترار الكونى.
و لكل ماسبق احتفى العالم خلال الاسبوع الماضى و مايزال بيوم التنوع الحيوى و تم هذا العام تحت شعار ❞الاتفاق إلى العمل: إعادة بناء التنوع البيولوجي❝و السبب فى هذا الشعار هو انه فى ديسمبر من العام المنصرم تم أعتماد إطار كونمينج-مونتريال الدولي للتنوع الحيوي، الذي هو بمثابة اتفاق يحدد أهدافًا وتدابير ملموسة لوقف فقدان التنوع الحيوى والتعافي منه بحلول عام 2050.
ويروج هذا الشعار لضرورة و حتمية تنفيذ خطة عمل متفق عليها على المستوى الدولي، لذا فيتوجب علينا تنفيذ كافة التدابير التي تتضمنها و تهدف اليها الاتفاقية المشار اليها آنفاً قبل عام 2030. وبهذه الطريقة سنستطيع الحصول على تنوع بيولوجي مصون ومستدام مع حلول 2050. وتلك هي الرسالة الرئيسة لاتفاقية التنوع الحيوى التي تُعد الصك الدولي الرئيس و الاهم للتنمية المستدامة و الرفاه العالمى.
* د. أحمد زكى ابو كنيز : أستاذ المحاصيل السكرية بمركز البحوث الزراعية . رئيس الاتحاد النوعى للبيئة باسوان