دراسة عينة من المجتمع المدني المغربي خلال جائحة كوفيد-19: الأدوار الوظيفية والتطلعات المستقبلية

محمد التفراوتي30 أكتوبر 2020آخر تحديث :
دراسة عينة من المجتمع المدني المغربي خلال جائحة كوفيد-19: الأدوار الوظيفية والتطلعات المستقبلية

آفاق بيئية : أ. د. يوسف الكمري*

ملخص 

لقد أضحى المجتمع المدني المغربي، في صلب تدبير القضايا المجتمعية المرتبطة بجائحة كوفيد-19، حيث غيرت أغلبية الجمعيات/المنظمات النشيطة نمط مجالات اهتمامها من باب التحسيس والتوعية في الماضي القريب، إلى أنشطة ومبادرات مجتمعية متعددة باعتبارها شريكا للدولة في تنزيل بعض خططها الوطنية التي تسعى إلى المساهمة الفعلية في برامج التخفيف من تداعيات أزمة تفشي الجائحة وتأثيراتها في مكونات المجتمع المغربي. وقد تطلب تدبير وإدارة أزمة كوفيد-19 التوفر على نظام معلومات دقيقة ومحينة حول فعاليات المجتمع المدني المغربي، يدمج المعطيات الصادرة عن الإعلام والبلاغات والتقارير الصادرة عن مختلف الجمعيات، وكذا المصادر الرسمية (القطاعات الوزارية التي تعمل في إطار الاقتصاد الاجتماعي، التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، الصحة والتعليم، …)، مع التأكيد على كون المبادرات التطوعية للجمعيات والمنظمات المدنية، والتي تقدم خدمات مجتمعية ليست ظاهرة حديثة، ولم ينحصر وجودها في منطقة جغرافية محدودة، مما يجعل التجارب في هذا المجال متعددة ومتباينة، من حيث الأنظمة التي تخضع لها، وأساليب عملها، ومستويات تطورها وأهدافها، والعلاقات التي تربطها بالدولة ومكونات المجتمع المدني،
وفي هذا الإطار، تم إنجاز هذه الدراسة الأولية (شهر يونيو/حزيران 2020)، وتهدف هذه العملية التي تندرج في إطار تفعيل توصيات سلسلة جلسات نظمتها “الشبكة العربية للمنظمات الأهلية”، للنقاش عن بعد، والبحث في كيفية تعزيز قدرات المجتمع المدني العربي في ظل الأزمات الطارئة، وقد تم عرض نتائجها خلال اجتماع الشبكة الافتراضي الأول في موضوع “المجتمع المدني وكوفيد-19: ما بين الاستجابة الآنية والتحولات الهيكلية” [1]، وذلك بتاريخ 22 يونيو/حزيران 2020، وهذا في إطار برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) في علاقته بأدوار المجتمع المدني العربي، الذي تم تنفيذه في مجموعة من الدول العربية، هذه الدراسة الأولية المنجزة سعت، في مرحلة أولى، إلى توفير، معطيات وصفية حول عينة من المجتمع المدني المغربي، وحول خصائص وأنشطة بعض المنظمات والجمعيات النشيطة، خلال فترة جائحة كوفيد-19. وتهم المرحلة الثانية من هذا البحث معرفة تطلعات عينة من المجتمع المدني المغربي، المنخرطة في هذه الدراسة، خلال مرحلة ما بعد كوفيد-19.
وقد أنجزت الدراسة الحالية على عينة تضم 43 وحدة (جمعيات/شبكات). وتم تجميع معطيات البحث عن بعد بواسطة استمارة رقمية تم إرسالها عبر مختلف الوسائط الرقمية المتاحة، ما بين 7 و16 يونيو/حزيران 2020.

السياق العام للدراسة

تهدف “الشبكة العربية للمنظمات الأهلية” إلى النهوض بقدرات المجتمع المدني العربي من خلال تدفق المعلومات والمعرفة عبر البحوث والدراسات والتقارير، وكذلك عقد ورشات العمل التدريبية المتخصصة الموجهة للفاعلين بالمنظمات والجمعيات، بالإضافة إلى توظيف نظم المعلومات وتكنولوجيا الاتصال لخدمة العمل الجمعوي. وفي السياق ذاته، تُعنى “الشبكة العربية” بعقد الندوات والمؤتمرات والمنتديات التي تطرح مختلف القضايا محل الاهتمام من قبل منظمات المجتمع المدني، للنقاش والتحاور بشأنها. وتسعى أيضاً إلى عقد سلسلة من اللقاءات عن بعد webinars، التي تهدف إلى مناقشة جائحة كوفيد-19 والإجراءات التي اتخذتها الحكومات العربية لمواجهته، والتي تتراوح ما بين الحظر الجزئي والحجر الصحي وحتى الإغلاق الكامل، والتداعيات السلبية على المجتمع المدني على الصعيدين الإقليمي والعالمي، فهي بالضرورة تحد من حركته وقدرته على الفعل، وتقلل من قدرة الفاعلين والنشطاء على الالتقاء والتنظيم والدعوة بالنظر إلى عمليات الإغلاق وإجراءات التباعد الجسدي .
وبناء على ذلك، فقد تنوعت مظاهر استجابة منظمات المجتمع المدني لهذه الإجراءات وللأزمة الناجمة عن انتشار جائحة كوفيد-19، فقد اضطر بعضها إلى تعليق الأنشطة المخطط لها، واتجه البعض الآخر إلى تغيير نشاطه لمساعدة الحكومات المحلية في مواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والصحية للأزمة والتخفيف من حدتها على الفئات الأكثر تضررا، كما انخرطت الكثير من المنظمات في العمل عن بعد، و سعت إلى توظيف تكنولوجيا الاتصال والمعلومات لتسيير أعمالها من جانب أو إطلاق المبادرات ذات الصلة بالتوعية وبناء القدرات وتبادل المعلومات من جانب آخر.
إننا إزاء أكبر تجربة اجتماعية إجبارية سوف تعيد صياغة واقعنا العالمي والإقليمي، وتدفعنا نحو التغيير رغما عنا. وقد ترسم اختياراتنا الحالية ملامح جديدة تمس دور المجتمع المدني وآليات عمله وأولوياته لسنوات مقبلة …

المقدمة

في المملكة المغربية، عرف قطاع المؤسسات غير الهادفة للربح، المعروف عامة بالمجتمع المدني أو القطاع الجمعوي، تطورا مهما خلال السنوات الأخيرة. فبفضل نهجه لسياسة القرب من الساكنة واهتمامه بحاجيات ومصالح المواطنين في جميع المجالات (الاقتصادية والتربوية والاجتماعية والثقافية، …)، أصبح القطاع الجمعوي من بين الفاعلين الأساسيين في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. كما أن تضافر الجهود مع القطاعين العمومي والخاص من خلال شراكات في الأنشطة أدت إلى تعزيز دوره وتنميته. وتشكل “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” في هذا المجال مثالا بارزا لهذه الشراكة. لكن، ورغم الدور الاقتصادي والاجتماعي المتزايد لقطاع المؤسسات غير الهادفة للربح، والمعترف به من قبل المواطنين وكذا من لدن الفاعلين العموميين والخصوصيين، فإن المؤشرات الإحصائية والمعطيات الخاصة بهذا القطاع تبقى شبه غائبة في الإحصائيات الرسمية. ولسد هذا النقص في المعلومات الإحصائية، أجرت “المندوبية السامية للتخطيط” سنة 2009 بحثا وطنيا حول المؤسسات غير الهادفة للربح [2]، يهدف أساسا إلى معرفة خصائص هذه المؤسسات، وتقييم مساهمتها الاقتصادية والاجتماعية، ومعرفة مختلف المعيقات التي تحول دون تنمية هذا القطاع. كما أن توفر معطيات دقيقة بشأن القطاع الجمعوي ، سيساعد على التمكين من المحاسبة الوطنية ووضع حساب تابع خاص بقطاع المؤسسات غير الهادفة للربح.
وقد أجرت وزارة الداخلية المغربية، دراسة سنة 2014 حول النسيج الجمعوي، ويمكن اعتبا رها أكثر تعبيرا عن المعطيات الحقيقية والواقعية لعمق النسيج الجمعوي بالمغرب [2-4].

أهداف الدراسة :

بناء على الورقة التأطيرية التي صاغتها الشبكة العربية للمنظمات الأهلية (Arab Network for NGOs)، وهي منظمة تنموية عربية غير حكومية وغير هادفة للربح، والتي وجهت المشاركات والمشاركين من مختلف الدول العربية المشاركة في أشغال اجتماعها الافتراضي الأول (مصر، والمملكة المغربية، وتونس، وفلسطين، والمملكة العربية السعودية، ولبنان)، في موضوع “المجتمع المدني وكوفيد-19: ما بين الاستجابة الآنية والتحولات الهيكلية”، وذلك بتاريخ 22 يونيو/حزيران 2020، فالدراسة المنجزة تسعى إلى:
• رصد تجارب عينة من الجمعيات/المنظمات النشيطة من المجتمع المدني المغربي في ظل هذه الأزمة؛
• استشراف الفرص والمخاطر المستقبلية أمام عينة من المجتمع المدني ؛
• بلورة آليات جديدة لعمل المجتمع المدني في ظل الجائحة والمرحلة اللاحقة؛
• بحث كيفية تحقيق أقصى استفادة من تكنولوجيا الاتصال والمعلومات لصالح تعزيز مرونة المجتمع المدني، وقدرته على العمل والتأثير في ظل الطوارئ؛
• رصد تأثير الأزمة في خطط التنمية المستدامة الوطنية، وآليات تخفيف حدتها وحدود إسهام المجتمع المدني في هذا الشأن؛
• بحث آليات المجتمع المدني في مواجهة تدفق المعلومات المغلوطة حول الأزمة، والعمل على إرساء قواعد جديدة تروم تصحيح هذه المعلومات وتدقيقها؛
• إعادة النظر في أولويات عمل المجتمع المدني المغربي في مرحلة ما بعد الجائحة.

