محمد التفراوتي : آفاق بيئية
يعتبر القنص بالمغرب بمثابة نشاط رياضي شعبي متجدر في التقاليد المغربية العريقة، يمارسه المغاربة كما هو الشأن بالنسبة للأجانب داخل المناطق المسموح بها للقنص طبقا للقوانين المنظمة له.
ويرجع حق القنص بالمغرب إلى الدولة التي تفوضه و تنتدبه للأشخاص أو الجمعيات أو الشركات المنظمة للقنص شريطة التقيد ببعض الالتزامات الهادفة أساسا إلى بلوغ قنص مستدام بشكل يراعي حقوق الساكنة المحلية ويحترم مبادئ الاستغلال المعقلن للموارد الوحيشية وفي نفس الوقت العمل على المساهمة في التنمية المحلية.
وبحكم الموقع الجغرافي للمغرب، فإن النظم البيئية تمتاز بتنوع إيكولوجي هام، الشئ الذي ساهم في تنوع وتعدد أصناف النباتات وأصناف الوحيش مما يجعل المغرب يحتل الرتبة الثانية من حيث التنوع البيولوجي على صعيد حوض البحر الأبيض المتوسط والأول على صعيد شمال إفريقيا نظرا للنسبة الهامة من حيث الأصناف المحلية التي تصل إلى 20 % .
هذه العوامل الطبيعية أثرت إيجابا على تنوع الطرائد وعلى وفرتها الشئ الذي ساهم في انتشار واسع لممارسة القنص. ويبقى طائر الحجل أهم أنواع الطرائد الذي يجلب اهتمام القناصين نظرا للتوزيع الجغرافي الكبير لتواجده ولجودة خصوصيات قنصه كرياضة متميزة. كما تشير إلى ذلك معدلات الطرائد المصطادة خلال كل يوم والتي تتراوح بين 2،8 و 2 من الحجل لكل قناص.
علاوة عن ذلك، هناك عدة أصناف أخرى يسمح بها للقنص أهمها:
- الأرنب والقنية والحمام التدرج، الحمام البري واليمام والقبرة بالنسبة للطرائد الصغرى المستقرة؛
كما تجدر الإشارة إلى أن الأنظمة الإيكولوجية المحددة على الصعيد الوطني تظم أزيد من 24.000 صنف من الحيوانات، 92 منها تنتمي إلى التديات 334 من الطيور، 104 من الزواحف وأكثر من 15.000 من الفقريات.
تم إعداد وإنجاز استراتيجية هامة من أجل تنمية الموارد الوحيشة وتطوير أساليب وشروط القنص بشراكة مع عدة فعاليات مهتمة بالقنص، والرقي بهذا القطاع إلى مستويات تجعله يلعب دورا هاما في تنمية الاقتصاد الوطني من خلال استقطابه للعديد من القناصين المغاربة والأجانب الذي بلغ عددهم برسم الموسم 2012-2013 أكثر 68.000 قناص. وتتمحور عناصر الإستراتيجية التي وضعت لهذا الغرض في النقط التالية:
1- حماية وتنمية وتثمين الوحيش واستزراع أصناف منقرضة أو المتواجدة في طور الإنقراض في صفوف الوحيش الكبير، من أجل أجل الرفع من كيتوى تنوع الموارد الوحيشية من خلال :
- تدبير مجالي لممارسة القنص يضمن التجديد الطبيعي للطرائد عبر محميات دائمة أو ثلاثية موزعة على مجموع التراب الوطني ؛
- خلق منتزهات وطنية ومحميات طبيعية خاصة على صعيد المناطق التي لازالت تتوفر على مجموعات من هذا الوحيش من أجل المحافظة عليها وإكثارها بواسطة والاستزراع أو تهيئة وتوفير شروط ملائمة من أجل ذلك ؛
- تشجيع القنص المنظم عبر إيجار حق القنص لفائدة جمعيات القنص سعيا إلى إشراك المجتمع المدني من أجل المحافظة والتنمية المستدامة للقنص وفق دفتر تحملات يلزمها بالقيام بأشغال تهيئة مناسبة من أجل ضمان التوازنات البيئية الكفيلة بتدبير القنص المستدام.
