تمكين المرأة وتعزيز مهاراتها في السوق من أجل تحسين سبل العيش الريفية

محمد التفراوتي5 يناير 2023آخر تحديث :
تمكين المرأة وتعزيز مهاراتها في السوق من أجل تحسين سبل العيش الريفية

آفاق بيئية : كمبوديا

يبدأ نهار السيدة  “هوس سالوب”  (Hos Salop)   دومًا في الصباح الباكر، فتحضّر الإفطار لزوجها وحفيدها البالغ من العمر ثلاث سنوات قبل أن تعمل في مزرعة عائلتها في قرية بونغرو في شمال غرب كمبوديا. فتقوم بقطاف الخضروات وإطعام الدجاج والخنازير وتنظيف منزلها وتوصيل حفيدها إلى المدرسة، قبل أن تذهب إلى وظيفتها اليومية بدوام كامل كموظفة حكومية وعضو في مجلس بلدية تا فو. ومع أنّ هذه الوظيفة تولّد دخلًا إضافيًا ضروريًا لعائلتها، كان زوجها السيد “داي ديت” (Day Deat)، وهو مزارع صغير، يعترض على عملها هناك.

ففي المناطق الريفية في كمبوديا، من غير المناسب تقليديًا أن تعمل النساء خارج منازلهنّ. وتؤدي هذه الأعراف الاجتماعية المتجذرة إلى التمييز بحق النساء الريفيات وتهميشهنّ، ما يحدّ من انتفاعهنّ بالتعليم والموارد وفرص العمل والمشاركة في عمليات اتخاذ القرارات.

ووجدت السيدة السيدة  “هوس سالوب”   من خلال عملها في مجلس البلدية أنه بإمكانها أن تثق بنفسها وتعتدّ بها، ولكنّها كانت تشعر أنها عاجزة عن القيام بذلك في منزلها، فكانت تلزم الصمت كلّما واجهت اعتراضات زوجها.

وبالإضافة إلى التوترات على المستوى المنزلي بسبب عملها خارج المنزل، كانت الخسائر على مستوى مزرعة الزوجين معا

 تتراكم، بعدما قضت الفيضانات على محاصيلهما. ففي عام 2021، على سبيل المثال، أنفقا حوالي 500 2 دولار أمريكي لزراعة الكسافا ولكنهما لم يجنيا أيّ عوائد. وقد أجبرت هذه الحالة القاسية الزوجين على إعادة النظر في الخيارات المتاحة أمامهما لكسب رزقهما، والبحث عن حلول بديلة.

التدريب للتغلّب على التحديات

في أبريل/ نيسان 2022، التحقت السيدة Salop بالدورة التدريبية التي توفّرها مدرسة الأعمال التجارية للمزارعين لتمكين النساء التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة بالشراكة مع مملكة كمبوديا وبدعم مالي من آلية التمويل القائمة على المساهمات الطوعية المرنة في المنظمة.

وقالت السيدة “هوس سالوب” كانت المعارف التي اكتسبتها خلال الدورة التدريبية في مدرسة الأعمال التجارية للمزارعين لتمكين النساء التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة بمثابة صحوة. ففي السابق، لم أكن أدرك المخاطر التي تواجهها مزرعتي، ولم أكن أعرف كيف يمكنني أن أحقق المزيد من الأرباح، ولا كيف يمكنني أن أضع خطة أفضل لأعمالي ولا كيف يمكنني أن أفهم السوق”.

وأبرزت كذلك المنافع المنبثقة عن الدورة التدريبية والمترتبة على مستوى منزلها، قائلةً: “تغدو النساء قادرات على المشاركة والتباحث مع أزواجهنّ، ما يؤدي إلى فهم متبادل أفضل وإلى استعداد أكبر لتقاسم المهام. وقد ساعد هذا النهج بالتأكيد على الحد من التوترات المنزلية وكذلك من العنف الأسري، بموازاة السماح للأشخاص بتعلّم طرق الزراعة على نحو أكثر ربحية”.

ومنذ عام 2021، تقوم المنظمة ووزارة الزراعة والغابات ومصايد الأسماك في كمبوديا بالترويج لسلسلة من الدورات التدريبية التي تقدّمها المدرسة، وهو نهج مبتكر لتعزيز المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للنساء والرجال في المناطق الريفية الذين يعتمدون على الزراعة لكسب سبل عيشهم. ومن خلال مدرسة الأعمال التجارية للمزارعين لتمكين النساء، يتعلّم المزارعون والمزارعات المزيد عن تحليل الأسواق لمعرفة أنواع المحاصيل التي ينبغي زراعتها، ويتمتّعون في الوقت نفسه بفرصة مناقشة الأدوار والتحديات بين الجنسين، والتفكير النقدي في الأسباب الجذرية للتمييز بين الجنسين، والتوصّل إلى حلول.