المنهجية المعتمدة في الدراسة :
مفاهيم عامة

من أجل إنجاز هذه الدراسة، تم اعتماد المفاهيم التي تم توظيفها خلال إعداد البحث الوطني حول المؤسسات غير الهادفة للربح (سنة المرجع 2007)، من قبل المندوبية السامية للتخطيط (المملكة المغربية)، سنة 2011، والمتداولة والمتعارف عليها دوليا في هذا المجال. إضافة إلى مجموعة من التقارير المنجزة حول المجتمع المدني المغربي [5-6]، وطبقا لهذه التقارير، تتميز المؤسسات غير الهادفة للربح بالمغرب بكونها:
1. جمعيات/منظمات تشتغل في إطار مؤسساتي ؛
2. جمعيات/منظمات خصوصية تختلف عن المؤسسات الحكومية على المستوى المؤسساتي ؛
3. جمعيات/منظمات لا توزع الأرباح المحققة على مكوناتها ؛
4. جمعيات/منظمات ذات تسيير ذاتي قادرة على إدارة أنشطتها الخاصة ؛
5. جمعيات/منظمات تطوعية ذات طابع غير إلزامي، وتتسم بطابع الحرية الفعلية في المشاركة.

مجـال الدراسة :

يغطي مجال الدراسة جميع الهيئات المدنية غير الهادفة للربح (المجتمع المدني) التي تمارس أنشطتها على التراب الوطني للمملكة المغربية، حيث تتكون من الجمعيات العادية والجمعيات ذات المنفعة العامة، واتحاد الجمعيات أو الفيدراليات والشبكات والائتلافات والجمعيات الأجنبية.
ولتسليط الضوء على هذه الهيئات، نقدم مجموعة من التعريفات التي جاءت في هذا الباب:

 المنفعة العامة: الصفة القانونية التي تترتب عن طلب لدى السلطات العمومية المكلفة بالعلاقة مع المجتمع المدني ،تقوم به جمعية أو اتحاد جمعيات تدخل أهدافها ضمن نطاق تحقيق المصلحة العامة الوطنية أو المحلية، قصد الحصول على منافع عمومية مباشرة أو غير مباشرة من قبيل الدعم المالي والتخفيضات الضريبية و الهبات … إلخ.
 الجمعية و المنظمة غير الحكومية: كل هيئة مدنية غير حكومية؛ ذات طابع وطني أو محلي وهي شخص معنوي يتمتع بالاستقلال الإداري والمالي، ينشأ باتفاق بين شخصين أو أكثر بصفة طوعية يعملون بمقتضاه على التعاون لتحقيق أهداف اجتماعية أو تنموية أو ثقافية أو أهداف أخرى مشروعة غير توزيع الأرباح فيما بينهم.
 الجمعية والمنظمة غير الحكومية الدولية : كل منظمة يتم تأسيسها في المغرب ،وتتألف من أشخاص طبيعيين، أو اعتباريين، من مغاربة أو أجانب أو منهما معًا لممارسة نشاط وطني ودولي لغرض غير توزيع الأرباح ومرتبط بالمصلحة العامة، ولا يتعارض مع قوانين المملكة المغربية.
 الجمعيات الأجنبية: هي فروع لجمعيات يوجد مركزها خارج الحدود الترابية للمملكة.
 اتحاد الجمعيات (الجامعات) والشبكات والروابط والفيدراليات والتنسيقيات والائتلافات: كل الأشخاص المعنويين الذي ينشأون بمبادرة من جمعيتين أو أكثر لتحقيق تعاون مستمر لاستخدام معلوماتها أو نشاطها لغاية غير تحقيق توزيع الأرباح فيما بينها، تكون عامة أو خاصة لمدة دائمة أو محدودة ،و لها أن تأخذ شكلا قانونيا بإتباع نفس مسطرة تأسيس الجمعية أو تحتفظ بشخصياتها المعنوية.

عينة الدراسة:

نتوفر على لائحة تضم عددا من هيئات المجتمع المدني المغربي، تم إعدادها من خلال التواصل الرقمي في إطار أنشطة الشبكات الجمعوية المغربية، وذلك لمدة تفوق 10 سنوات من العمل الميداني، والتي تحتوي على ملفات عن الجمعيات/المنظمات على الصعيد المحلي والجهوي والوطني. وقد تم اعتماد هذه اللائحة كقاعدة للمعاينة. وتجدر الإشارة إلى أن إنجاز هذه الدراسة، تم عبر توظيف مختلف تقنيات التواصل عن بعد (البريد الإلكتروني، الهاتف، الواتساب، الفيسبوك، …)، نظرا لفرض إجراءات الحجر الصحي من قبل السلطات المحلية، وذلك نتيجة تفشي جائحة كوفيد-19، وهذا منذ تاريخ 16 مارس/آذار 2020. وفي هذا الصدد، فقد تم إرسال الاستمارة الرقمية (الملحق رقم 1) ل51 وحدة (جمعية/شبكة)، مع الإشارة، على أنه بالرغم من وصول نسبة الإجابة إلى 82،4 في المائة، نسجل عدم تجاوب بعض الجمعيات مع فحوى الأسئلة المتضمنة في استمارة الدراسة (08 وحدات لم نتوصل بجواب من قبلها). وعليه، فإن النتائج المقدمة في هذا المقال، تهم فقط الجمعيات العادية وبعض الجمعيات ذات المنفعة العامة (43 وحدة).

تساؤلات الدراسة:
الهــدف الرئيس من هــذه الدراسة الأولوية، الــتي أنجزت خلال الفتـرة الممتدة مـن 07 إلى 20 مـن شـهر يونيـو/حزيران 2020 على عينـة تمثيلية تضـم 43 وحدة (جمعية / شبكات) (الملحق رقم 2)، هـو مقاربـة تطــور الأنشطة الاجتماعية والوقائية والتحسيسية في ظــل جائحــة كوفيـد-19، وتقييـم آثـار هـذه الأزمة الصحيـة على عينة من مكونات المجتمع المدني المغربي مـن حيـث التدبير المؤسساتي والعلائقي ومن حيث البرامج والمشروعات ،والأنشطة المنجزة والإكراهات والصعوبات.
وتنصب تساؤلات الدراسة حول النقط الرئيسة الآتية :
• ما هي الوضعية الراهنة للمجتمع المدني المغربي ؟ ؛
• ما هي أهم التحديات القائمة في العمل التنموي في ما له علاقة بجائحة كوفيد- 19 ؟؛
• ما هي انعكاسات الأزمة علي المستوي المؤسسي ؟ ؛
• ما هي المسارات التي تحركت فيها المؤسسات: علي المستوي المؤسسي؛ على مستوي العلاقة مع الفئات المستهدفة؛ على مستوي البرامج والمشروعات ؟ ؛
• ما هي الفرص والمخاطر المستقبلية التي تنتظر بعض منظمات المجتمع المدني المغربي ؟ ؛
• ما هي الآليات الجديدة المبلورة لعمل الجمعية في ظل الجائحة والمرحلة اللاحقة ؟ ؛
• ما مدى الاستفادة من تكنولوجيا الاتصال والمعلومات لصالح تعزيز مرونة المجتمع المدني، وقدرته على العمل والتأثير في ظل الطوارئ ؟ ؛
• ما تأثير الأزمة في خطط التنمية المستدامة الوطنية ؟، وما آليات التخفيف من حدتها ؟، وما حدود إسهام المجتمع المدني في هذا الشأن ؟ ؛
• ما هي آليات المجتمع المدني في مواجهة تدفق المعلومات المغلوطة حول الأزمة؟ وما هو المسار الناجح والكفيل بتصحيح هذه المعلومات وتدقيقها ؟ ؛
• ما هي أولويات عمل الجمعية / المنظمة في مرحلة ما بعد الجائحة ؟ ؛
• ما هي أهم الأنشطة المنجزة خلال فترة تفشي جائحة كوفيد- 19 ؟

عرض نتائج الدراسة:
حسب سنة تأسيس الجمعية/المنظمة

بمراعاة سنة تأسيس الجمعية/المنظمة، يلاحظ أن أغلبية الجمعيات النشيطة المشاركة في هذه الدراسة هي وحدات متفاوتة من حيث تاريخ التأسيس، ذلك أن 15 جمعية من أصل 42 أنشئت خلال الفترة الممتدة من 1971 إلى 2004، و 28 من أصل 42 تأسست منذ إعلان المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005 (الوثيقة رقم 1).

