آفاق بيئية: محمد التفراوتي
يقوم الفن السابع بدور خاص باعتباره جزءا أساسيا من القطاع الثقافي، يمتلك القدرة على جمع الناس من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية معا، وتقديم إسهام كبير في تكوين القيم والنماذج الاجتماعية.
تتمتع الأفلام بامتداد عالمي يتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية، ويمتلك الفيلم البيئي جيد الصنع القدرة على إيقاظ الجماهير في مختلف أنحاء العالم، كما يعزز المسؤولية المشتركة تجاه الكوكب الأرضي. وتبقى هذه التغطية العالمية ضرورية لحل المشاكل البيئية التي تعبر الحدود الوطنية.
لذلك، يمكن جعل أهمية التحول نحو الاستدامة البيئية واضح بشكل مضاعف من خلال الدوافع الإبداعية ومن خلال اختيار الأفلام ومناقشة الأفلام والعروض الثقافية الأخرى. وقد مكن الإبداع السينمائي من تعزيز المناقشة حول المناخ وحماية البيئة.
لذلك فإن المهرجان الدولي لأفلام البيئة، خلال مختلف دوراته المتتالية، قد قدم العديد من الموارد النوعية والثرية لبرنامج سينمائي ملتزم، كما نشّط المشهد السينمائي البيئي وطنيا وعربيا وكذا دوليا. وسما بشخصيته المعنوية بجد ومثابرة.
لم تتوقف عجلة مسيرته ليبلغ ربيعه الثالث عشر هذه السنة. كل دورة بلمسة جديدة ودفقة خاصة تؤثث المشهد النضالي البيئي الوطني من عمق جبال الريف الباسقة وجلال المدينة الزرقاء الشامخة، شفشاون. بدا علامة فارقة في مجال السينما المقترنة بالبيئة، مما يستوجب الرعاية والعناية التامتين من قبل حاضنيه أولا، ثم من ينعموا بإشعاعه الثقافي والتربوي والسياسي والاجتماعي والبيئي والسياحي ومختلف الأبعاد الأخرى ثانيا. ولا مجال هنا للتفصيل في ذلك…
تتمتع الأفلام بقدرة فريدة على إثارة المشاعر وإحداث تأثير عميق على المشاهد. غالبا ما تبدو القضايا البيئية بعيدة ومجردة، مما يجعل من الصعب على الأفراد التواصل على المستوى الشخصي. ومع ذلك، يمكن للفيلم المصمم جيدا أن يسد هذه الفجوة من خلال تشابك القصص الشخصية والمرئيات الجذابة والموسيقى التصويرية التي لا تنسى. تعمل المشاركة العاطفية كمحفز قوي للتعاطف وتشجع الناس على الاهتمام بالأشياء التي قد تبدو في البداية في غير مكانها في حياتهم اليومية. وهذا هو الدور الذي يلعبه المهرجان، يترافع عن قضايا البيئة الشائكة بأسلوب “عاطفي ” وجمالي.
اختارت جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية من خلال مهرجانها السنوي…..أن تعمل من خلال زاوية الفن السابع لإيصال مبادئها وإيمانها بقضايا البيئة العادلة. وبات مهرجان شفشاون قبلة لمختلف الإبداعات السينمائية العالمية، من المدينة الصغيرة التي جذب جمالها الممزوج بالتزام أكيد بالمحافظة على البيئة مشاركين مختصين كبارا، وأضفى بهاؤها رونقا وقوة بناء كخلية نحل صغيرة تمد جسرا عابرا للحدود الوطنية.
وقد اختار المهرجان، من ضمن الفئات المحددة للتباري، استقطاب تلاميذ المؤسسات التعليمية على المستوى الوطني بمقاربة تتغيى تجذير ثقافة الإبداع والإنتاج وتحبيب البيئة والموارد الطبيعية لدى الناشئة. تحاول إدارة المهرجان من خلال الأفلام التربوية وتسهيل مسطرة المشاركة مع الدعم البيداغوجي والتربوي الذي توفره أجواء المهرجان، تحفيز الطاقات الشابة على الإبداع وإنتاج المزيد من الأفلام حول القضايا البيئية، كي تُسهِم هذه الأفلام في نشر المعرفة والمشاركة العاطفية والفنية، مما يؤدي في النهاية إلى إحداث تغيير إيجابي.
ومن الإشارات النافذة التي نهجها المهرجان في الدورات السابقة منع استعمال البلاستيك عامة خلال المهرجان وتوفير بدائل إيكولوجية. كما اختار سفراء للبيئة في كل دورة يتواصل معهم لإدماج المعايير البيئية في مشاريعهم السينمائية حيث نسجت إدارة المهرجان شبكة من الفاعلين السينمائيين انخرطوا في النادي الكوني للمحافظة على البيئة باقتناع واقتدار: “متحدون إذن من أجل البيئة لننقد كوكبنا”…