وتوضح السيدة “ربيكا بيل “، (Rebekah Bell) ، ممثلة المنظمة في كمبوديا قائلةً : “إننا نقرّ بأنه لا يمكن للمزارعين تحقيق كامل إمكاناتهم في الزراعة ما لم تتم معالجة الأعراف الاجتماعية. لذلك، نستخدم هذا النهج التحوّلي للمساواة بين الجنسين، من أجل إشراك الرجال والنساء في معالجة الأعراف المتصلة بالمساواة بين الجنسين، بشكل مشترك من خلال الحوار الأسري، مع تعزيز مهارات المزارعين في مجال ريادة الأعمال وتعزيز قدرتهم على وضع خطط للأعمال وتحليل الأسواق، وهي عوامل رئيسية لنجاح أعمالهم الزراعية”.

التمكين والإلهام

زوّدت هذه الدورة التدريبية السيدة “هوس سالوب”  بالمعارف والمهارات والثقة بالنفس. فقامت بتحليل الاتجاهات في مزرعتها الأسرية ووضع خطة عمل لمدة خمس سنوات عرضتها بعد ذلك على زوجها، واقترحت الانتقال من تربية الكسافا إلى تربية الخنازير، وهو نشاط ينطوي على مخاطر أقلّ وموجّه نحو السوق. وتستذكر أنها قالت له: “لن نكسب شيئًا إذا واصلنا العمل كما فعلنا في السابق لأنّ الفيضانات ستحدث وستغمر دائمًا حقولنا”.

وحتى بداية هذا العام، كانت عاجزة عن مناقشة الأمور المنزلية مع زوجها والتخطيط لها أو الإشارة إلى الحصة غير المتناسبة من العمل التي تقع على عاتقها. ولكن، بعد المشاركة في أنشطة مدرسة الأعمال التجارية للمزارعين لتمكين النساء، تمكّنت من تحدّي هذه الأعراف والتواصل بشكل أفضل معه لتغيير توقعاته. واتّفق الزوجان على التركيز على تربية الخنازير بعد أن أدركا الإمكانات التي تنطوي عليها منتجات الخنازير في مجتمعهم المحلي. ونتيجةً لذلك، زادا عدد الخنازير التي يربّيانها من خنزير واحد إلى عشرة خنازير.

وبعد الدورة التدريبية، تمكّنت السيدة “هوس سالوب”  أيضًا من أن تشرح لزوجها منافع تقاسم المهام بشكل متكافئ أكثر. وقالت السيدة Salop فيما ابتسامة كبيرة ترتسم على وجهها: “بعد مناقشة خطتنا، بدأ زوجي يساعدني في قطاف الخضروات وتنظيفها وإطعام الخنازير في الصباح”، مشيرةً إلى التغيير الإيجابي في سلوكه. وحافظت على وظيفتها كموظفة حكومية.

واليوم، انضمّت السيدة “هوس سالوب”  إلى صفوف المساعدين الإقليميين والمزارعين الميسّرين في مقاطعتي بانتياي مينشي وسييم ريب وعددهم 60 شخصًا وقد تلقوا التدريب مباشرةً من خمسة مدرّبين رئيسين وطنيين تابعين للمشروع. ومن المتوخى أن ينقل هؤلاء المزارعين المهارات التي اكتسبوها من المدرسة إلى 600 مزارع آخر في هاتين المقاطعتين.

وقالت السيدة “هوس سالوب”: “أنا سعيدة بدوري كميسّرة وأعمل على نقل المعارف التي اكتسبتها من الدورة التدريبية إلى العديد من القرويين الآخرين”. واستطردت قائلة: “أتمنى أن يشارك الجميع من القرى الإحدى عشرة في هذه البلدية في الدورات التدريبية التي تقدمها المدرسة”.

وفي إطار الدورة التدريبية التي تقدمها المدرسة، قام المشروع الذي يحظى بتمويل من الآلية القائمة على المساهمات الطوعية المرنة بتدريب 436 1 مزارعًا، 57 في المائة منهم من النساء، كما أنه يعزز المساواة بين الجنسين من خلال إنشاء نوادي ديمترا. وتسهّل نوادي ديميترا التمكين الاجتماعي والاقتصادي وقيادة المرأة واعتمادها على ذاتها. وهذه النوادي هي مجموعات غير رسمية من النساء والرجال والشباب الريفيين الذين يجتمعون لمناقشة القضايا، بما في ذلك العلاقات الجنسانية، والبحث عن حلول. وفي كمبوديا، مكّنت منظمة الأغذية والزراعة، بالتعاون مع مجموعة دعم القرى 307 1 أشخاص من تشكيل 40 ناديًا من نوادي ديمترا في 20 قرية في مقاطعتي بانتاي مينشي وسيام ريب.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!