الوثيقة رقم 1: توزيع منظمات المجتمع المدني حسب سنة التأسيس (عينة الدراسة:43 وحدة)

حسب التوزيع الجغرافي ونطاق اشتغال الجمعية/المنظمة

أما بالنسبة للانتشار الجغرافي لعينة الجمعيات/المنظمات المشاركة في هذه الدراسة الأولية، فقد أبانت نتائج البحث أنها تتوزع على مختلف الجهات (46,5 في المائة أي 20/43 وحدة)، لكن بكثافة نسبيا أكبر بجهة الرباط- سلا- القنيطرة وجهة مراكش- آسفي. وقد أظهرت النتائج أن 37,2 في المائة (16/43) من الجمعيات هي ذات إشعاع محلي، تمارس أنشطتها على صعيد الحي أو الدوار أو الجماعة الحضرية أو القروية أو مجموعة من الجماعات (الوثيقة رقم 2).

الوثيقة رقم 2: توزيع منظمات المجتمع المدني حسب النطاق الجغرافي (عينة الدراسة:43 وحدة)

حسب مجالات اشتغال الجمعية/المنظمة
على الرغم من تعدد مستويات تدخل هذه الجمعيات/المنظمات – موضوع الدراسة- ، فإننا نجدها تشتغل في مجالات متباينة مثل : التربية والصحة والثقافة والرياضة ومقاربة النوع الاجتماعي والتنمية المستدامة والتضامن، إلخ…
بناء على معطيات الوثيقة رقم 3، يمكن أن نقر على أن هذا التنوع في أنشطة العمل الجمعوي ينحصر أساسا في مجالات ” التربية والبيئة والتنمية والتضامن” (35,2٪ من مجموع الجمعيات) و”الثقافة والرياضة والنوع الاجتماعي” (27,1٪).

الوثيقة رقم 3: توزيع منظمات المجتمع المدني حسب مجالات الاهتمام (عينة الدراسة:43 وحدة)

حسب نوعية الجمعية/المنظمة
أوضحت نتائج الدراسة أن أغلبية الجمعيات/المنظمات تنشط في أوساط الساكنة المحلية التي تقطن في الأحياء والدواوير والجماعات الحضرية والقروية، مع العلم أن 86,4 في المائة من الجمعيات لها تغطية واسعة، على صعيدي الإقليم أو العمالة، و9,3 في المائة لها تغطية جهوية و2 في المائة لها تغطية وطنية، في حين 2,3 في المائة لها تغطية دولية (الوثيقة رقم 4)، مع وجود شبكة وطنية “الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة”، والذي يضم ما يزيد عن 800 جمعية وطنية وجهوية ومحلية بالمغرب، بالإضافة إلى وجود فيديرالية تضم اكثر من 40 جمعية محلية. هذا إلى جانب وجود منظمة غير حكومية دولية وحيدة، وهي فرع غرينبيس (Greenpeace ).

الوثيقة رقم 4: توزيع منظمات المجتمع المدني حسب نوعيتها (عينة الدراسة:43 وحدة)

حسب محاور الدراسة المعتمدة في الاستمارة :
• الوضعية الراهنة للمجتمع المدني المغربي

عبرت الجمعيات/المنظمات غير الحكومية المنخرطة في هذه الدراسة (بنسبة 96 في المئة)، على أنه منذ الإعلان عن الحالة الأولى لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) على المستوى الوطني، وإسهاماً منها في الجهود والمبادرات التي تبذلها السلطات المحلية المغربية والقوات العمومية والأطر الصحية وفعاليات أخرى، تحركت فعاليات المجتمع المدني بالجهات الاثنتي عشرة بالمملكة، على عدة مستويات، ضمن دائرة استهداف فيروس كوفيد-19 والحد من تداعياته السلبية على الوضع الصحي، والاقتصادي والاجتماعي.
وفي إطار توصيف الوضع الحالي للمجتمع المدني المغربي، عبرت مجموعة من الجمعيات (بنسبة 23,7 في المئة)، على أن المجتمع المدني لم يتبوأ بعد المكانة التي رسمها له دستور 2011، باعتباره شريكا فعالا وقوة اقتراحية لا يمكن إنكار أهميتها في مجال التنمية. إلا أن ثمة صعوبات كثيرة تعترض عمل المجتمع المدني، من قبيل: ضعف التمويل وضعف القدرات في شتى مجالات الاشتغال. ؛في حين ترى مجموعة أخرى (بنسبة 62,3 في المائة)، على أن الوضع الحالي جيد ومريح، وبخاصة بعد صدور دستور 2011 ؛حيث تعزز دور الجمعيات، وصارت قوة اقتراحية وشريكا أساسا للدولة في قضايا الشأن العام. عكس مجموعة أخرى (بنسبة 10,06 في المائة)، التي أبدت رأياً مخالفا تماما؛ بحيث عبرت على كون المجتمع المدني المغربي أصبح مهمشاً، وبدا تأثيره ضعيفا في السياسات العمومية. كما أبدت مجموعة أخرى (بنسبة 3,94 في المائة)، على أنه لم يسمح بعد للمجتمع المدني، أن يكون شريكاً للمؤسسات الحكومية.
ويبقى رهان مأسسة العلاقة بين الجمعيات والمؤسسات الحكومية والمنتخبة ضرورية من أجل تطوير العمل الجمعوي، كما يجب الارتقاء بآليات الاشتغال للقيادة الجماعية وللعمل المؤسسي ، وكذا الاهتمام برفع القدرات من خلال التكوين.

• أهم التحديات القائمة في العمل التنموي فيما له علاقة بجائحة كوفيد-19 ؛
خلال فترة تفشي جائحة كوفيد-19، فإن ما يقارب 78,6 في المائة من الجمعيات المنخرطة في هذه الدراسة، صرحت على أن أهم تحد لها خلال هذه الظرفية الاستثنائية، هو مدى القدرة على الإسهام إلى جانب الدولة في حل مشكلات الفئات الهشة والفقيرة، وذلك من خلال الدعم الاجتماعي والتمكين الاقتصادي للفئات التي فقدت مورد عيشها جراء تفشي جائحة كوفيد-19، وبخاصة في الوسط القروي.
في حين ترى مجموعة أخرى (بنسبة 3,4 في المائة)، على أن عدم إقحام فعاليات المجتمع المدني في ما يخص التأطير والتحسيس بالجائحة لدى مختلف الأوساط المجتمعية، ونهج مقاربة أمنية من قبل الدولة شكلا بالنسبة لها تحديا خلال هذه المرحلة الاستثنائية.
وعبرت مجموعة أخرى (بنسبة 1,4 في المائة)، على كون التحدي الذي واجهته خلال تدبير هذه المرحلة ،يتجلى في اتساع فجوة الفقر والهشاشة لدى العديد من الفئات المجتمعية، بالإضافة إلى هاجس الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والبحث عن حلول محلية قابلة للأجرة على أرض الواقع. وأفادت مجموعة أخرى (بنسبة 2,6 في المائة)، على أن التحديات الكبرى التي واجهتها تتعلق بالأساس في صعوبة تنفيذ المشاريع التنموية في ظل حالة الطوارئ المفروضة، وكذا ضعف التمويل وعدم التوصل بالمنح والمساعدات بالنسبة لمجموعة من الجمعيات المحلية، إلى جانب صعوبة الاتصال المباشر مع الشركاء والفاعلين والفئات المستهدفة في ظل الجائحة.
وتعتقد مجموعة أخرى (بنسبة 10,6 في المائة)، على أن التحديات بالنسبة لها ترتبط برهان تدبير الظرفية الاستثنائية عن بعد، في غياب لتكوينات وخبرات مسبقة في مجالات التكنولوجيا الحديثة وتوظيف الآليات الرقمية ووسائط التواصل الاجتماعي عند شريحة مجتمعية كبيرة.
أما مجموعة أخرى (بنسبة 3,4 في المائة)، فقد أبدت على أن التحدي، يتجلى في كون الأزمة الحالية تشكل فرصة ثمينة للتفكير الجماعي حول النموذج التنموي الجديد، وقد وضعت هذه الأزمة الجميع أمام تحد كبير لإثبات قدرة مكونات المجتمع المدني على تجاوز هذه الوضعية الواقعية الطارئة .
• انعكاسات الأزمة علي المستوي المؤسساتي ونمط العمل داخل الجمعيات/المنظمات
أبدت 89,8 في المائة من الجمعيات المشاركة في الدراسة، على رصدها لمجموعة من الانعكاسات نتيجة أزمة تفشي جائحة كوفيد-19 على المستوى المؤسسي في علاقة بما هو اقتصادي واجتماعي؛ بحيث أصبح من الواضح أن الجائحة والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهتها، والتي تتراوح ما بين الحظر الجزئي والحجر الصحي وحتى الإغلاق الكامل، لها تداعيات مقلقة على المجتمع المدني، على الصعيد الوطني والإقليمي والمحلي؛ فهي بالضرورة تحد من حركته وقدرته على التدخل، وتقلل من قدرة الفاعلين والنشطاء على الالتقاء والتنظيم بالنظر إلى فرض الحجر الصحي وحالة الإغلاق التام وإجراءات التباعد الجسدي.
وترى مجموعة أخرى (بنسبة 3,1 في المائة)، على أن جائحة كوفيد-19 أدت إلى زيادة ثقة المواطنين بالمؤسسات الحكومية، إلا أنه لا تزال تراودهم شكوك تتعلق بفعالية المنظومة الصحية والرعاية الاجتماعية. ويرى البعض منهم (بنسبة 4,5 في المائة) على أن المجتمع المدني إزاء أكبر تجربة اجتماعية إجبارية سوف تعيد صياغة واقعنا الدولي والوطني والإقليمي والمحلي، وتدفعنا نحو التغيير رغما عنا، بل وإن اختياراتنا الحالية قد ترسم ملامح دور جديد لمكونات المجتمع المدني وآليات عمله في علاقة مع المؤسسات الحكومية وأولوياته لسنوات مقبلة ..
وبالمقابل، فإن مجموعة أخرى (بنسبة 1,4 في المائة)، أشارت الى كون الجائحة شكلت تحديات كبيرة للحكومة المغربية في جميع المستويات؛ حيث إن عددا من المواطنات والمواطنين غير راضين على الأداء الحكومي ولا يثقون في مؤسسات الدولة الرئيسة.