- دعم القنص التقليدي المنظم بواسطة الكواسر أو السلوقي في إطار خلق جمعيات محلية تسعى إلى الحفاظ على هذا الإرث الثقافي والترخيص لها بالقنص بواسطة هذه الحيوانات وتجدر الإشارة إلى أن هذا الصنف من القنص يمكنه أن يلعب دورا هاما في استقطاب المزيد من السياح كما أن المندوبية السامية تقوم بدعم هذه الجمعيات عبر الترخيص لها استثنائيا بالقنص بمناطق معينة.
2- إنعاش السياحة المرتبطة بتدبير الوحيش من خلال حث القطاع الخاص على الاستثمار في مجال القنص عبر :
- وضع الآليات القانونية و التقنية الكفيلة بتشجيع المهنيين والمنعشين السياحيين لممارسة هذا النشاط ؛
- توفير قطع القنص المؤجر تمتاز بتنوع الوحيش.
وبفضل التطور الذي عرفه القنص السياحي، وصل عدد الشركات المنظمة لهذا النوع من القنص 34 شركة مستغلة لإزيد من71 قطعة بلغ عدد القناصين 1420 سائحا أغلبهم من جنسيات إيطالية، فرنسية، ألمانية و إسبانية، حيث يدر هذا النوع من الأنشطة…. وتعد الفنادق ومؤسسات النقل أهم القطاعات التي تستفيذ من هذه الأنشطة المشغلة كذلك لليد العاملة بالوسط القروي كمساعدين ومرافقين في فترات القنص بالميدان.
كما تقوم هذه المندوبية بجملة من التدابير من بينها
3- القيام بدراسة حول العديد من أصناف القنيص من أجل اعتماد أساليب جديدة لتدبير الوحيش على أسس علمية.
4- إشراك المجتمع المدني خاصة عبر الجامعة الملكية المغربية للقنص والجامعة الملكية المغربية للرماية بأسلحة القنص من أجل التنمية والمحافظة على الموارد الوحيشية من خلال :
- ـ التكوين والتحسيس والمشاركة في تنظيم تظاهرات في مجال القنص .
- ـ محاربة القنص العشوائي بتعيين حراس متطوعين.
- ـ تربية وحماية الوحيش واستزراعه .
- ـ إنجاز عمليات تقنية ذاة أهمية مرتبطة بتنمية القنص .
- ـ تنمية الشراكة مع جمعيات دولية تهتم بالقنص.
كما يمكن قطاع القنص من الحصول على مداخيل مالية هامة ، وصلت خلال موسم /20132012 إلى أزيد من 34 مليون درهما، زيادة عن الدور الذي يلعبه في خلق فرص الشغل خاصة بالعالم القروي كما أن القنص يشكل أداة لتثمين موارد طبيعية متجددة.
وبخصوص الآفاق المستقبلية واعتبارا لعناصر الإستراتيجية السالفة الذكر، فإن المندوبية السامية تطمح إلى جعل قطاع القنص أداة فعالة للتنمية المستدامة عبر :
- ـ تطبيق لمعايير التدبير المرتكز على نظم علمية مبنية على أسس ومعطيات علمية من شأنها ضمان تنمية الوحيش
- إنشاء مناطق للقنص تتميز بوجود تجانس على المستوى الأيكولوجي وتسمح بتطبيق نفس التشريعات الخاصة بالاستغلال و تدبير الطرائد، كذا بإنجاز آليات مناسبة لتهيئة مجالات القنص.
- تطوير قنص الطرائد الكبيرة::وعيا منها بالمكانة المهمة لسياحة القنص، فإن المندوبية السامية للمياه والغابات تعتزم إعطاء مزيد من الإشعاع لهذا النشاط، الذي يعد من بين المنتوجات السياحية للبلد و موردا ذا قيمة مضافة عالية.
في هذا الإطار، من المنتظر أن يتم وضع تدابير لتتبع و استغلال الطرائد الكبيرة المعاد انتشارها و تقويمها داخل إطار تشريعي مناسب من أجل تنويع الثروة الوحيشية الوطنية و بذلك منح القناصين إمكانية مزاولة قنص الغنيمة الذي يشكل مصدرا لا يستهان به من العملة الصعبة.