. كما أن التدابير الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، التي نجحت إلى حدود اللحظة، في محاصرة تفشي الفيروس والتحكم فيه وتفادي سيناريوهات بلدان الجنوب الأوروبي. كما عبرت مجموعة أخرى (بنسبة 1,2 في المائة)، على كون الأزمة الصحية الحالية، سلطت الضوء على أهمية التدخل السريع للحكومة المغربية من أجل معالجة ملفات الإصلاحات غير المكتملة، ولا سيما في مجال الرعاية الصحية والتمكين الاقتصادي وحقوق العمال. وحتى اللحظة، فإن الحكومة تستثمر روح الوحدة والتضامن الاجتماعي والدعم المجتمعي.
فعلى المستوى المؤسسي، تم تبني العمل عن بعد، وكذا المرونة في التعامل بالإجراءات الإدارية الورقية وتمديد الآجال لتقديم الملفات أو للبت في طلبات المرتفقين في مختلف القطاعات الحكومية وشبه الحكومية والقطاع الخاص. أما في ما يخص نمط العمل داخل الجمعيات، خلال تفشي جائحة كوفيد-19، تصرح 92 في المائة من الجمعيات المنخرطة في الدراسة على تغييرات في نمط عملها خلال هذه الفترة، من العمل الحضوري الميداني إلى العمل عن بعد، وذلك بتوظيف مختلف الوسائط الرقمية المتاحة للتواصل عن بعد.؛ في حين لا تعتزم 4 في المائة من هذه الجمعيات تغيير نمط عملها في غياب الإمكانيات ومحدودية التكوينات في المجال الرقمي وضعف اللوجيستيك، غير أن البعض منهم، بنسبة 2,9 في المائة، عملت على المزاوجة بين العمل عن بعد والاستمرارية في الاشتغال ميدانيا، وهذا في علاقته بطبيعة الأنشطة المنجزة، والتي تستدعي التدخل الميداني (حملات تحسيسة، توزيع الاعانات والحاجيات الغذائية الضرورية، التكفل الاجتماعي والرعاية الطبية، …).
كما أن البعض منها (بنسبة 1,1 في المائة)، قام بإدخال تعديلات على البرامج السنوية حتى تتماشى مع ظروف الحجر الصحي، بحيث اعتمدت هذه الجمعيات مقاربة التكوين عن بعد عبر منصاتها الرقمية كوسيلة للتواصل مع المستفيدين ،وأجلت التكوينات الحضورية إلى حين رفع تدابير الحجر الصحي.

المسارات التي تحركت فيها المؤسسات:
على المستوي المؤسسي ؛

تتفــاوت المسارات التي تحركت فيها الجمعيات المنخرطة في هذه الدراسة، وذلك على المستوى المؤسسي، في علاقة بمختلف الهياكل التنظيمية التي تؤطر عملها الجمعوي، وتنظم آليات التنسيق مع السلطات المحلية وباقي مكونات المجتمع المغربي، وذلك باختلاف مجالات تدخلها، خلال تفشي جائحة كوفيد-19؛ بحيث نجد المجموعة الأولى (بنسبة 13,6 في المائة) قامت بتجميد كل الأنشطة الحضورية في علاقة بالهياكل التنظيمية لها (تأجيل الجموعات العامة واجتماعات المكاتب التنفيذية وتجديد المكاتب المسيرة والمجالس الإدارية واللجان الوظيفية، …)، بالإضافة إلى تأجيل عقد الاجتماعات الحضورية في علاقة بتدبير المشاريع والبرامج مع الشركاء والمانحين. عكس المجموعة الثانية (بنسبة 69,9 في المائة)، فقد عمدت إلى الاستمرارية في العمل عن بعد، من أجل ضمان الأداء الوظيفي للهياكل التنظيمية للجمعيات، وكذا تدبير الشؤون الخارجية مع السلطات المحلية والشركاء والمانحين، وذلك من خلال توظيف مختلف وسائط التواصل الرقمي المتاحة.

بينما عبرت المجموعة الثالثة (بنسبة 16,5 في المائة) على أن المسارات التي تحركت فيها الجمعيات على المستوى المؤسسي، لم يطرأ عليها أي تغيير بحكم أن منهجية عملها واشتغالها، في المرحلة السابقة، تعتمد فيها بالأساس على مقاربة تواصلية عن بعد، ومن تم، فإن الأزمة الحالية لم تغير في خططها ومنهجية عملها. كما أن مؤسسات الدولة اعتمدت التعامل عن بعد، ومددت الآجال ووزعت مواردها البشرية توزيعا يضمن تقديم الخدمات الضرورية للمرتفقين ،مع ضمان إجراءات السلامة الصحية

وغيرها من التدابير الاحترازية، وقد أصدرت مختلف القطاعات مذكرات توجيهية في ذات الشأن بالإضافة لبعض الدلائل الموجهة للمرتفقين.

على مستوي العلاقة مع الفئات المستهدفة؛

ترى المجموعة الأولى (بنسبة 65,7 في المائة) على أن الحكومة المغربية تستثمر تدفق روح الوحدة والتضامن الاجتماعي، وانخراط مكونات المجتمع المدني في مواجهة هذه الأزمة، إلا أنها في حالة ما إذا فشلت في التخفيف بشكل فعال من الانعكاسات الصحية والاقتصادية لجائحة كوفيد-19، فإن روح التضامن والتعاون هذه لن تستمر طويلاً.
وبخصوص المسارات التي باشرتها الجمعيات المنخرطة في هذه الدراسة المنجزة، نجد أنها اقتصرت على مساعدة السلطات المحلية في تدبير خطة الحجر الصحي المفروضة على المواطنات والمواطنين بمختلف الجهات والأقاليم (التوعية والتحسيس، والإجراءات الأمنية الاحترازية، التعقيم الصحي في الأماكن العمومية، التزويد بوسائل الحماية والوقاية، …)، بالإضافة إلى التكفل الاجتماعي وتقديم الدعم المالي للفئات الاجتماعية المعوزة (تحويل الاعتمادات المالية المخصصة للجمعيات، وتوزيع المعونات الغذائية للفئات غير المنخرطة في صندوق الضمان الاجتماعي، والتمكين الاقتصادي للنساء الأرامل والفتيات في وضعية سوسيو-اقتصادية هشة.
أما مجموعة ثانية (بنسبة 28,2 في المائة)، فقد عمدت إلى تقديم دروس مجانية وتكوينات نظرية عن بعد من خلال خلق فضاءات رقمية للتواصل والتفاعل، وتقاسم الخبرات والتجارب بين خبراء الجمعيات والفئات المستفيدة، وذلك في مستويات ومجالات متعددة (دورات تدريبية في التعليم والتكوين، ودورات ومسابقات في الرياضة، والتحسيس والتوعية الصحية، والحماية القانونية، والخدمات الإرشادية عن بعد، …). وكذا، تنظيم حملات ميدانية للتضامن وتوزيع المساعدات الغذائية على الفئات المستهدفة خصوصا في الوسط القروي وبعض الفئات ذات الانتماء لقطاعات غير مهيكلة التي تضررت بشكل كبير جدا مثلا: الحرفيون والممتهنون لمهن موسمية وغير منظمة.
فيما ترى مجموعة أخرى (بنسبة 6,1 في المائة)، أن إبقاء العلاقة بين السلطة والفئات المستهدفة من الدعم الإجتماعي في شكلها التقليدي الفوقي دون مقاربة تشاركية أمر غير ذي جدوى، مادام ممثلو الساكنة من جمعيات ومستشارين جماعيين مغيبون في مسألة التشاور، أي أن فئتهم المستهدفة ظلت في وضعية سلبية، ولم تقدم اقتراحات بشأن حاجياتها وانتظاراتها.
على مستوي البرامج والمشروعات
أوضحت نتائج الدراسة أن نسبة من الجمعيات (53,4 في المائة)، وعلى مستوى إدارة البرامج والمشروعات المبرمجة وغير المبرمجة، قامت بتبني مسارات ذات طبيعة اجتماعية واقتصادية لفائدة الساكنة المحلية والجهوية والوطنية التي تقطن في الأحياء والدواوير والجماعات الحضرية والقروية، والتي تعاني الهشاشة الاجتماعية والفقر المدقع،
أما 12,8 في المائة من هذه الجمعيات، فقد قامت بتبني مسارات ذات طبيعة خدماتية ولها بعد صحي (التأطير الطبي عن بعد، والتوعية والتكفل الصحي الميداني) وبعد تعليمي (دورات تدريبية عن بعد في إطار الاستمرارية البيداغوجية) وبعد بيئي (حملات تحسيسية وتكوينات عن بعد).
وقد أشارت النتائج المحصل عليها، على أن 6,1 في المائة من الجمعيات التي تم استجوابها، استمرت في إنجاز البرامج والمشروعات المبرمجة مسبقاً، على صعيدي الإقليم أو الجهة، في حين، فقط 27,7 في المائة، قامت بتعليق جميع أنشطتها مع الشركاء والمانحين والمستفيدين من البرامج والمشروعات، والتي كانت مبرمجة قبل تفشي الجائحة، وأعلنت عن تأجيلها إلى وقت لاحق. وبالإضافة إلى الندوات التوعوية عن بعد، قامت الجمعيات بمبادرات أخرى كتوزيع المواد الغذائية للمحتاجين، وإنشاء خطوط للدعم النفسي والاجتماعي لمعالجة حالات عديدة مثل الذعر والعنف الاجتماعي الذي تزايد بشكل كبير خلال الحجر الصحي.
• الفرص والمخاطر المستقبلية أمام عينة من منظمات المجتمع المدني المغربي ؛
شكل تفشي أزمة جائحة كوفيد-19، تحديا من نوع أخر، لدى مختلف جمعيات المجتمع المدني المغربي، بحيث فرض عليها التكيف مع الوضع الجديد، وألزمها بالبحث عن أساليب جديدة للتواصل مع الشركاء والمانحين والمستفيدين، وذلك لتنزيل مختلف البرامج والمشاريع التنموية على أرض الواقع. وفي هذا الصدد، فإن الفرص المستقبلية أمام الجمعيات المنخرطة في هذه الدراسة، يمكن حصرها في ما يلي:
– اعتقاد 53,7 في المائة من المستجوبين ، أن من بين الفرص التي قد تتاح أمام المجتمع المدني المغربي بعد جائحة كوفيد-19، قد تتجلى في اعتباره شريكا حقيقيا إلى جانب المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، مع التأكيد على وجوب توظيف صلاحياته وفق دستور 2011 في تدبير الشأن المحلي للساكنة. وكذا تعزيز ثقافة استهلاك المنتوج الوطني، والتضامن السوسيو-اقتصادي، وتعزيز الشراكة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
– تأكيد 39,1 في المائة من المستجوبين على أنه يجب ترسيخ ثقافة التطوع، وكذا تعبئة الأفراد والجماعات والكفاءات، مع إعادة ترتيب الأولويات في علاقة بالبرامج والمشروعات المسطرة، والعمل على التشبيك كوسيلة لتقوية عمل المجتمع المدني. بالإضافة إلى استغلال آليات التواصل الرقمي للترافع حول أنشطة وقضايا مجتمعية وإيصال قضايا المجتمع المدني إلى المسؤولين والهيئات الوطنية والدولية.
– موافقة 7,2 في المائة من مستجوبي الجمعيات على ضرورة اعتماد وسائل التكنولوجيا الحديثة، وتبني برامج رقمية من أجل أن تتمكن فئة مجتمعية عريضة من الاستفادة من هذه البرامج والمشاريع التنموية. كما دعت إلى برمجة دورات تدريبية حول كيفية تدبير الأزمات التي تعترض المجتمع، على شاكلة جائحة كوفيد-19.
وفي علاقة بالمخاطر المستقبلية، فقد أبانت الأزمة الحالية جراء تفشي الجائحة عن مخاطر عديدة تهدد جمعيات المجتمع المدني، بحيث تفاوتت نسبتها بين الجمعيات المنخرطة في هذه الدراسة، وفي هذا الصدد يمكن رصد أهم المخاطر الآتية :
– تصريح 62,7 في المائة، أن عدم الاستقلالية ومحدودية الدعم المخصص للجمعيات من قبل الدولة وتراجع انخراط المتطوعين، وتوقف المشاريع التنموية نتيجة عدم التزام الشركاء الاقتصاديين، تشكل أهم المخاطر المستقبلية التي تعترض العمل الجمعوي مستقبلاً.
– تأكيد 34،2 في المائة من المستجوبين، أن المخاطر المستقبلية للعمل الجمعوي تتثمل في عدم قدرة منظمات المجتمع المدني على مواكبة المتغيرات، ومسايرة المستجدات، وهذا راجع بالأساس إلى محدودية التكوين لدى المنخرطات والمنخرطين ،وعدم تخصيص دورات تدريبية للموارد البشرية، وكذا عملها التطوعي غير المؤدى عنه.
– تصريح 3,1 في المائة من الجمعيات على أن أهم خطر يهدد العمل الجمعوي، هو تراجع المبادئ والقيم واستفحال ظاهرة البحث عن الربح المادي لدى بعض المتطوعين، مما يتنافى مع مبادئ خدمة المجتمع المدني، ويؤدي لا محالة إلى عدم أداء أدوارها المجتمعية التنموية المنشودة.
• الآليات الجديدة المبلورة لعمل الجمعية في ظل الجائحة والمرحلة اللاحقة ؛

أشارت 81,4 في المئة من الجمعيات التي شاركت في هذه البحث، إلى حدوث تغييرات على مستوى الآليات التي تعمل بها في ظل تفشي الجائحة، و بالمقابل، فإن 13,2 في المئة من هذه الجمعيات، أكدت أن هذه الآليات لم تتكيف مع الوضعية الاستثنائية، بينما 5،4 في المئة لم تعبر عن رأيها حول هذه الآليات.
وتتوقع 60 في المائة من الجمعيات أن تقوم بتغيير آليات اشتغالها ونمط عملها، خلال مرحلة ما بعد جائحة كوفيد-19، وذلك من أجل التكيف مع ظروف الحجر الصحي، و إجراءات إغلاق عدد من المؤسسات الإدارية في القطاعين العمومي والخاص، وكذا مقرات الشركاء والمانحين.
و هكذا، فإن من بين 10 في المائة من الجمعيات التي تنوي القيام بهذا التغيير، نجد 2,5 في المائة ستختار التحول الرقمي في تدبيرها للأنشطة والفعاليات الجمعوية، وبخاصة الاجتماعات والدورات التدريبية والندوات الرقمية، إلى جانب الاعتماد على التقنيات الرقمية لعقد الاجتماعات الافتراضية، ومحاولة إشراك قطاعات مختلفة وشخصيات وخبراء على الصعيد الوطني والدولي .
كما أن 1,5 في المائة من الجمعيات، ستعمل على طرح سيناريوهات محتملة لمرحلة ما بعد كوفيد- 19، من أجل تدبير المخاطر والأزمات، وتأطير و تأهيل الموارد البشرية المتوفرة لديها، بينما 0,5 في المائة تراهن على الترافع، حيث يمكن للجمعيات، أن تقوم بجمع الملاحظات والمقترحات وتقديمها للمؤسسات الدستورية والمنتخبة والسياسية والاقتصادية وغيرها، مستفيدة في ذلك من قربها من المواطنين ومعرفتها بتفاصيل أوضاعهم وتفاعلها اليومي معهم. في حين أن 3 في المائة ستعمل على تحديد أولويات التدخل على مستوى البرامج وتغيير خطط العمل المبرمجة.
• الاستفادة من تكنولوجيا الاتصال والمعلومات لصالح تعزيز مرونة المجتمع المدني، وقدرته على العمل والتأثير في ظل الطوارئ ؛
صرحت 53،6 في المائة من الجمعيات على أنها استفادت من خدمات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات خلال تفشي جائحة كوفيد-19، وذلك من خلال إدماج مختلف الوسائط الرقمية المتاحة من أجل التواصل مع المنخرطين والشركاء والفئات المستفيدة من البرامج والمشروعات المسطرة، وكذا من أجل مواكبة هذه الفئات الاجتماعية المستفيدة من مختلف البرامج المعتمدة سواء التعليمية أو الصحية أو التوعوية، كما أن الجمعيات أصبحت واعية بأهمية التحول الرقمي في الحياة اليومية مستقبلاً.
وعكس ذلك، صرحت 5،2 في المائة من الجمعيات، على أنها لم تصادف أية صعوبات أو مشاكل خلال تدبيرها لمرحلة الجائحة وما قبلها أو ما بعدها، بالرغم من حالة الحجر الصحي المفروضة، والتقيد بالالتزامات الخاصة بالتباعد الاجتماعي، وهذا راجع بالأساس إلى كون مجالات اشتغالها لها علاقة مباشرة بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات. ومن تم، أضحت هذه التكنولوجيا بالنسبة لها، البديل الناجع لضمان التواصل والفعالية والعمل في ظل حالات الطوارئ.

بينما ترى 41,2 في المائة من الجمعيات أن توظيف تقنيات التكنولوجيا الحديثة المرتبطة بالاتصال والمعلومات خلال تفشي الجائحة، لم يكن بالشكل المطلوب؛ وهذا راجع بالأساس إلى غياب تكوين قبلي لأطرها ومنخرطيها، وبخاصة في مجال التواصل الرقمي، أو لعدم وجود صبيب الأنترنت الكافي في بعض المناطق التي تنشط بها هذه الجمعيات، أو أن الأمر مرتبط بمحدودية اللوجيستيك والعتاد المعلوماتي.

• تأثير الأزمة على خطط التنمية المستدامة الوطنية، وآليات تخفيف حدتها وحدود إسهام المجتمع المدني في هذا الشأن :

إن ما يقارب نصف الجمعيات واثقة في قدرة التنسيق بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني على تجاوز تأثير أزمة تفشي جائحة كوفيد-19 في خطط التنمية المستدامة الوطنية والجهوية والمحلية، في أبعادها الثلاثة : (الاقتصادي والاجتماعي والبيئي)، و قد تتفاوت النسبة باختلاف هذه الأبعاد:
 على مستوى البعد الاقتصادي: 61,5 في المائة واثقون تماماً، و35 في المائة واثقون قليلاً و3،5 في المائة غير واثقين على الإطلاق.
 على مستوى البعد الاجتماعي: 55,5 في المائة واثقون تماماً، و31،5 في المائة واثقون قليلاً و3،5 في المائة غير واثقين على الإطلاق.
 على مستوى البعد البيئي: 75,5 في المائة واثقون تماماً، و4,5 في المائة واثقون قليلاً و20 في المائة غير واثقين على الإطلاق.

ومن أجل إعطاء دفعة جديدة للخطط الوطنية والجهوية والمحلية في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة لسنة 2030، وتنزيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة (2015-2030) بالمغرب [7]، عبرت الجمعيات التي شملتها هذه الدراسة، عن رأيها حول التدابير والإجراءات كمساهمة من المجتمع المدني بغية التخفيف من تداعيات تأثير هذه الأزمة في التنمية بالمغرب، بحيث أشارت المجموعة الأولى (بنسبة 56 في المائة) على كون الأزمة ستؤثر في الاقتصاد الوطني، وبالتالي سيتم الاتجاه نحو القطاعات المتضررة.
وهكذا، يمكننا الحديث عن الدور الموكول للمجتمع المدني، والمتعلق بمواكبة الإجراءات الاقتصادية المتخذة من قبل الحكومة لمواجهة تبعات جائحة كوفيد-19، وذلك من خلال تعزيز ثقافة استهلاك المنتوج الوطني أولاً، والابتعاد عن المستورد ثانيا ؛ لأن هذا الأخير يهدد العملة الصعبة ومناصب الشغل بالبلاد، وبذلك يمكن خلق نوع جديد من التضامن الاقتصادي مع المقاولة الوطنية، من أجل أن تقف من جديد وتستمر في العمل.
وبالمقابل، ترى المجموعة الثانية (بنسبة 33 في المائة) على أن الأزمة لها تأثير سلبي، نظراً لتعثر بعض المشاريع التنموية، و تعثر الاقتصاد الوطني برمته، وبناء على ذلك، فقد اتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات في ما يخص الدعم والتخفيف من الواجب الضريبي للمقاولات، وتؤكد هذه المجموعة أن دور المجتمع المدني ضعيف نسبيا نظرا لإمكاناته المحدودة، وتبقى المساهمة بالتوعية، وتسيير بعض المشاريع التنموية البسيطة التي تحتاج الدولة فيها إلى مساعدة.

عكس ذلك، ترى المجموعة الثالثة (بنسبة 11 في المائة) على كون المجتمع المدني قوة اقتراحية ترافعية، يملك من الإمكانات ما هو كفيل باستثماره في بلورة الخطط المستقبلية شريطة التشارك والتشاور مع السلطات والقطاع الخاص، وتؤكد هذه المجموعة على أن المجتمع المدني ساهم بشكل كبير في التعامل مع الأزمة الحالية، من خلال التحسيس ومساعدة الأسر المعوزة، وهو مدعو أكثر من أي وقت مضى لتكثيف الجهود ورص الصفوف للعمل إلى جانب الدولة قصد مواجهة الآثار الناجمة عن هذه الجائحة، وبخاصة في ظل الأدوار الجديدة للمجتمع المدني المنصوص عليها دستوريا.

• آليات المجتمع المدني في مواجهة تدفق المعلومات المغلوطة حول الأزمة وكيفية عكس هذا المسار نحو تصحيح المعلومات وتدقيقها :
يناط بالمجتمع المدني دور إضافي، يتجسد في مواجهة الأخبار المغلوطة، وتعد المسؤولية في هذا الدور جماعية؛ وذلك لما يشكله الخبر الزائف والمغلوط من خطر على الاستقرار الأسرى والنفسي والجماعي خلال تفشي جائحة كوفيد-19. ومن هنا جاءت دعوة الدولة مختلف الجمعيات إلى توعية المواطنين بأهمية التحقق والتبين والتأكد من الأخبار، وهو ما يمكّن بلادنا من تجنب الحملات المغرضة التي قد تشنها عليها بعض الجهات الأجنبية. ومن أجل تفعيل هذا الدور، يمكن تبني تواصل فعال عبر صفحات رسمية على الفيسبوك، و نشر بلاغات تكذيب هذه المعلومات المغلوطة. وتبقى نسبة الأمية المتفشية في صفوف فئات عريضة من المجتمع المغربي، من أكبر مسببات تدفق المعلومة الخاطئة والإشاعة، كما أن سهولة التواصل الرقمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تزيد من سرعة انتشارها، مما جعل المجتمع المدني واحدا من الموجودين في الصفوف الأمامية لمواجهة الجائحة عبر مجموعة من الآليات والطرق، منها:
 نسبة 62,3 في المائة، ترى أنه من الضروري ، تنظيم الحملات المضادة التوعوية والتصحيحية للمغالطات حول الجائحة، وكذا تسخير الوصلات الإعلامية والورقية والندوات عن بعد و(اللايفات)، واعتماد الخرجات التواصلية المباشرة مع الساكنة بتأطير من السلطات المختصة، وذلك من أجل أن تكتسب هذه الآليات فعالية كبيرة، تمكن من إيصال المعلومة الصحيحة للمواطن العادي، في كل ما يتعلق بالقضايا التي تهم تطور الوضع الصحي، جراء تفشي فيروس كوفيد-19 بمختلف جهات المغرب.
 نسبة 12,1 في المائة، ترى أنه من شأن التواصل مع الساكنة المحلية ومع وسائل الإعلام الرسمي وشبه الرسمي، ولعب دور الوسيط، أن يساعدا على تصحيح المغالطات وتذويب الشائعات، وتفنيد الأخبار المغلوطة؛
 نسبة 12,2 في المائة، تحبذ اعتماد معلومات موثوق منها، وتراهن على مسار تصحيح المعلومات وتدقيقها من قبل جمعيات المجتمع المدني، من خلال تعبئة أكبر عدد ممكن من الوسائط الرقمية لقطع الطريق على الجهات المشوشة، والتي تعمل على نشر معلومات مغلوطة، وغالباً ما تستقطب أكبر عدد من المشاهدات والتتبع من أجل الربح المادي؛
 نسبة 3,1 في المئة، ترى على أنه يجب نهج استراتيجية تواصلية عن بعد للإسهام في توعية المواطنين ومحاربة المعلومات المغلوطة، والتصدي لذلك بالتوضيح، وتحسيس المواطنين بخطورة الإشاعة والأخبار الزائفة التي لا تستند على أي مصدر أو دليل مرجعي؛

 نسبة 1,6 في المئة، تقر على أن المجتمع المدني لا يتوفر على آليات لمواجهة تدفق المعلومات المغلوطة حول الأزمة؛ بحيث لم تكن له استراتيجية مسبقة أو برامج في هذا المجال، وبالتالي عليه في مثل هذه الظروف يجب التحري بدقة وعدم الانسياق وراء كل ما يروج حول الأزمة عبر مختلف وسائل الاتصال والتواصل والاحتكام فقط للبلاغات الرسمية الصادرة عن مؤسسات الدولة؛
 نسبة 6,3 في المائة، ترى أن هذه المهمة من اختصاصات الإعلام، وله دور في تصحيح المعطيات من خلال إصدار البيانات والبلاغات المناسبة، والتدخل الآني لتصحيح المغالطات، وتوضيح الصورة في أسرع وقت ممكن، إلى جانب تتبع منابع الأخبار المزيفة، وتعريف الرأي العام بمكامن الأخطاء، وإعطاء الأجوبة الصحيحة المفندة للأكاذيب و الادعاءات، و تذييلها بما صح من الوقائع و الأحداث مرفقة بالصور؛
 2,4 في المائة، لم تدلي بجواب في هذا الشأن.
• الأنشطة المنجزة خلال فترة تفشي جائحة كوفيد-19.
أشارت نتائج الدراسة الحالية إلى أنه بالرغم من ذلك، وفي علاقة بتفشي جائحة كوفيد-19 ،وتماشياً مع مجالات تدخل الجمعيات، فإن توجهها دفع بها إلى التدخل في عدد من الأنشطة التي تغطي المجالات الاجتماعية (64,4 في المائة)، والصحية (11,7 في المائة)، والثقافية (2,1 في المائة)، والتربوية (11,1 في المائة)، والرياضية (1,5 في المائة)، بالإضافة إلى مجالات البيئة والتنمية المستدامة (5,3 في المائة) ،والنوع الاجتماعي ،والدعم النفسي (2,4 في المائة) وغيرها. في حين، صرحت مجموعة (1,5 في المائة) على أن البرامج التي كانت مسطرة تم توقيفها إلى حين إشعار لاحق.
• أولويات عمل الجمعية / المنظمة في مرحلة ما بعد الجائحة :
بناء على تحليل الاستبيانات الخاصة بالدراسة الحالية، تشير النتائج المتوصل إليها، إلى طرح مجموعة من المقاربات المنهجية لدى هذه الجمعيات في علاقتها بأولويات عملها، خلال مرحلة ما بعد جائحة كوفيد-19، وفي علاقتها بمجالات تدخلها أيضاً، فالتجربة الحالية، والتي امتدت لفترة تقارب ثلاثة أشهر، وقد أسهم المجتمع المدني في طرح ومناقشة مجموعة من السيناريوهات والتصورات الكفيلة لتنزيل أنشطة هذه الجمعيات وبرامجها المستقبلية، وكذا آليات تفعيلها على أرض الواقع، وقد جاءت على النحو الآتي:
البرامج والمشاريع والأنشطة – ما بعد كوفيد-19
 99،5 في المائة من الجمعيات تراهن على تقييم برامجها وتعديلها وإعادة ترتيب أولوياتها، استعدادا للتكيف مع الوضع الصحي جراء تفشي جائحة كوفيد-19، وتفعيل الأنشطة والبرامج التي تم تعليقها بشكل مؤقت خلال فترة الحجر الصحي المفروضة، مع استمرارية تنفيذ برنامج العمل وتنفيذ جميع الالتزامات التي لديها مع مختلف الشركاء؛
 0،5 في المائة لم تدلي رأيها في هذا الشأن.
أنماط ومقاربات العمل – ما بعد كوفيد-19
 تقوية آليات إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال في المجال الجمعوي من خلال إدراج تكوينات وتدريبات للفاعلين في المجتمع المدني (69،4 في المائة) ؛
 تنويع وسائل ترافع الجمعيات من خلال جمع الملاحظات والمقترحات، وتقديمها للمؤسسات الدستورية والمنتخبة والسياسية والاقتصادية وغيرها، مستفيدة في ذلك من قربها من المواطنين ومعرفتها بتفاصيل أوضاعهم وتفاعلها اليومي معهم (11,2 في المائة) ؛
 التعبئة والتحسيس والتواصل من أجل تبني نموذج تنموي جديد يعتمد الاقتصاد الأخضر كمقاربة واقعية تستحضر صحة الإنسان كأولوية، والاستمرار في استكمال إنجاز المشاريع القائمة، بالإضافة إلى ترسيخ القيم الحميدة والسلوكات الإيجابية التي خلفتها الجائحة (7،7 في المائة) ؛
 العمل على تشبيك العمل الجمعوي، وذلك على المستوى الوطني والدولي، في ما يخص قضايا التحدي ومواجهة الأخطار والأزمات المستقبلية (4,9 في المائة) ؛

 تطوير عمليات تتبع تنفيذ المخططات التنموية السابقة، وتطوير أشكال التواصل عن بعد موازاة مع التواصل الحضوري والميداني (6,8 في المائة).
مجالات التدخل – ما بعد كوفيد-19
 الرعاية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي (72,3 في المائة) ؛
 الصحة والرعاية النفسية للمتضررين من الحجر الصحي (8,1 في المائة)؛
 تقليص الفجوة الرقمية وتبني توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (2,9 في المائة)؛
 التربية والتكوين في شتى مجالات تدخل الجمعيات (5,1 في المائة)؛
 النوع الاجتماعي والمساواة ومحاربة العنف بكل أنواعه (2,4 في المائة)؛
 مساعدة الاعلام وتوفير المعلومة الصحيحة (6,8 في المائة)؛
 قضايا الطفولة والشباب (1,2 في المائة)؛
 الثقافة والرياضة (1,2 في المائة).

مناقشة عامة

مع تواصُل ارتفاع حالات الإصابة الجديدة بفيروس كوفيد-19، تكافح البلدان حول العالم للتخفيف من تأثيرات الفيروس على الصحة العامة وتأثيراته الاقتصادية والاجتماعية. لقد فاق التدفق الهائل للمصابين بالفيروس قدرات الأنظمة الصحية الوطنية وسط النقص الحاد في موظفي الرعاية الصحية واللوازم الطبية الأساسية [8]. وأصبح من الواضح بصورة متزايدة أنّ الاستجابة الفعالة للجائحة تتطلب نهجاً يشمل الحكومة بأكملها، والمجتمع بأسره [9-10-11]. ويستدعي هذا الموقف استجابةً تقوم على تضافر جهود الهيئات المتعاونة، اعتمادا على قدرات وموارد الجهات الفاعلة متعددة القطاعات والجهات الحكومية وغير الحكومية، التي تضمّ مؤسسات خاصة ربحية وغير ربحية، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني [11]. وقد ساعدت التطورات الأخيرة في جميع أنحاء العالم، على إظهار كيفية تفاعل الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية في مواجهة جائحة كوفيد-19.

وبينما يخوض المجتمع الدولي في جرد حصيلة وقع تفشي الجائحة، وقياس التقدم المحرز قصد التغلب على انتشارها من جهة، وقياس الفجوة التي ينبغي تقليصها من جهة أخرى، وبخاصة عبر الأخذ بعين الاعتبار التحديات الجديدة، فإنه يتعين على المجتمع المدني على مستوى البلدان العربية عدم الاكتفاء بالمشاركة فقط في هذه الدينامية الدولية، وإنما تحفيزها عبر المساهمة الفعالة في صياغة الرؤية الجديدة للعالم ما بعد كوفيد-19، والتي تندرج في سياق الدينامية المنبثقة عن تفعيل أجندة أهداف التنمية المستدامة ل2030، وعلى وجه الخصوص في إطار خطط التنمية المستدامة على مستوى معظم البلدان العربية، والتي أصبح البعض منها يعتمد اعتماداً متزايداً على الجهات الفاعلة من غير الدولة، ولا سيما القطاع الخاص، وذلك من أجل توفير الرعاية الصحية، وإنَّ أي استجابة تقتصر على الدولة وحدها قد لا تكون كافية لمعالجة تداعيات جائحة كوفيد-19 [12].

في المملكة المغربية، صدر في الجريدة الرسمية قرار حكومي يوم 17 مارس/آذار 2020، تم بموجه إحداث صندوق مالي بمبلغ مليار دولار، لـ ”التكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية“. أطلق عليه “صندوق كورونا”، هذا الصندوق الذي دعم “الاقتصاد الوطني، من خلال مجموعة من التدابير التي اقترحتها الدولة، لا سيما في ما يخص مواكبة القطاعات الأكثر تأثرا، بفعل انتشار الجائحة كالسياحة وغيرها، وذلك من أجل التخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة”.
كما أن الدولة أنشأت “لجنة اليقظة الاقتصادية” لمواجهة انعكاسات الجائحة” على الاقتصاد، وحددت الإجراءات المواكبة، بتنسيق مع وزارة المالية والاقتصاد، وممثلين لسبع وزارات وممثل عن بنك المغرب، وأربع منظمات مهنية متعلقة بالبنوك والمقاولات والصناعة والتجارة [13]. وقد ساهم المجتمع المدني، في هذه الدينامية التي عرفتها البلاد خلال تفشي الجائحة، وذلك باعتبار المكانة التي حظيت بها الجمعيات داخل أجهزة حكامة “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”، والتي منحت دينامية جديدة للنسيج الجمعوي، باعتباره شريكا أساسيا في مسلسل اتخاذ القرار في مجال التنمية البشرية. بحيث، تعتبر هذه الأخيرة، أي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (National Human Development Initiative (INDH) )، التي تم إطلاقها سنة 2005، ورشا مجتمعيا كبيرا يهدف إلى محاربة الإقصاء والتهميش والفقر، ويسعى إلى تلبية الحاجيات المتزايدة للمواطنين والنهوض بالتنمية المحلية بالنظر إلى كون المعضلة الاجتماعية تحتاج إلى طرق جديدة لمواجهتها، تقوم على مقاربة جديدة للتنمية وأسلوب جديد لتدبير الشؤون العامة، ومنظور متعدد الأبعاد للتضامن الاجتماعي، يسمح بإشراك فاعلين جدد وفق مقاربة تشاركية تطمح بتأهيل كل الإمكانات وتفعيل البرامج التي تم التوافق حولها [14]. لقد هدفت هذه الدراسة إلى تحديد خصائص ووظائف عينة من المجتمع المدني المغربي، خلال فترة الحجر الصحي جراء تفشي جائحة كوفيد-19، وسعت إلى الوقوف على أهم معيقاته وتحديد آليات تفعيله، وتعد هذه الدراسة الأولية من البحوث الوصفية التحليلية، التي توصلنا من خلال تحليل نتائجها إلى كون منظمات المجتمع المدني تواجه مجموعة من المعيقات والإكراهات التي تحول دون تحقيق أهدافها، وكذا التكيف مع المستجدات خلال تدبير الأزمات الطارئة، ونعرض منها على سبيل المثال لا الحصر: معيقات راجعة إلى أهداف الجمعية/المنظمة؛ بنية الهيكل الإداري والتنظيمي، والتمويل والموارد المالية، وأنماط ونظم العمل، وبرامج ومشاريع الجمعية/المنظمة، والتدريب والتكوين، التنسيق والتشبيك، وغياب الكفايات لدى أطر الجمعيات والمرتبطة بالأساس بعدم تملك الآليات لمواجهة هذه المعيقات والإكراهات. لقد أثبت المجتمع المدني بالمغرب مرة أخرى، وبما لا يدع مجالا للشك، حضوره القوي والمتميز في معركة التصدي لجائحة كوفيد-19، وأظهرت الفعاليات الجمعوية منذ بدء انتشار الجائحة إلى الآن تعبئة قوية وانخراطا موصولا ومسؤولا في الجهود المبذولة على المستويين المحلي والجهوي والوطني للتصدي لها والحد من انتشارها.
لقد توزعت مبادرات هؤلاء الفاعلين، الذين أبانوا عن حس عال من الوطنية واستشعار الواجب الوطني في هذه الظرفية الصعبة والاستثنائية التي تمر منها البلاد والمنتظم الدولي بأسره، بين تحسيس المواطنات والمواطنات بخطورة الفيروس، وسبل الحد من انتشاره وتجنب خطر العدوى، و بين التوعية بضرورة الامتثال لتدابير الحجر الصحي الذي أقرته السلطات العمومية المختصة، وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، والمشاركة في حملات ميدانية لتطهير وتعقيم الأماكن العمومية. تنضاف إلى هذه المبادرات الهادفة حملات التوعية والتحسيس التي شملت مجموعة الحواضر والقرى بمختلف جهات المغرب بضرورة ارتداء الكمامات الواقية، وتوزيعها على المواطنين والمواطنات في الشارع العام وبمقرات سكناهم، والتكفل بتوزيع المؤن والمساعدات الغذائية الأساسية على الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة. وفي هذا السياق، برزت مبادرات مجموعة من الجمعيات/المنظمات غير الحكومية، المنخرطة في هذه الدراسة على مستوى عدة أقاليم وجهات من المملكة المغربية، والتي كانت سباقة إلى الانخراط في جهود التصدي للجائحة بتنظيم العديد من الحملات التوعوية والتحسيس، والانخراط في مبادرات تضامنية إنسانية، محليا، وجهويا ووطنيا، استهدفت التخفيف من آثار الجائحة على الفئات الهشة والمعوزة.
وبناء على نتائج الدراسة، صرحت، أغلب الجمعيات، أنه يتعين على جميع الفاعلين والمتدخلين، كل من موقعه، الانخراط في جهود التصدي للجائحة، مشيدين في السياق ذاته بالمبادرات الاستباقية والجريئة التي أعلنت عنها السلطات الحكومية المختصة لمكافحة الجائحة والتخفيف من آثارها على الفئات المتضررة. ومؤكدين على أن المجتمع المغربي متشبع بقيم التكافل والتضامن والتآزر. ويظهر ذلك دائما في أوقات الأزمات، مؤكدين أيضاً على ضرورة مواصلة التعبئة والانخراط بكل حزم إلى حين القضاء التام على الفيروس وعودة الأمور إلى سابق عهدها.
وفي ختـام هذا المقال نؤكد على أن المجتمع المدني المغربي واع تماما بالدور المنوط به في هذه المرحلة الصعبة والاستثنائية التي تمر منها بلادنا، ويده ممدودة لكل الفاعلين والمتدخلين للانخراط في كل المبادرات الجادة والمسؤولة للتصدي لجائحة كوفيد-19 والتخفيف من آثارها. فالمجتمع المدني يعد فاعلا أساسيا وأكثر تأثيرا في مختلف الأبعاد التي تميز التنمية المستدامة (الاقتصادية، الاجتماعية والبيئية)، والتي عرفت بروز العديد من منظمات المجتمع المدني التي استطاعت أن تكون شريكا سياسيا بامتياز إلى جانب الدولة، تطبيقا لمقتضيات الديمقراطية التشاركية التي تتقاسم فيها السلطة القائمة في الدولة جزءا من مسؤولياتها مع مؤسسـات المجتمع المدني. لقد استطاعت منظمات المجتمع المدني المغربي أن تبرهن مـدى قدرتها على تحمل المسؤوليات، وتخطي الصعوبات والأزمـات الاجتماعية والاقتصـادية، ويتجلى ذلك واضحا في مسايرة منظمات المجتمع المدني في كل مـا قامت به الدولة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصـادي ؛بحيث اتخذت من المقاربة التشاركية الفعلية الوسيلة الفعّالة لحل المشاكل والأزمـات، بما فيها تدبير جائحة كوفيد-19 وتداعياتها.

*أ. د. يوسف الكمري:  فاعل جمعوي / الشبكة العربية للمنظمات الأهلية

==========================================

الكلمات المفاتيح : المجتمع المدني، وجائحة كوفيد-19، والتحديات، والآفاق، والمملكة المغربية

==========================================

البيبليوغرافيا
1. النشرة الإلكترونية الخاصة بالاجتماع الافتراضي الأول “الشبكة العربية للمنظمات الأهلية” في موضوع “المجتمع المدني وكوفيد-19: ما بين الاستجابة الآنية والتحولات الهيكلية”، 22 يونيو 2020. https://www.shabakaegypt.net/
2. المندوبية السامية للتخطيط (المملكة المغربية)، 2011، البحث الوطني حول المؤسسات غير الهادفة للربح (سنة المرجع 2007)، النتائج الرئيسية.
3. وزارة الداخلية (المملكة المغربية)، 2014، دراسة حول النسيج الجمعوي بالمغرب.
4. محمد البكوري (2015) النسيج الجمعوي بالمغرب :مخاضات النشأة وإرهاصات التطور – قراءة في الدراسة الأخيرة لوزارة الداخلية حول الجمعيات – الحوار المتمدن-العدد: 4691 – 2015/1/14 – المحور: المجتمع المدني.
5. المجلس الاقتصادي، والاجتماعي والبيئي، المملكة المغربية (2016): وضع ودينامية الحياة الجمعوية، 2016، إحالة ذاتية 28/2016،

6. الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني بالمملكة المغربية (2015): التقرير السنوي الأول حول وضعية الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني” سنة 2015،
7. وزارة الطاقة والمعادن والبيئة، المملكة المغربية (2017): الاستـراتيـجيـــة الوطنـيـــة للتـنـمـيــــــــة المـسـتــدامـــــة 2030 – ملخص.
http://www.environnement.gov.ma/PDFs/publication/Synthese-SNDD_AR.pdf
8. Horowitz J. (2020, March). Italy’s Health Care System Groans Under Coronavirus — a Warning to the World. The New York Times. Retrieved from https://www.nytimes.com/2020/03/12/world/europe/12italy-coronavirus-health-care.html.
9. Kim DH. (2015). Structural Factors of the Middle East Respiratory Syndrome Coronavirus Outbreak as a Public Health Crisis in Korea and Future Response Strategies. J Prev Med Public Health. 2015 Nov;48(6):265-70. doi: 10.3961/jpmph.15.066.
10. Schwartz J and Yen MY. (2017). Toward a collaborative model of pandemic preparftness and response: Taiwan’s changing approach to pandemics. J Microbiol Immunol Infect. 2017 Apr;50(2):125-132. doi: 10.1016/j.jmii.2016.08.010.
11. World Health Organization (WHO). (2020). An action plan to engage the private sector in the response to COVID-19. Consultation draft of Interim Guidance 30 March 2020. Retrieved from: https://hsgovcollab.org/en/node/4365.
12. مبادرة الإصلاح العربي (2020) : بعد الجائحة: إعادة تصوّر دور الجهات الحكومية وغير الحكومية في (إعادة) بناء النظم الصحية الوطنية في العالم العربي. https://www.arab-reform.net/ar/publication
13. وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، المملكة المغربية (2020): فيروس كورونا المستجد : تدابير لجنة اليقظة الاقتصادية https://www.finances.gov.ma/ar
14. اللجنة الوطنية المكلفة بالحوار مع هيأت المجتمع المدني، مارس 2013، الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة (2013): التقرير التركيبي لأشغال الندوات العلمية المتعلقة بالأدوار الدستورية الجديدة للمجتمع المدني.

كلمة شكر:

نتوجه بشكر خاص لممثلي فعاليات المجتمع المدني والجمعيات/المنظمات المنخرطة في إعداد هذه الدراسة الأولوية (الملحق رقم 2)، وعلى مساهمتها الايجابية في تقديم المساعدة بغية تشخيص الوضعية الحالية للمجتمع المدني المغربي في ظل جائحة كوفيد-19.

نبذة مختصرة عن الشبكة العربية للمنظمات الأهلية
هي منظمة تنموية عربية غير حكومية وغير هادفة للربح، وتتخذ الشبكة من القاهرة مقرا لها وتعنى بتعزيز التشبيك والشراكة بين المنظمات الأهلية العربية فيما يمكن أن يحقق التنمية المستدامة في المجتمعات العربية.
للمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على الموقع الرسمي للشبكة: https://www.shabakaegypt.net/
الملاحق:

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!